• الحلقة الثالثة عشرة
  • 2018-07-11
  • عمان

الغلو في الدين-2


أسباب الغلو والتطرف :
1 ـ البعد عن الدين :
السلام عليكم؛ نتابع الحديث اليوم عن أسباب الغلو والتطرف، وكنا قد أسلفنا في الحلقة السابقة أن أول وأهم سبب من أسباب التطرف والغلو إنما هو في البعد عن الدين الذي ارتضاه الله تعالى لعباده، لأن الدين هو الوسط، فالذي يلتزم بتعليمات الشارع، يلتزم بتعليمات كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، هو في الحقيقة من الأمة الوسط، وهو في الحقيقة بعيدٌ كل البعد عن أسباب التطرف، ولكن حينما ابتعدت هذه الأمة عن دينها سواء تشدداً أو تفلتاً، تطرفت.

2 ـ لي عنق النصوص :
لوي عنق النص تطرف
أما السبب الثاني من أسباب التطرف فهو لي عنق النصوص، ونعني بلي عنق النصوص أن يأتي المسلم إلى النص الشرعي فيحاول أن يوافق هذا النص ما يعتقده هو مسبقاً، سواءً كان ذلك تشدداً أو تفلتاً، فعندما يلوي المسلم عنق النص ويطوعه ليصبح كما يريد هو فهو في الحقيقة يتطرف، والحل لمثل هذه الحالة أن النص مقدسٌ، لكن فهمه ينبغي أن يكون بناءً على معطيات علمية واضحة، وعلى أسسٍ ثابتٍ متينة، من فقهٍ وأصولٍ ولغةٍ عربيةٍ، وغير ذلك، ولا يمكن لأي إنسان أن يلوي عنق النصوص، وأن يعبث بها لتوافق هواه وتطرفه.

3 ـ الجهل :
الجهل أعدى عدوٍ للإنسان
السبب الثالث من أسباب التطرف والغلو هو الجهل، والجهل أعدى عدوٍ للإنسان، بل إن الجاهل يفعل في نفسه ما لا يستطيع عدوه أن يفعله به، قال تعالى:

قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا
[ سورة الكهف: 103-104]

كم من متطرفٍ اليوم يظن نفسه على الجادة الصحيحة، وعلى الصراط المستقيم، وهو جاهلٌ لا يفقه أحكام الشريعة، ولا أحكام الدين، يقرأ النص قراءةً تجديدية تنويرية كما يدّعي، أو يقرأ النص قراءة تشددية كما يدّعي، وهو في الحقيقة يخالف نصوص الشريعة بجهله، فمن أراد أن يبتعد عن التطرف فعليه بالعلم المؤصل الذي يؤخذ من كتاب الله تعالى وسنة رسوله، ولكن وفق فهم سلف هذه الأمة لكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

4 ـ الظلم :
رابع سبب من أسباب التطرف والغلو في الدين هو الظلم، نعم الظلم سببٌ من أسباب التطرف، فحينما يظلم الإنسان، والظلم ظلمات يوم القيامة، كما قال صلى الله عليه وسلم، وحينما ينتظر طويلاً ولا يحقق حياةً كريمةً، وحينما ينتظر طويلاً ولا يأخذ حقوقه الإنسانية، عندها لا يمكن ضبط حساباته، فتطير أفعاله متطايرة في كل مجالٍ تكفر بكل القوانين، ولا تعبأ بها، وعندئذ نقول له: هذا تطرفٌ وغلو، هذا صحيح، ولكن هل نظرت إلى الظلم الذي عاناه هذا الإنسان؟
تتحقق الوسطية عندما يسود العدل
إذاً إذا أردنا أن يسود المجتمع حالة من الوسطية التي نحبها جميعاً، والتي هي الدين نفسه، فلا بد أن يأخذ كل ذي حقٍ حقه، ففي جميع المجتمعات عندما يسود العدل، وينتشر العدل بين الناس جميعاً، إذاً ليس هناك فعلٌ ولا ردة فعل، والجميع متساوون في الحقوق والواجبات، فليبدأ كلٌ منا من بيته الداخلي، وليحصنه بالعدل، حتى في البيت الداخلي قد يكون هناك تطرفٌ وغلوٌ حينما يكون هناك ظلمٌ داخلي، وعندما نبتعد عن الوسط لا بد أن ندعو فنقول: اللهم أصلح لنا ديننا.
إلى الملتقى أستودعكم الله.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته