وقفات مع إبراهيم عليه السلام
وقفات مع إبراهيم عليه السلام
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين. |
أحبابنا الكرام: في هذه الأيام نتنسَّم أجواء العشر من ذي الحجة، ونستقبل موسماً من مواسم الخيرات والبركات وهو موسم الحج، ونحتفل بعيدٍ هو عيد الأضحى، وبيوم هو يوم عرفة، كل هذه الأجواء تذكرنا بشخصية نبيٍّ عظيمٍ من أنبياء الله عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم؛ إنّه سيدنا إبراهيم. |
تميُّز سيدنا إبراهيم عليه السلام
خصوصية سيدنا ابراهيم
|
أحبابنا الكرام: هذا الرجل شخصية متميزة مباركة عظيمة، هذا الرجل يمثِّل قوله تعالى: |
قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ(سورة الأنعام: الآية 162)
عاش لله، وأحبَّ لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله، فاستحقَّ أن يذكره الله في قرآنه فيقول: |
إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً(سورة النحل: الآية 120)
فإبراهيم لم يكن فرداً، بل (كَانَ أُمَّةً) في الخير، يدلُّ الناس على الخير، ويعلم الناس الخير. |
امتحان العقيدة
هذا النبي الكريم عاش ثلاثة امتحانات متتالية؛ الامتحان الأول كان امتحان عقيدة، امتحان إيمانٍ بالله، يوم هدَّم الأصنام التي كانت تُعبَد آلهةً من دون الله، فحول مسار أمةٍ كاملةٍ من ذلِّ الشرك إلى عزِّ التوحيد والعبودية، امتحان العقيدة يوم كان ينظر في السماء ويبحث عن إله ليُعلِّم الأمة إلى يوم القيامة أن العقيدة لا تؤخذ تقليداً، وإنما تؤخذ عن بحثٍ ودرسٍ، لذلك يقول تعالى قي قرآنه: |
فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ(سورة محمد: الآية 19)
التوحيد علم وليس قول
|
امتحان التخلي عن كل شيء
الامتحان الثاني الذي خاضه إبراهيم عليه السلام: هو امتحان التخلي عن كل شيء، تنفيذ الأمر. الامتحان الأول كان امتحان معرفة، بينما الثاني امتحانُ تنفيذ، سنتكلم عن هذا الامتحان بشيءٍ من التفصيل. |
الامتحان الثاني هو امتحان أن يتخلى هذا الأب النبي عن زوجه وابنه الرضيع: |
{ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: ثُمَّ جَاءَ بِهَا إِبْرَاهِيمُ وَبِابْنِهَا إِسْمَاعِيلَ وَهِيَ تُرْضِعُهُ، حَتَّى وَضَعَهُمَا عِنْدَ البَيْتِ عِنْدَ دَوْحَةٍ، فَوْقَ زَمْزَمَ فِي أَعْلَى المَسْجِدِ، وَلَيْسَ بِمَكَّةَ يَوْمَئِذٍ أَحَدٌ، وَلَيْسَ بِهَا مَاءٌ، فَوَضَعَهُمَا هُنَالِكَ، وَوَضَعَ عِنْدَهُمَا جِرَابًا فِيهِ تَمْرٌ، وَسِقَاءً فِيهِ مَاءٌ، ثُمَّ قَفَّى إِبْرَاهِيمُ مُنْطَلِقًا، فَتَبِعَتْهُ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَقَالَتْ: يَا إِبْرَاهِيمُ، أَيْنَ تَذْهَبُ وَتَتْرُكُنَا بِهَذَا الوَادِي، الَّذِي لَيْسَ فِيهِ إِنْسٌ وَلاَ شَيْءٌ؟ فَقَالَتْ لَهُ ذَلِكَ مِرَارًا، وَجَعَلَ لاَ يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا، فَقَالَتْ لَهُ: آللَّهُ الَّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا ؟ قَالَ نَعَمْ، قَالَتْ: إِذَاً لاَ يُضَيِّعُنَا، ثُمَّ رَجَعَتْ، فَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ حَيْثُ لاَ يَرَوْنَهُ، اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ البَيْتَ، ثُمَّ دَعَا بِهَؤُلاَءِ الكَلِمَاتِ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: رَبِّ {إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ المُحَرَّمِ} حَتَّى بَلَغَ {يَشْكُرُونَ} }
(رواه البخاري)
الماء هو أساس الحياة
|
اليقين عند السيدة هاجر
أحبابنا الكرام؛ هنا نقطة رائعة في فهم اليقين، أقول: هاجر هي أستاذة اليقين، مربية اليقين، أنا لم يمر معي يقين كهذا اليقين، أن امرأة ستبقى في هذا المكان وحيدة |
وَلَــوْ كَـانَ النِّسَاءُ كَمَــنْ رَأَيْـنَــــــــا لَفُضِّلَتِ النِّسَاءُ عَلَى الرِّجَـــالِ وَمَا التَّأْنِيثُ لِاسْمِ الشَّمْسِ عَيْبٌ وَلَا الـتَّـذْكِـيـرُ فَـخْـرٌ لِلْهِـــــــــلَالِ{ أبو الطيّب المتنبي }
الآمر هو الحافظ
|
أول ما دعا به إبراهيم عليه السلام بعد تنفيذ أمر ربه
أحبابنا الكرام: (فَانْطَلَقَ إِبْرَاهِيمُ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ الثَّنِيَّةِ) الثَّنِيَّةِ: هو المكان الذي دخل منه محمدٌ صلى الله عليه وسلم إلى مكة، عند فتح مكة،(عِنْدَ الثَّنِيَّةِ حَيْثُ لاَ يَرَوْنَهُ) وصل إلى مكان لم يعودوا يستطيعون رؤيته، (اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ البَيْتَ) لم يكن هناك بيت، لكن |
وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ(سورة الحج: الآية 26)
اسْتَقْبَلَ بِوَجْهِهِ البَيْتَ، ثُمَّ دَعَا بِهَؤُلاَءِ الكَلِمَاتِ، وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ: |
رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ(سورة إبراهيم: الآية 37)
الصلاة تغذي الروح
|
الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا(سورة الكهف: الآية 46)
ابدأ بما يبقى، لا تبدأ بما يفنى، إذا جلست تدعو قل: يا رب ارزقني الجنة، يا رب أنزل على قلبي السكينة والرحمة والخير، بعد ذلك قل: يا رب ارْزُقْنِي رزقاً طيباً حلالاً أتقوَّى به على طاعتك، الزرق مطلوب والمال مطلوب، لكن ابدأ بما يبقى، فإبراهيم عليه السلام بدأ بالأهم في التربية (رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ) همُّه وشغله الشاغل أن يكون من ذريته في هذا المكان من يقيم الصلاة، ولم يقل: ربنا ليصلوا، وقد أسلفت لكم سابقاً أن هناك فرقاً بين أن تقول: صلِّ، وأن تقول: أقم الصلاة، وكانت العرب تقول: أقام العرب سوقهم، أي لم يعطلوها من البيع والشراء، فإذا أقاموها وليس فيها بيعٌ ولا شراءٌ فهم لم يقيموا السوق، بل أنشؤوا مكاناً لكن لا يوجد بيعٌ ولا شراءٌ، إذا كان هناك بيعٌ وشراءٌ فقد أقيمت السوق، فقد حققت المقصد منها، فعندما يقول تعالى: |
أَقِيمُوا الصَّلَاةَ(سورة البقرة: الآية 43)
أي أَقِيمُوا الصَّلَاةَ على النحو الذي يرضي الله، عندما تنهى الصَّلاة عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ هذه هي إقامة الصلاة |
إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ(سورة العنكبوت: الآية 45)
معنى إقامة الصلاة
|
أهمية الجانب الاجتماعي
شكر الله هو الهدف الأسمى
|
روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه أمسك تفاحةً يوماً فقال: " أكلتها ذهبت، أطعمتها بقيت". كل شيء خلقه الله تعالى له هدفان: هدف مادي محدود تنتفع به، وهدف أعظم وأسمى تصل من خلاله إلى الله. فلما قال: (وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ) لم يقل: ليأكلوا ويشربوا، هذه تحصيل حاصل، قال: (لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) لعل الثمار تلك تقودهم إلى شكر الله فيحققوا الهدف من وجودهم، (وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) هذه الآيات التي تلاها إبراهيم عليه السلام. |
الله لا يضيِّع أهله
بداية السعي بين الصفا والمروة
نتذكر هذه الأستاذة، أستاذة اليقين، تقف على الصَّفَا لعلها ترى من أحد فلا ترى، فتعود وتسعى سَعْيَ المَجْهُودِ حتى سَمِعَتْ صَوْتًا، صوتاً ينادي، (فَقَالَتْ صَهٍ) تسكِّت نفسها يعني تقول لنفسها: اهدئي حتى تسمعي الصوت، فَسَمِعَتْ صوت الْمَلَك، فَقَالَتْ: (قَدْ أَسْمَعْتَ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ غِوَاثٌ) ما تمدنا به، الابن يبكي رأت ابنها يَتَلَوَّى، الابن بدأ يَتَلَوَّى، وهي لا تستطيع أن ترضعه لأنها هي غير قادرة إن لم تأكل وتشرب على الإرضاع، (فَبَحَثَ بِعَقِبِهِ، أَوْ قَالَ بِجَنَاحِهِ، حَتَّى ظَهَرَ المَاءُ) فجاء الملك فَبَحَثَ بِعَقِبِهِ أَوْ بِجَنَاحِهِ الأرض فخرج الماء، ماء زمزم، (قَالَ: فَشَرِبَتْ وَأَرْضَعَتْ وَلَدَهَا، فَقَالَ لَهَا المَلَكُ: لاَ تَخَافُوا الضَّيْعَةَ، فَإِنَّ هَا هُنَا بَيْتَ اللَّهِ، يَبْنِي هَذَا الغُلاَمُ وَأَبُوهُ، وَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَهْلَهُ) هي ماذا قالت قبل قليل؟ قالت: (إِذَاً لاَ يُضَيِّعُنَا) جاءها الجواب من الْمَلَك: (لاَ تَخَافُوا الضَّيْعَةَ، إِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَهْلَهُ) أنتم أهل الله، نحن كلنا أهل الله واللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَهْلَهُ جلَّ جلاله، فجاءها الجواب من الله عزَّ وجلَّ كما طلبت، هي لمَّا أيقنت أن الله لا يُضَيِّعها؛ جاءها الجواب من الْمَلَك: وَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَهْلَهُ. |
عظمة ابتلاءات الأنبياء
التعلق الشديد بين الأب وابنه
|
وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي(سورة طه: الآية 41)
يعقوب عليه السلام لما كان متعلقاً بيوسف تعلقاً شديداً أراد الله تعالى أن يُلقى فِي غَيَابَة الْجُبِّ وأن يغيب عنه سنواتٍ وسنواتٍ، حتى أصبح خالصاً لله، إبراهيم عليه السلام أراده الله خالصاً لنفسه فامتحنه بإسماعيل، وامتحنه بالذبح كما سيأتي معنا بعد قليل. |
{ عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً؟ قَالَ: "الْأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الْأَمْثَلُ فَالْأَمْثَلُ، يُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ ذَلِكَ، فَمَا يَبْرَحُ الْبَلَاءُ بِالْعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الْأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ" }
(رواه الترمذي)
فابتلاءات الأنبياء عظيمة جداً، قد لا يطيقها البشر العاديون. |
بناء بيت الله
الأمر ببناء بيت الله
|
رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ(سورة البقرة: الآية 127)
هذه قصة بناء البيت. |
أحبابنا الكرام: هذا الامتحان الذي خاضه هو الامتحان الثاني، الامتحان الأول: هو امتحان العقيدة، امتحان الإيمان، امتحان البناء، هدَّم الأصنام، نظر في السماء |
فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَٰذَا رَبِّي ۖ فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ * فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَٰذَا رَبِّي هَٰذَا أَكْبَرُ ۖ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا ۖ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ(سورة الأنعام: الآية 77-78-79)
ونحن ندعو بهذا الدعاء دعاء الاستفتاح في الصلاة. |
الامتحان الثاني: تخلى عن زوجه وابنه الرضيع أسكنهما بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِ الله الْمُحَرَّمِ. |
امتحان ذبح سيدنا إبراهيم لابنه
الامتحان الثالث هو الأشدُّ على النفس، الامتحان الثالث: |
فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ۚ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ(سورة الصافات: الآية 102)
(أَرَىٰ) وليس رأيت (أَرَىٰ) فقد تكرر المنام، هناك فعل ماض وفعل مضارع، يوسف عليه السلام لما رأى أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا قال: |
إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ(سورة يوسف: الآية 4)
رأى مرة واحدة، لكن هو غلام والرؤيا جميلة جداً فذهب إلى والده فوراً (يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا)، إبراهيم عليه السلام رأى الرؤيا ولم يذكرها، أب وهذا ابنه، تكررت مرة واثنتين وثلاثة والله أعلم، فقال: (إِنِّي أَرَىٰ) كل يوم أنام فأرى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ. |
{ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: إِنَّ رُؤْيَا الأَنْبِيَاءِ وَحْيٌ }
(رواه البخاري)
رؤيا الأنبياء وحي
|
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ(سورة النحل: الآية 90)
ثم يتردد (بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ) لا يأمرك بذبح ابنك (بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ) اللذين فطرت عليهما أن تعدل وأن تحسن، إن الله يأمرك أن تغض البصر فيتردد، إن الله يأمرك بصلاة الفجر فلا يقوم إليها، الأوامر الإلهية هي ضمن المستطاع وهي ضمن المصلحة المفهومة والحكمة، لم يأمرنا الله تعالى بأمر لا نفهم حكمته، الصلاة ندرك أهميتها من خلال الواقع ونرى كيف نقطف ثمارها، رمضان نرى ثماره، الزكاة نرى أثرها في المجتمع، الأوامر كلها واضحة، مقاصدها واضحة، حكمها واضحة، ومع ذلك تجد مع الأسف مسلم اليوم يتردد في ترك النواهي وفي تنفيذ الأوامر، (قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ۚ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) لقد ذبح إبراهيم ابنه وإن لم يذبحه |
فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا ۚ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ(سورة الصافات: الآية 103-104-105)
الصبر على قضاء الله وقدره
|
وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ(سورة الصافات: الآية 107)
ولا تزال الأمة إلى اليوم بعد آلاف السنوات تقتدي بإبراهيم عليه السلام فتذبح الأضاحي إحياءً لهذه السُنَّة، هذا إبراهيم، من هنا كان إبراهيم أمةً. |
التعظيم والاستجابة
تعظيم الله عز وجل
|
مثال: أنت الآن إذا كنت جالساً في البيت ووالدك أو والدتك همسا همساً: يا فلان، تنهض من فورك، لماذا؟ تعظيماً لوالدك ولقدره، أو لوالدتك، إذا كان ابنك هو الذي نادى: أبي وأنت مشغول بشيء فإنك لا ترد عليه، فالاستجابة من آثار التعظيم، ليست من آثار الحب فقط، ابنك تحبه لكن إذا كنت منشغلاً تقول: الآن ليس الوقت المناسب يا بني انصرف عني، أما إذا نادى الأب: يا فلان، تقول: حاضر أبي، تقف فوراً، لأنه يعظم والدك في نظرك فتلتزم أمره. |
الآن مع الله تعالى لما يكون الله عظيماً في قلبك فإنك تقول: لبيك اللهم لبيك، لا أمر يعلو فوق أمرك ولا استجابة إلا لك، كأن الله يقول: تعال يا عبدي، فتقول: لبيك اللهم لبيك، جئتك، إبراهيم عليه السلام هذا الذي فعله في الامتحانين، عظَّم الله وبنى له بيتاً، فلما قال الله تعالى له: اذبح ولدك، ذبح، اجعل زوجتك وابنك بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ، جعلهما فوراً. |
أوامر الله قد تكون امتحاناً لعبوديتنا
امتحان العبودية في أوامر الدين
|
صفات سيدنا إبراهيم
ربنا عزَّ وجلَّ لما وصف إبراهيم قال: |
إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ ۚ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ(سورة النحل: الآية 120-121)
1- (كَانَ أُمَّةً). 2- (قَانِتًا لِّلَّهِ). 3- (حَنِيفًا). 4- (وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ). 5- (شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ). |
النبوة اصطفاء من الله
|
يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ ۖ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ(سورة هود: الآية 98)
أما إبراهيم عليه السلام فكان أمة في الخير. |
مرةً ابن مسعود رضي الله عنه كان بين أصحابه فقال: إن معاذ بن جبل كان أمةً قانتاً لله، فقالوا: غَلِط ابن مسعود، ابن مسعود مُقرِئ لا يغلط بالقرآن، فأعادها فقال: إن معاذ بن جبل كان أمةً، هو لا يتلو آيةً هو يشبِّه، قانتاً لله، قالوا كيف ذلك؟ قال: إن معاذ بن جبل كان أمةً في الخير مطيعاً لله، ولذلك كنا نشبه معاذاً بإبراهيم عليه السلام، يمكن لأي مؤمن أن يكون قريباً من سيدنا إبراهيم عندما يكون أمةً في الخير، هدفه كبير وطموحاته عالية، هدفه نصرة الأمة ومساعدة الناس، يبذل ما يستطيع لمساعدة الضعفاء، لمساعدة المرضى فيصبح أمةً في الخير. |
الحنيف أي المائل إلى الحق
الميل عن أهل الباطل والابتعاد عنهم
|
مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ(سورة آل عمران: الآية 67)
الشكر علامة إدراك النعمة
المؤمن همه المُنعِم
|
وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُم بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ قَالَ وَمَن كَفَرَ(سورة البقرة: الآية 126)
سنرزق الجميع المؤمن والكافر. |
{ عن سَهْلِ بنِ سَعْدٍ السَّاعديِّ قَالَ: قَالَ رَسُول اللَّه ﷺ: لَوْ كَانَت الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّه جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْها شَرْبَةَ مَاءٍ }
(رواه الترمذي)
فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ(سورة الأنعام: الآية 44)
فالدنيا لا تساوي عند الله شيئاً، فالنعم يأخذها غير المؤمن، لكن المؤمن لا ينشغل بالنعمة عن المنعم، حياته مع المنعم، هدفه إرضاء الله تعالى، هدفه أن يبقى مع الباقي جلَّ جلاله، وليس مع الفاني الذي يفنى بعد حين. |
أحبابنا الكرام: 1- (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً). 2- (قَانِتًا لِّلَّهِ). 3- (حَنِيفًا). 4- (وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ). 5- (شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ). |
إحصاء خيرات نعم الله علينا
أحبابنا أيضاً في سورة إبراهيم: |
وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا(سورة إبراهيم: الآية 34)
نعمة القرآن نعمة كبيرة جداً
|
لَّقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا(سورة مريم: الآية 94)
العد سهل جداً، واحد، اثنان، ثلاثة، أربعة، يقول لك: في هذه الجلسة عشرون شخصاً. |
الإحصاء أبلغ من العد
|
{ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِئَةً إِلا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ }
(رواه البخاري)
لم يقل: من عدها، فالذي يحصي أسماء الله تعالى: اللطيف، الرحيم، يكون لطيفاً يكون رحيماً مع الناس، يأخذ نصيبه من أسماء الله الحسنى ويتقرب إلى الله بما أخذه من هذا النصيب، فالله لطيف وهو لطيفٌ مع الخلق، والله هو الرفيق وهو يترفق مع أهل بيته، والله هو الرحيم وهو يرحم من حوله من الضعفاء، فيكون بذلك قد أحصى أسماء الله. |
فضل عشر ذي الحجة
إخواننا الكرام: نحن في أيام العشر، أيام مباركة |
{ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهِنَّ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ هَذِهِ اْلأيَّامِ الْعَشْرِ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ! وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: وَلا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، إِلا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فَلَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ }
(رواه الترمذي)
نفع الآخرين بالعمل الصالح
|
والحمد لله رب العالمين. |