العبادات الشعائرية والعبادات التعاملية

  • برنامج دار الأرقم - الحلقة 15
  • 2025-03-15

العبادات الشعائرية والعبادات التعاملية


العبادات الشعائرية والعبادات التعاملية لا تُغني إحداهما عن الأُخرى:
في دار الأرقم يتعلم الدارسون، أن هناك عبادات شعائرية وأُخرى تعاملية، ولا تُغني إحداهما عن الأُخرى، فلا يُقبَل أن تؤدّي الصلاة وتؤتي الزكاة، ثم لا تكون صادقاً أميناً عفيفاً، وكذلك لا يصح أن تتعامل مع الناس، معاملة راقية وتترك شعائر الإسلام، من صلاةٍ وصيامٍ وزكاةٍ وحج.
أدرك سيدنا جعفر خرِّيج مدرسة دار الأرقم المحمدية هذه المسألة، وعلِم أنَّ الناس ينظرون إلى ما ينعكس على سلوكك من أخلاقٍ، أكثر من نظرهم إلى عبادتك التي بينك وبين خالقك، فلمّا وقف بين يدي النجاشي يُحدِّثه عن الإسلام، وصف له دين الإسلام على أنه بناء قيَمي أخلاقي، يراقب سلوك الناس، "حتى بعث الله فينا رجلاً نعرف أمانته وصدقه وعفافه ونسبه"
إنها أُمهات الأخلاق، إن حدَّثك فهو صادق، وإن عاملك فهو أمين، وعند استثارة شهوته فهو العفيف.
"فدعانا إلى اللَّهِ لتوحيدِهِ، ولنَعبدَهُ ونخلعَ ما كنَّا نعبدُ نحنُ وآباؤُنا من دونِهِ منَ الحجارةِ والأوثانِ، وأمرَنا بصِدقِ الحديثِ، وأداءِ الأمانةِ، وصلةِ الرَّحمِ، وحسنِ الجوارِ، والكفِّ عنِ المحارمِ والدِّماءِ، ونَهانا عنِ الفواحشِ، وقولِ الزُّورِ، وأَكْلِ مالِ اليتيمِ، وقذفِ المُحصنةِ، وأن نعبُدَ اللَّهَ لا نشرِكُ بِهِ شيئًا".
إنه جوهر الدين، أن يصوغ حياتك وفق افعل ولا تفعل، وأن يضبط انفعالاتك وشهواتك ويوجهها في الاتجاه الصحيح.
ثم يقول جعفر رضي الله عنه: " وأمرَنا بالصَّلاةِ والزَّكاةِ والصِّيامِ".
فلم يُغفل جعفر ما بني عليه الإسلام من الأركان، لكنه بدأ بالبناء، لأنه ما يُلفِت النظر إلى دين الله ويحبب الناس به.
لقد كان جعفر رضي الله عنه دبلوماسياً بحق، استطاع بالحق الذي يحمله أن يكسب قلب النجاشي، وأن يوصل له رسالة الإسلام، وأن يملِك قلبه وهو يتلو عليه آياتٍ من سورة مريم.
دبلوماسية جعفر إن صحَّ التعبير، ليست تلك التي تُزوُّر الحقائق لإقناع الآخر، ولكنها التي تُحسن عرض الحقيقة كما هي.
ديننا دين الحق، وليس فيه ما نُخفيه أو نخجل من ذكره، ولكننا بحاجةٍ إلى حُسن فهمه، وحُسن عرضه، وحُسن تطبيقه، وهذا ما فعله جعفر رضي الله عنه.
واليوم لا بُدَّ للمسلمين أن يُحسنوا فهم دينهم على الوجه الصحيح، وأن يُطبِّقوا ما فيه، ثم ينطلقوا للدعوة إليه على بصيرةٍ، وفق منهج الحكمة والموعظة الحسنة.