منهج سيدنا إبراهيم في حياته

  • 2019-08-11
  • عمان
  • مصلى العيد

منهج سيدنا إبراهيم في حياته

الله أكبر الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر الله أكبر، الله أكبر ما أشرقت شمس هذا اليوم الأغر، الله أكبر ما اشتاق مسلمٌ إلى الأرض الحجازية، وحنّ قلبه إلى الروضة النبوية، الله أكبر ما أحرم الحجاج من الميقات، ورفعوا أصواتهم بالتلبية في عرفات، الله أكبر ما لبى الملبون، وطاف الطائفون، وسعى الساعون، وأهدى المضحون، الله أكبر ما عنت الوجوه للحي القيوم، الله أكبر ما سعت الأقدام لزيارة خير الأنام عليه الصلاة والسلام، الحمد لله نحمده، ونستعين به، ونستهديه، ونسترشده، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وبعد عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله، وأحثكم على طاعته، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ.


ارتباط عيد الأضحى بشخصية سيدنا إبراهيم عليه السلام :
عيد الأضحى مرتبط بشخصية سيدنا ابراهيم
أيها الأخوة الكرام؛ أيتها الأخوات الفُضليات؛ يرتبط عيد الأضحى بشخصية نبي كريم عاش حياته لله، فبذل لله، وأعطى لله، ولسان حاله ومقاله:

قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
[سورة الأنعام: 162]

عاش حياته لله، وبذل لله، وأعطى لله، فإن أردنا أن نكون على خطا نبينا إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم السلام، ونحن لا نذكر في صلاتنا إلا نبينا صلى الله عليه وسلم مع هذا النبي الكريم إبراهيم عليه الصلاة و السلام.

صفات سيدنا إبراهيم عليه الصلاة و السلام :

1 ـ كان أمّة :
هذا الرجل الكريم أيها الأحباب وصفه ربنا جلّ جلاله فقال:

إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ
[سورة النحل: 120-121]

عندما تهتم بأمور أمتك تكون ابراهيمياً
هي خمس صفاتٍ إذاً في هذا النبي الكريم.
أولاً: كَانَ أُمَّةً، فهل تكون يا أخي أمةً في الخير كما كان أبوك إبراهيم عليه السلام أمةً في الخير؟ كَانَ أُمَّةً، هناك من الناس من يكون فردَاً يعيشُ لذاته، ولا يهمه الآخرون، ولا يلقي لهم بالاً، ولا يتألم لألمهم، ولا يفرح لفرحهم، ولا يحزن لحُزنهم، وهناك من الناس من يكون أُسرةً فيعيش لأُسرته، وهناك من يكون عائلةً، فيتفقد أحوال عائلته، ويسعى إلى خدمتهم، وإلى تزويج شبابهم، وإلى رعاية محتاجهم، وهناك من الناس من يكون أمةً بمفرده، عندما يكون همه الأمة، فيعيش من أجل الأمة، يعيش من أجل الإسلام ويبذل حياته لله كما عاش إبراهيم لله، كن أمةً أخي الكريم تكن إبراهيمياً، وتكن على خطا إبراهيم عليه السلام، كَانَ أُمَّةً، هذه الأولى.

2 ـ قانتاً لله :
القنوت هو الامتثال لأوامر الله
الصفة الثانية: قَانِتًا لِّلَّهِ، إي مُطيعاً لربه، فالقانت هو المطيع لربه، الممتثل لأوامره، ونحن قبل الصلاة كنا نرددُ معاً وسنبقى نردد إلى اليوم الرابع من أيام العيد نردد: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، فهل نعقِل معنى الله أكبر؟ الله أكبر أي لا شيء فوق أمر الله، ولا شيء يعلو فوق طاعة الله، فهو أكبر من نفوسنا التي بين جنبينا، وهو أكبر من أموالنا، وهو أكبر من مناصبنا، وهو أكبر من شهواتنا، وهو أكبر من كل شيء، فحاشا لله أن نطيع مخلوقاً ونترك طاعة الخالق، حاشاه جل جلاله أن ندع أمره بعد أن قلنا: الله أكبر ثم نطيع أمر غيره، حاشاه أن نتوجه إلى غيره فهو أكبر جل جلاله، ﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ ﴾ فإذا أردت أن تكون إبراهيمياً فكن قانتاً لله، عابداً له، مطيعاً له.
ها هي أعياد المسلمين تأتي بعد الطاعات والعبادات، ليس في ديننا طقوس، وليس في ديننا تمتمات، وهمهمات، ديننا أعياده طاعات وعبادات، جئنا في رمضان بعد أن صمنا، وصلينا، وقمنا، فجاء عيد الفطر، وها نحن بعد عشرة ذي الحجة والمسلمون قد وقفوا في عرفات، وهم اليوم يتوجهون إلى بيت الله الحرام، وإلى رمي الجمرات، نقف أيضاً في عيدنا الثاني، فأعيادنا أهل الإسلام أعياد طاعة، وأعياد بر، وأعياد خير، فما أحرانا أن نجعل العيد عيد طاعة، وما أسوأ أن يكون العيد غفلةً للذاكرين، نحن نريد عيداً يكون ذكرى للغافلين، العيد عودةٌ إلى الله، لكن من الناس من يأتي العيد وقد أطاع الله قبله فيأتي العيد نسأل الله السلامة فيعصي الله في العيد، نريد للعيد أن يكون ذكرى للغافلين لا غفلةً للذاكرين.

3 ـ حنيفاً :
الحنيف هو الممتثل للحق والمجانب للباطل
﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً ﴾ ، فلنكن أمماً في الخير يقتدي الناس بنا في الخيرات، ﴿ قَانِتًا لِّلَّهِ﴾ فلنكن قانتين لله، مطيعين لله، ﴿ حَنِيفًا ﴾، والحنيف هو المجانب للباطل وأهله، المائل إلى الحق وأهله، فلنكن مع الحق، ومع أهل الحق، ولنكن في رضا الرحمن، نجانب الباطل، ومواطن الباطل، وأهل الباطل، ونتجه إلى الحق، وإلى أهل الحق، نقف في صفهم، ونناصرهم، وندعمهم، ونؤيدهم، وندعو لهم، وما أحرانا ونحن في هذا العيد ألا ننسى أخوةً لنا يعانون، بألا ننساهم بدعواتنا، أو بصدقاتنا، أو بأي خير يصيبنا أن يصيبهم مثل ما أصابنا.
أيها الأخوة الكرام؛ ﴿ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ حَنِيفًا ﴾.

4 ـ لم يك من المشركين :
الصفة الرابعة: ﴿ وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾، كان موحداً يتوجه إلى الله وحده، لا يتوجه إلى مخلوق، ولا إلى دينارٍ، ولا إلى درهم، تعس عبد الدينار، تعس عبد القَطيفة، تعس عبد الخميصة، نحن عباد لله وحده، فإن أردت أن تكون إبراهيمياً فكن موحداً كما كان إبراهيم، ﴿ قَانِتًا لِّلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ﴾.

5 ـ شاكراً لله :
الصفة الخامسة في إبراهيم: أنه كان شاكراً لله، اشكروا الله على نعم الله وما أكثرها، هدانا إليه، هدانا إلى توحيده، جعلنا من أمة الإسلام، جعلنا:

خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ
[سورة آل عمران: 110]

احمدوا الله أن أوجدنا، وأن هدانا وأرشدنا، وأن أمدنا جلّ جلاله بكل ما نحتاجه، ﴿ شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ﴾.

من يحقق الصفات الخمسة لسيدنا إبراهيم يهدى إلى الصراط المستقيم :
أيها الكرام؛ خمس صفات في إبراهيم: كَانَ أُمَّةً: فكن أمة، كان قَانِتًا لِّلَّهِ: فكن مطيعاً لله، كان حَنِيفًا: مائلاً عن الباطل إلى الحق فكن مع الحق وأهله، وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ: فكن موحداً مخلصاً لربك، شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ، فلنكن جميعاً من الشاكرين:

وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ
[سورة سبأ: 13]

الهداية لمن اتبع صفات سيدنا ابراهيم
فإن حققت هذه الصفات الخمسة فانتظر جزاء إبراهيم، ﴿ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ ، يجتبيك ربك، ويجعلك من المقربين منه، ويجعلك مِمن لهم مكانة كبيرة عنده، ويهديك إلى الصراط المستقيم، إلى صراط الله تعالى.

يوم النحر أفضل أيام الدنيا :
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ وبحمده بُكْرَةً وَأَصِيلاً.
يوم النحر أفضل أيام الدنيا
أيها الأحباب؛ هذا يوم النحر، هذا أفضل أيام الدنيا، فبادروا إلى أضاحيكم وانحروها، وعبِّروا معها عن رغبتكم الخالصة في رضا مولاكم جل جلاله، ولننحر معها شهواتنا، ولننحر معها كل شيء لا يرضي الله، ولنحسن التوجه إلى الله، بادروا إلى أرحامكم فصلوهم، فإن صلة الأرحام من أعظم القربات، واختاروا من أرحامكم من كان بعيداً في دياره، أو فقيراً في ماله، فهؤلاء أولى بالزيارة، فإن زيارتهم تجبر الخواطر، وبادروا إلى أبنائكم فأدخلوا الفرح والسرور إلى قلوبهم، بادروا إليهم ولكن انتبهوا لهم فإن العيد يحتاج إلى شدة انتباه للأولاد، أسأل الله تعالى أن يبلغنا جميعاً أيامه الطيبة المباركة، وأن يبلغ المسلمين في كل مكان كل خير، وأنتم جميعاً بخير.

الدعاء :
اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، فلك الحمد على ما قضيت، ولك الشكر على ما أنعمت وأوليت، نستغفرك ونتوب إليك، نؤمن بك، ونتوكل عليك، اللهم هب لنا عملاً صالحاً يقربنا إليك، يا واصل المنقطعين صلنا برحمتك إليك، اللهم بفضلك ورحمتك أعل كلمة الحق والدين، وانصر الإسلام، وأعز المسلمين، اللهم من أراد بالإسلام ودياره وأهله خيراً فوفقه لكل خير، ومن أراد بهم غير ذلك فاصرفه عنا بما شئت، وكيف شئت، اللهم هيئ لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويهدى فيه أهل عصيانك، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر، اللهم فرج عن المسلمين المستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها، أطعم جائعهم، واكْسُ عريانهم، وارحم مصابهم، وآو غريبهم، أنزل عليهم من الصبر أضعاف ما نزل بهم من البلاء، اللهم انصر إخواننا المرابطين في المسجد الأقصى، وفي القدس الشريف على أعدائك وأعدائهم يا رب العالمين، وأعد علينا هذا العيد وقد تحققت أماني الأمة في النصر والعز والتمكين، وفق اللهم ملك البلاد لما فيه خير البلاد والعباد.
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، وكل عامٍ وأنتم الخير.