• الحلقة الثانية
  • 2018-05-22
  • عمان

إقامة الدين


إقامة الدين :
السلام عليكم، قال تعالى:

شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ۖ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ ۚ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ۚ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ
(سورة الشورى:الآية 13)

الدين منهج حياة يبدأ من العلاقات الزوجية إلى الدولية
حينما لا نقيم الدين في حياتنا منهجاً، حينما نرفع شعارات الدين فحسب، حينما نعلن انتماءنا للدين فحسب، حينما لا نجعل الدين منهج حياةٍ لنا، حينها نقول: اللهم أصلح لي ديني لأن ديننا يحتاج إلى إصلاح، ما معنى إقامة الدين؟ نبدأ من اللغة العربية.
تقول العرب:
أقام القوم سوقهم أي لم يعطلوها من البيع والشراء، لماذا تقام السوق؟ من أجل أن يبيع التاجر وأن يشتري الزبون، فإذا لم يكن هناك بيعٌ ولا شراءٌ في السوق، فسوق غير مُقامةٍ ولو أن الدكاكين كانت مفتوحةً ولو أن التُجار كانوا في السوق، لكن السوق لم تحقق الهدف الذي من أجله وجدت، فإذا لم تحقق الهدف فسوق لم تُقم، إقامة الدين تعني أن الله تعالى أمرنا أن نقيم جميع شرائع الإسلام أصوله وفروعه ، أن نقيمه في أنفسنا ثم نجتهد في إقامته على غيرنا.
الدين أيها الإخوة:
منهج حياة يبدأ من العلاقات الزوجية، وينتهي بالعلاقات الدولية، وينبغي أن نطبقه كاملاً وأن نقيمه في حياتنا كاملاً هذا ما شرعه الله تعالى لنا، أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ، لننطلق إلى أمثلةٍ واقعيةٍ،

أمثلة واقعية حول إقامة الدين :
إقامة الصلاة تعني تحقيق ما أراده الله منها
الله تعالى في القرآن الكريم في عشرات الآيات يقول: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ﴾ ، ولم يقل: صلوا، ما الفرق بين إقامة الصلاة وبين صلوا؟ إقامة الصلاة تعني أن نأتي بها على النحو الذي أراده الله تعالى بحدودها، وفروضها، وواجباتها، وسننها، بحيث تؤدي مقصد الشارع منها، وتحقق ما أراد الله لها، وهو أن تنهى عن الفحشاء والمنكر، فإذا نهتني الصلاة عن الفحشاء والمنكر فقد أقيمت الصلاة، وإن لم تنه الصلاة عن الفحشاء والمنكر فقد صلى المسلم لكنه لم يقم الصلاة.
مثالٌ آخر قال تعالى:

وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْهِم مِّن رَّبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِم مِّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ
[سورة المائدة: 66]

إقامة القرآن الكريم في حياتنا تحولها إلى رغد و نعيم
ونحن لو أننا أقمنا القرآن الكريم لتحولت حياتنا إلى رغدٍ ونعيمٍ وهناءة، وحققنا ما أراده الله تعالى من القرآن الكريم، وفي كتاب الله تعالى شكوى واحدة يشكوها الرسول لربه:

وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا
[سورة الفرقان: 30]

وقد وضعوه في صدر محلاتهم التجارية:

إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُّبِينًا
[سورة الفتح: 1]

ووضعوه في صدر بيوتهم:

وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا
[سورة الإسراء: 80]

ولكنهم هجروا أحكامه ولم يقيموه منهجاً في حياتهم، عندها كانت الكارثة الطَّامَّةُ الْكُبْرَىٰ.

الدين منهج حياة :
ختاماً عندما يتحدث القرآن الكريم عن حكم الله عز وجل يقول:

فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا
[سورة النساء: 65]

فأحكام الله تعالى كاملةً ينبغي أن تقام في حياتنا، فالدين منهج حياة، ينطلق من أخص خصوصيات الإنسان وينتهي بالعلاقات الدولية، لابد أن نقيم الإسلام منهج حياتنا، وإن لم نقمهُ فهذا الدين لم يرضه الله لنا، وعندها نقول: اللهم أصلح لنا ديننا.
إلى الملتقى أستودعكم الله. و السلام عليكم ورحمة الله وبركاته