• برنامج دار الأرقم - الحلقة التاسعة
  • 2025-03-09

رجُلٌ بأُمَّة

في دار الأرقم، يتعلم الطلاب أنَّ الإسلام ليس سكونياً، بمعنى أنه ليس مجرد أفكارٍ يؤمن بها المرء، أو عقيدةٍ يعتنقها فحسب، فما إن تستقر حقيقة الإيمان في قلب المؤمن، حتى تبدأ معها رحلة التغيير، وينطلق المؤمن نحو خالقه صلةً وإيماناً، ونحو الخلق بِراً وإحساناً.
على طريق القوافل التجارية، بين اليمن والشام، تقطن قبيلة غفار، وترتزق من قطع الطريق وسرقة القوافل.

أبو ذر الغفاري كان من أوائل المسلمين:
أبو ذر واحد من رجالات تلك القبيلة، لكنه لم يكن فرداً، بل كان أُمّة سمع بالنبي صلى الله عليه وسلم، وسمع عن الدين الجديد، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم، وكان من أوائل المسلمين.
بعد إسلامه مباشرة، أدرك أنَّ أمامه مهمة عظيمة، وهي هداية قومه، الجلوس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سعادة ما بعدها سعادة، لكن أبا ذر أدرك حقيقة الإيمان، فعاد إلى قومه، ليبدأ معهم رحلة التغيير، وأي تغيير؟! سينقل قومه من قطع الطريق، إلى وصل ما أمر الله به أن يوصل، سينقلهم من وحل الأرض إلى وحي السماء.
لبَّى أبو ذر الغفاري أمر رسول الله، وخرج إلى قومه يدعوهم إلى الإسلام، فأسلم نصفهم.
لم يشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة بدر، ولا غزوة أُحُد، فقد كان في جهادٍ من نوعٍ آخر مع قومه، يدعوهم إلى الإسلام، ويعلِّمهم ويؤمهم، فلمّا أسلم بقية قومه، وفد على رسول الله في المدينة، فاحتفى بهم رسول الله وقال:

{ أسلَمُ سالَمَها اللهُ، وغِفَارُ غفَرَ اللهُ لها، وعُصَيَّةُ عصَتِ اللهَ ورسولَه، اللهم الْعَنْ رِعْلًا وذَكْوانَ وبني لِحْيانَ. }

(أخرجه البخاري ومسلم)


في دار الأرقم يتعلم الدارسون الصدق صدق الأقوال والأفعال والنيات:
في دار الإيمان دار الأرقم، يتعلم المؤمنون بالله، الدروس العملية لنصرة دينهم، ويدركون أنَّ وراءهم مهمات جساماً، وأنَّ الإيمان بالله له ما بعده، وأنَّ كلاً منهم يعمل من موقعه، ويعدّ نفسه لتحمل المشاق في سبيل الله.
ويتعلم الدارسون في دار الأرقم الصدق، صدق الأقوال والأفعال والنيات.
كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول:

{ ما أظلَّتِ الخضراءُ ولا أقلَّتِ الغبراءُ من ذي لهجةٍ أصدقَ من أبي ذرٍّ }

(أخرجه الطبري والترمذي وابن ماجه)

وصدق اللهجة كان بداية لصدق الفعل والنية، فهدى الله بأبي ذر كثيرين.
إنَّ أعجز الناس من يعجز عن أن ينوي الخير، فأنت تملك نيتك والله يوفقك لتحقيق ما نويت، فانوِ الخير فإنك بخير ما نويت الخير.
ونية المؤمن خيرٌ من عمله، ولقد كانت نية أبي ذر في هداية الخلق، فجاء رسول الله بعد حين ومعه قومه، وقد أسلموا على يديه، وسيقدمهم يوم القيامة إن شاء الله.