سبعةٌ يُظِلُّهُم الله في ظله

  • محاضرة في الأردن
  • 2021-11-08
  • عمان

سبعةٌ يُظِلُّهُم الله في ظله

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى صحابته الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألويته، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين.


كل خطاب في القرآن يشمل النساء والرجال معاً:
أيها الأخوة الأحباب؛ حديث شريف مروي في الصحيحين، وجميعكم تعرفونه، لكننا نتدارسه في هذا اللقاء الطيب.
الحديث قوله صلى الله عليه وسلم:

{ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: سَبْعَة يظِلُّهمُ الله في ظِلِّهِ يوم لا ظِلَّ إلا ظِلُّه: الإمامُ العادلُ، وشابّ نشأ في عبادة الله عز وجل، ورجل قلبه مُعَلَّق بالمسجد، إذا خرج منه حتى يعودَ إليه، ورجلان تحابَّا في الله اجتمعا على ذلك وتفرَّقا عليه، ورجل دَعَتْهُ امرأة ذاتُ مَنْصِب وجمال، فقال: إني أخافُ الله ورجل تَصدَّق بصدقة فأخْفاها حتى لا تعلم شمالُهُ ما تُنْفِقُ يمينه، ورجل ذَكَرَ الله خاليا ففاضت عيناه }

[أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي ومالك]

المرأة شأنها الستر
(سَبْعَة) أي سبعة أصناف، وليس سبعة رجال، أو سبع نساء، سبعة أصناف، كل من انطبق عليه هذا الوصف فهو من هذا الصنف، والحديث ليس خاصاً بالرجال، وإن كان ورد في بعض ألفاظه: رجلان تحبان، رجل قلبه، حتى يظن البعض أن الرجل هنا للذكورة، لا، هي أصناف من الناس، والعرب تغلب الذكورة على الأنوثة لا من باب تفضيل الذكور على الإناث، وإنما من باب الحياء، لأن المرأة شأنها الستر، فإذا قال الله تعالى:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (130)
[ سورة آل عمران]

فالمقصود يا أيتها اللواتي آمنّ، فأي خطاب في القرآن الكريم ما لم تقم قرينة على أنه خاص بالذكور دون الإناث، أو بالإناث دون الذكور فهو لجميع المؤمنين والمسلمين.

إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (35)
[ سورة الأحزاب]

مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)
[ سورة النحل]

فالأصل أن كل خطاب في القرآن الكريم يشمل النساء والرجال معاً، إلا إن قام دليل على تخصيصه، كالحجاب للمرأة، والجهاد للرجال، أما باقي الأحكام التي تشمل أكثر من خمسة وتسعين بالمئة من أحكام الشريعة فهي عامة للرجال وللنساء.

ظلّ الله وأهميته في الكرب العظيم:
ما معنى (يظِلُّهمُ الله في ظِلِّهِ)؟ أحياناً تكون الدنيا في شهر آب، والجو حار جداً، لو أن رجلاً وجد شجرة يستظل بظلها، يقول لك: ما أجمل الظل ! يُسرُّ، إذا جاءت غيمة كبيرة، فغابت أشعة الشمس قليلاً يُسر الناس، الظل مريح، لكن يوم القيامة كما في الصحيح:

{ عن المقدام بن معدي كرب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تدنو الشمس يوم القيامة حتى تكون من الناس قدر ميل، ويزاد في حرها فتصحرهم، فيكونون في العرق بقدر أعمالهم، فمنهم من يأخذه العرق إلى كعبيه، ومنهم من يأخذه إلى ركبتيه، ومنهم من يأخذه إلى حقويه، ومنهم من يلجمه إلجاماً. ورأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشير بيده إلى فيه }

[أخرجه الطبراني في المعجم الكبير]

الشمس تكبر الأرض بمليون وثلاثمئة ألف مرة
يقول أحد الصحابة الكرام: لا أدري هل هو الميل المعروف، أي بالأمتار، أم هو الميل ميل الكحل، أي تدنو دنواً عجيباً من رؤوس الخلائق، في الدنيا الآن الشمس تبعد عن الأرض مئة وستة وخمسين مليون كيلو متراً تقريباً، لو اقتربت قليلاً لربما أحرقت الأرض بمن فيها، ولو ابتعدت لدخلت الأرض في الصفر المطلق، ظلام دامس، وتجمد مطلق، فبعدها مدروس، الشمس تكبر الأرض بمليون وثلاثمئة ألف مرة، لسان اللهب فيها يمتد إلى مليون كيلو متر تقريباً، فهذه الشمس يوم القيامة تدنو من رؤوس الخلائق بقوانين غير قوانين الدنيا.
يقول صلى الله عليه وسلم: يغطي العرق الناس بحسب ذنوبهم: (فمنهم من تبلغ إلى كعبيه) فقط ذنوب قليلة (ومنهم من يأخذه إلى ركبتيه، ومنهم من يأخذه إلى حقويه) الحقو؛ هو الخصر (ومنهم من يلجمه إلجاماً) يغرق في العرق والعياذ بالله، فكل بحسب ذنوبه، هذا الموقف العصيب والناس ينتظرون الفصل يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول: أنا لها أنا لها، فيشفع للخلق عند ربه لفصل القضاء، هذه أول شفاعته يوم القيامة، هذه قبل إخراج أحد من النار، وإنما فقط من أجل أن يبدأ الحساب، لأن الموقف رهيب والناس في كرب شديد، تخيل هذا الموقف الآن، وتخيل بعدها (سَبْعَة يظِلُّهمُ الله في ظِلِّهِ) فما هو ظل شجرة، ولا هو ظل غيمة، ولا هو ظل جدار، نسب الظل إلى ذاته تشريفاً مع أنه ظل ينشئه الله، كما ورد في أحاديث أخرى هو ظل العرش، ورد أنه ظل العرش، فظل الله نسبة إلى الله تشريفاً لهذا الظل فأنت في ظل الله، لا في ظل شيء من مخلوقاته، وإن كان هو في حقيقة الأمر لا ينسب لله ظلّ، وإنما ظلّ ينشئه الله، يخلقه الله، أو هو ظل عرشه جلّ جلاله لكن نسبه إلى ذاته تشريفاً، فأنت تقول: أنا عبد الله، هذا تشريف، وإذا قرأت في سورة الهمزة:

نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6)
[ سورة الهمزة]

تقول مثلاً: نار الفرن في بيتك مئة درجة، أما نار الفرن الذري فشيء آخر! إذا ألقيت فيها شيئاً بلحظة يتبخر، لا تجد له أثراً، عندما تقول: (نَارُ اللَّهِ) فما أعظمها من نار! فعندما ينسب الشيء إلى الخالق، عندما ينسب الشيء إلى العظيم فما ذاك إلا دلالة على عظمة هذا الشيء فهو ظل الله في موقف عصيب، الخلائق كلها بحاجة إلى أن تستظل به، حرارة الشمس، وحرارة الكرب، وحرارة أنفاس الخلائق، أحياناً يكون الشتاء قاسياً، تسأل: يوجد تدفئة؟ يقول لك: لا والله، لكن ما شاء الله! نحن ثلاثون شخصاً شعرنا بالدفء في الغرفة، فهناك حرارة الشمس، وحرارة الأنفاس، وقد اجتمع الخلق كلهم في أرض المحشر، فهناك حرارة الكرب فيكفي أن ينتظر الإنسان نتيجته، فإذا قدم الطالب الامتحان، فإنه قبل صدور النتائج بساعتين لا تفارق يده الجوال يضع الرقم ليرى نتيجته، ويتصبب عرقاً، وهو ينتظر نتيجته، وهذه النتيجة ستحدد سنين من عمره، فكيف إذا كان ينتظر نتيجة تحدد له الأبد في جنة يدوم نعيمها، أو في نار لا ينفد عذابها؟! نسأل الله السلامة والعافية، وإن كان في الجنة فبين أن يكون في مرتبة أو أخرى أو أخرى إلى أن يصل إلى الفردوس الأعلى من الجنة نسأل الله أن يجعلنا من أهلها، إذاً الموقف رهيب وعصيب، وعندما تقرأ (سَبْعَة يظِلُّهمُ الله في ظِلِّهِ يوم لا ظِلَّ إلا ظِلُّه) يجب أن تعلم ما هذا الظل، وما أهميته في موقف الكرب العظيم.

أحاديث تتحدث عن ظلّ الله عز وجل:
جاءت أحاديث أخرى تتحدث عن هذا الظل، يقول صلى الله عليه وسلم:

{ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقولُ اللهُ تعالى يوم القيامة: أينَ المُتَحَابُّون بجلالي؟ اليومَ أُظِلُّهم في ظِلِّي يوم لا ظِلَّ إِلا ظِلِّي }

[أخرجه مسلم ومالك ]

ويقول أيضاً صلى الله عليه وسلم:

{ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَنْظَرَ مُعْسِراً، أَو وَضَع له، أَظَلَّهُ الله يومَ القيامة تحت ظِلِّ عَرشه يومَ لا ظِلَّ إِلا ظِلّه }

[أخرجه الترمذي]

الصدقة ظلّ يوم القيامة
شخص لك معه مبلغ من المال، وهو معسر لا يستطيع الأداء، غير مماطل، لكن أصابه كرب، فما استطاع الأداء فأنظرته، أمهلته، ما ألجأته إلى الربا ليقترض ويعطيك، قلت له: معك أشهر، معك سنة، أنظرك، أي أمهلك، قال: (أَو وَضَع له) سامحه، أنت معسر، وأنا الحمد لله أموري بخير (أَو وَضَع له، يقول صلى الله عليه وسلم: أَظَلَّهُ الله يومَ القيامة تحت ظِلِّ عَرشه يومَ لا ظِلَّ إِلا ظِلّه) هذه أصناف أخرى غير الواردة في هذا الحديث.
إذاً أيها الكرام؛ ظل الله هو هذا الذي نتحدث عنه، ومنه أيضاً الأحاديث:

{ عن عقبة بن عامر: كل امرئ في ظل صدقته حتى يفصل بين الناس، أو قال: حتى يحكم بين الناس }

[أخرجه الإمام أحمد في مسنده وابن خزيمة ]

الصدقة ظلّ يوم القيامة، الإنسان لا ينبغي أن يستهين بدينار دفعه في سبيل الله، هذه الصدقة ظلّ لك يوم القيامة، تقف في ظلها، والخلائق يغطيهم العرق وأنت تقف في ظلّ صدقتك، أصناف من الناس هذه الأصناف المذكورة في الحديث هي الأشهر، أي هؤلاء الأصناف السبع وورد غيرهم كما أوردنا في الأحاديث أخرى.

الأصناف التي يظلها الله في ظله يوم القيامة:
1 ـ الإمام العادل:
كلٌّ منا له ولاية
الأول من هؤلاء، الصنف الأول: (الإمامُ العادلُ) بدأ بالإمام لأن الإمام إذا استقام استقامت الرعية، لكن قد يقول قائل: إذاً هذا الصنف لا علاقة لنا فيه، هذا للإمام، كل منا قد يكون إماماً وراعياً في بيته، الولاية العظمى تكون للإمام، أي لمن ولي أمر الأمة كلِّها، أو ولي أمر الأمة كلَّه، لكن كلٌّ منا له ولاية، فالرجل في بيته صاحب ولاية، فإما أن يكون عادلاً وإما أن يكون ظالماً، وصاحب الشركة أو المعمل أيضاً موظفوه تحت إمرته فإما أن يعدل وإما أن يظلم، والمعلم صاحب ولاية خاصة، والموظف الحكومي صاحب ولاية خاصة، عنده مراجعون يومياً يحتاجونه، وهكذا، والطبيب صاحب ولاية بطريقة أو بأخرى على مرضاه، فيعطيهم، ويصف لهم ما ينفعهم، أو لا ينفعهم، أو يثقل عليهم بتحاليل لا يحتاجونها، فكل إنسان له ولاية بطريقة أو بأخرى، فالإمام العادل ليس فقط الإمام العام، وإنما كل إمام له ولاية.
العدل أحبابنا الكرام؛ به قامت السماوات والأرض، النبي صلى الله عليه وسلم عندما فتح الله عليه خيبر، أرسل عبد الله بن رواحة ليقيّم التمر، فذهب إلى هؤلاء، طبعاً اليهود لا يدفعون زكاة لأنهم غير مسلمين، لكن يدفعون جزية، فذهب إليهم ليقيّم تمورهم التي عندهم، فلما أراد أن يقيّم التمور أغراه البعض بحلي نسائهم، أي أعطوه رشوة من أجل أن يغير التقييم، حتى ينزل الدفع، الآن يفعلها الكثيرون بالقوانين الوضعية، لكن نتحدث الآن عن قوانين سماوية، فهذه لا حل فيها، فمن أجل أن يخفف التقييم، قال عبد الله بن رواحة رضي الله عنه: جئتكم من عند أحبّ الخلق إليّ ولأنتم - هكذا كان صريحاً - أبغض إليّ من القردة والخنازير، قتلتم أنبياء الله، وكذبتم على الله، ما أحبكم، أنتم قتلتم أنبياء الله، وكذبتم على الله، قال: لكن لن يحملني بغضي إياكم على أن أحيف عليكم، لا يوجد ظلم، فقيّم لهم التمر كما هو دون زيادة، فقالوا له: بهذا قامت السماوات والأرض، بالعدل، فهموا هذا، فهموا القانون، بهذا قامت السماوات والأرض، بالعدل، لا نحابي أحداً، لا نحابيه إن كان صديقاً، ولا نظلمه إن كان عدواً.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8)
[ سورة المائدة ]

{ عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه: قَالَ لَمَّا رَجَعَتْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُهَاجِرَةُ الْبَحْرِ قَالَ: أَلَا تُحَدِّثُونِي بِأَعَاجِيبِ مَا رَأَيْتُمْ بِأَرْضِ الْحَبَشَةِ؟ قَالَ فِتْيَةٌ مِنْهُمْ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ مَرَّتْ بِنَا عَجُوزٌ مِنْ عَجَائِزِ رَهَابِينِهِمْ تَحْمِلُ عَلَى رَأْسِهَا قُلَّةً مِنْ مَاءٍ فَمَرَّتْ بِفَتًى مِنْهُمْ فَجَعَلَ إِحْدَى يَدَيْهِ بَيْنَ كَتِفَيْهَا ثُمَّ دَفَعَهَا فَخَرَّتْ عَلَى رُكْبَتَيْهَا فَانْكَسَرَتْ قُلَّتُهَا، فَلَمَّا ارْتَفَعَتْ الْتَفَتَتْ إِلَيْهِ فَقَالَتْ: سَوْفَ تَعْلَمُ يَا غُدَرُ إِذَا وَضَعَ اللَّهُ الْكُرْسِيَّ وَجَمَعَ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ وَتَكَلَّمَتْ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلُ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ فَسَوْفَ تَعْلَمُ كَيْفَ أَمْرِي وَأَمْرُكَ عِنْدَهُ غَداً، قَالَ: يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صَدَقَتْ صَدَقَتْ كَيْفَ يُقَدِّسُ اللَّهُ أُمَّةً لَا يُؤْخَذُ لِضَعِيفِهِمْ مِنْ شَدِيدِهِمْ }

[أخرجه ابن ماجه]

كيف تريد من الله عز وجل أن يقدس أمة، أن يعلي أمرها، أن يطهرها، أن يسمو بها، أن يجعل ذكرها بالأعالي وهم لا يأخذون الحق للضعيف من الشديد؟

{ عن عائشة رضي اللَّه عنها قالت: إنَّ قُرَيشا أَهَمَّهُمْ شَأنُ المرأَةِ المَخزوميَّةِ التي سَرَقَتْ، فقالوا: مَنْ يُكلّمُ فيها رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: ومَنْ يَجترئُ عليه إلا أُسامَةُ بن زَيدٍ، حِبُّ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ فَكلَّمَهُ أُسَامَةُ، فقال رسولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم: أتَشفَعُ في حدٍ مِنْ حُدودِ اللَّه؟ ثم قام فَاخْتطَبَ، ثم قال: إنَّما أَهلك الذين قبلكم: أنَّهمْ كانوا إذا سَرقَ فيهم الشَّريفُ تَرَكُوه، وإذا سَرَقَ فيهم الضعيف أقاموا عليه الحدّ. وَأيْمُ اللَّهِ لَوْ أنَّ فاطمةَ بنْتَ محمدٍ سَرَقَت لقطعتُ يَدَهَا }

[أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي]

العدل تقوم به السماوات والأرض
إذاً العدل أحبابنا الكرام تقوم به السماوات والأرض، إياك أن تظلم، نحن نطالب أن يرفع الظلم الخارجي عنا، وفي بيوتنا من المظالم ما الله به عليم، أخ يظلم أخته ولا يعطيها ميراثها، خلاف شرع الله، وزوج يظلم زوجته، يخرج إلى الناس متأنقاً من أجل عمله فإذا عاد إلى بيته وأغلق بابه أصبح كالوحش الكاسر داخل البيت، وأولاد يظلمون أباهم فلا يبرونه، وأب يظلم أبناءه فلا يربيهم، ولا ينفق عليهم وهو قادر، الظلم الداخلي شديد بيننا ببيوت المسلمين، لابد أن ننشر ثقافة العدل، أن يعطى كل ذي حق حقه، لا أقول: المساواة وإنما العدل، فالمساواة أن يعطي الجميع بالتساوي، أما العدل فأن يعطى كل ذي حق حقه، فلا ينبغي لضعفه أو لقوته أن يؤثر على حقه، ولا لعلمه أو جهله بالحق، ولا لقدرتك عليه أو عدم قدرتك عليه، ولا لبغضك إياه أو حبك إياه، يقول لك أحد الآباء: أنا ابني هذا ما تعرف عليّ أثناء مرضي فلن أورثه، ومن قال لك إن المال مالك حتى تورثه أو لا تورثه؟! هذا مال الله، الذي جاءك في مرضك، وكان أشد براً بك من الآخر فعل ذلك إرضاء لله، ويجد ثوابه عند الله، أما حق ابنك فهو له، لا ينبغي أن يضار الإنسان في الوصية ولا في الميراث.
إذاً أحبابنا الكرام؛ عندما نقول إمام عادل كلنا ينبغي أن يكون إماماً عادلاً، ما منا أحد إلا وله ولاية خاصة على أقل الأحوال على أهل بيته، فينبغي أن يقوم البيت بالعدل.

2 ـ شاب نشأ في طاعة الله:
وأما الأمر الثاني أيها الأحباب؛ (وشابّ نشأ) في طاعة الله، كلكم ما شاء الله شباب، وكبارنا في السن والقدر نعلم أنهم شباب نشؤوا في طاعة الله ولله الحمد، فالشاب أحبابنا الكرام لماذا خصه الله؟ ما قال: طفل، لأن مرحلة الشباب هي موطن الشهوات، في الشباب الشهوات مشتعلة، بعد سن معينة تبدأ بالتناقص، لا أقول: تلغى، لكن تبدأ بالتناقص، وعند الشباب تكون ذروة الحماس للمال، وللنساء تكون في الشباب، فاختار مرحلة الشباب لأن الشاب عندما ينشأ في طاعة الله أي يبني حياته من الأساس على طاعة، ينشئ حياته على طاعة، فيتزوج امرأة صالحة، ويبني عمله وفق منهج الله، لكن تتفاجأ أحياناً بإنسان بلغ من الكبر عتيا يتوب ولله الحمد، وإن شاء الله توبته مقبولة، ونحمد الله عليها، لكنه يأسف ويندم على أنه لم يبنِ حياته وفق منهج الله ففاته تربية أولاده، وفاته أن زوجته مثلاً غير ملتزمة بمنهج الله، تاب وهي لم تتب، وهكذا، لكن عندما ينشأ الشاب في طاعة الله له من الله معاملة خاصة لأنه بنى حياته من الأساس على الطاعة.

3 ـ رجل قلبه معلق بالمسجد:
(وشابّ نشأ في عبادة الله عز وجل، ورجل قلبه مُعَلَّق بالمسجد) طبعاً كما قلنا: رجل، وربما امرأة:

{ عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تمنعوا إماءَ الله مساجدَ الله، ولكن لِيَخْرُجْنَ وَهُنَّ تَفِلات }

[أخرجه أبو داود]

أهم ما في المسجد الاجتماع للصلاة
وإن لم يتعلق قلب المرأة بالمسجد يتعلق بما نذهب للمسجد من أجله وهو الصلاة، أي هناك تعلق للمرأة أيضاً بالصلاة، التعلق ليس بالجدران، ولا بالأرض، ولا بالثريات الفخمة، بماذا يتعلق الإنسان بالمسجد؟ بالعبادة، والطاعة، واللقاء مع أخوانه في الله، إذاً يغادر المسجد من صلاة الظهر وقلبه متعلق به ليعود إليه عند العصر، والعصر إلى المغرب، والمغرب إلى العشاء، والعشاء إلى الفجر (ورجل قلبه مُعَلَّق بالمسجد) والمسجد أحبابنا الكرام؛ أهم ما فيه الاجتماع للصلاة، لكن في مبدأ عصر النبوة أنشئ المسجد ليكون مكاناً جامعاً تجتمع فيه الأمة على الطاعة والخير، تتدارس شؤونها، تتفقد فقيرها، تتفقد مريضها، فما أحلى إذا كان الإنسان عنده مسجد، وله جيران، أن يجعل من المسجد مكاناً يتفقد فيه أحبابه الذين حوله (ورجل قلبه مُعَلَّق بالمسجد).
يوجد رواية: (إذا خرج منه حتى يعودَ إليه) أي يخرج ويعود، أقل شيء خمس صلوات.

4 ـ رجلان تحابَّا في الله اجتمعا على ذلك وتفرَّقا عليه:
الحب في الله عين التوحيد
قال: (ورجلان تحابَّا في الله اجتمعا على ذلك وتفرَّقا عليه) والله أحبابنا الكرام هذا الصنف أعتبره هدية ترضية، لا يوجد أحلى من هذا الصنف، هذا لمصلحتك وآخر شيء في ظل الله، تقول لي: والله صعب الذهاب عليّ وكذا، هذا لك، لا يوجد منا أخ إلا وله أخ يحبه في الله، أو أخوة يحبهم في الله، فإذا اجتمع معهم اجتمع على محبة الله، وإذا تفرق تفرق على محبة الله، هدية ترضية هذا الصنف، لأن الحب في الله أيها الكرام عين التوحيد، والحب مع الله عين الشرك، الحب في الله أحبابنا الكرام تحبه من أجل الله، فإن أطاع الله فهو أخ وحبيب، وإن عصى الله نصحت له، فإن أبى وأعرض لربما وصلت إلى تركه في الله كما أحببته في الله، فهذا توحيد لأنك لا تحبه إلا لله، أما الحب مع الله فعين الشرك، بمعنى أن تحبه وإن كان تاركاً للصلاة، وتواليه وإن كان تاركاً للصلاة، وتجلس معه وإن كان ماله من حرام، ولا تنصح له بكلمة، طبعاً ليس علاقات العمل أحبابنا الكرام، لا أقصد علاقات العمل، علاقات العمل متشعبة، لا يمنع، أنا عندي علاقات عمل مع أناس وربما أجاملهم، المجاملة مسموحة، ليس المداهنة، المداراة، المجاملة، المداهنة ممنوعة، وهي أن تبذل الدين من أجل الدنيا هذه مداهنة، مثلاً جالس بمجلس، شريكك بالمطعم طلب خمراً، وأنت داهنت وقلت: سأبقى جالساً على الطاولة لأنه يجب علينا أن نبتعد عن المشاكل كي لا يفك الشركة، بل تقول له: أنا لا أقبل أن ينزل الخمر على طاولتي، إن أردت أن تشرب الخمر فاشرب لوحدك، أنا لا علاقة لي، أما لو قبلت فهذه مداهنة، بذلت دينك من أجل دنياك، أما المداراة فبذلت دنياك من أجل دينك، هو يريد شيئاً من الدنيا، لا بأس جامله ما دام ضمن الدنيا، تبذل الدنيا للدين، لكن لا يبذل الدين للدنيا، فيمكن أن أشارك إنساناً غير ملتزم لكن وفق منهج الله عز وجل، لا أخالف منهج الله، لكن لا أبذل ديني من أجل دنياي، أو من أجل دنيا غيري، لكن الحب في الله شيء مختلف، الحب في الله ولاء، الحب في الله سهرة، نزهة، ذهاب مع بعضنا، مزح، ضحك، ليست علاقات عمل عابرة وإنما خاصة تبنى على حب الله وعلى طاعة الله.

5 ـ رجل دَعَتْهُ امرأة ذاتُ مَنْصِب وجمال فقال إني أخاف الله:
(ورجلان تحابَّا في الله اجتمعا على ذلك وتفرَّقا عليه، ورجل دَعَتْهُ امرأة ذاتُ مَنْصِب وجمال) المنصب قال بعض أهل العلم هنا: المنصب هنا ليس منصباً أي ذات شرف ومال ونسب، المنصب مكانة، مكانة اجتماعية، والجمال في خلقها، دعته إلى المعصية، انظروا كم داع، دعته، لم يدعها، هي دعته، الثانية ذات منصب، وهذا يدعو إلى أن يستجيب لدعوتها، وجمال؛ وهذا يدعو أيضاً أكثر وأكثر، ثلاثة عناصر، وهذه المدرسة اليوسفية أحبابنا الكرام، المدرسة اليوسفية في القرآن الكريم، يوسف عليه السلام نبي دعته امرأة ذات منصب وجمال، وكان عنده من الدواعي ليستجيب لها أكثر من هذا أيضاً لأنه كان عبداً في قصرها، وراودته وهو في بيتها وليست في بيته، أسباب إجابته لدعوتها المنكرة كانت في أشد ما يكون، ومع ذلك قال: (إني أخافُ الله):

وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (23)
[ سورة يوسف]

ربي ليس العزيز، بل ربي الله (رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ).
كل الدين أن تضبط شهوتك
فهنا (ورجل دَعَتْهُ امرأة ذاتُ مَنْصِب وجمال، فقال: إني أخافُ الله) هذا ضبط الشهوة أحبابنا الكرام، هذا في ظل الله أنه ضبط شهوته، الإنسان فيه شهوة، أودع الله فيه شهوة، يميل إلى المال، يميل إلى الطرف الآخر، المرأة للرجل والرجل للمرأة، يميل إلى حب العلو في الأرض، أن يكون له شأن، وأن ينظر له، وأن يشار له بالبنان، هذه شهوات أودعت بنا جميعاً، فإما أن نلبيها وفق منهج الله، ونرقى بها، وإما أن تلبى في معصية الله فنهبط بها إلى الدركات والعياذ بالله، أي المرأة بالزواج، والمال بالتجارة، والسعي والكسب الحلال والعلو في الأرض بطلب العلم، والإحسان للناس، ومساعدة الآخرين يعلو ذكرك، أما بالزنا والعياذ بالله، بالربا، بالطغيان بالأرض من أجل أن يعلو الذكر هنا لبيت شهوتك خارج منهج الله، فالإنسان كل دينه أن يضبط شهوته، والله لا أبالغ، كل الدين أن تضبط شهوتك كل الدين.

وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41)
[ سورة النازعات]

النفس تريد شيئاً، النفس تريد أن تنام، والتكليف أن تستيقظ، فإذا استيقظت للفجر نهيت النفس عن الهوى، النفس تريد أن تنظر إلى ما حرم الله، والتكليف أن تغض البصر، النفس تريد أن تأخذ الرشوة، والتكليف أن تدعها، فكل ديننا عبارة عن ضبط الشهوة، فمن يضبط شهوته في ظل الله، ولا أقول يضبط شهوته مئة بالمئة، أي لم يعد هناك معصية، من منا يملك ذلك؟ ما منا يملك ذلك؟ كلنا ذو خطأ، لكن نضبط شهوتنا بقدر ما نستطيع، وإذا خالفنا الأمر مرة رجعنا إلى الله فوراً، هذا المؤمن رجاع إلى الله.

6 ـ رجل تَصدَّق بصدقة فأخْفاها حتى لا تعلم شمالُهُ ما تُنْفِقُ يمينه:
صدقة السر أفضل من صدقة العلن
(ورجل دَعَتْهُ امرأة ذاتُ مَنْصِب وجمال، فقال: إني أخافُ الله، ورجل تَصدَّق بصدقة فأخْفاها حتى لا تعلم شمالُهُ ما تُنْفِقُ يمينه) الصدقة هنا عامة، دعوها على عمومها سواء زكاة المال، أو صدقات التطوع التي فوق الزكاة، الزكاة اثنان ونصف بالمئة، هذا فرض وفوقها صدقة، تمتد إلى ما شاء الله، إلى مئة بالمئة، قدر ما تريد، الباب مفتوح، فالرجل تصدق بصدقة عموماً ولو كانت زكاة المال (فأخْفاها) وهذا يدل على أهمية صدقة السر وفضلها (حتى لا تعلم شمالُهُ ما تُنْفِقُ يمينه) هذا للدلالة على شدة الإخفاء، أي كأن يده الشمال لم تعلم ما أنفقت يده اليمين، فكيف بالآخرين لم يعلموا حتماً هذا أسلوب بلاغي.
الآن أحبابنا الكرام: صدقة السر، وهناك صدقة العلن، قالوا وهو أرجح الأقوال: صدقة السر أفضل من صدقة العلن، إلا في وجود مصلحة في الإعلان عنها.

إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (271)
[ سورة البقرة]

عندما تجد مصلحةً راجحة في الإعلان كأن تكتب على مجموعة بالواتس أب: أنا أبدأ بمئة دينار، من يريد أن يزيد؟ أعلنت هنا لأن الشخص وجد مصلحة بالإعلان، ولا رياء في القلب فأعلن، لكن أصل الصدقات هو الإخفاء، عند وجود مصلحة للإعلان نعلن، بشرط سلامة القلب من الرياء، وربنا عز وجل ماذا قال؟ (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ) الآن: (وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ) لأن الصدقات عندما تتوجه للفقير يجب أن تخفى، الصدقة عندما تتوجه إلى الفقير لا ينبغي أن تعلن، أحياناً بعض الناس يوجه صدقة لفقير بعينه يأخذ له صورة وهو يسلمه الصدقة، فيكسر قلبه، (وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ) انتبه إذا كانت الصدقة بعينها لا تظهرها أما للعموم، مثلاً نجمع من أجل بناء مسجد، نجمع من أجل جمعية بناء، هنا لا مانع من الإعلان لأنه لا يكسر قلب أحد، أما عندما تكون الصدقة متوجهة لفقير بعينه فلا تقل لأحد: إني أعطيت فلاناً، بل استر.
(ورجل تَصدَّق بصدقة فأخْفاها حتى لا تعلم شمالُهُ ما تُنْفِقُ يمينه) فهذا في ظل الله.

7 ـ رجل ذَكَرَ الله خالياً ففاضت عيناه:
ذكر الله تعالى بكل أنواع الذكر
والأخير: (ورجل ذَكَرَ الله خالياً ففاضت عيناه) خالياً؛ أي وحده، بخلوة مع الله، ذكر الله بكل أنواع الذكر؛ بذكر اللسان، بذكر القلب، بذكر القرآن الكريم، والقرآن الكريم ذكر، يتفكر في خلق السماوات والأرض، ينظر في آية من آيات الله (ففاضت عيناه) ما الذي فاض العينان أم الدمع؟ الدمع الذي يفيض، هل العين تفيض؟ قال: (ففاضت عيناه) هذا من المجاز المرسل في اللغة، وفائدته شدة الخشية من الله حتى لكأن العين هي التي تفيض من خشية الله، والذي حصل أن الدمعة فاضت، فهذا الرجل كان بينه وبين الله ذكر، وتذكره بآلائه، أو بنعمائه، أو ببلائه.
ذكر الله يكون بالنعماء، والآلاء، والبلاء، بالنعماء ذكرت الله يا ربي أنعمت عليّ صحة، كفيتني كفاية، أعطيتني أمناً، آمن في بيتي لا يوجد مذكرة بحث عني، ذكرت نعماء الله عليك فخشعت لله، وفاضت عينك، هذه النعماء، الآلاء؛ نظرت إلى شجرة أمامك ما أجملها ! سبحان الخالق العظيم !

وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ وَجَنَّاتٌ مِنْ أَعْنَابٍ وَزَرْعٌ وَنَخِيلٌ صِنْوَانٌ وَغَيْرُ صِنْوَانٍ يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (4)
[ سورة الرعد]

كيف صارت تفاحة، والثانية برتقال، والتربة واحدة، والماء واحد، فخشعت لله، هذا أيضاً بالآلاء، البلاء؛ وإن كان مريضاً لكنه يذكر بالله، فإذا نظرت وأنت تتابع مقطعاً على اليوتيوب ورأيت عظمة الله في زلزال تسونامي، أو تذكرت هذا الفيروس الذي لا يرى بالعين الذي أقام الدنيا ولم يقعدها، هذا بلاء من الله، لكنه يذكرك بالله، وتخشع لله فيه فتذكر الله بآلائه ونعمائه وبلائه، فإذا ذكرت الله خالياً اقشعر جلدك، أو فاضت عينك، فأنت إن شاء الله في ظلّ الله يوم لا ظل إلا ظله.
إذاً هذه الأصناف السبع أخواننا كل واحد منها كفيل أن يكون ظلاً لك، وكل إنسان فينا قادر ربما على هذه الأصناف السبع، أو الست، أو الخمس، كلما أكثرت من هذه الأمور إن شاء الله لا نقول: تضمن، لأن كل هذا برحمة الله، لكن تطمئن إن شاء الله أنك في ظل الله في هذا الموقف الحرج الذي تنتظر فيه الخلائق العرض والحساب عند الله عز وجل.
والحمد لله رب العالمين