• الحلقة العاشرة
  • 2018-06-25
  • عمان

التجديد في الدين


التجديد في الدين :
السلام عليكم؛ جاء في الحديث الصحيح الذي رواه أبو داود في سننه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

{ يبعث الله على رأس كل مائة عام من يجدد لهذه الأمة أمر دينها }

[رواه أبو داود]

التجديد في الدين مطلوبٌ وفق معان محددة
قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: فنظرنا على رأس المئة الأولى فإذا عمر بن عبد العزيز، و نظرنا على رأس المئة الثانية فإذا الشافعي رحمه الله.
التجديد في حقيقته هو إحياء ما اندرس من العمل بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فالتجديد في الدين مطلوبٌ وفق المعاني الآتية.
أولاً: إعادة الرونق و الجمال، ثانياً: إحياء ما اندرس من الكتاب والسنة، فما أحييت سنة إلا غطت بدعة، فهناك مفهوماتٌ في الدين قد أصبح فهمها عند كثيرٍ من الناس مغلوطاً، فالتجديد في الدين يعني أن نبين حقيقتها للناس.
التوكل مثلاً هو اليوم عند الناس يعني أن تتجه إلى الله تعالى، وأن تترك الأخذ بالأسباب بالكلية، أما في حقيقة الدين فالتوكل هو أخذٌ بالأسباب ثم اعتمادٌ على رب الأرباب.
تجديد الخطاب الديني يكون بتجديد أساليبه
الزهد عند كثيرٍ من الناس اليوم يعني ثياباً ممزقةً و دنيا متروكةً، و إنما هو في حقيقته أن تكون الدنيا في يدكَ لا في قلبك، أن تملكها لا أن تملكك. فعندما نحيي ما اندرس من الكتاب والسنة، ونبين للناس مفهومات الدين، فنحن نجدد في الدين.
أولاً: إعادة الرونق و الجمال للدين، ثانياً: إحياءُ ما اندرس من العمل بالكتاب والسنة، ثالثاً: نشر الدين بين الناس، لاسيما في هذا الزمن العصيب. رابعاً: تجديد أساليب الخطاب الديني، فالمضمون و المحتوى لا يتغير ولا يتبدل، لكننا نجدد في أساليبنا في الخطاب الديني بما يناسب مقتضيات هذا العصر، هذا هو التجديد في الدين المطلوب شرعاً.

كيفية التجديد عند أعداء الدين :
إعادة بناء ثوابت الدين هو هدم للدين
أما التجديد كما يروج له اليوم أعداء الدين و أدعياؤهُ فيعني الانقضاض على الدين بكلياتهِ و ثوابتهِ و هدمها بشكلٍ كامل، وإعادة بنائها من جديد، و لكن بنفسية المهزوم من الداخل، الذي يريد أن يرضيَ الآخرينَ بدينٍ جديدٍ يُفصلهُ على مقاسهم، هذا ليس تجديداً هذا هدمٌ للدين، عندها نقول: قال صلى الله عليه وسلم:

{ من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردٌّ }

[رواه البخاري ومسلم]

وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح:

{ إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة }

[أخرجه مسلم في صحيحه. زاد النسائي بإسناد حسن: وكل ضلالة في النار]

جاء رجلٌ يهوديٌ إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال له: آيةٌ في كتابكم تقرؤونها لو أُنزلت علينا نحن اليهود لاتخذنا ذلك اليوم عيداً، قال عمر: وأي آيةٍ تلك؟ قال: قوله تعالى:

الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا
[سورة المائدة: 3]

قال عمر: إني لأعلم أين نزلت ومتى نزلت، نزلت و رسول الله صلى الله عليه وسلم في عرفات يوم جمعة، أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي، فالدين لا يجدد بأن نضيف عليه، ولا أن نحذف منه، وإنما يجدد بإحياء ما اندرس من العمل بالكتاب والسنة، فإذا فهمنا التجديد على خلاف ما ينبغي كان لنا أن ندعو فنقول: " اللهم أصلح لنا ديننا ".
إلى الملتقى أستودعكم الله
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته