مقاصد الصيام

  • لقاء مع رابطة حملات الحج السورية
  • 2022-04-10

مقاصد الصيام


مقدمة:
الدكتور حسن:
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته .
أيها الإخوة والأخوات؛ الصائمون والصائمات؛ والمؤمنون والمؤمنات .
وبعد بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيد الأولين والآخرين سيدنا محمد، صلوات ربي وسلامه عليه، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الذي أرسل رسوله هدى ورحمةً وبشيراً ونذيراً للعالمين .
أما بعد أيها الإخوة المؤمنون؛ أهلاً وسهلاً ومرحباً بكم في هذا اللقاء المبارك المميز، أهلاً وسهلاً ومرحباً بكم في ليلة من ليالي شهر رمضان في قرب من الله سبحانه وتعالى بعد أن أديتم صلاة التراويح على أعتاب مولاكم، ورفعتم أيديكم بالدعاء متقربين إلى الله سبحانه وتعالى عندما سمعتم نداءه وهو يقول:

وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)
[ سورة البقرة ]

أيها الإخوة المؤمنون؛ في كل مكان نرحب بكم على صفحة رابطة حملات الحج السورية، ونحن نستقبل ضيفاً عزيزاً على قلوبنا، في بداية هذا اللقاء نرحب بفضيلة الدكتور بلال نور الدين دكتوراه في الفقه المقارن، أهلاً وسهلاً ومرحباً بكم فضيلة الدكتور .

الدكتور بلال:
أهلاً وسهلاً ومرحباً بالشيخ حسن، وبكل من يتابعنا من الإخوة الأكارم بارك الله بكم ونفع بكم .

الدكتور حسن:
بارك الله فيك، وحماك، ونصرك .
حقيقةً أيها الإخوة الأفاضل بوجود فضيلة الدكتور يحلو الكلام، ويعذب اللقاء في أحكام الصيام، ويعذب اللقاء في مقاصد الصيام الذي هو عنوان هذه المحاضرة في هذا اليوم .
حقيقةً إخواني وأخواتي؛ عندما ننادي مولانا الله سبحانه وتعالى في بداية شهر الصوم:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)
[ سورة البقرة]

فهو عقد بين العبد وبين ربه كتبه علينا فسارع المؤمنون في مشارق الأرض ومغاربها لتلبية نداء الله، فقالوا: لبيك يا رب، وبدأ المؤمنون في شهر رمضان شهر العطاء والجود حيث يكون فيه القوة، والإقبال على الله في العمل والإخلاص والإتقان، فيكون عند ذلك الصائم المؤمن المخلص لبنة صالحةً في مجتمعه وفي أمته .
وفي رمضان الخير تزكو الأعمال الجماعية، وتظهر الوحدة وتتألق لما يخشى الناس من النفحات والإقبال على الطاعات في مشاهد فردية وجماعية تنشرح لها صدور المؤمنين فرحاً وغبطة .
أيها الإخوة عندما قال مولانا سبحانه:

وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ( 56)
[ سورة الذاريات]

هذه العبادة التي خُلقنا من أجلها لنكون عبيداً على باب الله عز وجل، لنشعر بضعفنا، لنشعر بتقصيرنا، لنشعر بحاجاتنا وحاجتنا إلى القوي اللطيف الجبار سبحانه وتعالى.
من هنا أيها الإخوة الكرام؛ نقول: إذا كانت العبادة تشمل الصلاة، والصيام، والحج، والزكاة، والأعمال الصالحة، فهل لهذه العبادات، هل لها مقاصد؟ ونبدأ مع فضيلة الدكتور حفظه الله سبحانه وتعالى لنتعرف اليوم على مقاصد الصوم، وبداية نبدأ بالتعرف من فضيلته ما معنى المقصد في شريعتنا؟ وهل كل عبادة لها مقصد شرعي؟ إذا سمحتم فضيلة الدكتور .

تعريف المقصد في شريعتنا:
الدكتور بلال:
حياكم الله سيدي .
الإنسان لا يفعل فعلاً بغير مقصد
هناك علم اليوم اسمه: مقاصد الشريعة، وهذا علم من علوم أصول الفقه، بدأ منذ سنوات يأخذ أبعاداً جديدة، ويتأصل كعلم مستقل، المقصد؛ هو الغاية، والهدف، الإنسان أي إنسان لا يفعل فعلاً بغير مقصد، لا يمكن أن يفعل الإنسان فعلاً بغير مقصد، لقاؤنا اليوم له مقصد، نسأل الله أن يكون مقصدنا فيه رضا الرحمن، وألا يكون للنفس فيه حظ، لكن لا يمكن أن يكون هناك فعل في الأرض بغير مقصد، أي بغير غاية، أو بغير هدف، الإنسان لا يمكن أن يتحرك إلا بتحقيق مصلحة من مصالحه، قد تكون هذه المصلحة آنية، مؤقتةً، وقد تكون حقيقة إذا كانت في رضا الله عز وجل، لكن لا بد من مقصد، فكل أفعالنا تحكمها المقاصد، ربنا جلّ جلاله عندما شرع لنا ما شرع من الأوامر، ثم نهانا عما نهانا عنه من المنهيات، لا بد أن لكل أمر ولكل نهي مقصداً، سواءً علمنا هذا المقصد أو لم نعلمه، لكنه موجود .
والإمام الشاطبي رحمه الله تعالى يقول: العبادات معللة بمصالح الخلق، فلا توجد عبادة إلا وتؤدي إلى مصلحة من مصالح الخلق .

المقصد من الصلاة:
مثلاً، لما أمرنا الله تعالى بالصلاة قال:

اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45)
[ سورة العنكبوت]

فمقصد الصلاة هو أن تنهانا عن الفُحش في القول، وعن المنكر في الفعل، فالمصلي لا يصدر منه كلام بذيء، ولا فعل منكر .

المقصد من الزكاة:
لما شرع الله الزكاة قال:

خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103)
[ سورة التوبة]

الزكاة هي النماء
الصدقة طهرة وزكاة، الزكاة هي النماء (تُطَهِّرُهُمْ) أي تطهر نفس الغني من الشح، فعندما يؤدي زكاة ماله تطهر نفسه من الشح، وتطهر نفس الفقير من الحقد، لأنه إن لم يأخذ حقه في المجتمع يحقد على مجتمعه، وتطهر المال من تعلق حق الآخرين به، لأن المال فيه اثنان ونصف بالمئة ليسوا لك، فإذا لم تدفعهم والعياذ بالله فقد أكل مانع الزكاة مالاً حراماً لأنه لم يؤدِ حق الله فيه، وهذا ليس لك .
(وَتُزَكِّيهِمْ) تزكو نفس الغني لأنه يشعر بسعادة العطاء، يتألق، تزكو نفس الفقير إذ نما في داخله وشعر بأن المجتمع لم يتخلَّ عنه، بل يحبه الناس، ويزكو المال ينمو بطريقة على الآلة الحاسبة، بمعنى أن القوة الشرائية تزداد في أيدي الناس، فيعودون ليشتروا من الأغنياء فيدور المال في المجتمع فينمو مال الجميع، وهناك طريقة ليست موجودة على الآلة الحاسبة وعد الله بها عباده المحسنين يضاعف لهم أضعافاً مضاعفة، هذه ببركة الله تعالى، فالزكاة لها مقصد.

المقصد من الحج:
الحج له مقصد، قال تعالى:

جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَاماً لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (97)
[ سورة المائدة]

فلما يذهب الإنسان إلى بيت الله الحرام، ونحن مع رابطة حملات الحج، ويقف بين يدي الله تعالى، ويناجي الله، وعن يمينه أخ من بنغلادش يناجي الله بلغته، وعن يساره أخ من أمريكا يناجي الله بالإنكليزية، وثالث بالفرنسية، ويجد ملايين الناس قد طافوا بالبيت، وقد سعوا بين الصفا والمروة، يحصل له أن يعلم بأن الله يعلم، ويسمع، ويجيب، ويتجلى على الجميع، كل يناجيه بلغته، ويجيب الجميع، يتجلى على قلوبهم بالسكينة، وعلى عيونهم بالدمع .
إذاً كل عبادة لها مقصد .

المقصد من الصيام:
مقصد الصيام أن تتحقق التقوى
الآن جئنا إلى الصيام، الصيام له مقصد، المقاصد ليست مقصداً واحداً، لكن القرآن ذكر أهم مقصد، أهم مقصد للصلاة، أهم مقصد للزكاة، السنة جاءت ببعض المقاصد الأخرى، في الصيام قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) فمقصد الصيام أن تتحقق التقوى، والتقوى من فعل وقى وقاية، فأنت تجعل بينك وبين الشيء المكروه وقايةً فتتقيه .
سُئل أبو هريرة يوماً: ما التقوى؟ قال: أسلكت طريقاً ذا شوك؟ - طريقاً فيه أشواك - قال: نعم، قال: فماذا فعلت؟ قال: كنت أجاوز الشوك أو أحيد عنه – إما أن أبتعد أو أقفز فوقه، حتى لا يؤذيني الشوك - قال: فذلك التقوى .
التقوى إذا صادفتك معصية لله عز وجل، عرضت لك امرأة ذات منصب وجمال، عرض لك مبلغ مالي من حرام، عرض لك منصب لكنه لا يرضي الله تعالى فتركته، أي جعلت بينك وبينه وقاية خشية الله، هذه هي التقوى .
ما علاقة الصيام بالتقوى؟ لماذا التقوى مقصد الصيام؟ لأن الإنسان أيها الكرام عندما يشبع، ويحقق رغباته، وشهواته كاملة يشعر بطريقة أو بأخرى، وهذا ليس صحيحاً لكنه يشعر بعقله الباطن أنه قد استغنى عن خالقه لأنه حقق رغباته، والإنسان متى يطغى ويعصي؟ عندما يتوهم أنه مستغنٍ عن الله، فيريدك الله تعالى في الصيام أن تترك الطعام والشراب والشهوة بفترة معينة حتى يضعف الجسد فتسمو النفس، الجسد إذا كان قوياً دائماً تضعف النفس، والجسد إذا أصبح ضعيفاً شيئاً ما تقوى النفس، قوة النفس وضعف الجسد معاً، وقوة الجسد وضعف النفس معاً، فإذا وصلت إلى قبيل أذان المغرب وبقي نصف ساعة للأذان وأنت تشعر بكل خلية في جسمك أنك محتاج لقطرة ماء، فعندها تضعف، فتفتقر إلى خالقك فتسعد بهذا الافتقار، وتعلم أنك لا تستغني عن خالقك جل جلاله فتخضع له، وتطيع أمره، وتتقي عذابه .
رمضان فرصة لتشعر بضعفك
لكن الإنسان في بقية الأوقات إذا ما شعر بالضعف، طبعاً ربنا عز وجل يؤدبنا دائماً لأنه يريدنا، يريد أن يسمع صوتنا، رمضان فرصة لتشعر بضعفك، أحياناً ربنا عز وجل يصيب الإنسان بمرض بسيط فيشعر بضعفه، أحياناً ينقص المال بجيبه فيشعر بضعفه، أحياناً يأتي إلى إنسان قوي يسمعه كلمات جارحة فيشعر بضعفه فيفتقر إلى خالقه، ربنا يؤدبنا جل جلاله، الصيام مدرسة تأديبية كاملة، أنت بكل العام تشعر أنك لا ينقصك شيء، الطعام موجود، والشراب موجود، ومتى شئت أن تحقق شهواتك في الحلال طبعاً موجود، فلعل الإنسان يغفل عن أنه ضعيف .

يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً (28)
[ سورة النساء]

فتضعف صلته بخالقه، ويضعف تقواه، فيأتي الصيام مدرسة تأديبية للإنسان حتى يشعر بأنه ضعيف لا يستغني عن خالقه، فيعود لرشده، ويؤوب إلى خالقه، ويسعد بافتقاره، ويسعد من حوله بافتقاره .

الدكتور حسن:
بارك الله بكم فضيلة الدكتور .
طبعاً هذا المقصد الرئيس من الصيام الذي تفضلتم به قوله تعالى: (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) وأشهدتم في الشرح هذه المعاني اللطيفة والرائعة والرقيقة والدقيقة والعميقة، جزاكم الله خيراً، هذا الكلام يشعر الصائم بضعفه، وحاجته إلى مولاه، دائماً الضعيف يفتش عن القوي، ويسعى للقوي، ويجلس بين يدي القوي، دائماً، وأبداً، ولكن هناك بعض الصائمين عندما يصومون لا يشعرون بالجوع أو العطش، وقد لا يؤوبون إلى الله سبحانه وتعالى، ويستمرون أحياناً في ظلمهم، أو غيهم، أو أكل حقوق العباد، فهل هؤلاء حققوا المقصد المطلوب من الصيام؟ أي إذا كان هناك أخ، وترك والده ميراثاً له ولأخوته من البنين والبنات، واستولى على هذا المال وهو جاء ليصوم، وجاء ليحقق المقصد الشرعي من كلام الله عز وجل (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) وهو آكل لمال أخوانه وأخواته من الميراث، أو ظالم لهم، أو عاق لوالديه، أو ظالم لأولاده تركهم دون تربية، دون أدب، دون توجيه، دون تعليم، فهل هؤلاء يحققون المقصد الشرعي كما تفضلتم من الصيام؟

للعبادة مقصد عندما تؤدى كما أراد الله:
الدكتور بلال:
جزاكم الله خيراً .
عندما تؤدى العبادات كما أراد الله تحقق مقاصدها
يا سيدي ! ربَّ صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، وربَّ قائم ليس له من قيامه إلا التعب والسهر، نسأل الله السلامة، لما فرض ربنا جلّ جلاله العبادات جعل لها مقاصد كما أسلفنا، عندما تؤدى العبادات كما أراد الله عز وجل تحقق مقاصدها .
مثلاً؛ لما أنشئت الجامعات أنشئت لمقصد وهو تعليم الجيل، وبناء الجيل، وتربيته، الجامعات المحترمة، طالب دخل إلى الجامعة، وانتسب إليها لكنه لم يدرس، ولم يحضر المحاضرات، ولم يلتزم بمنهج الجامعة، ولم يلتزم بنظامها الداخلي، فهذا الطالب في نهاية المطاف لم يتعلم، ولم يأخذ شهادة، ولم يصبح عضواً نافعاً في المجتمع، هنا لا نقول: إن الجامعة قد تعطلت مقاصدها، ولكن نقول: إن هذا الطالب لم يقدم ما طُلب منه كي يحصّل مقصد الجامعة .
فالصائم الذي لا يتقي الله تعالى يصبح الصيام عنده طقوساً لا تقدم ولا تؤخر، لعله يثاب على امتثاله، ونحن لا نضيِّق رحمة الله تعالى على عباده، لكن هل حقق الصيام له ما أراد الله تعالى من الصيام؟ لا والله، فالذي يكف عن المباحات، عن الطعام والشراب، ثم يأكل أموال الناس بالباطل، وأموال أخواته البنات من ميراث والدهم، وغير ذلك، فهذا يناقض نفسه لأنه ترك المباح إرضاءً لله، وفعل المحرم إرضاءً لشيطانه، وشيطان نفسه .
إذاً العبادة لها مقصد، لكن عندما تؤدى كما أراد الله تعالى، وكما أمر بها مولانا جل جلاله، العبادات الشعائرية من الصلاة، والصيام، والزكاة، والحج ينبغي أن تنعكس على سلوكنا، وإن لم تنعكس على سلوكنا أمانةً، وصدقاً، وعفةً، وحياء، إن لم تنعكس على سلوكنا حياءً، وعفةً، وصدقاً، وأمانة، وتعاملاً خيراً مع الناس فآسف أن أقول: إن هذه العبادات لم تحقق مقصدها عند ذلك الإنسان لأنه لم يبذل الجهد المطلوب منه، ولا أتى ما أمره الله تعالى به لأداء العبادة على وجهها المطلوب .

الدكتور حسن:
جزاكم الله عنا كل خير على هذا الإيضاح، بارك الله بكم دكتور .
السؤال الذي يطرح نفسه: رمضان هو صيام من أركانه ركنان أساسيان؛ النية والصوم عن المفطرات، من الأكل والشرب، وغير ذلك، نحن نجوع ونعطش في أيام رمضان، والله عز وجل غني عن هذا الجوع والعطش، فلماذا جعل الله عز وجل هذه العبادة من خلال الجوع والعطش والله غني عن هذه الأعمال التي يقوم بها الإنسان؟

الشعور بشعور الآخرين والتعاطف والتكاتف معهم:
الدكتور بلال:
رمضان شعور جمعي انتمائي
ربنا جلّ جلاله غني عنا، وهو عندما يفرض شيئاً يفرضه لصالحنا، ويفرضه لأجلنا، ويفرضه لسعادتنا كما تفضلتم، نحن اليوم في رمضان نجوع ونعطش، هذا الجوع والعطش اختياري، ولا أبالغ إن أضفت على اختياري - وسامحني بهذه الكلمة - جوع كذاب نوعاً ما، الإنسان متعود أن يأكل الساعة الثانية والنصف وجبة غداء، صارت الساعة الثانية والنصف ولم يأكل، يقول أهل الشام: عصافير بطني تزقزق أي أن الموعد قد حان، وتعود الجسم في هذه الساعة أن يأكل وجبة ولكنه لم يأكل لكن بعد نصف ساعة يزول أثر الجوع، يرجع قبل المغرب بقليل يجوع وكذا، هذا جوع اختيار، هناك من يجوع اضطراراً، فيأتي عليه الوقت ولا يجد ما يأكله، ولا يعلم إذا كان سيفطر على المغرب، أم على العشاء، أم لفجر اليوم الثاني، فلا يدخل جوفه إلا الفتات، فأراد جل جلاله أن ندع هذا الطعام والشراب لنشعر بما يشعر به الآخرون، رمضان شعور جمعي، انتمائي.

{ عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما آمن بي من بات شبعان وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم به }

[أخرجه الطبراني، والبزار]

ما آمن بي، ليس من الإيمان أن تشبع ويجوع الآخرون، يقول الشاعر:
فلا هَطَلَتْ عَلَيّ ولا بأرْضي سَحائبُ ليسَ تنْتَظِمُ البِلادا
{ أبو العلاء المعري }
السعادة الجماعية أن يعم الخير على الجميع
أي السعادة الجماعية أن يعم الخير على الجميع، نحن اليوم وأنت تشاركني في الرأي أخي الدكتور حسن نأكل لكن والله لا يغيب عن ذهننا أن هناك أناساً لا يجدون ما يأكلون من بني جلدتنا، من ديننا، من بني أمتنا، الذين قصرت بهم السبل، وامتحننا الله بهم، وامتحنهم بنا، فتبقى غصة في القلب، أراد الله تعالى أن يتحقق الانتماء لهذه الأمة في داخلنا، فعندما نجوع ونعطش وغيرنا لا يجد ما يأكل، نحن الطعام أمامنا، والماء أمامنا، لكننا نتركهما إرضاء لربنا، ونعلم أنه سيحين موعد الإفطار ونأكل، أما هم فقد لا يجدون ما يأكلون، فهذا هو المقصد الثاني من مقاصد الصيام، أن نشعر بالآخرين، أن نشعر بما يشعر به الناس فعندها نتأدب مع نعم الله تعالى، نكرم مجاورة النعم، لا نلقي بفتات الطعام في القمامة، لا يمكن أن نترك حبة أرز واحدةً في صحننا، بل نأكل كل الطعام، نتأدب، وباقي الطعام نحفظه في البراد إلى اليوم الثاني ونأكله، لا نضع على مائدتنا أصنافاً، وأصنافاً، ثم يلقى ما يلقى منها في القمامة والعياذ بالله، نتأدب مع نعم الله، نحسن مجاورة النعم، هذا من مقاصد الصيام أن نشعر بالناس، أن نتقاسم الرغيف معهم .
النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن الأشعريين إذا أرملوا في الغزو، قلّ طعام عيالهم في المدينة جمعوا ما كان معهم في إناء واحد، ثم تقاسموه بينهم بالسوية، فأنا منهم وهم مني .
ما أعظم هذا الوصف المحمدي ! فأنا منهم وهم مني، لأنهم كانوا يتقاسمون رغيف خبزهم، فلا يأكل أحدهم ويبيت الباقون جياعاً، ولا يمتلئ جيب أحدهم وتفرغ جيوب الآخرين .
إذاً أخي الحبيب؛ الله تعالى غني عن جوعنا، وعن عطشنا .

{ عن أبي ذر رضي الله عنه: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله تبارك وتعالى أنه قال: يا عبادي إنكم الذين تخطئون بالليل والنهار وأنا الذي أغفر الذنوب ولا أبالي فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمت فاستطعموا في أطعمكم، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوت فاستكسوني أكسكم، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل منكم لم يزد ذلك في ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل منكم لم ينقص ذلك من ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم اجتمعوا في صعيد واحد فسألوني وأعطيت كل إنسان منهم ما سأل لم ينقص ذلك من ملكي شيئاً إلا كما ينقص البحر إن يغمس فيه المخيط غمسة واحدة، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحفظها عليكم فمن وجد خيراً فليحمد الله تعالى، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه }

[أخرجه ابن حبان في صحيحه والحاكم ]

فهو الغني عنا جميعاً جلّ جلاله، لكنه أراد بعد أن نشعر بضعفنا فنلتجئ إليه المقصد الأول، ونتقي عذابه، ونتقي المعاصي، ونتقي ربنا من أن نعصيه، أراد في الدرجة الثانية أن نشعر بشعور الآخرين، وأن نتعاطف، وأن نتكاتف، وأن نتكافل، لأن سعادتنا في الإسعاد، سعادتنا في مد يد العون للآخرين، سعادتنا أن يعم الخير على الجميع، لا أن يبقى الخير في فئة قليلة، وأن تحرم منه الكثرة الكثيرة .

الدكتور حسن:
نسأل الله عز وجل أن يعلمنا ما ينفعنا بهذه الكلمات التي تخرج من القلب لتصب في قلوب السامعين والمتابعين بإذن الله عز وجل .
فضيلة الدكتور حفظكم الله؛ هل من مقاصد الصيام كما بينتم وتفضلتم قوله عليه الصلاة والسلام:

{ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اغزوا تغنموا، وصوموا تصحوا، وسافروا تستغنوا }

[أخرجه الطبراني ]

الصحة الآن بعض الناس وكثير من الناس يقولون: صيام الصحة للجسد فقط، لكن أهل الإيمان، وأهل الولاية، وأهل التزكية الذين قرؤوا قوله سبحانه وتعالى:

قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9)
[ سورة الشمس]

وقول الله عز وجل:

قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى (15)
[ سورة الأعلى]

هؤلاء ينظرون إلى أن ((وصوموا تصحوا)) تصحوا في أخلاقكم، تصحوا في معاملاتكم، تصحوا في بركم لوالديكم، تصحوا في إنفاقكم، تصحوا في كل هذه الأمور ، وبالإضافة إلى تزكية النفوس بينكم وبين الخالق سبحانه وتعالى .
السؤال الذي يطرح نفسه: ما علاقة الصيام بتزكية النفس؟

علاقة الصيام بتزكية النفس:
الدكتور بلال:
جزاكم الله خيراً؛ سيدي كما تفضلتم أحياناً الإنسان بارع، وذكي إذا أراد شيئاً، أو أمر بشيءٍ، فإنه يحقق من خلاله عدة مقاصد، العوام يقولون: صاد أكثر من عصفور بحجر واحد، لله المثل الأعلى، فنحن فقط المثل للتوضيح، ربنا جل جلاله عندما يشرع أمراً هذا الأمر فيه كل الخير .
يقول ابن تيمية رحمه الله: الشريعة عدل كلها، رحمة كلها، مصلحة كلها، فأي قضية خرجت من العدل إلى الجور، ومن الرحمة إلى خلافها، ومن المصلحة إلى المفسدة، فليست من الشريعة، وإن أدخلت عليها بألف تأويل وتأويل .
الشريعة عدل ورحمة وخير
فالشريعة عدل ورحمة وخير، فلما يشرع ربنا جلّ جلاله الصيام نعم هو كما قلتم طهارة للنفس، وتزكية للنفس، وهذا ما سأتحدث عنه إن شاء الله بعد قليل، وفي الوقت نفسه المقصد هو طاعة الله، لكن في الوقت نفسه لا يخلو الصيام كما تفضلتم من صحة الجسم، وصحة البدن، وصحة النفس، كلها معاً، وقد أثبت العلم الحديث، وأثبت الأطباء أن شهر رمضان دورة وقائية وعلاجية للجسم في شهر من أشهر العام، فوائده لا تنحصر، واليوم هناك الصيام الطبي، والصيام المتقطع، وغير ذلك مما يشبه الصيام، لكن المؤمن لا يصوم من أجل أن يصح جسمه، يصوم إرضاءً لربه، لكن يأتيه من الخير في صحة البدن، وعافية البدن، وتزكية النفس ما يأتيه .
فالصيام فيه زكاة للنفس، ربنا جلّ جلاله أقسم:

وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (2) وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا (3) وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا (4) وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5) وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (6) وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10)
[ سورة الشمس]

ثلاثة عشر قسماً، أكثر الأقسام توالياً في كتاب الله (وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا) إلى آخره، جاء الجواب بعد هذه الأيمان المتتالية، انظر إلى براعة الاستهلال، حتى يلفت نظرنا إلى الشمس، إلى القمر، إلى النهار، إلى الليل، إلى النفس (وَمَا سَوَّاهَا) جاء جواب القسم في قوله تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا) .
الصيام تزكية للنفوس
الصيام تزكية للنفوس، تزكية؛ أي تخلية وتحلية، يزكيها بمعنى يخليها من المعاصي، ويزكيها بمعنى أنه يملؤها بالطاعات، فالصيام فيه التخلية بمعنى أن الإنسان لا يعصي الله تعالى في نهار رمضان، حتى إن الله أعاننا فصفد الشياطين، فإذا قام إنسان بمعصية فإنما يقوم بها من نفسه التي بين جنبيه، أي ربنا عز وجل جعل هناك محفزات في رمضان حتى نخلي النفس من المعاصي والآثام، ثم هو تحلية بالذكر، بالطاعة، بقراءة القرآن، بقيام الليل، بلحظات السحر، بلحظات الفطر، فالصيام تزكية للنفس يحقق المقصد الشرعي (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا)، (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) .
بالمناسبة؛ يتوهم البعض أن قوله تعالى (فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) أي هو من دفعها إلى الفجور، حاشاه جل جلاله، لا أبداً، الله تعالى (فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) بمعنى أنه جعلها تعلم من خلال فطرتها إذا فجرت أنها فجرت (فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا)، فالذي يفجر يعلم أن هذا الذي يفعله هو فجور والذي يعصي لا يبر والديه يعلم أن هذا الذي يفعله هو عقوق، والذي يكذب يعلم أنه يأتي منكراً بالفطرة التي فطره الله عليها، فألهمه فجوره، وألهمه تقواه، فإذا اتقى يعلم أنه في خير وسعادة، الجواب (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا) الفلاح شيء، والنجاح شيء آخر، قد ينجح الإنسان في تجارته يقول لك: الأرباح السنة 25 بالمئة، أعلى نسبة ممكنة يمكن بالتجارة، قد ينجح في بيته يقول لك: تزوجت امرأة كما أحب، ولي أولاد كما أحب، ودرستهم، نحج بأسرته، وقد ينجح في منصبه، عنده عمل، ومدير عمل، يقول: نجحت بعملي، إلى آخره، فالنجاحات متعددة في الدنيا، لكن الإنسان لا يقال عنه فالح .

قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1)
[سورة المؤمنون]

إلا إذا كان نجاحه شمولياً، بمعنى أن ما يفعله حقق الهدف، وانتهى برضا الله، عندها هو مفلح، أما نجح بتجارته جميل، لكن هذا النجاح جزئي، أما متى تكون فالحاً؟ القرآن ما قال: نجحوا، قال: أفلحوا (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) .

أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)
[ سورة البقرة]

يتحدث عن الفلاح، الفلاح أن تحقق الهدف الذي خلقت من أجله، فتزكية النفس فلاح وليست نجاحاً، تزكية النفس تعني أنك قد هيأتها وأعددتها لفيوض رحمات ربك، وأعددتها وهيأتها لتدخل الجنة بسلام، والصيام يساهم في تزكية النفس، وإعدادها، وتهيئتها لتكون كما يحب مولانا ويرضى .

الدكتور حسن:
جزاكم الله خيراً على هذه اللمسات اللطيفة، واللطائف الطيبة التي لامست شغاف القلب حقيقة، بارك الله بكم، والتزكية كما علمتمونا، وتعلمنا من أشياخنا، وعلمائنا لابد من التدريب عليها، ولابد من الاستعداد لها، ولابد من الجلوس بين يدي الشيوخ، والعلماء الأفاضل حتى يتدربوا على الوصول إلى هذه التزكية، وهذا الفلاح، وهذا النجاح، كما قال لقمان لولده رضي الله عنهما: يا بني ! زاحم العلماء بركبتيك، ما أجمل هذه المعاني التي نحتاجها وخاصة في شهر رمضان، عندما نجد حلق القرآن الكريم في المساجد، ونجد حِلق الحديث الشريف في المساجد، ونجد حِلق الذكر في المساجد، ونجد حِلق التعاون على البر والخير في المساجد ، وهذه كلها كما تفضلتم من أنواع التدريب على التزكية للوصول إلى الفلاح بشمولية معنى الكلمات التي تفضلتم بها .
فضيلة الدكتور قارب البرنامج على الانتهاء، إن كان لديكم كلمة أخيرة تفضلوا بها وبارك الله بكم؟

رمضان شهر استثنائي وفرصة ثمينة وذهبية:
الدكتور بلال:
والله يا سيدي الكلمة الأخيرة: هذا شهر استثنائي، وفرصة ثمينة وذهبية، وقد لا تتكرر نسأل الله أن يطيل أعمارنا وأعماركم في الصالحات، لكنها قد لا تتكرر، فلنعقد العزم إن أحسنا فيما مضى أن نزيد فيما بقي، وإن قصرنا فيما مضى أن نتلافى فيما بقي، اليوم نحن في التاسع من رمضان، العوام يقولون: إذا عشَّر بشَّر، وأيام ويودعنا رمضان، فإذا قصر الإنسان فيما مضى فعليه أن يتلافى تقصيره فيما بقي، فما بقي فيه خير كثير إن شاء الله، وفيه العشر الأخير، وإن أحسن فيما مضى فليثبت على ما أحسن إليه، وليزد فيه ما استطاع في ذلك سبيلاً، لعلنا نخرج من هذا الشهر بذنب مغفور، وعمل مبرور، وعتق من النار إن شاء الله تعالى لنا ولكل من يتابعنا .
اللهم ارزقنا حسن الخاتمة، واجعل أسعد أيامنا يوم نلقاك، وأنت راضٍ عنا، اجعل اللهم نعمك في الدنيا متصلة بنعم الآخرة، اجعلنا من السعداء الأبرار الفالحين، اجعل هذا الجمع جمعاً مباركاً مرحوماً، واجعل تفرقنا من بعده معصوماً، ولا تجعل فينا ولا منا ولا معنا شقياً ولا محرما، وصلِّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .

خاتمة وتوديع:
الدكتور حسن:
الحمد لله رب العالمين، جزاكم الله عنا كل خير، حقيقة لا نمل من سماعكم، ولا نمل من النظر إلى بهاء وجهكم، بارك الله بكم، وبارك الله بوالديكم، وبمن علمكم، وبمن رباكم، وبارك الله بهمتكم، وزادكم الله من فضله أنتم وجميع الإخوة المتابعين والمتابعات، والصائمين والصائمات، وإخواننا في الأمانة العامة، وفي رابطة حملات الحج السورية، وكنت أقول في هذا اليوم: الحمد لله لقد طرق دعاؤكم في الليل أبواب السماء فتقبل الله الدعاء، فوافقوا على الحج في هذا العام بفضل الله عز وجل، ما أجمل أن نتابع الدعاء، وأن نتابع التواضع بين يدي الله عز وجل لعل الله أن يتمم لنا بالخير، وأن يعطي المشتاقين إلى الحج، وإلى زيارة الحبيب الأعظم عليه الصلاة والسلام سؤلهم، وينالوا رضا مولاهم راجين من الله أن نجتمع هناك في مكة ونطوف حول البيت، ونسعى بين الصفا والمروة، ونقف في عرفات ننادي يا الله، كما وقف الحبيب الأعظم عليه الصلاة والسلام، ثم نذهب لزيارة الحبيب الأعظم في المواجهة الشريفة، ونحن نسلم عليه بكل أدب وتواضع واحترام: السلام عليك يا سيدي يا رسول الله، يا من بلغت الرسالة، وأديت الأمانة، ونصحت الأمة، وكشفت الغمة، وجاهدت في الله حق جهاده، اللهم حقق لنا ذلك .
أخواني وأخواتي؛ في نهاية هذا اللقاء نشكر فضيلة الدكتور بلال نور الدين حفظه الله عز وجل على ما تفضل به من هذا الأداء والعطاء، والعلم النافع، جعله الله في صحيفة أعمالكم، ووالديكم، ومشايخنا جميعاً، ونصلي ونسلم على سيد الأولين والآخرين، حتى نلتقي بكم نستودع الله دينكم، وأماناتكم، وخواتيم أعمالكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الدكتور بلال:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته .