أحكام وفتاوى الزكاة

  • لقاء مع رابطة حملات الحج السورية
  • 2021-05-03

أحكام وفتاوى الزكاة


مقدمة:
الدكتور حسن:
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أيها الأخوة والأخوات؛ الصائمون والصائمات؛ في أي مكانٍ كنتم من أصقاع الدنيا، أهلاً وسهلاً ومرحباً بكم في بداية العشر الثالث من شهر رمضان المبارك، حيث تشد الناس مئزرها، وتحيي ليلها، وتوقظ أهلها، وتبدأ بقيام الليل والقرب والطاعة بين يدي مولاها سبحانه وتعالى.
أهلاً وسهلاً ومرحباً بكم على صفحة البث لرابطة حملات الحج السورية، على صفحة الفيس واليوتيوب، نرحب بكم جميعاً، نرحب بجميع المتابعين والمشاهدين، ونستقبل أسئلتكم حول موضوع الزكاة، وزكاة الزروع والثمار، وزكاة الأنعام، وزكاة الفطر، نستقبل أسئلتكم، ونحن وإياكم ورابطة حملات الحج السورية تتشرف بالترحيب بفضيلة الدكتور بلال نور الدين، المتخصص بالفقه المقارن، والمشرف العلمي على موقع وأعمال فضيلة الدكتور الداعية الكبير محمد راتب النابلسي، أهلاً وسهلاً ومرحباً بكم فضيلة الدكتور بلال.

الدكتور بلال:
حياكم الله سيدي، وبارك الله بكم، وأعلى قدركم.

الدكتور حسن:
حياكم الله دكتورنا الغالي، ونرحب أيضاً بفضيلة الدكتور مهند صلاحي الأصبحي المتخصص بالجراحة القلبية، الذي شرفنا في هذا اللقاء الرابع لشهر رمضان المبارك، نرحب به على صفحة رابطة حملات الحج السورية، أهلاً وسهلاً ومرحباً بكم.

الدكتور مهند:
أهلاً وسهلاً بكم، وأهلاً بكم دكتور بلال، ونتشرف أن نكون معكم ما شاء الله عليكم بعلمكم الغزير والممتع، جزاكم الله خيراً.

الدكتور حسن:
حياكم الله، وبارك الله بكم.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من جاء بهذا الدين، فجعلنا أخوةً متحابين متعاونين، بقوله سبحانه وتعالى:

وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)
[ سورة المائدة]

ومن باب التعاون (عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى) نتلو قول الله عز وجل:

قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4)
[ سورة المؤمنون]

الهمة العالية في العشر الأخير من رمضان
ما أعظم التوجيه القرآني عندما ندخل إلى قلوب واعية، وإلى قلوب مخلصة، وإلى قلوب مطيعة محبةٍ لله سبحانه وتعالى، تريد الاستقامة، تريد التوبة، تريد أداء الأوامر واجتناب النواهي تقرباً إلى الله عز وجل، وخاصةً في هذا الشهر الفضيل شهر رمضان المبارك، وخاصةً في العشر الأخير من شهر رمضان، حيث تشد الهمم، وحيث ينطلق المؤمنون بكل ما أتاهم الله من قوةٍ لمرضاة الله عز وجل، من قيام الليل، من ذكرٍ، وشكرٍ، وعبادةٍ، وتسامحٍ، وعطاءٍ، وأداء لزكاة أموالهم وصدقاتهم، وجبر لخاطر الفقراء والمساكين، وسترة البيوت، وسترة الأرامل والأيتام، يسارع هؤلاء الصائمون المسلمون المحبون لمولاهم لأداء حقوق العباد وليكونوا على باب الله تائبين، منكسرين، راجين عفوه ورضاه، راجين أن يعتقنا من النيران، إنه جوادٌ كريم.
أيها الأخوة والمستمعون الكرام؛ النبي عليه الصلاة والسلام أعطانا نفحةً إيمانية لنحنو على بعضنا البعض، لنتابع آلام بعضنا، ونمسح الجراح ببلسم الكلمة الطيبة، ببلسم العطاء، ببلسم الحب، ببلسم الخير، ببلسم التسامح، قال عليه الصلاة والسلام:

{ عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الخلق عيال الله فأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله }

[أخرجه أبو يعلى والبزار]

هي دعوة نبوية كريمة، ليكون الإنسان متعاوناً مع من حوله بدايةً من أفراد أسرته ثم الأرحام، ثم الجيران، ثم المسلمين من حوله، ثم هذا المجتمع، فيعين قويهم ضعيفهم، وغنيهم فقيرهم، وطبيبهم يداوي مرضاهم، وعالمهم يعلم جاهلهم، هكذا جعل الله عز وجل صنائع المعروف تقي مصارع السوء، هكذا جعل الله عز وجل من الناس خواصاً يسارع الناس إليهم بحوائجهم، قال عليه الصلاة والسلام:

{ عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لله خلقاً خلقهم لحوائج الناس، تفزع الناس إليهم في حوائجهم، أولئك الآمنون من عذاب الله }

[أخرجه الطبراني]

ما أعظم هذا الكلام النبوي العظيم! هل كنت أنت أيها المسلم من أولئك الناس الذين سارعوا إليك لقضاء حوائجهم وما رددت أحداً منهم بوجهٍ مكفهر؟ أو بكلمةٍ قاسية؟ هل مسحت رأس اليتيم؟ ومسحت دمعة المسكين؟ هل جبرت خاطر الفقراء؟ هل تكفلت بعائلة أيتام؟ هل تكفلت بطالب علم؟ هل حفرت بئر ماء ليشرب منه العطشى في الصحراء من المشردين ومن العطشى؟ هل سابقت وسارعت إلى فعل الخيرات والمضرات؟
أيها الأخوة الكرام؛ إن النبي عليه الصلاة والسلام كان يوصي أصحابه فيقول:

{ عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حصنوا أموالكم بالزكاة وداووا مرضاكم بالصدقة وأعدوا للبلاء الدعاء }

[أخرجه الطبراني]

فمن كان عنده مريض فليسارع بالصدقات، فلعل الصدقة أن ترفع البلاء، ولعل الصدقة أن تداوي المريض بإذن الله عز وجل، كان يوصي (حصنوا أموالكم بالزكاة وداووا مرضاكم بالصدقة) واستقبلوا أمواج البلاء بالتضرع والدعاء، اللهم إنا على بابك يا رب لا حيلة لنا، نقف بأعتابك منكسرين، راجين منك يا رب الفرج القريب عن بلادنا سوريا، وعن أهل سوريا، وعن المستضعفين والمظلومين، والمقهورين والجائعين، والفقراء والمساكين والمشردين، نسألك في هذا اليوم المبارك، وفي هذا العشر الأخير من شهر رمضان أن تنظر إلينا، وإلى أمة الإسلام، وإلى أهل سوريا نظرة رحمة تداوي بها القلوب، وننال بها المطلوب، برحمتك يا علام الغيوب، اللهم آمين، اللهم آمين.
فضيلة الدكتور بلال؛ حفظكم الله سبحانه وتعالى، أستسمحكم عذراً من الإطالة في مقدمتي هذه، وإنما هي إضاءاتٌ، أو نفحاتٌ ربانية لنكون في العشر الأخير من رمضان مع مولانا سبحانه وتعالى ليقبلنا بذلك.
سيدي فضيلة الدكتور بلال؛ السائل يسأل بعد أن تكلمنا في الحلقة الماضية عن عروض التجارة، وعن زكاة المال، وأصبتم في الكلام، وبينتم الإضاءات المهمة جداً في ذلك المقام، يسأل السائل عن زكاة الزروع والثمار، ما نصابها؟ وهل تجب في كل الزروع؟ ومتى تجب؟ وكم قدرها؟ لو أذنتم، تفضلوا فضيلة الدكتور.

زكاة الزروع والثمار:
الدكتور بلال:
جزاكم الله خيراً أخي الدكتور حسن، وشكراً لهذه المقدمة اللطيفة الطيبة التي ترقق القلوب في هذه الأيام المباركة، أيام العشر.
زكاة الزروع والثمار ثابتةٌ في الكتاب والسنة
أخي الحبيب؛ كما تفضلتم في اللقاء السابق، فضل الحديث عن الزكاة عموماً وعن زكاة النقد، والعروض التجارية، والعقارات وغير ذلك، لكن بقي في الزكاة، وسأل بعض الأخوة عن ذلك كما تذكرون، زكاة الزروع والثمار، وزكاة المواشي، وما حول ذلك، نبدأ كما تفضلتم بسؤال الأخ الكريم عن الزروع والثمار.
زكاة الزروع والثمار ثابتةٌ بالكتاب والسنة والإجماع، أما في الكتاب ففي قوله تعالى متحدثاً عن تلك الزروع:

وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (141)
[ سورة الأنعام]

فبينت الآية أن للزرع حقاً، وهذا الحق هو زكاة هذه الزروع (يَوْمَ حَصَادِهِ) بينت وقت الأداء وهو يوم الحصاد، بخلاف زكاة النقد التي تجب بمرور حولٍ كاملٍ بعد بلوغها النصاب، أما زكاة الزروع فحقها أن تؤدى يوم الحصاد، فمتى حصد الإنسان زرعه وجمعه يُخرج زكاته (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) وثبتت الزكاة أيضاً بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم إذ يقول كما في الصحيح:

{ عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: فيما سَقَتِ الأنهارُ والغَيْمُ العُشُورُ، وفيما سُقيَ بالسَّانِيَةِ نصف العشور }

[أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي]

السانية؛ هو البعير الذي يخرج الماء من البئر من أجل السقاية (نصف العشور) فهذا نصٌ على أن هناك زكاةً للزروع، وأما الإجماع فقد أجمع الفقهاء في المذاهب الأربعة وغيرها على أن في الزروع زكاةً، وإن كانوا اختلفوا في بعض التفاصيل، لكن من حيث الإجمال فالزروع والثمار لها زكاة.
الزروع والثمار تنبت من ماء السماء
الآن ما قيمة هذه الزكاة يوم الحصاد؟ هذا الحديث الذي ذكرناه (فيما سَقَتِ الأنهارُ والغَيْمُ) أي كل ما يسقى من غير عناءٍ أو جهد، أي الزروع والثمار تنبت من ماء السماء، أو من الأنهار المحيطة بها فتنمو حول الأنهار، أي لا يبذل المزارع جهداً سوى في حصادها، وتهيئة الأرض، وتقليب التربة وغير ذلك، أحياناً الأسمدة، لكن لا يحتاج إلى السقيا، هي تسقي نفسها بماء السماء، أو بماء الأنهار، هذه فيها العُشر، أي يخرج عشرها للفقراء والمساكين ولمصارف الزكاة المعروفة في الآية الكريمة، وأما ما سقاه بنفسه، وهنا عبر النبي صلى الله عليه وسلم عنه بالسانية التي كانت أداة السقي في عصرهم، اليوم يوجد ري بالتنقيط، وري بالصهاريج، فالمحصلة أن ما لا يتكلف المزارع في سقايته يدفع عشره عند حصاده، والذي تكلف على سقايته يدفع نصف العشر (يَوْمَ حَصَادِهِ)
ما النصاب؟ هل في كل زرع؟ الإنسان إذا زرع دنم أرض يجب أن يخرج زكاة؟ العبرة في الوزن والكيل، فالنبي صلى الله عليه وسلم حدد ذلك بشكل واضح فقال:

{ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ليس فيما دون خمس أَواقٍ صدقة، ولا فيما دون خمس ذَودٍ صدقةٌ، وليس فيما دون خمسة أَوْسُق صدقة }

[أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ومالك]

(خمسة أَوْسُق) باختصار ستون صاعاً، بالنهاية بالمحصلة بالمقادير الشرعية 611 كيلو غرام، أي إذا زرع إنسان عدساً، يوم أخذ العدس وجمعه، وحصده وجمعه، وكان 611 كيلو غرام فصاعداً، فوراً يخرج العشر أو نصف العشر، العشر إذا كانت السقيا بماء السماء، ونصف العشر إذا كانت السقيا يتكلف عليها، 611 كيلو غرام فصاعداً عليها الزكاة، هذه (خمسة أَوْسُق).

الأصناف التي تجب فيها الزكاة في الزروع والثمار:
ما يجب فيه الزكاة هو ما يقتات ويكال
هل كل ما يزرعه الإنسان في الأرض تجب فيه الزكاة؟ لو زرع موزاً هل يجب أن يخرج العشر ونصف العشر؟ لو زرع تفاحاً؟ فراولة؟ كل ما يزرع من خس، خيار، الحقيقة جمهور الفقهاء قالوا: ما يجب فيه الزكاة هو ما يقتات ويكال، القوت عبر عنه الشافعية فقالوا: ليس تنعماً ولا تداوياً، الفواكه والخضراوات تعد تنعماً، وبعض الأعشاب تعد تداوياً، فهذه ليس فيها زكاة عند جمهور الفقهاء وإنما القوت هو الذي فيه الزكاة، ما معنى القوت؟ أي من الثمار في عصرهم؛ الرطب، النخيل، التمور، هذه قوت، والعنب كذلك كان عندهم قوت، اليوم في عصرنا أصبح فاكهة وتنعماً أكثر من القوت، وقالوا: من الحبوب كلها الحنطة، الشعير، الأرز، العدس، هذه فيها زكاة بلا خلاف، الحنفية ذهبوا إلى أن كل ما تزرعه في الأرض يجب أن تدفع زكاته منطلقين من عموم قوله تعالى: (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) والحقيقة أن الراجح في المسألة هو مذهب الجمهور، وهو أن الزكاة تجب فقط في القوت، والثمار التي يقتات بها الإنسان، والحبوب، وأما الفواكه، والأعشاب، والخضار، فلا زكاة فيها، وهذا عند جمهور الفقهاء، وهو الراجح في المسألة، وسبب الترجيح أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:

{ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أَنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: ليس في حبٍّ، ولا تمرٍ صدقة حَتَّى يَبْلُغَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ }

[ أخرجه مسلم]

الزيتون مما تجب به الزكاة
فكأن النبي بيّن أن التمور والحبوب هي التي فيها الصدقات، أي القوت الذي يكال ويقتات به وليس كل شيء، ومن المعلوم أن الفواكه كانت موجودة، والخضار موجودة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وعهد صحابته، ولم نسمع أمراً بإخراج زكاتها، فذهب جمهور الفقهاء إلى أن الزكاة تكون في الثمار والزروع التي تقتات وتكتال، وهذا هو الراجح الصحيح، وأما الزيتون تحديداً فقد وقع فيه خلافٌ آخر، والراجح أن الزيتون مما تجب به الزكاة، العشر أو نصف العشر كما أسلفنا من الزيت أو من الزيتون، من الزيتون قبل أن يعصر، أو من الزيت بعد أن يعصر، العشر أو نصف العشر، كيف تخرج هذه الزكاة؟ تخرج من جنس المزروع، أي أنا زرعت قمحاً أخرج قمحاً، زرعت عدساً أخرج عدساً (وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ) أي من جنسه، وهذا ما ذهب إليه جمهور الفقهاء، هنا ذهب الحنفية إلى أنه يمكن أن نخرج قيمتها، أي أنا بعت المحصول كاملاً، حصدت طناً - ألف كيلو غرام – بلغ النصاب وبعته كله، أدفع العشر، فيكون الناتج مئة كيلو، كم ثمن الكيلو بالسوق؟ دينار ضرب مئة الناتج مئة دينار، فأدفع مئة دينار قيمة، هذا مذهب الحنفية، وفيه تيسير أحياناً على البعض، لكن الأفضل والأولى أن تخرج الزكاة من الزروع مباشرةً إلا إن وجد مصلحة للفقير في إخراج المال فيؤخذ برأي الحنفية ولا حرج إن شاء الله في ذلك مادام في الأمر سعة.
إذاً نلخص الموضوع تلخيصاً سريعاً: النصاب 611 كيلو غرام فصاعداً، الأصناف التي تجب فيها الزكاة في الزروع والثمار هي القوت والحبوب، الأقوات والحبوب، أما الخضار والفواكه فلا زكاة فيها، زيت الزيتون أو الزيتون قبل عصره الراجح أن فيه زكاةً، الذي يُخرج هو العشر أو نصف العشر، العشر لما سقته ماء السماء، ونصف العشر لما سُقي بالآلات أو بالوسائل الحديثة، أو بغيرها المهم بالآلات، لو قال إنسان: والله أنا أعتمد على ماء السماء وأعتمد على السقيا، أي أنا أسقي وأعتمد على ماء السماء، هنا نقول له: ما الذي غلب؟ إن كان سبعون بالمئة ماء السماء مثلاً، ثمانون بالمئة ماء السماء، إذاً أخرج العشر، أنت جهدك قليل، لو قال: لا والله أنا أكثر السقي، فنقول له: إذاً نصف العشر، فعلى غالب العمل، هذا تقريباً ملخص الملخص لما يهم من يتابعنا من زكاة الزروع والثمار.

الدكتور حسن:
جزاكم الله خيراً، كما تفضلتم سيدي، بارك الله فيكم، بالنسبة للجمهور أنه لا زكاة على الخضروات والفواكه، لكن أحياناً تصبح الفواكه هي من الأموال ومن عروض التجارة فمثلاً المشمش عندما يكون الموسم يباع بالأطنان، ويتحول إلى قمر الدين، وإلى غير ذلك، التين كذلك يتحول إلى أموال وتجارة وكذلك هذه الأمور أليس عليه زكاة بهذه الحالة؟

زكاة العروض التجارية:
الدكتور بلال:
هنا ننتقل الزكاة من زكاة زروع وثمار إلى زكاة عروض تجارية، هناك تجار بضاعتهم هي الفواكه، يعتمدون عليها في تصنيع المربيات، وفي تصنيع بعض الحلويات، أو في تصنيع بعض المكملات، فهنا تنتقل من أنها زروع وثمار عند المزارع الذي عنده مثلاً شيء يسير منها، أو مثلاً عنده طن مشمش كما قلتم، إلى معامل لصنع قمر الدين، أو لصنع المربيات، فهنا التاجر يحصيها على أنها عروض تجارية، فمع ماله يقيم هذه البضائع التي أصبحت عنده معدة للتصنيع، شكراً للسؤال مهم جداً، أي إذا انتقلت هذه الفواكه إلى أن أصبحت عروضاً تجارية فزكاتها على العروض التجارية أصبحت واجبة.
عطاء الله عز وجل غير محدود
وعلى كل حال أنت ذكرتني، أنا عندما قلت رأي الحنفية أنه كل ما تخرج الأرض فيه زكاة، رجحنا مذهب الجمهور بترجيح أهل العلم، لكن لو أن إنساناً أراد أن يشكر نعمة الله عليه، وحفظ الله له زرعه، فأخرج عن كل ما تنبته الأرض، وهناك كثيرون يفعلون ذلك، فهذا والله من التجارة الرابحة مع الله، لأن الله عز وجل عطاؤه لا محدود، فلو أن المسلم دائماً أخذ في الأحوط بالعبادات، والله هو الفائز وهو الرابح بلا شك، فقولنا: إن مذهب الجمهور هو الراجح في المسألة لا يعني أبداً أننا ننكر أو نقول: لا تخرجوا زكاةً عن الخضروات والفواكه، لكن نقول: إن شاء الله تبرأ ذمة من لم يُخرج، لكن لو أن إنساناً أخرج ما يستطيع من خضرواته وفواكهه، المزارع وصاحب الأرض، الأجر عظيم جداً عند الله، والله أنا أعرف أشخاصاً في الشام، أحد الشيوخ يحصي له تجارته، فيحصي له الأموال، قال له: هذا المبلغ ما هو؟ قال له: زكاة الآلات، قال له: الآلات لا يوجد عليها زكاة، لا أحد قال هذا من أهل العلم، كل جماهير أهل العلم تقول: إن الآلة ليس عليها زكاة، أبداً هي مقتنيات شخصية، سيارتك لا يوجد عليها زكاة، بيتك، فبعض الناس تبالغ في إخراج زكاتها، ليس هناك مبالغة في العبادة، كلما أخرجت أكثر فأنت تتاجر مع الله، والقرش بعشرة، بارك الله بكم.

الدكتور حسن:
دكتورنا جزاكم الله كل خير، في هذا المعنى، بالنسبة لإخراج زكاة الزروع والثمار هل المفروض أن نخرجها دفعةً واحدة أم إن استطعنا أن نخرجها على دفعات ولكن نحصيها؟ أنا مثلاً عليّ زكاة زروع وثمار مئة كيلو، إذا أخرجت في بداية الحصاد عشرة كيلو، ثم عشرة كيلو، ثم عشرة كيلو، أي بالتسلسل، حتى صاروا مئة كيلو هل هذا جائز؟ أي إعطاء زكاة المال لهذه العائلة عشرة كيلو، وهذه العائلة عشرة كيلو، وبالتسلسل والتسامح، حتى انتهى الموضوع إلى مئة كيلو بدل أن أخرجها دفعةً واحدة حسب الإنتاج؟

إخراج زكاة المال على دفعات لا ضير فيه:
الدكتور بلال:
حفظ الحقوق واجب
أحياناً، جزاك الله خيراً على هذا السؤال، تكون المصلحة في ذلك، أنا اليوم صار عندي طن زكاة قمح مثلاً، أو طن عدس، ولا يوجد عندي عائلات أعرفها لأعطيها العدس، لكن خلال العام يأتيني فقراء كثيرون، فأنا عزلت الزكاة، أي كتبته بورقة ووضعته بصندوق الزكاة، هذا مترتب عليّ، فحفظ الحقوق واجب، هذا حق الفقير مقدم على حقوقي فوضعته في صندوق الزكاة، الآن كلما جاءني عشرة كيلو كما قلت عشرة هنا، عشرة هنا، خمسة عشر هنا، حتى أنهي كل شيء، وهذا مذهب جيد ولا شيء في ذلك، إن شاء الله صحيح جزاك الله خيراً.
أضف إلى ذلك وأنا أنتهز سؤالك الكريم، حتى في زكاة المال اليوم نحن برمضان أخرجنا زكاة مالنا، من يتابعنا من الأخوة الكرام، جزاكم الله خيراً، أخرج زكاة ماله، أنا أقترح اقتراحاً أن تفتح من اليوم زكاة 1443 هجرية، العام القادم من الآن افتحه مقدماً، افتح حساب الزكاة، كلما وجدت حالة تستدعي من أقربائك خصوصاً قبل الأباعد زكاة، من أقربائك من يحتاج إلى عملية جراحية، محتاج لألف، أعطيته ألفاً، وكتبت ألفاً من حساب الزكاة، عائلة فقيرة طرقت بابك ابنهم بحاجة لدواء، كتبت دواء ودفعت، هذا عنده مشكلة في بيته يحتاج إلى ترميم رممت، هذا يريد ثلاجة كتبت، جمعت في رمضان القادم كم وجب عليك من زكاة، والله عليّ عشرة آلاف، أنا دافع حوالي اثني عشر ألفاً يا رب لك الحمد، دفعنا زيادة، التجارة مع الله، دافع تسعة زاد ألف يخرج الألف، دافع عشرة انتهى الحساب، فأكون بذلك وزعت الزكاة على كل العام على الفقراء والمحتاجين، دون أن تأتي بعشرة آلاف برمضان وأريد أن أوزعها الآن لكل الناس، لا يا أخي! وزعها على مهلك، حتى لو إنسان الآن عنده عشرة آلاف زكاة، وما وجد أناساً يعطيهم برمضان من أقربائه، هو متوقع أن تأتيه حالات فعزلها ووضعها بظرف وكتب عليها: هذه زكاة أموال، ووقع عليها، ووزعها على شهرين أو ثلاثة قادمين أيضاً لا يوجد مانع إن شاء الله.

الدكتور حسن:
جزاكم الله عنا كل خير، سبحان الله! أجبت عن بعض التساؤلات أستاذنا، تجار الشام - حفظهم الله - من نباهتهم وفقههم حقيقةً، دائماً تجد الأموال موجودة، واضع بالدرج، هذه للصدقات، وهذه لزكاة المال، كلما جاء يتيم يعطيه من زكاة المال، تأتي إنسانة تسأل فيعطيها من الصدقات، لذلك هذا السؤال الذي أردت أن أوجهه لفضيلتكم، أنا إذا أردت أن أخرج صدقات المال، أو زكاة المال بالترتيب، بالتسلسل، لكن تحتاج إلى مئة، أنا عندما أدفع زكاة المال أحتاج إلى مئة وأقول: هذا من زكاة المال، وأدفعه في الوقت المناسب لفقير، لمحتاج، لعملية، لأي شيء كان، هذا جائز.
السؤال الآن سيدي: هل يصح تقديم زكاة المال؟ انتقلنا من زكاة الزروع إلى زكاة المال، وكله ينطبق على بعضه حقيقةً، زكاة المال هل يصح تقديم إخراجها سنة أو سنتين أو ثلاث سنوات؟ وهل يصح تأخيرها عن وقتها من حاجة؟ أنا ما وجدت الآن مثلاً حوالي أناس محتاجة، أنا أقيم بأوروبا، ما وجدت من أعطيه زكاة المال، ولا أعلم لمن أؤدي زكاة المال، وأنتظر حتى تصل زكاة المال إلى المستحقين، فهل يجوز تأخير زكاة المال أو تعجيل زكاة المال؟

حكم التعجيل والتأجير في زكاة المال:
الدكتور بلال:
الزكاة عبادة لا ينبغي أن تؤخر
التعجيل يجوز كما ذكرنا، وأنا كما اقترحت أفضل من أن تقدم، أي ندفع عن عام 1443 من الآن نبدأ ندفع، من الآن للعام القادم، فالإنسان إذا قدم ودفع وكان عنده زيادة في الآخر فبها ونعمت، وإذا كان أقل يجبر ما نقصه، فلا مانع عند الفقهاء من أن تقدم الزكاة، الآن هل تؤخر؟ الأصل أنها عبادة لا ينبغي أن تؤخر، لكن كما ذكرنا إذا كان هناك مصلحة وحاجة يجوز تأخيرها، من أسباب تأخيرها أنه كما قلت قبل قليل أنا عندي مبلغ من المال، وليس حولي من أعطيهم إياها، دفعت شيئاً برمضان، لكن أنا إن شاء الله بالأشهر القادمة أدفع ما تبقى عليّ، أكتب أن هذه زكاة المال وأعزلها إذا كان المال موجوداً معي، أعزل الزكاة بظرف خاص، وأؤخر دفعه إلى حين وجود المصلحة الراجحة للفقير، أو أعرف والله بعد شهرين هناك عملية جراحية لأحد أقربائي، لا أريد إعطاءه المال الآن كي لا يصرفه على عائلته، ويبقى بلا عمل جراحي، أدخره حتى يحدد يوم عمليته فأعطيه إياه، أعرف أنه بعد أربعة شهور يوجد شخص دائماً أنا أساعده، يستحق عليه أجار بيت، وإن لم يدفع يطرد إلى في الشارع، أيضاً أدخر له المبلغ، فيجوز التأخير عند وجود مصلحة راجحة إن شاء الله.

الدكتور حسن:
بارك الله بكم دكتورنا الغالي، حفظكم الله.
سيدي؛ الآن جاءنا سؤال على الشاشة: رجل فقير جداً في تركيا، ولا يستطيع ان يدفع زكاة الفطر، وعنده أخت في سوريا هل يصح أن تخرج عنه زكاة الفطر؟

جواز دفع زكاة الفطر عن الغير إن كان فقيراً:
الدكتور بلال:
يصح لا مانع، تقول له: سأخرج عنك الزكاة، يقول لها: أخرجي، يأذن لها، فيجوز التوكيل في الزكاة لا يوجد مانع، هي تحب أن تخرج عن أخيها لا يوجد أي مانع إن شاء الله.

الدكتور حسن:
سؤال آخر: هل واجب على من لا يستطيع إخراج زكاة الفطر أن يستدين بإخراجها أم تسقط عنه لعدم الاستطاعة؟

سقوط زكاة الفطر عن كل من لا يستطيع إخراجها:
الدكتور بلال:
ليس واجباً عليه أن يستدين، أقول أكثر من ذلك: ليس مستحباً له أن يستدين، لو استدان يعلم أنه سيأتيه مال، وأحب ألا يفوت هذه الفرصة، مأجور إن شاء الله، لكن لا يجب عليه ذلك، ولا يسن له ذلك، إذا غربت عليه شمس آخر يوم من أيام رمضان وزكاة الفطر ليست فائضةً عن حاجاته، وعن حاجات أسرته، عن قوته، وعن قوت عياله، فقد سقطت عنه، وليس مضطراً إلى أن يستدين ليدفعها.

الدكتور حسن:
بارك الله بكم، كذلك فضيلة الشيخ قبل أن ننتقل إلى زكاة المواشي، وقد أتانا أسئلة في الحلقة الماضية، أريد أن أؤكد أنا كنت شخصياً في سوريا عندما يأتي رمضان نجمع للفقراء والمساكين، فنذهب إلى بعض التجار فيعطينا من الأقمشة، زكاة ماله من الأقمشة، عنده أثواب قماش، يقول: هي بقيمة كذا، زكاة المال هذه هل تقبلونها؟ نحن نقبلها من أجل المصلحة، فنأخذ هذه الأقمشة إلى معمل خياطة ونفصلها حسب الحاجة، أي الأقمشة هذه نُلبس بها أكثر من ألف طفل، هذه ناحية، صاحب معمل الخياطة بدل أن يعطينا من زكاة ماله أجرة تفصيل هذه الأثواب، يقول: أنا أريد أن أعطيكم أجرة تفصيل هذه الأثواب من زكاة المال فهل هذا جائز؟ وهذا جائز؟

وجوب تقديم مصلحة الفقير على كل شيء عند دفع الزكاة:
الدكتور بلال:
زكاة النقد تدفع نقداً
إخراج زكاة النقد، زكاة المال، عند جمهور الفقهاء، أقصد بالجمهور هنا الإمام أحمد، والإمام الشافعي، والإمام مالك، عليهم رحمات ربي، يقولون: لا تجزئ إلا أن تخرج، أي أن تخرج الزكاة نقداً، أنا عليّ ألف دينار أدفع ألف دينار، لا يجوز أن أعطي مثلاً عوض الألف دينار وجبات غذائية، ولا أقمشة، ولا ألبسة، ولا أدوية، وإنما أدفع زكاة مالي أو النقد، لأنه المال أوسع من النقد، زكاة النقد تدفع نقداً، أي ذهب، أو فضة، أو مال، هذا مذهب جمهور الفقهاء، إلا أن الحنفية ومعهم ممن ذكر ذلك الإمام البخاري صاحب الصحيح عليه رحمات الله، قالوا: يجوز إخراج القيمة، وهنا يصح فعل هذه التاجر الذي أعطاكم القماش، ويصح أيضاً أنه دفع أجرة التفصيل من الزكاة، لأنه في المحصلة تمّ تمليك الفقير الثوب مفصلاً، على مذهب الحنفية، وعلى مذهب الإمام البخاري وغيرهم يجوز، هناك مذهب وسط في هذه المسألة وهو ما يفتى به غالباً، وهو الراجح، قالوا: إن كان هناك مصلحةٌ للفقير فيجوز إخراج الزكاة عيناً، مصلحة راجحة للفقير، أما إن لم يكن هناك مصلحة راجحة فهو ممنوع، أي أنا عندي فقير أعلم أنه بحاجة إلى عمل جراحي، وذهبت إليه وأحضرت له ثلاجة للبيت، هو الآن ليس بحاجة للثلاجة، هو بحاجة إلى مئة ألف حتى يجري عملاً جراحياً خطيراً، فأنا الآن ضررته بهذه الزكاة، أو هناك مصلحة راجحة كيف؟ أنا أعرف فقيراً مدخناً، يأخذ المال ويذهب ليشتري الدخان، أو يذهب ليسهر مع رفاقه، هذه العائلة تريد أن تأكل، وأن تشرب، فذهبت وأحضرت وجبة غذائية متكاملة حتى لا يبيعها، وسلمتها للعائلة حتى يأكلوا، ويشربوا، ويشبعوا، فهنا يوجد مصلحة راجحة، ومن المصلحة الراجحة أيضاً أن ينظر في الحاجة، أي اللباس حاجة أساسية للفقير - الكساء - الدواء إذا كان محتاجاً له حاجة أساسية للفقير، الطعام حاجة أساسية للفقير، أما لو قال إنسان: أنا والله عندي محل تحف شرقية، سوف أعطيكم زكاة مالي تحفاً شرقية، الفقير ليس من مصلحته أن يضع في بيته تحفة شرقية ثمنها ألف دينار، وهو لا يجد قوت يومه، فيقوم ببيعها ويخسر فيها لأنه ليس بتاجر، فهنا نقول: لا، والأسوأ من ذلك بعض التجار - وهذا نادر جداً، لكن للذكر - يأتون بأسوأ البضائع للزكاة.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (267)
[ سورة البقرة]

البضاعة الكاسدة التي لم تبع عنده من الألبسة، من الأحذية، أحياناً الحذاء كل فردة نمرة يوزعه على أنه زكاة، هذا لا يجوز قطعاً، لأنك تحاول أن تخرج بضائعك الكاسدة كزكاة للفقراء.

لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (92)
[ سورة آل عمران]

فنقول: إذا كان غذاء، دواء، كساء، من الأشياء الجيدة التي تنفع الفقير، وفيها مصلحة له، فعلى مذهب الحنفية لا مانع، ويجزئك ذلك إن شاء الله، أما الأصل فهو إخراج النقد.

الدكتور حسن:
جزاكم الله كل خير فضيلة الدكتور؛ طبعاً هنا أكدتم على المصلحة، مصلحة الفقير، أنا أقول فضيلة الدكتور: أحياناً في بلد من البلدان، وأنا كنت صغيراً، وعشت يتيماً، فكان أهل البلد - أهل برزة جزاهم الله كل خير - يأتون لنا بزكاة فطرهم، كله قمح قمح قمح، فيجتمع عندنا القمح، نبيعه بربع قيمته، وهذا إضرار بمصلحة الفقير، لكن بالمقابل عندما نأتي بأثواب القماش، أو نأتي بمبلغ معين، ونشتري مثلاً أحذية، الفقير إذا أراد أن يذهب ليشتري حذاء بمفرده، يشتريه بثلاثمئة ليرة، أنا كنت أحضره له بمئة ليرة، ألبس ثلاثة أطفال بقيمة حذاء، فأنا عندما أجمع هذه الألبسة، مثلاً أسرة تريد أن تكسو أولادها، تحتاج إلى عشرين ألف ليرة، فأنا أكسوهم بخمسة آلاف ليرة من اللباس كاملاً، فهذا لمصلحة الفقير، جزاكم الله كل خير.

الدكتور بلال:
وإياكم سيدي.

الدكتور حسن:
سيدي دكتورنا الغالي؛ جاءنا سؤال: رجل فقير جداً في تركيا وهو مريض، وقد أفطر في هذا الشهر، كم يجب أن يدفع كفارة عن كل يوم وللعلم أنه هو فقير جداً؟

قيمة كفارة الإفطار:
الدكتور بلال:
إطعام مسكين، لكن بتركيا كم قدروا المبلغ عندكم دكتور حسن؟ عشر ليرات؟

الدكتور حسن:
لا، أكثر، بتركيا بحدود خمس وعشرين ليرة إلى ثلاثين تقريباً.

الدكتور بلال:
الحد الأدنى؟

الدكتور حسن:
الحد الأدنى عشر تقريباً، الحد الأدنى.

الدكتور بلال:
من لا يستطيع الدفع عليه ألا يرهق نفسه
الحد الأدنى عشر ليرات، نعم، أي إذا كان فقيراً جداً كما يقول، يؤخذ عن كل يوم عشر ليرات، أي ما يعادل دولاراً، ضرب ثلاثين يوماً مثلاً ثلاثمئة ليرة، أربعمئة، خمسمئة، حسب قدرته، الآن إذا كان فقيراً إلى درجة لا يستطيع الدفع عليه ألا يرهق نفسه، حتى نكون واقعين وشرعيين، الإنسان عجز عن الصيام ينتقل إلى الفدية، إذا عجز عن الفدية تبقى في ذمته إذا استطاع، أما إذا لم يستطع.

لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)
[ سورة البقرة ]

زكاته عن كل يوم 500 ليرة تركي، ومصروفه بالشهر 500 ليرة، يدفع ال500 ليرة للفقراء، ويجلس مع أهله بلا طعام وبلا شراب، هذا لا يجوز، وليس ديناً، ولا يقبله الشرع، أنت يجب أن يكون عندك فائض، عندك 400 أو 500 ليرة تركي عن الشهر كله تقريباً، إذا فرضنا 15 ليرة باليوم، عندك هذا المبلغ فائض لإطعام ثلاثين مسكيناً، فدفعته، أما تقول لي: أنا فقير جداً لدرجة أن دخلي لا يكاد يكفيني، لا، ابقَ على ما يكاد يكفيك، وسجل عندك، لعل الله عز وجل في المستقبل يرزقك فتدفع، فإن لم يحصل فسقطت عنك الفدية.

الدكتور حسن:
السؤال الآخر: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أُرسل لي مبلغ لأوزعه على المحتاجين، هل يجوز أن أعطي منه لشخصٍ دون علمه، لأنه من الممكن ألا يوافق أن أعطي فلاناً لأنه لا يحبه مثلاً، قال لي: للأكثر حاجة، إذا قال: تصرف، وأنا أعطيت لإنسان، يجوز هو بطبيعته بنفسه لا يرغب أن يعطي هذا الإنسان، لكن لم يحدد.

الموكل بدفع الزكاة عليه توزيع المال في المصارف الشرعية:
الدكتور بلال:
ما دام وكلني فأنا موكل، لا أرجع له، هو وكلني أن أدفع، الآن أنا مؤتمن، فإذا كان هذا الشخص الذي سأدفع له مثلاً هو لا يحبه لحاجة في نفس يعقوب كما يقال، لكن الشخص يستحق الزكاة فأعطيه، أما إذا كان لا يستحق فلا يجوز أن أعطيه، لأني مؤتمن على هذا المال، فأنفقه في مكانه، ولست ملزماً أن أرجع للذي دفع، فأقول له: هل أعطي فلاناً أم لا أعطيه؟ هو وكلني فأنا موكل، بشرط واحد وهو أن أحسن توزيع المال في مصارفه الشرعية.

الدكتور حسن:
على الشاشة، هل يجوز تقديم زكاة الفطر للمحتاجين قبل أسبوع مثلاً؟

جواز تقديم زكاة الفطر للمحتاجين قبل ميعادها:
الدكتور بلال:
وقت وجوب زكاة الفطر
عند جمهور الفقهاء، وفي الحديث الصحيح الذي صح عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: " كنا نقدم زكاة الفطر على يوم العيد بيوم أو بيومين " بعض الفقهاء توسعوا أكثر من ذلك وقالوا: يمكن بالعشر الأخير كله، أي قبل أيام، يوم، يومان، ثلاثة، أربعة، ما من حرج إن شاء الله، وقت وجوبها عند غروب شمس آخر يوم من أيام رمضان، أي لو عندك ولادة صارت قبل الغروب بدقيقتين هذا صار عليه زكاة فطر، وأما إن كانت بعد ذلك فلا زكاة عليك، هذا وقت الوجوب، لو أن إنساناً توفي قبل الغروب لم تجب الزكاة عليه، أما لو توفي بعد الغروب فوجبت الزكاة عليه، لأنه دخل وقت الوجوب، أما الإجزاء فأوسع من ذلك، بين من قال: رمضان كله تخرج فيه زكاة الفطر، وبين من قال: تُقدم، أنا أرجح تقديمها قبل أيام حتى ينتفع بها الفقير، لا يوجد مانع، لأن الصحابة كانوا يقدمونها بيوم أو يومين، لا يوجد مانع إن شاء الله.

الدكتور حسن:
الآن هناك إشارة، قال: هناك أناس يتكلمون على الفيس، أنه لا يجوز إخراج صدقة الفطر نقداً ويجب إخراجها طعاماً، طبعاً هذا الكلام من أناس ما دخلوا في تفاصيل أحكام الفقه، تفضل سيدي.

ضرورة ترجيح مصلحة الفقير في صدقة الفطر:
الدكتور بلال:
المصلحة الراجحة للفقير تبيح إخراجها نقداً
كل نهاية رمضان عندنا معركة فيسبوكية، عنوانها: هل يجوز إخراج زكاة الفطر نقداً؟ وهذا الخلاف موجود سابقاً، لكن ما اشتعلت حروب من أجله، قصدي حروب كلامية وتخوينية، رغم وجوده سابقاً، هو موجود بالفقه الإسلامي وما سمعنا أن الناس تقاتلوا بشأنه، لو سكت من لم يعلم لقل الخلاف، ولو تكلم من يعلم دون أن يُحرج غيره لقل الخلاف، لكن المشكلة عندما أقول: لا يجوز أن تخرج زكاة الفطر إلا طعاماً ومن أخرجها خلاف ذلك لا تجزئه وكأنه لم يدفع، ويأتي الآخر فيقول: الفقير يجب أن يأخذ نقوداً، والأصل هو النقود، هذه المعركة لا ينبغي أن تكون بين المسلمين وينبغي أن نكون أوسع من ذلك، جمهور الفقهاء الشافعية، والمالكية، والحنابلة قالوا بإخراجها كما ورد في الحديث: طعمة للمسكين، من غالب قوت أهل البلد، هذا ما قاله جمهور الفقهاء، وذهب الحنفية إلا أنه يجوز إخراجها قيمةً، أي قيمتها بالنقد، اليوم مثلاً بالأردن يجوز إخراجها بالدينار، بتركيا مثلاً 25 ليرة تركية، بأوروبا عشرة يورو، فهذا مذهب الحنفية، وليس مذهب الحنفية وحدهم، الحسن البصري من السلف الصالح كان يجوِّز ذلك، عمر بن عبد العزيز خامس الخلفاء الراشدين كان يجمعها نقداً، ممن قال بذلك ابن تيمية رحمه الله تعالى، كان يقول كذلك قال: إذا فيه مصلحة راجحة للفقير فيجوز إخراجها نقداً، ومعروف ابن تيمية هو من المحدثين، حتى اليوم لجنة الإفتاء بالمملكة العربية السعودية كانوا يؤكدون على إخراجها طعاماً حصراً، أجازوا إخراجها نقداً، ففي محصلة الأمر، الأمر إن شاء الله فيه سعة، من رأى أن يخرجها طعاماً فهو الأصل، وإذا كنت تعرف فقيراً بحاجة إلى طعام والله الإطعام أولى في هذا اليوم، إدخال التوسعة على الناس، لكن أن تقول: لا تجزئ ولو أخرجها نقداً لا تجزئه، والله فيها ضيق أفق ومبالغة ليست في مكانها، الأفضل طعاماً حسناً لا بأس، إذا كان هناك مصلحة راجحة للفقير نقداً إن شاء الله تجزئك، ومأجور، وأخذت أجرها، أي نرجح مصلحة الفقير في ذلك، والشرع سعة في هذه المسألة إن شاء الله تعالى.

الدكتور حسن:
نحن ضربنا أمثلة على هذا الكلام، أنهم كانوا يقدمون لنا قمحاً ماذا أفعل بالقمح أنا؟ أريد أن ألبس، أن أشتغل، أن أكسو الأولاد، إلى آخر ما هنالك.
السؤال الآن وردنا، طبعاً تأخرنا عن الأخوة الذين طلبوا زكاة المواشي، لكن السؤال الآن: لي ديون مع أشخاص، وحال الحول عليهم، أي حال الحول على الديون أكثر من عام، وأنا أخرج زكاة عن هذا المال، أي يخرج زكاة المال عن الديون، هل يجوز ألا أدفع زكاة عن هذا المال؟

الدَّين نوعان:
الدكتور بلال:
تكلمنا في اللقاء السابق، أن الدين نوعان، دينٌ عند مقرٍ به، معترف بمقداره، باذل له، شخص يقول لك: سأعطيك إياه، وجمهور الفقهاء قالوا: إنه يجب أن تدفع زكاته من قبل الدائن، أي صاحب المال، ودين عند معترف به لكنه معسرٌ ومماطل، أو جاحد، فهذا لا زكاة فيه حتى تقبضه، في الحالة التي ذكرها الأخ سأعطيه للنهاية، مادام تكرر عاماً، وعامين، وثلاثة ولم يأتك المال، الآن الزكاة في الإيجاب، في الاستحباب كما قلنا الباب مفتوح للخيرات، في الإيجاب أي أصبح هناك عسر، أنا معي مبلغ محدود، وهذا الرجل لم يعطني إياه، أو معسر، أو مماطل، لا يستطيع أن يعطيني إياه، فصار حكمه بحكم البضاعة الكاسدة، يأتيني بعد سنة، بعد عشر سنين لا أدري، فالآن ممكن شرعاً عند كثير من الفقهاء أن توقف زكاته، ومتى جاءك، يوم تقبضه تُزكي عن سنة واحدة سابقة، يوم يعطيك إياه إن شاء الله ويصل، تأخذه وتخرج اثنين ونصف بالمئة وتضمه لمالك، هذا أولى الأقوال، وهو رأي المالكية.

الدكتور حسن:
جزاكم الله خيراً، الأخت هناء سألت، امرأة مريضة قلب، وأمراض أخرى، تأخذ دواء دائماً وبنفس الوقت تدخن كثيراً، هل يجوز إعطاؤها من زكاة الفطر؟

إعطاء زكاة المال لكل فقير ولو كان عاصياً:
الدكتور بلال:
التدخين من المعاصي
إذا كانت فقيرة، كونها تدخن نسأل الله أن يتوب عليها، لكن لا يمنع ذلك من إعطائها من الزكاة، ممكن أن نعتبرها عاصية، كلنا ذو معصية، والتدخين من المعاصي، لكن هنا في هذه الحالة تأتي المصلحة الراجحة أن تعطى زكاة الفطر عيناً، أي إذا أعطيناها غداّ دينارين فذهبت واشترت الدخان! فلا نعطيها مالاً، لا نحقق لها آمالها، نأخذ لها صاعاً من تمر أو من شعير، أو نعمل لها آخر يوم برمضان هي وأولادها أرز وعليه دجاج، ونأخذه إلى البيت كزكاة الفطر، حتى لا تشتري دخاناً بهذا المال.

الدكتور حسن:
بارك الله بعمرك، تريد أن تأخذ استراحة قليلاً لنكسب الدكتور مهند، ثم نبدأ بزكاة المواشي.

الدكتور بلال:
أكيد، نحن نستمتع بالدكتور مهند، ونصائحه الطبية.

الدكتور حسن:
بارك الله لنا بحياتك يا رب، ونحن نعتذر من الدكتور مهند عن التأخير.

الدكتور بلال:
تأخرنا عليك كثيراً.

الدكتور حسن:
والله الموضوع شيق ومهم، فضيلة الدكتور مهند؛ إطلالتك على الشاشة رائعة ومبدعة حقيقةً، نتمتع برؤية هذا االوجه الصبوح، بارك الله فيك، سوف نسألك سؤالاً، وهذا السؤال هو سؤال صغير في مبناه، لكنه كبير في معناه، ما هي النصائح الطبية التي تودون تقديمها للصائم بعد انتهاء شهر رمضان؟
الآن قارب رمضان إن شاء الله كل عام وأنتم بخير، واعتدنا على الصيام، صار جسمنا متقبلاً للصيام، بعد الصيام، ما هي النصائح التي يحتاجها الصائم للإفطار؟

نصائح يحتاجها الصائم للإفطار:
الدكتور مهند:
سيدي جزاكم الله خيراً، أنا والله مستمتع بهذا العلم النافع، جزاكم الله كل خير، لا والله لست منزعجاً أبداً، وأنا لن أطيل عليكم كثيراً كي نستفيد من المعلومات التي نتلقاها منكم جزاكم الله خيراً.
والله هذا السؤال رائع، أريد أن أجيب عليه، والله جوابي لهذا السؤال موجه لشريحتين من الناس، شريحة المصابين بداء السكري، وشريحة المدخنين، بالنسبة للمصابين بداء السكري نحن برمضان نعدل لهم الجرعات، ونكثر لهم الجرعة جرعة الأنسولين، أو جرعة الأدوية الفموية، نعطيهم الجرعة الأعلى عند الفطور، والجرعة المنخفضة نعطيها لهم عند السحور، الآن كل مرضانا الذين أعطيناهم هذا النظام الدوائي خلال رمضان، بعد رمضان يريدون أن يرجعوا ويأخذوا أدويتهم السكرية كما كانوا قبل رمضان، أما إذا استمروا بأخذ نفس الجرعات الدوائية ومقاديرها بنفس الطريقة التي كانوا يأخذونها خلال رمضان ممكن أن يصبح عندهم اختلاطات خطيرة، منها ارتفاع السكري بشكل كبير، أو انخفاض السكري بشكل كبير، هذه أهم ملاحظة أنا أريد أن أوصلها لمرضانا المصابين بداء السكري.
الإقلاع عن التدخين بعد انتهاء شهر رمضان
الملاحظة الثانية وهي الأخيرة، إن شاء الله لن أطيل عليكم، المدخنون الذين ابتلوا بموضوع الدخان، الحمد لله نحن لاحظنا أن خلال شهر رمضان المبارك أخواننا المدخنون – عافاهم الله من الدخان - يقللون كثيراً منه، يستطيعون أن يتغلبوا على حاجتهم للدخان بشكل كبير، تقريباً يأخذون نصف الجرعة من هذه السموم خلال رمضان، فأنا أنصحهم أن يتابعوا بعد رمضان، لأن جسمهم تعود على نصف الجرعة من النيكوتين داخل الدم، الآن نحن في آخر رمضان، الدماغ تعود أن النيكوتين عياره بالدم صار الآن خمسة، كان عشرة صار خمسة، معنى هذا الآن هو مستعد وعنده قدرة أن يقلع عن الدخان نهائياً بعد رمضان، لأن دماغه لم يعد يعطيه الحاجة الشديدة للتدخين بسبب الإدمان الذي كان عنده هو قبل رمضان، فهي فرصة كبيرة للمدخنين أن يقلعوا عن الدخان نهائياً بعد انتهاء شهر رمضان المبارك.
أريد أن أذكر بأضرار التدخين الثابتة، لعل كل أحد يسمعنا يتخلص من الدخان نهائياً إن شاء الله، لأننا نعاني منه كثيراً بمجتمعنا، يجب أن نذكر أن كل سيجارة يدخنها الإنسان يدخل لدمه مئتا مادة مسرطنة، غير هذا الضرر يوجد مئتا مادة أخرى غير مسرطنة، لكنه ثابت الآن علمياً أن هناك مئتي مادة مسرطنة تدخل لدمه مع كل سيجارة يدخنها، هذه المواد الكيماوية المسرطنة تترسب بشكل مباشر بالأسناخ الرئوية، وبطانة الأوعية التاجية القلبية فتتلف الأسناخ الرئوية، والشرايين القلبية على مدى سنين، فجأة يصاب المريض بأمراض قلبية، يصاب بانسداد شرايين، يصاب بتصلب شراييني، يصاب بانتفاخ رئة، أمراض مزمنة، لهاث مستمرة، تظهر عنده أعراض الشيخوخة المبكرة.
معروف بعالم الطب أن هناك شيئاً اسمه: الوجه المدخن، الأطباء يعرفون المدخن من وجهه، عندما يدخل نعرفه بعلاماته وهي؛ تجاعيد حول الفم، لون الصفار، إذاً نعرف أنه مدخن، هذا اسمه: الوجه المدخن.
نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعافي هؤلاء المدخنين بمناسبة العشر الأخير من التدخين نهائياً، وهي نصيحة لوجه الله أنا أريد أن قدمها للمدخنين وهناك بشارة علمية أن هناك دراسات حديثة تقول: خلال سنتين من الإقلاع عن التدخين الرئة ممكن أن ترمم نفسها مرة ثانية، وترجع لونها أحمر بعد ما كانت سوداء، والقلب ممكن أن يرمم أوعيته، ويرجع الضخ الشرياني أفضل، إذا كان عنده الإرادة القوية أن يترك الدخان سوف يرجع خلال سنوات إن شاء الله مثلما كان قبل أن يأخذ الدخان، فهذه فرصته الطبية، وتحريض جميع أخواننا الذين يدخنون أن يقلعوا عن الدخان نهائياً بهذا الشهر المبارك، لعل هذه النية بالذات خلال هذا الشهر الكريم، نية الإقلاع عن الدخان ممكن أن تكون سبب عتقه من النار بهذا الشهر الكريم، لأن النية طيبة، والله سبحانه وتعالى إن شاء الله يعينه على هذا الموضوع، أنا بهذا أكون قد انتهيت من الجواب، وأنا آسف إذا تأخرت عليكم، وجزاكم الله خيراً.

الدكتور حسن:
جزاك الله عنا كل خير، دكتورنا الحبيب الغالي؛ على هذه النصائح القيمة، بارك الله فيك، وإن شاء الله كل عام وأنت بخير، إن شاء الله كل رمضان نلتقي بكم، حتى بعد رمضان إن شاء الله لنا لقاءات أخرى، جزاكم الله عنا كل خير.
نتابع مع فضيلة الدكتور بلال حفظكم الله.

الدكتور مهند:
أنا أريد أن أستأذن لأنه يوجد عندي موعد.

الدكتور حسن:
برعاية الله، شكراً لكم، وكل عام وأنتم بخير دكتورنا الغالي، بارك الله فيك، حياكم الله.
تحياتنا لكم دكتورنا، أهلاً وسهلاً دكتور بلال، حفظكم الله.

الدكتور بلال:
حياكم الله.

الدكتور حسن:
سيدي؛ نعود للجواب الذي طلب منا الأسبوع الماضي، طلب الجواب على زكاة المواشي، وعلى نصاب المواشي، زكاة المواشي ما هي؟ بم تقدر؟ متى تجب؟ كيف تدفع؟ ما هو النصاب؟ والمواشي متنوعة هناك أغنام، هناك أبقار، وهناك جمال، وهل هناك زكاة مال على الخيول والبغال والدجاج و الطيور والأرانب؟ نريد أن نعرف ما هي زكاة الحيوان بشكل عام؟ تفضل سيدي.

نصاب زكاة المواشي:
الدكتور بلال:
جزاكم الله خيراً، زكاة المواشي عند الفقهاء يسمونها: زكاة بهيمة الأنعام، وتشمل الأصناف التالية فقط وهي: الإبل، والبقر، والغنم، طبعاً البقر يلحق بها الجواميس، والغنم يلحق به الماعز، فهي ثلاثة أصناف؛ الإبل، والبقر، والغنم، على التفصيل الإبل، والبقر، والجواميس، والغنم، والماعز، هذه التي تجب فيها الزكاة، طبعاً لا يعني ذلك أنه إذا كان هناك شخص تجارته بالدجاج لا يدفع زكاة العروض التجارية التي عنده، هذا شيء آخر، لكن نحن الآن نتكلم عن هذه الزكاة، عن هذه الأصناف فقط، التي اسمها: زكاة المواشي، تجب لأنها مواش.
شروط وجوب زكاة المواشي
شروط وجوبها أربعة، بتعدادهم نجيب على كل الأسئلة التي جاءت عن المواشي، الشرط الأول: أن تُتخذ للدر والتسمين، شخص عنده بقر من أجل الحليب، أو من أجل أن تكبر ليذبحها ويبيع اللحم، أما ما يُتخذ للعمل والكراء أو الحرث، فهذا لا زكاة فيه، أي إذا شخص عنده بقر للحراثة أو لشيء ما فهذا لا زكاة فيه، أما للدر والتسمين ففيه زكاة، هي الإبل، والبقر، والغنم.
ثانياً؛ أن تبلغ النصاب، طبعاً النصاب مختلف، أنا سوف أعيد لك على السريع، الإبل نصابها خمسة، أي عندما يكون الإنسان عنده خمسة من الإبل ففيها زكاة، خمسة من الإبل تبدأ بشاة واحدة، نصاب البقر ثلاثون، أي الإنسان الذي يوجد عنده تسع وعشرون بقرة وأقل لا يوجد عليه زكاة، الذي يوجد عنده ثلاثون بقرة عليه زكاة، الغنم أو الماعز نصابها أربعون، الذي عنده تحت الأربعين شاة لا يوجد عليه زكاة، أربعون فصاعداً عليه زكاة.
الآن الشرط الثالث؛ أن تكون سائمة، وهذا جواب للأخ الذي سأل الآن على الشاشة، أن تكون سائمة أي أن ترعى أكثر الحول، الحول ثلاثمئة وأربعون.

الدكتور حسن:
سيدي؛ أربعون شاة كم عليهم؟ أربعون شاة وثلاثون بقرة كم عليهم؟

الدكتور بلال:
والله هذا جدول، أربعون شاة عليهم شاة، بنت لبان، ثم بنت مخاض، هو جدول، النبي عليه الصلاة والسلام فصله بالحديث، ممكن أن نقرأ الحديث بالنهاية إذا أحببتم، لأن الحديث طويل، فالشرط الثالث أن تكون سائمة ترعى أكثر الحول، أي ترعى أكثر العام الهجري، أي هي وحدها، أما لو كانت تعلف أي يتكلف عليها فلا زكاة فيها، وهذا من يُسر الشريعة، إنسان يدفع على العلف وقيمة العلف، طبعاً إذا الإنسان مثلاً عمل هذا الشيء بالعام شهراً فقط، لا تبقى قيمتها على السائمة لكن لو أكثر الحول تُعلف صارت الأموال غير زكوية، ليست لبهيمة الأنعام زكاة إلا إذا كانت سائمة، أي ترعى وحدها ولا تعلف.
والأمر الرابع أن يحول عليها الحول، شرط الزكاة العادي النصاب والحول، شخص صار عنده خمسة من الإبل الآن برمضان، اجتمع عنده خمسة من الإبل للعام القادم عليه واحدة منها، شاة واحدة، في الأصل الإخراج من الجنس، لكن هنا النبي قال: شاة، لأن إبل من خمسة كثير، عشرون بالمئة، فصار ثقل علينا والشريعة يُسر، فقال: شاة، على الخمسة من الإبل شاة، حتى يحول الحول عليها، النصاب يتبع للأصل عند جمهور الفقهاء، أنا لو كان عندي أربعة إبل الآن فقط، وولدت واحدة منهم فصاروا خمسة، أنا منذ أن كانوا أربعة بدأ الحول لأن التابع يتبع لأصله، لم يبدأ الحول عندما ولدت، لا، بل عندما حملت، منذ أن صاروا خمسة مع ما في بطنها، هذا هو الراجح في المسألة.
فهي إذاً أربعة شروط أن تُتخذ للدر والتسمين، أي للحليب أو للذبح فيما بعد لبيع اللحوم، وأن تبلغ النصاب، والنصاب في الإبل خمسة، وفي البقر ثلاثون، وفي الغنم أو الماعز أربعون، وأن تكون سائمة ترعى لوحدها ولا تُعلف، وأن يحول عليها الحول بعد بلوغها النصاب الشرعي.

الدكتور حسن:
الآن نجيب عن السؤال الذي جاءنا على الشاشة، رجل كان يعمل بتجارة الخضار وله مال عند التجار، والفلاحين، منذ عام 2011، والناس نازحة من بلدها، وغيرت هواتفها ولا يعرف أين أصبح هؤلاء ليطالبهم، ولكن إذا أراد مقابلة أحد الأشخاص، كيف يتم استرداد هذه الأموال بوجود فرق العملة؟ هنا يتحدث عن فرق العملة، الدولار كان ب45 الآن صار بثلاثة آلاف أو أربعة آلاف.

كيفية استرداد الأموال بوجود فرق العملة:
الدكتور بلال:
تقاسم الخسارة عند التغير الفاحش في قيمة العملة
نعم، هذه مسألة فيها خلاف عند الفقهاء، البعض يقولون: يبقى المبلغ كما هو، أنا أقرضته مليون ليرة عندما كانت تعادل عشرين ألف دولار، اليوم المليون ليرة تعادل ثلاثمئة دولار، فيرجع لي المليون، دينته مليوناً قبل عشر سنين، الآن يرجعهم مليوناً، لأنهم قالوا: هذا دين والدين لا يتغير، طبعاً هذا القول قد يُقبل عندما يكون التغير قليلاً في قيمة العملة، الدولار كان 48 صار 49، 50، 52، مقبول أنه يرجع بالمثل، لكن أن نبقى على المثل فهذا فيه إضرار شديد بالدائن الذي دين المال، ونرجع للقيمة أيضاً صعب على المدين، اليوم أنا إذا قلت لهم: أريد عشرين ألف دولار أيضاً صعبة، أقرب الآراء إلى الصواب والله أعلم، وبه أفتى مجمع الفقه الإسلامي، وهذا الرأي موجود عند المالكية فيما أعتقد والله أعلم، وأفتى به مجمع الفقه، هو تقاسم الخسارة عند التغير الفاحش في قيمة العملة، وقدروا الفاحش هنا بتغير الثلث، انطلاقاً من قوله صلى الله عليه وسلم:

{ عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما كان يقول في الوصية: لو غَضَّ الناسُ من الثلث إِلى الربع؟ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لسعد: الثلث، والثلث كثير }

[أخرجه البخاري ومسلم والنسائي]

فقالوا: إذا تغير الثلث، نحن عندنا بسورية تغيرت قيمة العملة ليس بثلث، ضربت بمئة بألف، نسأل الله العافية، فصار هناك تغير فاحش، فأقرب الأقوال إلى التكافل الاجتماعي، أن يتحمل الطرفان الخسارة، مثلما قلنا: أنا كنت قد دينته مليون ليرة كانوا عشرين ألف دولار، اليوم إذا أراد أن يعطيني مليوناً يعطيني 300 دولار، فلا آخذ العشرين ولن آخذ الثلاثمئة، سوف آخذ عشرة آلاف دولار، أي أنت تحمل نصف الخسارة، وأنا أحمل نصف الخسارة، وهذه فتوى مجمع الفقه الإسلامي، وأنا والله أنقلها دائماً للإخوة وأفتي بها، لا أقول له: أعطه عشرين ألف دولار، ولا مليوناً، المليون فيه ضرر، والعشرون ألفاً فيه تحميل للمدين اليوم بقيمة كبيرة جداً وغير متوقعة مع هذا التغير، فلنتقاسم الخسارة في الظروف الصعبة، وهذا هو الأفضل والأولى، والله أعلم.

الدكتور حسن:
جزاكم الله خيراً دكتورنا الغالي؛ نسدد ونقارب بهذا الأمر، بارك الله فيكم.
أحدهم يسأل فضيلة الدكتور بلال: شخص عنده مبلغ من المال، وهذا المبلغ وضعه مع شخص للعمل، لكن مقابل هذا المبلغ يأخذ مبلغاً يصرف على عياله به، ولا يزيد شيء من المبلغ المأخوذ إطلاقاً، هل عليه دفع زكاة عن المبلغ الأصلي إذا حال الحول عليه رغم أنه لا يتبقى أي مبلغ من مردود هذا المال إطلاقاً؟ كيف يدفع زكاته وهو لا يستطيع سحب رأس المال؟ بارك الله بكم.

كيفية دفع زكاة المال لمن لا يستطيع سحب رأس المال:
الدكتور بلال:
والله رأس المال عليه زكاة، إذا بلغ النصاب وهو خمسة وثمانون غراماً من الذهب، الآن إذا كان لا يملك، أي هو يأخذ الأرباح ويعيش منها، طبعاً الأرباح ليست ثابتة، يعطيه شهرياً لكن في النهاية يوجد حساب أرباح، كي لا يقع في الربا، فلننتبه لذلك، فإذا كان لا يستطيع الآن لأنه لا يوجد معه (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا) لا نقول له: اذهب وبع شيئاً لتدفع، بل تبقى الزكاة واجبة بذمته، يسأل أيضاً الرجل الذي هو يستثمر معه، مبلغي هل تدفع عنه زكاة؟ أحياناً بعض الشركات الكبيرة تدفع الزكاة عن كامل المبلغ أي قبل أن توزع الأرباح، فإذا كان كذلك فقد دُفعت زكاته، إذاً لا يبقى في ذمته، متى ملك المال، أو عاد إليه المبلغ يخرج زكاته.

الدكتور حسن:
بارك الله بكم، كأن هناك سؤالاً مهماً، قال: والدتي رحمها الله أصلها مسيحية وأسلمت، هل يجوز إخراج زكاة الفطر لغير المسلمين بصفة صلة الرحم؟

الفرق بين زكاة المال وزكاة الفطر للمسلم وغير المسلم:
الدكتور بلال:
ألم تقل: أسلمت؟ الحمد لله، إذا أسلمت تعامل معاملة المسلمين.

الدكتور حسن:
لا أدري إن كانت الأم التي أسلمت تريد أن تخرج زكاة الفطر، أن أولادها يريدون أن يخرجوا زكاة الفطر عنها، السؤال غير واضح.

الدكتور بلال:
سنجيب عن الأمرين؛ زكاة الفطر، وزكاة المال.
زكاة الفطر تؤخذ من المسلم وتعطى للمسلم، ولا يجزىء إن أُعطيت لغير مسلم، الرسول صلى الله عليه وسلم قال:

{ عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أَنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم لما بعث مُعاذا إلى اليمن، قال: إنك تَقْدَمُ على قومٍ أَهلِ كتابٍ، فَليَكُنْ أَوَّلَ ما تدعوهم إِليه عبادةُ الله عز وجل، فَإِذا عَرَفُوا الله فَأخْبِرْهُم أَنَّ الله قد فَرَضَ عليهم خَمْسَ صَلواتٍ في يومهم وليلتهم فإِذا فعلوا فأخْبِرهُم: أَن الله فرضَ عليهم زكاة، تُؤخَذُ من أغنيائهم وتُرَدُّ على فُقرائهم، فإذا أطاعوا، فُخُذ منهم وتَوقَّ كَرَائم أموالهم }

[أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي]

الزكاة لا تدفع إلا للمسلمين
عندما يخاطب معاذاً رضي الله عنه أن الله قد فرض عليهم زكاة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، أما الصدقات فالأمر فيها واسع، ويمكن أن يتصدق الإنسان على غير مسلم وله أجر عظيم، قال تعالى:

وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً (8)
[ سورة الإنسان]

والأسير ليس مسلماً، لكن يُطعم من الصدقات، أما الزكاة فلا تدفع إلا للمسلمين، أما قوله هل يجوز إخراج زكاة الفطر لغير المسلمين بصفة صلة الرحم فلا، نخرج زكاة الفطر للمسلم حصراً، بصفة صلة الرحم أو غير صلة الرحم صدقات، أما زكاة المال، وزكاة الفطر فلا تُعطى إلا لمسلم.

الدكتور حسن:
جزاكم الله كل خير! دكتورنا الغالي؛ نحن حقيقةً أتعبناك، وأثقلنا عليك، لكن هي فرصة حتى ننتفع من علمكم، بارك الله بكم.
الآن محطتنا نجيب عن السؤال أيضاً، جزاكم الله كل خير.
السلام عليكم؛ لي أخت في لبنان مع زوجها يعمل في الحقول، يجوز إعطاؤها زكاة المال؟

جواز إعطاء الأخت الفقيرة زكاة المال:
الدكتور بلال:
الآن كونها أخته يجوز، بل هو الأفضل، أي لا ينبغي للإنسان أن ينتقل إلى غير الأقارب قبل أن يتفقد أقاربه، والأخت ليست أصولاً ولا فروعاً، فإذا لم تكن ملزماً في الأصل بالنفقة عليها فيجوز أن تعطيها، لكن يبقى هل هي فقيرة؟ مثلاً يعملان في الحقول هل دخلهم يكفيهم أم لا يكفيهم؟ أحياناً يوجد أشخاص يعملون في الحقول وما شاء الله مكتفون، وأمورهم جيدة، وأشخاص بالوظائف، وأمورهم نسأل الله السلامة، فالعبرة في الفقر، فإذا انطبق عليهم وصف الفقر أو المسكنة، الفقير لا يجد شيئاً، المسكين يجد ما لا يكفيه، أي راتبه ينتهي في أول الشهر، فالعبرة في الفقر، فإذا كان دخلها لا يكفي حاجاتها يجوز، بل أفضل من أن تعطي الغريب، بل ربما لا يقبل الله صدقة إنسان وفي أقاربه محاويج كما قال بعض أهل الفقه.

الدكتور حسن:
جزاكم الله كل خير سيدي؛ المحطة الأخيرة الآن زكاة الفطر، بارك الله بكم، أحكام زكاة الفطر؟ حكمها؟ على من تجب؟ وهل يجوز إخراجها نقداً؟ ومتى وقتها؟ وهل يجوز نقلها من بلد إلى بلد أيضاً؟

أحكام زكاة الفطر:
الدكتور بلال:
جزاكم الله كل خير، نحن أجبنا عن بعض هذه الأمور من خلال أسئلة الأخوة، لكن لا مانع من تلخيص الموضوع بشكل سريع لأهميته، وكلنا الآن نستعد لدفع هذه الزكاة.
يقول صلى الله عليه وسلم كما في أبي دواد بسند صحيح، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

{ عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: فرضَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طُهْرَة للصائم من اللَّغْوِ والرَّفَثِ، وطُعْمَة للمساكين، من أدَّاها قبل الصلاة فهي زكاةٌ مقبولة، ومن أدَّاها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات }

[أخرجه أبو داود]

قبل الصلاة، أي مكتوب قبل صلاة العيد (ومن أدَّاها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات) فلا يجوز تأخيرها إلى ما بعد صلاة العيد.
وهناك كلام طيب في المجموع للنووي رواه عن بعض السلف، قال: زكاة الفطر لشهر رمضان كسجود السهو للصلاة، فكما أن سجود السهو يجبر نقصان الصلاة، فإن صدقة الفطر تجبر نقصان الصيام.
زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث
حكمتها هي طهرة للصائم من اللغو والرفث، والرفث المقصود به الكلام الفاحش، وليس الجماع، لأن الجماع في نهار رمضان محرم، أي من المفطرات، فالمقصود هنا بالرفث الكلام الفاحش، مما يكون من مقدمات الجماع وغير ذلك، واللغو الكلام المباح الذي لا طائل وراءه (وطُعْمَة للمساكين)، فحكمتها تطهير الصائم لما وقع به في شهر رمضان حتى يجبر صيامه، وإطعام للمسكين لإغنائه عن السؤال في ليلة العيد، حتى يكون الفرح عاماً في هذا اليوم.
حكمها فرض، وقت وجوبها: غروب شمس آخر يوم من أيام رمضان فتجب بغروب شمس آخر يوم من أيام رمضان، ويمكن تقديمها كما أسلفنا بيومٍ أو يومين أو أكثر لا مانع إن شاء الله على وقت العيد، وتجب على كل مسلم عبداً أو حراً، ذكراً أو أنثى، صغيراً أو كبيراً، فزكاة الفطر تجب حتى على الرضيع، الجنين لا تجب عليه الزكاة وإن كان نقل البعض استحبابها من باب التفاؤل والخير، لكن لا تجب مادام ولد بعد وجوبها، الأصل أنه تجب على الحي، الإنسان يدفعها عن نفسه وعن من يعيله، لو دفعها كل إنسان عن نفسه فجيد وحسن، لكن إذا دفعها الأب فالأصل أن يدفعها عنه، وعن زوجته، وعن أولاده، إذا كان أمه وأبوه بالبيت عنده ينفق عليهم، أيضاً عن أمه وأبيه، أحياناً توجد عنه عمته بالبيت أيضاً يخرج عنها، فيخرج عن نفسه وعمن يعيله، وتجب على كل شخص كما قلنا صغير كبير، عاقل، مجنون، حر، عبد، ذكر، أنثى، كل الأشخاص تجب عليهم صدقة الفطر، ولو لم يصم رمضان لعذر من الأعذار، كالمرض أو السفر، تجب عليه صدقة الفطر، فتجب على الجميع.
أما مقدارها فهو صاعٌ من طعام أي ثلاثة كيلو من الرز تقريباً، الصاع بالكيل، لكن قدروه بالوزن حسب النوع، تقريباً ثلاثة كيلو، ثلاثة كيلو من الرز مثلاً عن كل شخص، لو أراد أن يقدمها مطبوخة جيد، نيئة جيد، وكما قلنا: تخرج من غالب قوت البلد، وجمهور الفقهاء على إخراجها طعاماً، وأجاز الحنفية وأجاز غيرهم من المحدثين كابن تيمية رحمه الله إخراجها نقداً قيمةً، قيمةً إذا كان في ذلك مصلحة راجحة للفقير.
تقريباً هذا كل ما يمكن أن نقوله.
يبقى شيء واحد إذا كان الإنسان غير مستطيع، هذا الحالة موجودة طبعاً ليست نادرة، لكن يوجد إنسان غير مستطيع أي هو عند غروب شمس آخر يوم من أيام رمضان لم يجد ما يفيض عن قوته وقوت عياله، فهذا سقطت عنه لأنه لم يجد ما يدفعه، أما لو كان فقيراً هو يمكن أخذ زكاة الفطر من أربعة أشخاص هو يدفع أيضاً زكاة الفطر، أراد الله أن يتم التكافل في المجتمع في العيد، وأراد أيضاً أن يذوق الفقير طعم الإنفاق ولو مرة واحدة في السنة، لأن طعم الإنفاق جميل جداً، وإذا أردت أن تسعد فأسعد الآخرين.
سُئل حكيمٌ: من أسعَدُ الناس؟ فقال: من أسعَدَ الناس، فأراد الله أن نذوق طعم العطاء كلنا فقيرنا وغنينا، كلنا يدفع زكاة الفطر، إلا شخص لا يستطيع لا يوجد عنده، ماذا يفعل؟ (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا).

الدكتور حسن:
بارك الله بكم دكتورنا الغالي؛ دكتور سائلة تسأل، هل يجوز نقل زكاة الفطر من بلد إلى بلد؟ أنا أريد أن أرسل من ألمانيا إلى تركيا، أو من ألمانيا إلى سوريا، أو من سوريا إلى تركيا؟ الأولاد في سوريا مثلاً، والأم والأب أو الفقير في تركيا، أولاً: هل يجوز نقل الزكاة من بلد إلى بلد؟ ثانياً: بِمَ تقدر؟ بأي مكان؟ أنا بتركيا أقدر زكاة الفطر عن تركيا أم عن سوريا؟

جواز إخراج الزكاة خارج البلد الذي صام فيه الإنسان:
الدكتور بلال:
حكم إخراج الزكاة خارج البلد
جزاك الله خيراً سؤال جيد يأتينا يومياً بالعشرات، يجوز إخراج الزكاة خارج البلد الذي صام به الإنسان، إذا كان في ذلك مصلحة، واليوم نحن نحتاج ذلك، نحن السوريين وغيرنا من اللاجئين في كل العالم، والمهاجرين، والمغتربين نحتاج ذلك، اليوم ينظر إنسان إلى أحوال أهله في بلده، أخته، عمته، وضعهم صعب، أو أقربائه، أو جيرانه فليتفقدهم ويرسل لهم زكاته، لا يوجد مانع إن شاء الله بإخراج الزكاة، لا يوجد ما يمنع شرعاً من إخراجها خارج البلد، وإن كان الفقهاء قالوا: الأصل أن تخرج في البلد نفسه فترد من أغنياء البلد إلى فقرائه، لكن خاصةً المغتربين في أوروبا وحتى بتركيا يقول لك: أنا لا أعرف أحداً وعندي أهلي أولى، وعندي الناس في الشام، لا يوجد مانع أبداً.
إخراج زكاة الفطر كيف يقيّمها؟ يقيمها بقيمة البلد الذي صام فيه، هو صام بتركيا يحسب قيمة الزكاة بتركيا ويبعث ما يعادلها بالليرة السورية إلى الشام، فيقيمها في بلده الذي صام فيه، لأنها وجبت عليه في بلده الذي صام فيه.

الدكتور حسن:
بارك الله لنا بعمرك، بعضهم قال: في سورية 3500 ليرة مثلاً، وفي تركيا بين ال25 و30 ليرة تركية، قد يذهب إلى الأرخص والأقل، وهذا حقيقة ينافي مقاصد الشريعة أي ينافي مصلحة الفقراء، ومصلحة من يأخذون زكاة المال، فكما تفضلت جزاك اللهم عنا كل خير تخرج زكاة المال وتقيّم بالبلد التي صام بها المسلم، جزاكم الله كل خير، لقد أفضتم وتوسعتم، جزاكم الله كل خير.

خاتمة وتوديع:
الدكتور حسن:
في نهاية هذه الحلقة لا يسعنا إلا أن نتوجه بالشكر الجزيل إلى فضيلة الدكتور بلال نور الدين، جزاكم الله عنا كل خير، على هذه الإجابة، والإفادة، والبيان، والإيضاح، والشرح الوافي والكافي، بشكلٍ هادئٍ نافعٍ متواضع، رفع الله مقامكم، رفع الله قدركم، نفع المسلمين بكم وبعلمكم، زادكم الله رفعةً، نشكركم على هذا اللقاء، وهذه اللقاءات السابقة الممتعة، وكأني أقول: يا ليت كل السنة رمضان حتى نلتقي بكم، ونلتقي بالسادة المشاهدين والمتابعين، ونلتقي بالدكتور مهند الصلاحي، ونلتقي بهؤلاء الأفاضل لننتفع منكم.
وفي نهاية هذا اللقاء نشكركم فضيلة الدكتور على ما قدمتم لنا، ونشكر جميع السادة المتابعين على صفحة رابطة حملات الحج السورية، نلقاكم على خير، نستودع الله دينكم، وإيمانكم، وأماناتكم، وخواتيم أعمالكم، إن كان لكم كلمة أخيرة تفضل دكتور.

الدكتور بلال:
والله سيدي لا يوجد شيء، جزاكم الله خيراً أنتم والأخوة جميعاً المتابعون، شرفتُ بكم في هذه اللقاءات المباركة، وأنا أسعد منكم، لأن الدنيا فيها عطاء وخير، ورمضان شهر خير وعطاء، أعطينا بما أعطانا الله، وأسال الله أن يكون ظلنا خفيفاً عليكم، وأن نكون قدمنا شيئاً على بضاعتنا المزجاة يكون فيه نفع إن شاء الله، بارك الله بكم.

الدكتور حسن:
بارك الله فيكم، أنا أعتبر هذه الليلة هي إحدى ليالي العشر الأخير، أي من ليالي القدر إن شاء الله، جعلها الله من ليالي القدر، وكتبها لنا إن شاء الله، وسيكون لنا لقاء في ليلة القدر بإذن الله مع السادة العلماء، وأهل الدعوة، ونحيي ليلة القدر كذلك على هذه الشاشة المباركة، لكي نعيش وكأننا في مساجدنا في الشام مع أهل الإيمان، مع أهل العلم، مع أهل الحب الإلهي، وكأننا نسارع إلى المساجد في ظلمات الليل، حتى ينظر الله عز وجل إلينا بالفرج، ويرفع البلاء والوباء عن أمتنا، وعن بلادنا، وعن أهل سوريا، اللهم نسألك الفرج القريب عن أهل سورية، وأن تلم شملنا، وتلم جمعنا، وأن تجعل الأمن والآمان حليفنا أينما كنا إنك سميعٌ قريب مجيب، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم، وكل عام وأنتم بألف خير دكتورنا الغالي.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته