الحكمة من تأخير عقوبة الظالمين

  • الحلقة التاسعة
  • 2020-05-02

الحكمة من تأخير عقوبة الظالمين

السلام عليكم: الآية اليوم هي الآية الثانية بعد المئة من سورة هود وهي قوله تعالى:

وَكَذَٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ ۚ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ
(سورة هود: الآية 102)

أما الحديث فهو ما أخرجه البخاري في صحيحه، قال:

{ عن أَبي موسى رضي اللَّه عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: إِنَّ اللَّه لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ فَإِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ، ثُمَّ قَرَأَ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ}-[ هود:102] }

(صحيح البخاري)

قَالَ رَسُولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: (إِنَّ اللَّه لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ) لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ: أي يمهله ويعطيه الوقت ويمد في عمره ويترك له أن يفعل ما يشاء، (إِنَّ اللَّه لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ، حتى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ، ثُمَّ قَرَأَ قوله تعالى: {وَكَذَٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ ۚ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} تتحدث الآية ويتحدث الحديث عن سنَّةٍ من سنن الله تعالى، فالله تعالى له سننٌ في الأرض، سننٌ في الحياة، سننٌ مع الخلق، قال تعالى:

فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا
(سورة فاطر: الآية 43)


سنن الله في خلقه
لا بد من تحقق سنن الله
فسنن الله مطبقةٌ في كل عصرٍ ومصرٍ، لا بد منها، هذا معنى السنة: أي هي القانون الذي لا بد منه، فهو مطبقٌ في كل أنواع البشر ومع كل أصناف البشر.
فمن سنن الله تعالى في خلقه؛ سنّة الإمهال: وهو أنَّ الله تعالى لا يأخذ الظالم بذنبه فوراً لمجرد أن يذنب يعاقبه الله تعالى فوراً هذا ليس من سنّة الله في خلقه.
ينبغي أن نفهم على الله تعالى سننه، فإذا رأينا ظالماً يتمادى في ظلمه لا ينبغي أن تلين لنا عزيمةٌ وأن تخور لنا قوةٌ وأن نقول من باب ضعف الإيمان أين الله ولماذا لا ينتصر للمظلومين؟ لماذا لا يعاقب الظالمين؟ لأن الله يحدثنا عن سننه ومن سنته أنه لا يعاقب الظالم فور ظلمه وإنما يملي له ويمهله ويمد له في عمره ويتركه ليفعل ما يشاء، لماذا؟

الحكمة من إمهال الظالم
لأن الإنسان في الأرض مخير يفعل ما يشاء، فلو أنَّ الله تعالى يعاقب الظالم فور ظلمه لانتهى الناس عن الظلم لا رغبةً في العدل ولكن خوفاً من العقاب، لكن الله تعالى يمهله ويتركه يفعل ما يشاء فيظن أنه قادر وأنه يفعل ما يحلو له وأنه ليس هناك قوةٌ تردعه ثم يأتي العقاب الإلهي بعد الإمهال الطويل فيكون أليماً شديداً.
ورحم الله من قال: إنَّ الله تعالى يملي للظالم حتى يقول ضعاف الإيمان أين الله؟ ثم إنه يُظهر آياته في الانتصار للمظلومين حتى يقول الملحدون لا إله إلا الله.
لا بد من مهلة
(إِنَّ اللَّه لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ فَإِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ) لا بد من مهلةٍ وقد تطول ويمتحن الله تعالى من خلال هذه المدة الظالم ويمتحن المظلوم، يمتحن الظالم بما يمليه له وبما يمهله، ويمتحن المظلوم لينظر كيف يعمل في هذه المحنة التي يعيشها، ثم يأتي نصر الله عزَّ وجل ويأتي عقاب الله تعالى للظالم، وكأنَّ الظالم أو الطاغية مربوطٌ بحبل لكن هذا الحبل طويل، فيملي الله تعالى له فيظن أنه طليق، إلا أنه ليس طليقاً فهو ضمن قدرة الله فإذا أخذه الله تعالى وأنهى له هذا الإمهال فأخذه تعالى أَلِيمٌ شَدِيدٌ.
إلى الملتقى أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.