اكتب سيرتك الذاتية

  • برنامج دار الأرقم - الحلقة 16
  • 2025-03-16

اكتب سيرتك الذاتية

كان من السابقين إلى الإسلام، قبل أن يدخل النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم.
هاجَر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
شهد مع النبي الكريم المشاهد كلها بدراً وأُحُداً والخندق.
هذا ما نعرفه عن مسعود بن ربيعة رضي الله عنه، ولم يرد في السيرة غير ذلك.
ولكن هذه الكلمات القليلة التي نترجم له بها، ليس كلمات عابرة، بل كل واحدة منها تحمل في طياتها معانٍ عظيمة.
كان من السابقين إلى الإسلام فهل نحن من السابقين إلى الخير؟
هاجَر مع رسول الله، فهل فكرنا يوماً بالحركة في سبيل ديننا ونصرته؟ وهل هجرنا ما نهى الله عنه؟
عاش مسعود رضي الله عنه ستين سنة، أكل وشرب ولبس وتزوج وعمل، لكن سيرته ذُكِرت بثلاث جُملٍ لخَّصت حياته وجعلته من العظماء.

لا تكن عابراً في الحياة اترك بصمتك فيها:
هل فكرت يوماً بعد وفاتك كيف سيُلخِّص الناس حياتك؟
فليقولوا مثلاً: كان يساعد الناس، أو فليقولوا: كان أباً ناجحاً ربَّى دعاةً وأبطالاً، أو فليقولوا: كانت أُمّاً عظيمة ربَّت أبناء صالحين وبنات صالحات، أو فليقولوا: كانت زوجةً صالحة وجزءاً عظيماً من نجاح زوجها، أو مدرسة تعلم القرآن وتبني الأجيال.
أو فليقولوا: كان مواظباً على صلاة الجماعة في المسجد، أو كان يدعو الناس إلى الخير، أو كان طبيباً محسناً محبوباً ….
لا تكن عابراً في الحياة، اترك بصمتك فيها، الناس لن تذكر أموالك ولا عقاراتك، الناس سيذكرون أخلاقك وقيمك، ولن يذكروا تفاصيل حياتك التي تشترك بها مع بقية البشر.
في صلاة الجنازة وعند الدفن وعلى شفير القبر، سيقف الناس لوداعك ولن يقول أحد: رحمه الله فقد كان صاحب مالٍ كثير، بل سيقولون رحمه الله لقد كان ينفق الكثير.
ولن يقولوا رحمه الله فقد كان يسكن عشرين بيتاً، بل سيقولون رحمه الله فلقد كان يُسكِن عشرين فقيراً ويتيماً.
لن يقولوا رحمه الله فقد كان يطعم الطيب، بل سيقولون رحمه الله فقد كان يطعم الطيب.
وهكذا تمضي الحياة بنا، ويكتب كل منّا سيرته الذاتية، فأحسن كتابتها، فأنت من تصوغها، والآخرون سيرددون ما كتبت أنت فقط.