فقه الزكاة

  • لقاء مع رابطة حملات الحج السورية
  • 2022-04-17

فقه الزكاة


مقدمة:
الدكتور حسن:
السلام عليكم و رحمة الله وبركاته، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا وحبيبنا محمد الصادق الوعد الأمين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الذي قال في محكم التنزيل:

قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4)
[ سورة المؤمنون]

صدق الله العظيم.
أيها الأخوة والأخوات، الصائمون والصائمات، المؤمنون والمؤمنات، الذاكرون والذاكرات، أحييكم بتحية الإسلام: السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
ونحن وإياكم على مائدة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى مائدة العلم الشريف بين علماء أفاضل، وبين مستمعين كرام نتحدث اليوم تحت عنوان: "فقه الزكاة"، ونحن بحاجة إلى هذا الفقه، الذي هو عصب الحياة، المال والاقتصاد هو عصب الحياة، وجاء الإسلام ليرشد استعمال هذا المال وهذا الاقتصاد بطريقة رائعة دقيقة لا يظلم فيها أحد، لا غني ولا فقير.
ومن هنا جعل الإسلام الزكاة ركناً من أركان هذا الدين الحنيف، ودعامة من دعائمه الكبرى، حيث قال صلى الله عليه وسلم:

{ عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: بُنِي الإسلامُ على خَمْسٍ: شهادةِ أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمداً عبْدُهُ ورسولُهُ، وإقامِ الصلاةِ، وإيتاءِ الزّكاةِ، وحَجِّ البيت، وصومِ رمضان }

[ أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي ]

ومنها (وإيتاءِ الزّكاةِ) فالزكاة فرض في الكتاب، والسنة، والإجماع، وقد جعل الله سبحانه وتعالى الزكاة طهرة للمال ولصاحبه، وقيد النعمة بها على الأغنياء، وما زالت النعمة في المال على من أدى زكاته، بل يحفظه الله عليه، وينميه له، ويدفع عنه بها الآفات والكرب، ويقيه من مصارع السوء، وميتة السوء، ويجعلها سوراً عليه، وحصناً له، وحارساً يحرسه من كل شدة ومحنة، ولذلك يقول النبي عليه الصلاة والسلام مذكراً وموجهاً ومعلماً:

{ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما نَقَصَ مال من صدقة - أو ما نقصتْ صدقة من مال - وما زاد اللهُ عبدا بعفْو إِلا عزّا، وما تواضَعَ عبد لِلهِ إِلا رَفَعَهُ اللهُ }

[أخرجه مسلم والترمذي ومالك ]

وكان صلى الله عليه وسلم يوصي أصحابه فيقول:

{ عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حصنوا أموالكم بالزكاة، وداووا مرضاكم بالصدقة، وأعدوا للبلاء الدعاء }

[أخرجه الطبراني ]

ما أعظم توجيهاتك يا سيدي يا رسول الله ! وما أعظم هذا الإسلام العظيم، وما أعظم هذه الأحكام، وهذا الفقه الشيق البديع الممتع، الذي ينظم حياة الأسرة والأفراد والمجتمعات، بحيث كل منهم يأخذ نصيبه، وقسمته بالمعروف، بما يستطيع أن يعيش عيشة كريمة.
أيها الأخوة والأخوات؛ في هذه الأوقات لقد جاءت لأمة الإسلام والمسلمين من الهموم، والغموم، والكرب، والبلايا، والفقر، والشدة، والعوز، والحاجة، وتسلط الظالمين، وتسلط المجرمين، على المستضعفين من المسلمين، فلابد من أن يقوم أغنياء المسلمين ورجال الأعمال بدورهم الفعال لإنقاذ هذا المجتمع، وإنقاذ هذه الأمة، ولإنقاذ إخواننا المحتاجين الفقراء من المساكين، من الأيتام، من الأرامل، من المشردين، من المظلومين، من الفقراء الذين لا يملكون قوت يومهم، فأين أنتم يا رجال الأعمال من المؤمنين والمؤمنات، جزاكم الله عنا كل خير، شدوا همتكم، ومدوا أيديكم لإنقاذ أهلكم وإخوانكم في شهر رمضان الذي يتضاعف فيه الثواب، والبركات، والحسنات.
من أجل ذلك أيها الأخوة؛ جعلنا هذه الحلقة للسؤال والجواب نستقبل أسئلتكم حول موضوع الصدقة، وزكاة المال، صدقة الفطر، بانتظار أسئلتكم، وبينما تأتينا هذه الأسئلة من الفضلاء أمثالكم المتابعين سنستقبل فضيلة الدكتور الفاضل الشيخ بلال نور الدين حفظه الله عز وجل ورعاه، اختصاصي الفقه المقارن والإعجاز العلمي في القرآن الكريم، ومدير مكتب فضيلة الدكتور العلّامة الداعية محمد راتب النابلسي، نرحب بكم فضيلة الدكتور على مائدة الله ومائدة رسول الله، على صفحة رابطة حملات الحج السورية، أهلاً وسهلاً ومرحباً بكم.

الدكتور بلال:
أهلاً، وسهلاً، ومرحباً دكتور حسن، وشكراً لهذه المقدمة الجميلة، والتقديم اللطيف أكرمكم الله، ونفع الله بكم في الدارين، وأعلى قدركم.

الدكتور حسن:
بارك الله بكم فضيلة الدكتور؛ سيدي ! سنبدأ بهذا الركن العظيم من أركان الإسلام ألا وهو الزكاة، ما تعريف الزكاة؟ ومتى تجب الزكاة؟ وعلى من تجب الزكاة؟ لتعريف الناس، بعض الناس لا يعرفون هذه الأحكام الشرعية، وبعضهم يعرف فلا بد من التذكير، ومن باب أن نذكر بعضنا بعضاً، تفضلوا فضيلة الدكتور .

تعريف الزكاة:
الدكتور بلال:
جزاكم الله خيراً، وبارك الله بكم.
يا سيدي ! بادئ ذي بدء؛ وبعد الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الزكاة نماء وزيادة
الزكاة لغة، حرف الزاي، مع الكاف، مع الحرف المعتل زكا، هذا الأصل في اللغة معناه الزيادة والنماء، فالزكاة نماء وزيادة، الإسلام يعطي للكلمات اللغوية معانٍ شرعية فتصبح اصطلاحاً، لكن الأصل اللغوي جميل جداً، أي عندما يفهم المزكي أن الزكاة في اللغة هي النماء والزيادة يتشجع على العطاء، ليست الزكاة ضريبة، الضريبة من ضرب، الزكاة ليست ضريبة، بل هي زكاة ونماء، أي ليست شيئاً يدفع عن كُره، وإنما هي شيء يدفع عن حُب لأن فيها نماء وزيادة، وكيف ينمو المال ويزيد مع أنه ينقص؟ أسلفتم: (ما نقصتْ صدقة من مال) فالصدقة لا تنقص المال، كيف؟ بطريقتين، طريقة يعرفها الاقتصاديون، وطريقة يعرفها المؤمنون، الاقتصاديون يتحدثون عن دورة المال في المجتمع، بمعنى أن الفقير عندما يأخذ الزكاة سينزل إلى السوق، وسيشتري من التجار الذين أعطوه زكاة مالهم، سينمو مال الغني بطريقة اقتصادية، وهذه يعرفها أهل الاقتصاد، الأسواق متى تتحرك؟ عندما يكون هناك منحة من الدولة، أو زيادة في الراتب تتحرك الأسواق، لأنه صار هناك كتلة نقدية كبيرة بيد الفقراء، فعادوا بها إلى المحلات التجارية، فتحرك المال، فعاد ذلك بالنفع على الغني، هذه يعرفها الاقتصاديون.
أما المؤمنون فيعرفون أن المال ينمو بطريقة أخرى غير الاقتصاد، وهي أن الله عز وجل سينميه، الله تعالى يقول في كتابه الكريم:

يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276)
[ سورة البقرة]

الواقع المشاهد الربا زيادة، الربا زيادة، من ربا يربو، فإذا أقرضت مئة وأخذتها مئة وعشرين فقد زاد المال، لكن القانون الإلهي (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا) يمحق بركته، ولكنه (وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ) أي يزيد في الصدقات، ويرفع من المال وينميه، هذا قانون إلهي، فالزكاة في اللغة طهرة ونماء.
أما الزكاة في الاصطلاح فهي مالٌ مخصوص، لأن الزكاة لا تجب في الأموال، السيارة مال، السيارة الشخصية مال، لكن ليس فيها زكاة، فقالوا: هو مال مخصوص يدفع لطائفة مخصوصة، أي لا يجوز دفع الزكاة لغني مثلاً، أو لغير المسلم، لا، لطائفة مخصوصة.

إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60)
[ سورة التوبة]

وحدد مصارف الزكاة ثمانية، فهو مال مخصوص يدفع لطائفة مخصوصة على وجه مخصوص، أي له شروط محددة، فالزكاة شرعاً مالٌ مخصوص يدفع لطائفة مخصوصة على وجه مخصوص.

المال الذي تجب الزكاة فيه:
المال متى تجب فيه الزكاة؟ الآن عندما أتحدث عن المال حتى نحرر المصطلح كل ما يملكه الإنسان مال، لكن يوجد أموال لها شروط خاصة هنا لا نتحدث عنها، أي الزروع والثمار، والأنعام هذه أموال لكن لها شروط خاصة أخرى مختلفة، عندما أقول الآن زكاة المال أعني بالمال ما يلي؟ أولاً: ما يملكه الإنسان من الذهب، الذهب مال، ثانياً: ما يملكه من الفضة، كانت الأموال بعهد النبي صلى الله عليه وسلم دنانير ذهبية، ودراهم فضية، هذا كان هو المال، فأولاً الذهب، وثانياً الفضة، اليوم صار عندنا نقد، النقد هو بديل الذهب والفضة فمن يملك مثلاً هنا في الأردن أربعين ديناراً أي معه غرام ذهب، لأن غرام الذهب بأربعين كحد وسطي، فالذي يملك أربعين ديناراً أي هو يملك غرام ذهب، لأن المال يعادل الذهب، فصار الذهب أولاً، الفضة ثانياً، النقد ثالثاً، دنانير، ليرات، ريالات، إلى آخره، هذا النقد.
رابعاً؛ بضائع معدة للتجارة، أي العروض التجارية، هناك شخص تجارته بالألبسة، عنده ألبسة بالمستودع بألف دولار، هذا مال، هذا المال لم يتحول بعد لنقد ذهب وفضة، لكنه مال يملكه، وسيبيعه ويجني ثمنه، وهو مال معد للنماء، أي هو مال نام لكن الآن موجود على شكل ألبسة، لكن هو مال.
إذاً عندما نقول زكاة المال حتى نحرر المصطلح للأخوة المستمعين والمتابعين نعني بزكاة المال الذهب، والفضة، والنقد، والعروض التجارية، هذا الذي نتحدث عنه اليوم، هؤلاء الأربعة، هؤلاء سنسميهم زكاة المال.

شروط الزكاة:
ليس كل مالٍ تجب فيه الزكاة
الآن ما الشروط التي تفضلتم بها بالسؤال عنها؟ هما شرطان، الشرط الأول بلوغ النصاب، فليس كل مالٍ تجب فيه الزكاة، أي الذي معه مثلاً عشرة غرامات من الذهب لا يوجد عليهم زكاة، إذاً الشرط الأول هو أن يبلغ المال النصاب، والشرط الثاني أن يحول عليه الحول القمري، السنة الهجرية، أي من رمضان لرمضان، أو من شوال لشوال، حسب متى يدفع زكاة ماله، معظم الأخوة الكرام يحبون أن يدفعوا زكاة مالهم في رمضان، فصار كل رمضان الحول يحول على الأموال.
الآن ملاحظة مهمة قبل أن نتحدث بالتفاصيل النصاب، والحول للحول، هذه الأربعة التي تحدثنا عنها ذهب، فضة، نقد، عروض تجارية ليس كل واحد له نصاب وحده، يجمعون مع بعضهم كلهم، مثلاً أنا أملك ثلاثين غراماً من الذهب، وعشرين غراماً من الفضة أضعهم معهم، وثلاثة آلاف دولار، أضيفهم، ومعي بضاعة بألف دولار أضيفهم مجموعهم كلهم إذا بلغ النصاب، وحال عليه الحول ففيه الزكاة، ليس كل واحد وحده، يمكن أن يقول أحدهم: والله أنا الذهب الذي أملكه لا أخرج عليه زكاة، والفضة أيضاً لأنهم لم يصيروا مئتي درهم فلا أخرج عليهم، والأموال التي معي أيضاً لا يتجاوزوا النصاب، فلم يخرج عليهم، والبضائع لا يخرج عليهم زكاة، لا، هذه كلها أموال، سلة واحدة، سلتك تضع فيها ما معك من ذهب، وما معك من فضة، وما معك من أموال نقدية، وما معك من عروض تجارية، ألبسة، أحذية، عطورات، الذي هو، مجموعهم كلهم بهذه السلة إذا بلغ النصاب حال عليه الحول، ما النصاب؟ إما نصاب الذهب أو الفضة.
في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان نصاب الذهب مساوياً للفضة، أي الذي يملك عشرين مثقالاً من الذهب مثل الذي يملك مئتي درهم من الفضة تماماً، فكان متعادلاً، الذي يحسب النصاب إما على الذهب، أو على الفضة، نقول: الذي يملك عشرين مثقالاً من الذهب عليهم زكاة، والذي يملك مئتي درهم يخرج عليهم زكاة لأنهم مثل بعضهم، مئتا درهم يعادلون عشرين مثقالاً عندما تطورت الحياة، وتغيرت أساليب التعامل صار هناك فرق كبير بين نصاب الذهب ونصاب الفضة، الفضة صارت رخيصة جداً أمام الذهب الذي غلا ثمنه، معظم الفقهاء يعتمدون نصاب الذهب، بعض الفقهاء يقولون: لا، لنعتمد على الفضة لمصلحة الفقير، نحن سنعتمد نصاب الذهب والفضة، وليأخذ بما شاء منهم الإنسان، أكثر الناس يأخذون بالذهب، الذهب نصابه عشرين مثقالاً، ما معنى عشرون مثقالاً؟ أي 85 غرام بالمقادير الشرعية، عيار 24، 85 غرام عيار 24، لأن ال18، وال21 مغشوش، أي معه معادن أخرى، الذهب الذي عليه الزكاة عيار 24، طبعاً إذا الشخص أخذ عيار 18 وحسبهم أفضل وأفضل لمصلحة الفقير، لكن نحن نتكلم بشكل عام، 85 غرام ذهب عيار 24 عليهم زكاة، مئتا درهم فضة 595 غرام فضة عليهم زكاة، 595 غرام فضة، أو 85 غرام ذهب عليهم زكاة، نضع بالسلة ما معنا من ذهب، وما معنا من فضة، وما معنا من أموال نقدية، وما معنا من ثمن العروض التجارية، البضاعة التي اشتريتها أريد أن أبيعها، بكم أريد أن أبيعها؟ كم سعر السوق؟ سعر السوق اليوم أبيعها بعشرة آلاف دولار، أضعهم معهم، مجموعهم يشترون لي 85 غراماً من الذهب أو هم 85 غرام ذهب؟ إذاً ضرب اثنين ونصف بالمئة، أو أقسم المبلغ المجموع على أربعين، إما أن أضرب باثنين ونصف بالمئة، أو أقسم على أربعين، النتيجة واحدة، يخرج معي رقم، هذا الرقم هو حق الفقير في هذا المال، هذا ليس لي، انتبهوا أحبابنا الكرام هذا ليس لي، والعياذ بالله إذا أكلته آكل حراماً، اثنان ونصف بالمئة ربع العشر ليسوا لي، هؤلاء معي أمانة، لمن؟

إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60)
[ سورة التوبة]

هؤلاء أريد أن أنفقهم بمصارف الزكاة المخصوصة أشهر مصارف الزكاة المخصوصة الفقير، والمسكين، الفقير الذي لا يجد شيئاً، والمسكين يجد شيئاً لا يكفيه، الفقير لا يجد شيئاً ، المسكين يجد شيئاً لكن لا يكفيه، مصروفه بالشهر ألف، وراتبه خمسمئة، هذا مسكين ، الثاني الفقير لا يملك شيئاً أبداً يكاد يموت من الجوع، فالفقراء والمساكين أشهر مصرفين من مصارف الزكاة، فإذا بلغ ما معي من مال نقدي، أو من ذهب، أو من فضة، أو من عروض تجارية، أو مجموعهم كلهم سواء ما يعادل 85 غراماً من الذهب الخالص عيار 24 ضرب اثنين ونصف بالمئة، أو تقسيم أربعين، وأدفع الزكاة.
نعم سيدي.

الدكتور حسن:
بارك الله فيكم دكتور.
سيدي ! الآن تفضلتم وشرحتم حول موضوع النصاب، وبينتم ما هي زكاة المال وعلى من تجب زكاة المال، على من تجب زكاة المال؟ وقبل أن نسأل هذا السؤال، هناك سؤال على الشاشة بارك الله بكم، أُرسل إلينا عن طريق الواتساب، يقولون فيه: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته السؤال: زكاة ذهب الزينة، إحدى الأخوات عندها ذهب، وبلغ حد النصاب ولكن لا تستطيع دفع زكاة المال عليه، ماذا يجب عليها أن تفعل؟ أفيدونا أفادكم الله، طبعاً أنا أكدت عليهم ما هو السبب في عدم دفع الزكاة؟ قالت: لا تملك غير هذا الذهب للزينة، وهي إنسانة مسكينة، وفقيرة جداً، على ما يبدو تحمل هذا الذهب للطوارئ، أو لأزمة في الزمن، أو كذا، إلى آخره، لكن قد يكون بلغ النصاب 85 غراماً، غير عيار 24، أو بلغ 85 غراماً، أو أكثر أو أقل، فماذا نجيبها فضيلتكم؟

الذهب الذي أشتُري في الأصل بقصد الزينة:
الدكتور بلال:
أكرمكم الله سيدي.
الذهب بقصد الزينة لا زكاة فيه
الذهب الذي أشتري بالأصل بقصد الزينة، أي الحُلي، حُلي النساء، أي هي مثلاً في زواجها أُهديت بعض القطع، زوجها أهداها عقداً، والدتها أو والدها أهداها، هي أحبت أن تتجمل اشترت عقداً لها، أساور أو حلقاً إلى آخره، هذا يسمى الحُلي، أو ذهب الزينة، هذا جمهور الفقهاء قالوا: لا زكاة فيه، لأنه أشتري بالأصل بقصد الزينة، أي هذا متاع شخصي، مثل السيارة، أي هو ليس معداً للنماء، ليست كشخص معه مال قال: عوضاً من أن أصرفه دعني أدخره عن طريق الذهب، وأشترى فيه أساور، لا، هو أشتُري في الأصل بقصد الزينة، جمهور الفقهاء قالوا: لا زكاة فيه، وهذا مروي عن عدد كبير من الصحابة الكرام، وذهب الحنفية إلى وجوب الزكاة فيه باعتباره مالاً، اعتبروه مالاً، والمال تجب فيه الزكاة، الذي نرجحه مذهب الجمهور، عندما تكون المرأة موسرة، ومعها مال كثير غير الذهب، نأخذ برأي الحنفية لمصلحة الفقير، نقول لها: ادفعِي الزكاة الله يحفظ لك بيتك، ويحفظ لك أهلك، لما تقول: والله أريد أن أبيع قطعة لأدفع، نقول لها: لا، لا نرهقها، نأخذ برأي الجمهور لا نرهقها، نقول لها: إن شاء الله لا يوجد عليك زكاة، لستِ ملزمة أن تبيعي من أجل أن تدفعي زكاة المال، وخاصةً إذا كانت كما قلنا غير موسرة لا يوجد معها مال، فإن شاء الله ما دام الذهب أشتُري في الأصل بقصد الزينة والحلي لا بقصد الادخار فهو أشبه بالمتاع الشخصي، وهو مال غير معد للنماء، فيبقى على الوضع الطبيعي على أنه متاع شخصي، ولا زكاة فيه، والله تعالى أعلم.

الدكتور حسن:
بارك الله فيكم.
إذاً لا زكاة على مال الزينة بهذا السؤال الذي ورد من الأخت السائلة، جزاكم الله كل خير.
فضيلة الدكتور؛ بالنسبة للنصاب، هل يشترط استمرار النصاب من بداية الحول إلى نهايته أم إذا كان هناك تقطع في النصاب، أي كان النصاب موجوداً في بداية السنة، وبعد شهرين ذهب النصاب، أو نصفه، أو ربعه، وجاء بعد أربعة أشهر، ثم ذهب، وفي آخر السنة اكتمل النصاب كما كان في أول السنة، ما هو الحكم في ذلك؟

حكم حساب النصاب على الموسر:
الدكتور بلال:
يا سيدي؛ هذا الأمر فيه كلام للفقهاء طويل، لكن نحن نأخذ بالرأي الأصلح للفقير، الأنفع للفقير، والأسهل على الغني، هنا نأخذ مصلحة الفقير، ونأخذ معنا بمصلحة الغني، حساب النصاب على الموسر بأن هذا المال مثلاً بلغ النصاب مثلاً بالشهر الثالث، صرف بالرابع، نرجع نستأنف من الخامس، المال، أمر عسير جداً، اليوم بطبيعة حياتنا يعسر أن يحصي الإنسان المال الذي كسبه كل واحد من أين، أو يريد أن يكون عنده محاسب خاص حتى يحسب له النصاب متى اكتمل، متى نقص، فالصحيح من أقوال أهل العلم، والذي فيه منفعة للفقير، والذي فيه سهولة على الغني أن يأتي الإنسان في كل عام إذا كان مثلاً يدفع زكاة ماله في عشرة رمضان، كل عشرة رمضان يدفع زكاة ماله، يوم عشرة رمضان يأتي إلى ما معه من مال ويجمعه، فإن بلغ نصاباً دفع عليه زكاته، بغض النظر متى دخل، ومتى خرج، ثم يترك الأمر هكذا إلى عشرة رمضان العام القادم، في عشرة رمضان القادم أيضاً يحصي ما معه مال ضرب اثنين ونصف بالمئة ويدفع الزكاة وهكذا، إن بلغ النصاب طبعاً، فهو بهذا الأمر ييسر على نفسه، ويأتي ما هو منفعة للفقير، ربما بعض المال ما حال عليه الحول بعد، يوجد أموال دخلت عليه من شهر، وأموال من ثلاثة أشهر، وأموال من أربعة، لكن هو بالمحصلة التابع تابع، أي صاروا كتلة واحدة، فهو من وقت ما دفع زكاة المال يحسب الحول للعام الذي يليه سواء نقص الماء أو زاد، هو يدفع كل سنة مرة إذا بلغ النصاب، وهذا ما فيه إن شاء الله مصلحة للفقير، والتيسير في الدفع على الغني.

الدكتور حسن:
سيدي؛ إنسان معه كتلة من المال، ويجب عليها الزكاة، وعندما حال الحول هلك المال قبل أن يؤدي الزكاة، فما الحكم في ذلك؟

من حال الحول على ماله وهلك المال وجبت الزكاة عليه:
الدكتور بلال:
حال الحول، ووجبت الزكاة، ولم يدفعها ثم هلك المال؟

الدكتور حسن:
هلك المال بعد وجوب الزكاة، أي حال الحول، وبلغ النصاب عنده، لكن عندما يريد أن يدفع الزكاة هلك المال، ولم يدفع الزكاة.

الدكتور بلال:
بانقضاء الحول تجب الزكاة
إذاً هنا هو تأخر في دفع الزكاة، فما دام حان وقت الحول، أي هو يدفع زكاته بعشرة رمضان، جاء عشرة رمضان قال: غداً أدفع، بعد غد أدفع، الذي بعده أدفع، انتهى رمضان، جاء شوال هلك المال، فبقيت الزكاة في ذمته، لأنها وجبت عليه، حال الحول على المال وهو يملكه، فوجبت الزكاة فيه، فلما هلك ماله، الآن نقول له: بقيت الزكاة في ذمتك.

لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)
[ سورة البقرة]

استغفر الله من تأخرك في دفعها ثم انتظر لعل الله عز وجل يغنيك من فضله من جديد، ويعود لك المال، فيبقى في ذمتك هذا المبلغ الذي حسبته، والله يوجد عليّ ألف دينار لكن لا يوجد معي الآن، هلك مالي، إذاً تدفع هذا المال إن شاء الله عندما عز وجل يغنيك من فضله.

الدكتور حسن:
سيدي؛ كذلك ضاع مال الزكاة بعد عزله، عزل مال الزكاة ليدفعه، لكن مال الزكاة ضاع، ما حكم ذلك؟

المال الضائع بالتعدي أو التقصير:
الدكتور بلال:
سيدي هنا إما أن يكون قد ضاع المال بالتعدي، أو بالتقصير، أو أن يكون وضع في حرز مثله ثم ضاع، فإذا كان ضاع بالتعدي والتقصير فلا خلاف في أنه يجب عليه تعويضه، التعدي؛ هو وضع المال، وقال: ألفا دينار للزكاة، أين يجب أن يحفظهم؟ وضعهم بالبيت والمنطقة يوجد فيها والعياذ بالله سارقون، وترك البيت وسافر، والباب غير مقفل كما يجب، ثم قال: والله سُرق المال، لا، أنت قصرت بحفظه، أنت أين تحفظ مالك عندما يكون مهماً لك؟ إما أن تضعه رصيداً بالبنك الإسلامي، أو تضعه بالخزنة وتقفل عليه، أنت هل حفظته أم لم تحفظه؟ فإذا هلك بالتعدي، أو التقصير فيجب أن يعوضه بلا خلاف، وإذا هلك بغير تعدٍّ ولا تقصير، وضعه في مكان محكم، مقفل، وصار حريق، هو وضعه بالحرز وصار هناك حريق، فهنا وقع الخلاف، إذا بالأصل كان المال ليس للزكاة، أي لشخص آخر لا يعوض، لأنه ما تعدى، ولا قصر، لكن هنا يوجد حق للفقير، لم يصل إليه المال، فبعض الفقهاء قالوا: يجب أن يعوضه، والبعض قالوا: لا، ما دام هلك من غير تعدّ ولا تقصير فلا يجب عليه تعويضه، وهنا نحن نقول لهذا الموسر الذي هلك المال عنده، بعد أن عزله وأصبح حقاً للفقير في ماله، نقول له: إذا كنت موسراً وقادراً فو الله عليك الأخذ بالأحوط، والأفضل للفقير، وأخرج بدلاً عنه حتى تبرأ ذمتك، وإن قال: والله أنا هلك مالي، وهلك المال الذي عزلته، ولا يوجد عندي مال، نقول له: إن شاء الله أجزأك هذا العزل ولا شيء عليك.

الدكتور حسن:
بارك الله فيك دكتور.
طبعاً سؤال على الشاشة من أجل أن نستقبل أسئلة من الأخوة بارك الله فيكم يقول: هل تجب الزكاة على السيارة الخاصة للبيت، وللعمل، وليست للتجارة، ولو كانت قيمتها أكثر من 200 ألف ليرة تركي، أو 200 ألف درهم، أو دينار، أو دولار، ما هو الحكم في ذلك؟

المتاع الشخصي لا زكاة عليه:
الدكتور بلال:
لا تجب الزكاة على السيارة الشخصية، سواءً كانت للبيت أو للعمل، كل المتاع الشخصي ليس عليه زكاة، أي بيتك الذي تسكنه، وسيارتك التي هي لبيتك، أو لعملك، وآلات معملك، ومعملك بناء المعمل، كل الأدوات أدوات العمل، أو عقارات العمل، أو السكن، أو السيارة أي وسيطة النقل، هذه ليس فيها زكاة بلا خلاف، لا زكاة فيها إن شاء الله.

الدكتور حسن:
نعم سيدنا؛ السؤال الآن: هل يجوز التعجيل في دفع الزكاة قبل وقتها مثلاً سنة أو أكثر؟ أو إكمالاً للسؤال: إذا كان يخرج مثلاً في كل شهر مبلغاً من الزكاة ويحسبه إلى آخر العام ضمن هذا، أي الزكاة بالتقسيط، إضافة للسؤال.

التعجيل في دفع الزكاة قبل وقتها:
الدكتور بلال:
التعجيل في دفع الزكاة قبل وقتها جائز
والله أنا أقول: هذا جائز إن شاء الله بناء على أقوال الفقهاء، طبعاً أزيد شيئاً: إنني أفضل هذا الأمر، أي هو جائز، وإن شاء الله مفضل، لماذا مفضل؟ لأن المسلمين يحرصون على إخراج زكاة مالهم مثلاً في رمضان، فيأتي ويخرج معه عشرة آلاف زكاة ماله، درهم دينار الذي هو، الآن يمسكهم ويريد أن يخرجهم، يبدأ لمن نريد أن نعطي؟ والأيام معدودة، وسينتهي رمضان فيوزعهم، ينتهي من توزيعهم، في شوال تأتي عملية جراحية لابن أخيه لا يوجد معه أن يعطيه، وابن أخيه فقير جداً، وبحاجة، والله أنا دفعت زكاة مالي، ولا يوجد عندي قدرة غير زكاة المال، أنا أستطيع فقط أن أدفع زكاة مالي، هنا مشكلة، فنحن بالعكس تماماً، أنا أقول: التاجر أو الأخ، اليوم زكاة المال على التجار، ويوجد أخوة معهم مبالغ تكفي وتبلغ النصاب، يفتح دفتراً في بيته، أو ملاحظات على جواله، اسمه: حساب الزكاة، الآن من واحد شوال نبدأ بدفع الزكاة، بعدما انتهى رمضان يبدأ دفع الزكاة للسنة القادمة، أنا أدفع الآن للسنة القادمة، قبل رمضان القادم، صار عمل جراحي بالعائلة، شخص بحاجة لعمل جراحي وهو فقير جداً، يحتاج إلى عمل جراحي ضروري، أعطاه ألفاً، سجل ألف دينار زكاة مال دفعها بنية الزكاة، يوجد بالعمل موظف عنده صارت معه حالة طارئة جداً، والده عنده مشكلة غارم، قال له: أنا أوفي دين أبيك، ساعده، كتب 500 دينار زكاة مال، وهكذا، فكلما وجد حالة تستدعي، ويجد أنه يجب أن يدفع فيدفع، جاء رمضان القادم جمع ألف، وثلاثة آلاف، وخمسمئة، وسبعة آلاف، كم زكاة المال علينا؟ ثمانية آلاف، ناقص سبعة، بقي ألف، عليه ألف يخرجها، هذه أحسن طريقة لدفع الزكاة بحيث أن الإنسان يبقى طوال السنة يدفع زكاة ماله للحالات التي هي من الأقربين، من الناس الموكل فيهم، هو راتب ليتيم، كل شهر يدفع له مئة مئة، اثنا عشر شهراً دفع مئة وعشرين سجلهم، يدفع زكاة ماله على مهله للحالات المهمة جداً معجلة يدفع، الآن بآخر السنة دفع سبعة، هم ثمانية عليه ألف، دفع تسعة هم ثمانية ما أحلى الخطأ بالزكاة مع ربنا عز وجل، نعم ما فعل، دفعنا وهكذا.

الدكتور حسن:
جزاكم الله خيراً.
إذاً يجوز التعجيل بدفع زكاة المال، ممكن ندفعها قبل سنة، ممكن دفع زكاة المال قبل سنتين وتكون مع النية على أنها زكاة المال عن السنة الفلانية، والتقسيط في دفع زكاة المال على مدار السنة جائز بإذن الله سبحانه وتعالى، وهو كما تفضلتم لمصلحة الفقير ولمصلحة دافع الزكاة كذلك يكون هو قد دفع بشكل أفضل، وأسرع، وأوفر، الله يبارك فيكم.
الآن الأخ السائل على الشاشة، السلام عليكم: هل تجب الزكاة على الذهب المخصص للزينة؟ طبعاً أجبتم على هذا، لكن يحب أن يسمع من فضيلتكم.

الذهب المعد للزينة لا زكاة عليه:
الدكتور بلال:
حياكم الله.
قلنا: الذهب المعد للزينة، الذي أشتري في الأصل، اشترته المرأة حُلياً لها، جمهور الفقهاء، وهذا منقول عن جمع من الصحابة لا زكاة فيه، وذهب الحنفية إلى وجوب الزكاة فيه والراجح في المسألة أن الحلي، الذهب المعد للزينة، المشترى بقصد التزين لا زكاة فيه إن شاء الله، ومن دفعت زكاته احتياطاً، وكانت تملك، وموسرة، فعلى العين والرأس، وثوابها عند الله كبير، لكن إن شاء الله لا يجب عليه وجوباً.

الدكتور حسن:
الله يجزيكم الخير.
هل يصح دفع الزكاة بمواد عينية بدلاً من المال، تاجر عنده قماش، تاجر عنده مواد غذائية، تاجر عنده أمر معين، هل يجوز أن يخرج من البضاعة مواد عينية بدل من النقد كزكاة مال؟

دفع الزكاة قيمةً أو نقداً:
الدكتور بلال:
تمام يا سيدي.
جمهور الفقهاء قالوا: إن الزكاة، زكاة المال تخرج مالاً، نقداً، أي أنا أجمع ما معي مثلما قلنا من ذهب، وفضة، وعروض تجارية، وأموال، وأدفع اثنين ونصف بالمئة مالاً، والفقير يتصرف بما أنا أملكه إياه، يشتري به طعاماً، لباساً، يفي به ديونه، إلى آخره، يدفع أقساط أولاده للمدرسة، أي كل حسب وضعه.
جواز دفع الزكاة بالقيمة لمصلحة للفقير
وذهب الحنفية، وهذا جمع عن التابعين: إلى جواز دفع الزكاة بالقيمة إن كان في ذلك مصلحة للفقير، أي قيدوها بالمصلحة، بمعنى أنني وجدت فقيراً من المصلحة أن أشتري له وجبة غذائية، برغل، ورز، وسكر، وعدس، لسبب مثلاً أن هذا الرجل عليه ديون ومشكلته كبيرة بالديون، ولا تحل بالألف التي سأعطيه إياها، وأولاده جائعون، فإذا أعطيته سيذهب ويوفي شخصاً، أي أولاده لم يأكلوا، فأحببت أن أُطعم أولاده بهذا الشهر مثلاً أنا أدفع زكاتي برمضان، فأخذت لهم وجبة غذائية متنوعة، قيمتها مثلما اشتريها حسب زكاتها عليّ اشتريتها مئة، دفعت مئة زكاة، هذا رأي الحنفية، وأنا حقيقة كما قلت بهذا الشرط إذا كان هناك مصلحة للفقير يجوز دفع الزكاة قيمة، مثلاً كيف مصلحة للفقير؟ أحياناً محل ألبسة، والألبسة معقولة جيدة، أخرج زكاته لميتم، وألبس هؤلاء الأولاد، والأيتام الفقراء، تأكد أنهم كلهم فقراء تجوز عليهم الزكاة، وأخرج ألبسة جميلة، عنده هو مستودع مواد غذائية أخرج مواد غذائية، صالحة، جيدة، بعز وكرامة للفقير مغلفة، قدمها، أما متى يكون هناك تهرب من الزكاة بدفع القيمة؟ أن يكون الإنسان المصلحة التي يعمل بها، المواد التي يتاجر بها ليس له مصلحة فيها، مثلاً عطورات، يقول لك: أنا جمعت وطرحت فكان عليّ ألف، أخرج عطورات، الفقير يتعطر ! يجب أن يتعطر، وعلى العين والرأس، لكن العطر ليس مصلحة للفقير، الآن يريد أن يأكل ويشرب، أخرجت العطور، وقد يجمع التاجر العطور التي لم تباع معه، والروائح التي ليست رائجة كثيراً، ويقدمها للفقراء، هنا نقول له: لا، هنا صار اسمه تهرباً من الفريضة، انتبه على نفسك.

{ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: أيُّها الناس إن الله طيِّب، لا يقبلُ إلا طيباً، وإنَّ الله أمرَ المؤمنين بما أمر به المرسلين }

[أخرجه مسلم والترمذي ]

عندما يكون هناك مصلحة للفقير غذاء، دواء، كساء أساسي، وضع بمكانه لا مانع من الأخذ برأي الحنفية، وهذا مروي عن جماعة من السلف في جواز دفع الزكاة قيمةً، أما إذا لم يكن هناك مصلحة للفقير، الأصل نعطيه نقداً، وهو يتصرف به كيفما يشاء.

الدكتور حسن:
الله يجزيكم الخير دكتور.
عطفاً على هذا السؤال دكتور: هل يجوز إخراج زكاة المال من العمل، مثلاً جمعية خيرية تريد أن توزع ألبسة وعندها أثواب من القماش، أخذتها إلى معمل خياطة، فطلبت أن يخيط هذه الأقمشة كنزات، قمصان، إلى آخر ما هنالك، ولا يوجد مع الجمعية الخيرية أن تعطيه أجرة العمل، فهل يصح أن يكون عمله يقيّم بالقيمة ويقدمه زكاة مال، يا ترى زكاة مال؟ هل يعتبر زكاة مال؟

حكم أخرى للزكاة:
الدكتور بلال:
الغني أعطاني ألف دينار، وأنا أريد أن أوزع بها ألبسة، فدفعت ثمانمئة دينار للفقراء ألبسة، ومئتي دينار أجور الخياطة، الآن هذا الكلام عن كثير من الفقهاء لا يصح، لأن الفقير لم يتملك الزكاة، مئتا الدينار لم يتملكهم الفقير، لكن هو تملك الخدمة، أي هو لبس بنطالاً، حتى نقرب المسألة، البنطال ثمنه مئة فرضاً، هو تملك تسعين بالمئة قماشاً وكذا، وتملك عشرة بالمئة أنه أصبح وصار بنطالاً تحول، بهذا الاعتبار نرجع ونقول: إذا كان في هذا مصلحة للفقير لا مانع، إذا قدرنا أن نعمل النفقات الإدارية الزائدة على الحاجات الأساسية، إذا قدرنا نأخذها من الصدقات أفضل، إذا لا يوجد عندي غير هذا المال، وأنا لا يوجد عندي غير مال زكاة إن شاء الله لا يوجد مشكلة، إذا عندي أيتام أريد أن أكسوهم على العيد، لا يوجد عندي غير هذه الألف أنا أكسوهم بثمانمئة، وأدفع مئتين، عشرون بالمئة نفقات الخياط، فإن شاء الله لا يوجد مشكلة باعتبار أن النفع في النهاية وصل إلى الفقير، أي وإن كان شكلياً ما تملك هو النفقات لكن وصل نفعها إليه، تحول القماش إلى بنطال، فإذا كان هناك أموال أخرى صدقات، أو مصاريف إدارية نضع من المصاريف الإدارية، ونترك المال خالصاً للفقير يصل كاملاً، أما إذا لم يكن هناك إمكانية، والمال لا يوجد غيره عندي فإن شاء الله لها فتوى بإذن الله.

الدكتور حسن:
الله يبارك فيكم دكتور، ويحفظكم إن شاء الله.
دكتورنا المبارك؛ يسأل بعض الأخوة عن فدية الصيام، وكفارة الصيام، ويسألون عن صدقة الفطر، من أجل أن ننتقل نقلة أخرى وهي لمصلحة الفقير أيضاً، مصلحة أهلنا وأحبابنا الذين ينتظرون هدية أخوانهم الأغنياء، وعطاءهم، وينتظرون حقهم في مال الأغنياء إذا بدأنا نتكلم عن صدقة الفطر، ما هي؟ ما حكمها؟ متى فرضت؟ لمن تجب؟ إذا تتكرمون علينا.

صدقة الفطر:
الدكتور بلال:
بارك الله بكم.
الصيام لا يرفع إلا بدفع زكاة الفطر
نعم بدأت الأسئلة عن صدقة الفطر باعتبار أن المسلم من بداية رمضان يبدأ بالتفكير بدفع زكاة فطره، لأن الصيام لا يرفع إلا بدفع هذه الزكاة، وهذه واجبة، قال: فرض رسول الله صدقة الفطر صاعاً من تمر، أو شعير لكل مسلم، ذكراً كان أو أنثى، حراً كان أو عبداً، صغيراً أو كبيراً، صدقة الفطر تجب على كل مسلم، سواء كان صغيراً أو كبيراً، ذكراً أو أنثى، حراً أو عبداً، تجب على الإنسان وعلى أهل بيته ممن ينفق عليهم، أنا أب عندي زوجتي، وعندي أولاد، فأنا عندي خمسة، يجب أن أدفع عن خمسة صدقة فطر، ولو كان الطفل عمره يوم هذا صار عليه صدقة فطر.
صدقة الفطر الحكمة منها أنها طهرة للصائم من اللغو، والرفث، وطعمة للمسكين، الطهرة واضحة، أي نحن صمنا، أثناء الصيام كلمة لا معنى لها، شيء له علاقة بالنساء، مقدمات الجماع، طبعاً لا يجوز الجماع في نهار رمضان، لكنه رفث، كلام فيه مقدمات الجماع، لغو كلام لا طائل وراءه، هذا يثلم الصيام، أي يعمل ثلمة، أي ينقص أجره، تأتي صدقة الفطر طهرة، تطهر صيامنا إن شاء الله، ثم هي طعمة للمسكين حتى تغنيهم في يوم العيد عن السؤال، حتى كل بيوت المسلمين واحد شوال الكل يأكلون ويشربون، الهدف منها طعمة المسكين، وطهرة للصائم.
وقت وجوبها هو غروب شمس آخر يوم من أيام رمضان، أي عندما يؤذن المغرب يوم 29 رمضان، أو ثلاثين رمضان حسب الشهر عندما يؤذن وجبت، الذي يكون حياً عند هذا الأذان وجبت عليه زكاة الفطر، وتخرج قبل صلاة العيد، أي من غروب شمس آخر يوم إلى الصباح، أي ساعات، هذا وقت الوجوب، حتى قبل صلاة العيد، من أداها قبل صلاة العيد فهي زكاة، ومن أداها بعد العيد فهي صدقة من الصدقات.
الآن يقول لك: أنا في هذه الساعات يجوز لم أجد فقيراً، كانت البيوت متلاصقة، الناس تتفقد بعضها، الآن الوضع صعب، أريد أن أبعثها عند أهلي بالشام، كان الصحابة الكرام يقدمونها بيوم، أو يومين، 28 رمضان، 29، 27، يخرجون زكاة فطرهم قبل أيام من نهاية رمضان، قبل الوجوب، لأن الوجوب عند غروب شمس آخر يوم من أيام رمضان، فيعجلونها قبل الغروب.
ذهب بعض الفقهاء ومنهم الحنفية أنها تُعجل من بداية رمضان، أي من واحد رمضان، إذا أحبّ أن يخرج زكاة الفطر فله أن يخرج زكاة فطره.
الآن هي طعمة للمسكين، ومن قوت البلد، أي أنا أقدم له كيليين ونصف أو ثلاثة من العدس، أو البرغل، أو الأرز، هذا الطعمة للمسكين، وذهب الحنفية وهذا مروي عن عمر بن عبد العزيز، وهو من المعاصرين تكلم به شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ذهبوا إلى أنه يجوز إخراجها قيمةً، أو نقداً، أي إذا وجدت مصلحة الفقير في أن أعطيه، مثلاً هنا بالأردن يوجد عندنا ديناراً وثمانون قرشاً، بتركيا لا أدري كيف، بسوريا فرج الله عن أهلنا بسوريا قالوا لهم: ستة آلاف على الواحد، يوجد أناس يتصلون فينا من سوريا والله يا أخي ستة آلاف ضرب خمسة.

الدكتور حسن:
بتركيا أربعون ليرة تركية تقريباً.

الدكتور بلال:
قريب من عندنا، دينار وثمانون قرشاً تقريباً، بسوريا ستة آلاف ليرة، يوجد أناس تقول لي: والله أنا، وزوجتي، وأولادي خمسة، ضرب ستة آلاف حد أدنى، ثلاثون ألفاً، لا يوجد معي هذا المبلغ، أقول له: لا تجب عليك، حسبنا الله ونعم الوكيل، أي لا نوجبها على إنسان لا يملكها زائدة عن حاجاته عند وقت وجوبها في غروب شمس آخر يوم من أيام رمضان يكون معه هذا المبلغ زائداً على حاجاته، أكله، وشربه، وكسوة أولاده، اشترى وأكل وشرب وكسا أولاده على العيد وأموره جيدة، ومعه مبلغ زيادة هذا يدفع، إذا كان لا يملك.

لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)
[ سورة البقرة]

نعم سيدي.

الدكتور حسن:
الله يبارك فيكم سيدي.
زكاة الفطر سيدي لمن تدفع؟ كثير هنا نقع في رمضان بأسئلة كثيرة جداً ، أي الأم عندها بنت أرملة، وعندها أَولاد أولاد، هل يجوز إعطاؤهم زكاة الفطر أو زكاة مالها؟ الأخ عنده أخت متزوجة ومطلقة، وعندها أولاد، هل يجوز إعطاؤهم زكاة المال؟ أسئلة من باب: الأقربون أولى بالمعروف، لأن الفقر قد عمّ، وشاع، فينظر الذي يريد أن يزكي زكاة المال، ينظر إلى الأقرببن من أهله، فما قولكم في هذا؟

الزكاة للأقارب:
الدكتور بلال:
حياكم الله.
الأقربون أولى بالمعروف
نحن القربات سيدي يوجد حركة عمودية، وحركة أفقية، أقصد بالعمودية الوالدان والأجداد مهما علوا، وبالأفقية الأبناء، والبنات، والأحفاد مهما نزلوا، هذه الحركة هكذا، يوجد حركة أفقية هي الأخوة، الأخوات، الأعمام، الأخوال، الخالات، أبناء الأخ، أبناء الأخت، بالحركة الأفقية بلا خلاف يجب أن تتفقدهم قبل أن تتفقد الأبعدون، شخص أخته متزوجة زوجها فقير، لا يوجد عندها ما تأكل، لا يوجد عندها ما تعالج به أولادها، لا يوجد عندها ما تكسو أولادها به، ثم يدفع الزكاة للجمعية الخيرية، نقول له: تعال أختك أولى بمالك من الغريب، الآن إذا كنت تتعهدها من غير زكاة المال جزاك الله خيراً، هذا كرم خلق من الإنسان، أنا أختي أعطيها من حر مالي، أنا أتعهدها من مالي الخاص، الزكاة أعطيها للغير، جيد، أما تترك أختك وتعطي الزكاة للغير فلا، الأقربون أولى بالمعروف، لما جاء أبو طلحة وتبرع ببستان، قال النبي صلى الله عليه وسلم:
(( عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان أبو طلحةَ أكثَرَ الأنصار مالاً بالمدينة من نخل، وكان أحبَّ أمواله إِليه بَيْرُحاءَ، وكانت مستقبلةَ المسجدِ، فكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يدخُلُها، ويشربُ من ماء فيها طيِّب، قال أنس: فلما نزلتْ هذه الآية : { لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ } [ آل عمران: 92 ] قام أبو طلحةَ إِلى رسولِ الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسولَ الله إِن الله تبارك وتعالى يقول : { لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ } وإِن أحبَّ مالي إِليَّ: بَيْرُحاءَ، وإِنَّها صدقة لله، أرجو بِرَّها وذُخْرَها عند الله فَضعْها يا رسولَ الله حيث أراكَ الله قال: فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: بَخ، ذلك مال رابح، ذلك مال رابح، وقد سمعتُ ما قلتَ، وإِني أرى أن تجعلَها في الأقربين ))-[أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ومالك ]
أي وجهه فوراً للأقربين، الأقربون أولى بالمعروف، الواحد يتفقد أخته، وأخاه ، وأولاده، وأعمامه، وأخواله، وأولاد أعمامه، وأولاد أخواله، وخالاته، وعماته، وأولادهم قبل أن يدفع زكاة ماله، إذا كان يريد أن يدفع فقط الزكاة ليعطهم، تفقد أول شيء هذه الحركة الأفقية الأقرب فالأقرب، ثم إذا زاد للأبعد ادفع للأبعد، تماماً؟
العمودية هي الكلام عليها، أب، وأم، وجد، وجدة، وابن، وبنت، وحفيد، وحفيدة هؤلاء ما وضعهم؟ بعض الفقهاء قطعوا الموضوع، قال: الزكاة للأصول، طبعاً الزكاة وصدقة الفطر سواء، قالوا: الزكاة وصدقة الفطر للأصول والفروع لا تجوز، أي أنا لا أعطي لا أبي، ولا أمي، ولا ابني، ولا ابنتي بالأخير، لكن يوجد استثناءات، من هذه الاستثناءات، وأنا أرى أنها مهمة جداً، الاستثناءات؛ الوالدان صح، لا يعطون الوالدين والأجداد هؤلاء يعطون من حر المال، أنت لا يجوز أن تعطي أباك أو أمك من زكاة مالك، هؤلاء واجب نفقتك عليهم لما يحتاجون يجب أن تقطع من نفسك وتعطيهم، الأولاد إذا كانت نفقتهم لا تجب عليك، استقلوا بنفقتهم، الراجح في المسألة أنه يجوز إعطاؤهم، الأم مثلاً، الأم ليست ملزمة بالنفقة، ابنتها محتاجة، زوجها مدين، قالت لها: يا ماما أريد أن أعطيك زكاة مالي لا يوجد مانع، الأب زوج ابنته وصهره فقير، الأب يعطيه وهو لا يريد، أخذ المال وأعطاه لابنته أو لصهره، بالنتيجة للعائلة بغض النظر للبنت أو للصهر، فإذا استقل الأولاد بنفقتهم عن والدهم، استقلوا بنفقتهم، لا يعيشون معه بالبيت، وليس هو من ينفق عليهم، وكانوا فقراء أو مساكين، فالصحيح من أقوال العلم جواز دفع الزكاة لهم، الوالدان لا، الأخوة والأخوات، والأعمام والأخوال وأبناؤهم بلا خلاف يجوز، بل هم أولى من غيرهم.

الدكتور حسن:
بارك الله بكم على هذا التفصيل.
الأساس سيدنا في الإنفاق، من تجب عليهم النفقة لا يجوز أن نعطيهم إلا إذا استقلوا بنفقتهم، واستقلوا بأنفسهم.

الدكتور بلال:
نعم بالضبط، مئة بالمئة.

الدكتور حسن:
بارك الله بكم، وجزاكم الله عنا كل خير.
سؤال سيدي: زكاة المال تخرج من المبلغ نفسه أم من مال آخر كالأجرة الشهرية مثلاً، وجزاكم الله خيراً، هذا السؤال على الشاشة، زكاة المال تخرج من المال نفسه أم من مال آخر كالأجرة الشهرية مثلاً؟ ما قولكم؟

إخراج زكاة المال من المال نفسه أو من مال آخر كلاهما صحيح:
الدكتور بلال:
كلاهما صحيح، النتيجة أريد أن أدفع، أنا وجب عليّ ثلاثة آلاف أدفعهم، أخرجهم من نفس المال الذي وجبت فيه، جاءتني أجرة شهرية أخذتها، ودفعتها، لا يوجد أي مشكلة، المهم أن هذا المال واجب عليّ، فيجب أن أخرجه من أي مال لا يوجد مشكلة.

الدكتور حسن:
زكاة الفطر سيدي؛ هل تخرج، مثلاً أنا موجود في تركيا، أريد أن أخرج زكاة مالي إلى سوريا، لأقربائي، هل تخرج بالعملة السورية أم تخرج بالعملة التركية؟ هناك تعرف لا يوجد غير عملة سورية؟

إخراج الزكاة من قيمة نقد البلد الذي صام فيه الإنسان:
الدكتور بلال:
الزكاة تدفع بالبلد الذي صام به الإنسان
تخرج قيمتها بالبلد الذي أنت صمت فيه، أنا مقيم في تركيا، زكاة فطري هي أربعون ليرة تركية، اليوم أريد أن أبعثها كم الليرة التركية تعادل بالسوري؟ أضرب وأبعثها بالسوري لكن المهم أن قيمتها تكون بالبلد الذي أنا صمت فيه، المقيم بتركيا لا يدفع الزكاة بالشام ستة آلاف ليرة على الشخص، لا يدفع أربعين ليرة تركية على الشخص، بالعملة التي يريدها لا يوجد مانع، بالليرة، بالدولار، الذي يريده، لكن يدفعها بقيمة البلد الذي صام فيه هو.

الدكتور حسن:
من باب آخر: هل يصح نقل زكاة المال وزكاة الفطر من بلد إلى بلد؟

نقل زكاة المال وزكاة الفطر من بلد إلى بلد:
الدكتور بلال:
يصح عند الحاجة، قال الفقهاء: الأصل أن الزكاة تدفع بالبلد الذي صام به الإنسان أو عمل به حتى تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم لتحقيق التكافل الاجتماعي، لكن عندما يكون هناك حاجة كأن يكون الإنسان مغترباً يريد أن يبعث إلى أهله في الشام، أو إلى بلد منكوب مثل بعض بلاد المسلمين مثل اليمن، وسوريا، إلى آخره، ممن أصابتهم نكبات الحروب وغيرها فإذا كان هناك حاجة كأن يريد أن يخرجها إلى أقربائه في بلد آخر، أو في بلد أصابته نكبة فلا مانع من إخراج الزكاة من بلد إلى بلد آخر، بل ربما يكون ذلك مندوباً ومستحباً لإظهار التكافل العام بين المسلمين عند وجوب النكبات.

الدكتور حسن:
سائل يسأل فضيلة الدكتور: رجل متكفل بأيتام وهو يأتي لهم بالمال، ما هي زكاة المال لهؤلاء الأيتام وهؤلاء الصبية؟ أو إذا هناك مجنون وإنسان متكفل بماله، فهل تخرج زكاة المال عنهم؟

زكاة مال اليتيم واجبة ويدفع عنه وليه:
الدكتور بلال:
الزكاة ليست متعلقة بالشخص
اليتيم في الصحيح عند جمهور الفقهاء يخرج عنه وليه، لأن الزكاة تجب في المال، والمال موجود، وحال عليه الحول، وبلغ النصاب فتحققت الشروط، فالزكاة ليست متعلقة بالشخص، مثلاً الصلاة تقول لي: الشخص صغير هل تجب عليه الصلاة؟ أقول لك: لا، الصيام؟ لا، أما الزكاة فليست عليه، على ماله، المال بلغ النصاب فحال عليه الحول فوليه يخرجه عنه.
ومن هنا كان سيدنا عمر يقول: اتجروا بأموال اليتامى حتى لا تأكلها الصدقات، أي إذا أنت وضعتها بمخزن، وما صرفت من المال، ما استثمرته، كل سنة اثنان ونصف بالمئة، عشر سنين كان المبلغ عشرة آلاف أعطيته سبعة آلاف، أكلت له ماله بالزكاة، إذاً الزكاة بالمال، مال اليتيم واجبة، ويدفع عنه وليه، يحصي له زكاة ماله ويدفعها.

الدكتور حسن:
أريد أن أشكر الدكتورة صبا حسامي حفظها الله سبحانه وتعالى من مدينة حمص المباركة، هي تسأل الآن هناك مبلغ حال عليه الحول، ووضع استثماره في وجوه الخير، هل تجب عليه الزكاة؟ موجود هذا المبلغ في عمل خير، وحال عليه الحول.

المال المعد للاستثمار من أجل مصلحة عامة:
الدكتور بلال:
الآن الذي فهمته الآن من السؤال، حتى أعطي ما فهمت ثم أجيب، أن هناك مبلغاً مالياً هو في الأصل كان في حوزتي، فأنا أخرجته من حوزتي ووضعته في وجه من وجوه الخير، أي أستثمره من أجل مصلحة عامة، وضعته في ميتم، وضعته في كذا، هذا المال ليس في حرزي، هو أصبح أصلاً في وجوه الخير، فهو كله زكاة، لم يعد فيه زكاة، لا، إذا كان كما فهمت أنا.

الدكتور حسن:
بارك الله بكم.

الدكتور بلال:
مثلاً الجمعيات الخيرية عندها أموال، بالحساب الجمعيات الخيرية فيها أموال زكاة وصدقات بعشرات الآلاف، حال الحول عليهم، يدفعون زكاة؟ لا، هذا المال بالأصل أصبح للصدقة والزكاة، فلا يخرج منه، سيخرج كله بالنتيجة.

الدكتور حسن:
نعم سيدي؛ السؤال سيدي: من مات وعليه الزكاة، ما الحكم في ذلك؟

من مات وعليه زكاة توزع زكاته قبل الميراث:
الدكتور بلال:
والله إذا وجب عليه الزكاة ومات ولم يؤدها فإنها تخرج قبل التوزيع، قبل توزيع الميراث، رجل يدفع زكاة ماله، لكن جاء رمضان وما دفع تكاسلاً قليلاً، توفي ولم يدفع زكاة ماله هذا العام، فالمال فيه حق لله عز وجل، وهذا من أعظم الحقوق، قبل توزيع الميراث نخرج اثنين ونصف بالمئة، ورثته أصبحت المسؤولية عليهم، يخرجون اثنين ونصف بالمئة قبل توزيع الميراث.

خاتمة وتوديع:
الدكتور حسن:
جزاكم الله خيراً على هذا اللقاء المبارك فضيلة الدكتور أتعبناكم، وأكثرنا عليكم جداً من الأسئلة بارك الله بكم، وجعلها سارية في صحيفة أعمالكم، ونشكر جميع الأخوة المتابعين وكل من شاركنا في هذه الحلقة المباركة، راجياً من الله سبحانه وتعالى الرضا والقبول، والسداد والتوفيق، ومع شكري الجزيل أخي فضيلة الدكتور بلال نور الدين حفظه الله سبحانه وتعالى مدير مكتب العلّامة الدكتور محمد راتب النابلسي تشرفنا بلقائكم، وانتفعنا، واستنفعنا بهذا اللقاء المبارك، جزاكم الله عنا كل خير، شكراً لكل المتابعين، حتى نلقاكم نستودع الله دينكم، وأماناتكم، وخواتيم أعمالكم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
إذا كان هناك كلمة فضيلة الدكتور قبل أن نقول السلام عليكم، نسمع منكم.

الدكتور بلال:
يا سيدي ! سُئل حكيم: من أسعدُ الناس؟ فقال: من أَسعدَ الناس.
إذا أردت أن تسعد فأسعد الآخرين
وقالوا: إذا أردت أن تسعد فأسعد الآخرين، فمن أعظم سعادة المرء أن يدخل السرور على قلب المسلمين، فلنبادر جميعاً في هذا الشهر، شهر الخير والعطاء، من وجبت عليه الزكاة ومن لم تجب، فلنبادر كلنا إلى مد يد العون إلى أخواننا اللاجئين، المهجرين، المقيمين في أوطانهم ولكنهم لا يجدون قوت يومهم، ولا مصروف أولادهم، فلنمد يد العون والتكافل، فوالله إن المعطي له عند الله تعالى من المكانة ما لا يعلمه إلا الله، فلنغتنم هذه المواسم، قد كان النبي صلى الله عليه وسلم جواداً، وكان أجود ما يكون في رمضان، كان كالريح المرسلة صلى الله عليه وسلم، لعل الله تعالى ينظر إلى تكافلنا وتعاوننا فيفرج عنا، ويعلي قدرنا، وينصرنا على عدونا.

الدكتور حسن:
عليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وجزاكم الله عنا خير الجزاء، ونفع الله بكم هذه الأمة، ونفعنا ببعضنا، وردنا إلى ديننا رداً جميلاً، وجعل هذا الشهر المبارك علينا خيراً، وفرجاً، وبركةً، وتيسيراً، ورزقاً، ووفاءً، وتكريماً، وزيارةً لبيت الله الحرام، اللهم آمين، اللهم آمين، اللهم آمين.

الدكتور بلال:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
والحمد لله رب العالمين