نشر الشائعات
نشر الشائعات
أخي الحبيب اسمح لي أن أهمس في أذنك همسة محب: |
وسائل التواصل الحديثة سهلت بشكل كبير نقل الأخبار فيمكن أن يصل الخبر إلى ملايين الناس خلال دقائق معدودة، إلا أنها في الوقت نفسِه قللت بشكل كبير من موثوقية الخبر. |
ومع ذلك فما زال كثير من الناس يتلقون أي خبر يقرؤونه في الفيس بوك أو يصلهم عبر الواتس أب على أنه خبر صحيح واقع ويقومون بنشره إلى العشرات أو المئات عبر المجموعات وكل شخص في المجموعة يقوم بإرساله إلى المئات. |
وهكذا، وبالتالي فإن المجال لنشر الشائعات وترويجها أصبح واسعاً جداً، وكم أدى ذلك إلى اغتيال معنوي للشخصيات! وكم هتك عرضاً! وكم أساء لسمعة! وكم خرَّب أوطاناً! وكم أثار عداوات! |
كنت أردد دائماً: الأصل في أخبار الفيس بوك والواتس أنها غير صحيحة ولا تصدق خبراً ولا تنشر منشوراً إلا بدليل. |
يقول تعالى: |
وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا (83)(سورة النساء)
فإياك أن تذيع أي خبر يأتيك من مشرق الأرض ومغربها قبل التثبت من صحته. |
من أعظم الأحاديث التي تبين خطر الشائعات وأهمية التثبت من المعلومات قبل نشرها قوله صلى الله عليه وسلم: |
{ كفَى بالمَرءِ كذِبًا أنْ يُحَدِّثَ بكلِّ ما سمِع }
(صحيح الجامع للألباني)
وقد رسم القرآن الكريم منهج التثبت من الأخبار فقال جل من قائل: |
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6)(سورة الحجرات)
وبناء على الآية فقد قال أهل العلم : خبر الصادق يصدق، وخبر الكاذب مردود، وخبر الفاسق متوقف فيه وينبغي التثبت قبل النشر أو الحكم أو التصرف |
أخبار وسائل التواصل اليوم معظمها يندرج تحت خبر الكاذب لأنه خبر مجهول، أو هو في أحسن الأحوال خبر الفاسق الذي لا ينبغي نشره وإشاعته أو التصرف بناء عليه الا بعد التحقق منه من مصادر موثوقة. |
بعض الناس ينقل الإشاعة التي تمس إنساناً أو تثير مشكلة ويكتب تحتها : منقول أو يكتب : كما وردني ويظن بذلك أنه يخلي مسؤوليته أمام الله وأمام الناس والصحيح أنه مسؤول عن هذا النشر ولا يعفيه قوله: منقول! |
في حديث الإفك كان هناك منافقون اصطنعوا الإفك ونقلوه وتوعدهم الله بالعذاب، وهناك المؤمنون الذين حموا ألسنتهم عن نقل الخبر وهؤلاء امتدحهم الله، وهناك من تناقلوا الخبر يظنون أنه أمر هين فهم مجرد ناقلين للخبر وهؤلاء قال الله تعالى فيهم : |
إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ (15)(سورة النور)
تلقونه أي يرويه بعضكم عن بعض دون علم لكم به وتظنون نقل الخبر المكذوب أو المشكوك فيه أمراً هيناً وهو عظيم عند الخالق جل جلاله. |