• الجمعة 2025-07-04
  • 2025-07-04
  • سوريا - دمشق
  • مسجد عبد الغني النابلسي

سؤال وجواب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا الأمين وعلى آله وأصحابه أجمعين.
اللهم علِّمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علّمتنا وزِدنا علماً وعملاً مُتقبَّلاً يا ربَّ العالمين.
بعض الأسئلة أيُّها الإخوة الكرام:

السؤال الأول:
يقول السائل: ما هو الفرق بين المُتعة والسعادة؟
المُتعة أو اللذَّة مُرتبطة دائماً بالأشياء الحسيّة، بينما السعادة مُرتبطة غالباً بالأشياء المعنوية، يعني المُتعة أو اللذَّة تحتاج دائماً إلى ثلاث عناصر يجب أن تتوفر، فإن فاتك واحدة لم تشعر بها، العناصر الثلاثة هي الوقت والصحة والمال، أي مُتعةٍ تحتاج إلى وقتٍ وصحةٍ ومال، ببداية العُمر الوقت موجود، صغير ما عنده أعمال، والصحة موجودة، لكن لا يوجد مال بين يديه، مصروفه من والده، في منتصف العُمر تقوى تجارته، فالمال موجود والصحة موجودة لكنه لا يجد وقتاً، كم من أُناسٍ قالوا: نريد أن نخرج للنُزهة، نريد أن نخرج للسياحة، لكن ليس هناك وقت، العمل أخَذَ كل وقتي، ثم يأتي خريف العُمر، فيجد الإنسان الوقت، أولاده استلموا العمل من بعده، والمال موجود لكن فاتته الصحة، فكل شيء ممنوعٌ عنه بسبب الصحة.
فالمُتعة آنية وطارئة ولذّة وتنقضي بانقضاء سببها، مثلاً: اشتريت سيارة، أول يوم قمة المُتعة، يركنها وكل لحظة يخرُج إلى الشُرفة ليُلقي عليها نظرة، وبعد حينٍ يُصبح بها مئة خدشٍ وخدش، يقول لك: لن أُصلحها ولن أتكلف عليها، وإلى المغسل لم يعُد يأخذها، لأنها مُتعة، هذه المُتعة مَدَّته بشيءٍ آني ومُتناقص، قبل الزواج يقول لك: عندما أتزوج سعادتي كلها بالزواج، ثم يتزوج وبعد شهر العسل يُصبح كله بصل، فالدنيا لا تُعطي سعادة تُعطي مُتعة، لذائذ طارئة، أمّا السعادة فلا تأتي من الخارج تأتي من الداخل، قال ابن تيمية رحمه الله: << ماذا يفعل أعدائي بي بستاني في صدري، إن أبعدوني فبُعدي سياحة وإن قتلوني فقتلي شهادة، وإن سجنوني فسجني خلوةٌ مع الله>>.
فإذا إنسان يحمل سعادته بين جوانحه، لم يعُد هناك حاجةً لا لوقت ولا لصحة ولا لمال، وجد النبي السعادة في الغار، وجدها يونُس في بطن الحوت، وجدها إبراهيم وهو في النار.
فالسعادة أحبابنا الكرام هي صلةٌ بالله، ومتى حصل الاتصال بالله، حصلت السعادة من غير العوامل الخارجية، بينما المُتعة واللذَّة تحتاج دائماً إلى أشياءٍ من الخارج، فمتى انقطعت انقطعت اللذائذ، ومهما استمرَّت تتناقص، وإذا كان الإنسان غير مؤمن، تنتهي به اللذَّة إلى كآبةٍ مُدمِّرة والعياذ بالله، أمّا المؤمن تزوج وأنجَب، هي لذّة طارئة لكنها مُتنامية لأنها مع الله، أمّا الكافر البعيد عن الله كآبة مُدمِّرة بعد المعصية التي يظنها سعادة، لعلَّ هذا واضحاً إن شاء الله.

السؤال الثاني:
كيف يرضى الله عنّي بأبسط الأشياء؟
أن تأتي فرائضه:

{ إنَّ اللَّهَ قالَ: مَن عادَى لي وَلِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ، وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشَيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ، فإذا أحْبَبْتُهُ، كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذي يَسْمَعُ به، وبَصَرَهُ الَّذي يُبْصِرُ به، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ، وما تَرَدَّدْتُ عن شَيءٍ أنا فاعِلُهُ تَرَدُّدِي عن نَفْسِ المُؤْمِنِ؛ يَكْرَهُ المَوْتَ، وأنا أكْرَهُ مَساءَتَهُ. }

(صحيح البخاري)

تُصلّي الصلوات الخمس، تصوم رمضان، إذا عليك زكاة أدِّها، إذا كنت قادراً حُج البيت لمن استطاع إليه سبيلاً، هذه أبسط الأشياء.

{ أنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، فقالَ: أرَأَيْتَ إذا صَلَّيْتُ الصَّلَواتِ المَكْتُوباتِ، وصُمْتُ رَمَضانَ، وأَحْلَلْتُ الحَلالَ، وحَرَّمْتُ الحَرامَ، ولَمْ أزِدْ علَى ذلكَ شيئًا، أأَدْخُلُ الجَنَّةَ؟ قالَ: نَعَمْ، قالَ: واللَّهِ لا أزِيدُ علَى ذلكَ شيئًا. }

(صحيح مسلم)

نحن لا نريد مثله، نحن نريد الفراديس الأعلى إن شاء الله، لا نريد أن نكون خلف الباب في الجنَّة، لكن ما دام يسأل في أبسط الأشياء، ما افترضه عليك يرضى عنك، ربُّنا عزَّ وجل يرضى عن العبد بأن يتقرب إليه بما افترضه عليه.

السؤال الثالث:
أعصي الله ثم أتوب ثم أعصي ثم أتوب وأحزَن فما الحل؟
الحسن البصري قيل له: "يا إمام نعصي الله ونتوب نعصي ونتوب كالمُستهزئ بربّه، قال: ودَّ الشيطانُ لو ظفِر منكم بهذه"، يعني أن نيأس من رحمة الله والعياذ بالله، فأولاً أقول لك أيُّها السائل وأظنك شاباً، والشباب قمة العطاء، لا تيأس من التوبة مهما تكرر الذنب أبداً، إيّاك أن يستذلك الشيطان، ربُّنا يريد أن يسمع صوتك

{ كلُّ ابنِ آدمَ خطَّاءٌ، وخيرُ الخطَّائينَ التَّوَّابونَ }

(أخرجه الترمذي وأحمد وابن ماجه)

لكن كيف أقوى أكثر؟ كي لا تُصبح دائماً معاصي وعودة معاصي وعودة، تقوية الإيمان.
أحبابنا الكرام: تؤتى المعصية من ضعف الإيمان، عندما يكون هناك ضعف إيمان يأتي الإنسان بالمعصية، فنحن لا نعالج الأعراض نعالج الأمراض، مثلاً: مريض ذهب إلى طبيب وقال له رأسي يؤلمني، قال له: عليك بحبتين بنادول كل يوم، هذا ليس طبيباً، هذا الطبيب يُعالج العرَض أمّا الطبيب الناجح يكشف ما المرض الذي جعل الرأس يؤلِم، لعله مشكلة في المعدة، فالذي يعصي كثيراً ويتوب يعصي ويتوب ويستذله الشيطان، هذا عَرَض، ما المرض؟ ضعف بالإيمان، كيف يقوى الإيمان؟ يقوى الإيمان بقيام الليل، بالمحافظة على الصلوات في جماعة، صلاة الفجر في جماعة، الصُحبة الصالحة، يقوى الإيمان بقراءة القرآن يومياً، يقوى الإيمان بذكر الله يومياً، يقوى الإيمان بالأعمال الصالحة والصدقات، فيجب أن يبذُل جُهداً إضافياً في تقوية إيمانه، حتى يستطيع أن يواجه الشهوات.

السؤال الرابع:
عند وضع الكُحل يُصبح من الصعب إزالته كاملاً، هل يصحّ الوضوء مع بقاء القليل منه؟
لا حرج إن شاء الله، القليل من الكُحل لا يُشكِّل حائلاً مع الماء، أمّا الكثير جداً الذي يُصبح حائلاً، أمّا اليسير معفوٌ عنه إن شاء الله.

السؤال الخامس:
كم كيلو من الأرز كفَّارة اليمين؟
سبعمئة وخمسون غرام لكل مسكين، تقريباً كيلو، وإذا كيلو أرز لكل مسكين أفضل، أي عشرة كيلو غرامات للعَشر مساكين، أو سبعة كيلو ونصف حد أدنى.

السؤال السادس:
هل الغضب من الشيطان؟
نعم، قال صلى الله عليه وسلم:

{ إنَّ الغضَبَ مِنَ الشيطانِ، وإنَّ الشيطانَ خُلِقَ منَ النارِ، وإنَّما تُطفأُ النارُ بالماءِ، فإذا غضِبَ أحَدُكم فلْيَتوضَّأْ }

(أخرجه أبو داوود وأحمد)

لكن لا يقول أحدكم أنا أغضب دائماً ولا أستطيع، لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال:

{ أنَّ رَجُلًا قالَ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: أوْصِنِي، قالَ: لا تَغْضَبْ، فَرَدَّدَ مِرَارًا، قالَ: لا تَغْضَبْ }

(صحيح البخاري)

ولن يوصي النبي صلى الله عليه وسلم بشيءٍ لا يستطيع الإنسان فعله، لا يوجد إنسانٌ غضوبٌ إلى يوم القيامة، أنا رجُلٌ غضوب! لا، يجب أن تُغيِّر

{ إِنَّما العلمُ بِالتَّعَلُّمِ، و إِنَّما الحِلْمُ بِالتَّحَلُّمِ، و مَنْ يَتَحَرَّ الخَيْرَ يُعْطَهُ، و مَنْ يَتَّقِ الشَّرَّ يُوقَهُ }

(الألباني السلسلة الصحيحة)

مرة عن مرة تُمارس الحِلم فتُصبح حليماً.

السؤال السابع:
لدي صديق سلبي مهما قمت بنُصحه لا يستجيب، هذا الأمر يُتعبُني ماذا تنصحني أن أفعل؟
والله يا أخي الكريم الإنسان ينصَح لله، النُصح ليس أن يستجيب أو لا يستجيب

لَّيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ۗ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنفُسِكُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُونَ إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ(272)
(سورة البقرة)

ربما تنفعه هذه الكلمة بعد عام، والله أحياناً أرى أشخاصاً، أنا كنت مُعلِّماً بالصفوف لغة عربية، في صفوف مدارس دمشق، ومُعلِّم في هذا المعهد معهد القرآن الكريم، وفي هذه الثانوية المُباركة ثانوية النابلسي الشرعية، فأرى أحياناً من طلابي وأعرف أنهم شدّوا عن الطريق، خرجوا ما نفعهم كثيراً، لكن أعادهم إلى الطريق نصيحةً سمعوها مرةً، يقول الأستاذ الفلاني نصحني مرةً، فأنت لا تدرِ متى يُحدِث النُصح أثراً، عليك أن تستمر في نُصحه، لكن تَخوَّله بالنصيحة، لا تكن ثقيلاً عليه بحيث يَمَلُ منك، بين الحين والآخر، بإرسال مقطع فيديو له علاقة بالموضوع، بكلمة طيِّبة، يا فلان أنا أُحبُك هذا الأمر لا يناسبك، وأنت بذلك تأخذ أجرك.

وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا ۙ اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ۖ قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ(164)
(سورة الأعراف)

فاحتسب عند الله.

السؤال الثامن:
كيف يمكنني أن أُقوّي مَلَكة اللغة ومهارة التحدُّث أمام الناس؟
والله هذا الموضوع فيه جزءٌ من الله، فيه توفيق من الله، هناك أُناسٌ كثُر درسوا الشريعة واللغة، لكن إذا وقف ليتكلم لا يُحسِن الكلام كثيراً، وهناك أُناسٌ دراستهم قليلة لكن يحسنون الكلام، فهناك جزءٌ هو توفيق من الله عزَّ وجل، هي قُدُرات، ربُّنا أَودع كل إنسان بمكان، كان العوام يقولوا: " ربُّنا يلبس كل إنسان ثوب، لا يناسب غيره ولا يستطيع أن يخلعه"، لكن هل هناك شيء ممكن أن يمارسه الإنسان؟ طبعاً، اللغة هي مفردات، فكلما كثُرت مفرداتك استطعت أن تتكلم أكثر، هي مكونات.
مثال: إنسان يريد أن يطبخ أرز مع البازلاء، يحتاج إلى الأرز والبازلاء والسمن واللحم، يجمعهم مع بعض، فإذا كانت المكونات موجودة تكتمل الطبخة، أمّا إذا نقص أحد المكونات لا تكتمل الطبخة، فمرةً أحصوا لمن يتكلم كلاماً جامعياً، بروفسور بالجامعة، سجلوا له كلامه خلال شهر مثلاً أو سنة لا أدري، فوجدوا أنه يتكلم أكثر من ثلاثة آلاف مُفردة، أحصوا لأحد الأشخاص من العوام كلامه، وجدوا أن كلامه ثلاثمئة مُفردة فقط، أي عُشر مفردات المُتعلِّم، فالقضية هي قضية مُفردات، فكل ما قرأ الإنسان أكثر، كأن يختار كتب مثلاً: "وحي القلم" للرافعي، اختار كتُب مكتوبة بلغةٍ رصينةٍ جداً وقرأها، فتُصبح ذخيرته اللغوية من غير أن يشعر تنمو، فإذا تكلم أسعفته الكلمات
إنَّ الْكَلَامَ لَفِي الْفُؤَادِ وَإِنَّمَا جُعِلَ اللِّسَانُ عَلَى الْفُؤَادِ دَلِيلًا
{ الأخطل }
يقول لك أنا أُحب أن أتكلم لكن الكلام لا يخرُج معي من الفرحة، أو أحياناً من الحزن نسأل الله السلامة، فالقراءة المُستمرة ثم التدريب، هذا إن شاء الله يفيد، التدريب بمعنى أن يبدأ بمجلسٍ مُعيَّن مع أولاده في بيته، يجمع أولاد ويقول لهم سأشرح لكم هذا الحديث، في المرة الأولى سيجد صعوبةً، يقول لك: الكلمات لا تُسعفني، الثانية أسهل، ثم الثالثة، بعد ذلك مع أصدقاءه يعمل جلسةً لثلاث أصدقاء، يقول لهم كل مرة واحد منّا يتكلم وهكذا، ثم يفلح إن شاء الله خطيباً ومُفوّهاً.

السؤال التاسع:
ما سر الاستقامة على دين الله عزَّ وجل كيف أثبُت؟
هذا ما تكلمنا به قبل قليل، الاستقامة تحتاج إلى قوة إيمان، وقوة الإيمان تحتاج إلى بذل، ممارسة في الإيمان، حصة قرآنية يومية، صُحبة صالحة، محافظة على الصلوات إلى آخره...

السؤال العاشر:
إذا استحممت هل هذا يُغنيني عن الوضوء؟
إذا كان غُسل جنابة يُغنيك حتماً، إذا كان غُسل مسنون يُغنيك عن الوضوء حتماً، يعني غُسل الجُمعة، دخلت لتغتسل بنيِّة غُسل الجمعة المسنون المُستحب، هذا يُغني عن الوضوء، أمّا الاستحمام للتبرُّد وللنظافة فلا يُغني عن الوضوء، لا بُدَّ من النيَّة والوضوء، هذا هو الصحيح من أقوال أهل العِلم.

السؤال الحادي عشر:
الرجاء تعريف المرأة الناشز وما حُكمها؟ وهل يوجد رجُلٌ ناشز؟ وجزاكم الله عنّا كل خير.
والله هناك رجُلٌ ناشز، ربُّنا عزَّ وجل ذكر نشوز الرجُل:

وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا ۚ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ۗ وَأُحْضِرَتِ الْأَنفُسُ الشُّحَّ ۚ وَإِن تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا(128)
(سورة النساء)

النشوز هو الشيء المُرتفع من الأرض.

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ(11)
(سورة المجادلة)

النشوز هو الشيء المُرتفع، فلمّا تتأبى المرأة عن طاعة زوجها فهي ناشز، لكن هذا لا يعني إذا قال لها اطبُخي اليوم، فقالت له إني مُتعبة، يقول لها أنتِ ناشز، هذا يتعسَّف، لكن في كل مرة يقول اطبخي فتقول لا أُريد، وإذا قال لا تذهبي تقول سأذهب، ولا تخرجي تقول سأخرُج، وانتبهي للأولاد تقول ليس لي دخل، هذه هي الناشز، هي امرأةٌ تتأبى عن طاعة زوجها بشكلٍ مُستمر، لكن ليس إذا كانت أحياناً ضمن عذرها، وأحوالها مُتغيرة قليلاً، وغلطت في كلمةٍ معه، فأقام الدنيا وقال لها أنتِ امرأةٌ ناشز، لا، هي نفسٌ كما أنتَ نفس، تتنازُعها الرغبات، لديها مشاكل، تغضب وترضى، السيدة عائشة غضبت عندما كسرت إناءً على الأرض، ما قال لها النبي صلى الله عليه وسلم أنتِ ناشز:

{ كانَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عِنْدَ بَعْضِ نِسَائِهِ، فأرْسَلَتْ إحْدَى أُمَّهَاتِ المُؤْمِنِينَ بصَحْفَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، فَضَرَبَتِ الَّتي النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في بَيْتِهَا يَدَ الخَادِمِ، فَسَقَطَتِ الصَّحْفَةُ فَانْفَلَقَتْ، فجَمَع النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فِلَقَ الصَّحْفَةِ، ثُمَّ جَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا الطَّعَامَ الذي كانَ في الصَّحْفَةِ، ويقولُ: غَارَتْ أُمُّكُمْ. ثُمَّ حَبَسَ الخَادِمَ حتَّى أُتِيَ بصَحْفَةٍ مِن عِندِ الَّتي هو في بَيْتِهَا، فَدَفَعَ الصَّحْفَةَ الصَّحِيحَةَ إلى الَّتي كُسِرَتْ صَحْفَتُهَا، وأَمْسَكَ المَكْسُورَةَ في بَيْتِ الَّتي كَسَرَتْ. }

(صحيح البخاري)

بعض الرجال اليوم يستخدموا نشوز المرأة حُجةً لأي شيءٍ تريد أن تُخالف به، سيدنا عمر قال: "إنَّ نساء النبي كنّا يُراجعنه".
مثلاً: كُنَّ يقلنَ للنبي صلى الله عليه وسلم لا نريد هذا الشيء نريد ذاك، ليس هناك مشكلة، ليست الرجولة في البيت أن لا يُناقَش الرجُل، لكن عندما تأبى الفراش، وتأبى الطاعة، ولا تُطيع زوجها فيما يأمر، وتخرج من بيتها دون إذنه، ويتكرر ذلك منها، وتُنصح فلا تستجيب، هذه امرأةٌ ناشز.

الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ۚ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ ۚ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ۖ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا(34)
(سورة النساء)

الرجُل ينشُز أحياناً (خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا) أي إعراضاً عنها، ما عادَ يعطيها حقوقها مما ينبغي أن تُعطى، أيضاً هذا نشوز.

السؤال الثاني عشر:
رب العالمين يكرمني دائماً وأشعر أنني لا أُؤدّي شكره كما يجب، كيف السبيل إلى عملٍ أستطيع الشكر مع المداومة عليه ولا أتكاسل؟
الشكر العمل، أكثر من شُكر العمل، شكر اللسان:

{ أنَّ رجلًا قال يا رسولَ اللهِ إنَّ شرائعَ الإسلامِ قد كثُرت عليَّ فأخبِرني بشيءٍ أتشبَّثُ به قال: لا يزالُ لسانُك رطبًا من ذكرِ اللهِ }

(أخرجه الترمذي وابن ماجه والطبراني)

شكر العمل، شُكر العين أن لا تنظر إلى الحرام، شُكر الأُذُن أن لا تسمع حراماً، شُكر اللسان أن لا ينطق بحرام، وإذا أردت شيء تستمر به الصدقة، هذا أعظم أنواع الشُكر، ولو كان بمبلغٍ بسيطٍ جداً، ما استطعت، صدقة، شيءٌ يسير نيّة شُكر الله، هذا من أعظم أنواع الشُكر.

يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ ۚ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ۚ وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ(13)
(سورة سبأ)


السؤال الثالث عشر:
ما معنى منهج أهل الحديث في العقيدة؟
هذا الأمر تكلمنا عنه سابقاً ويطول، والآن تأخرنا، منهج أهل الحديث في العقيدة، هُم أنهم يُمررون النصوص على ظاهرها كما جاءت، ولا يتدخلون في تأويلها، ولا تعطيلها، ولا تشبيهها، يُعملون النصوص كما جاءت عن الله وعن رسوله، فإذا قلت له:

إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ۚ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا(10)
(سورة الفتح)

قال لك: الله أعلم بمُراده، فأهل الحديث يُمررون النصوص في أسماء الله وصفاته على ظاهرها، كما جاءت عن الله تعالى، ولا يدخلون في تفصيلاتها، هذا معنى منهج أهل الحديث في العقيدة، وهناك تفصيلاتٌ أُخرى ربما نتكلم عنها في وقتٍ لاحق.

السؤال الرابع عشر:
كيف نتأقلم في زمنٍ كثُرت فيه الفجور والحرام والنفس الأمَّارة بالسوء؟
لا نريد أن نتأقلم، نحن نريد أن نتخطى هذا الزمن، كل الأسئلة تدور حول المحور الذي قلته، نحن بضعف الإيمان نضعُف أمام الشهوات، بقوة الإيمان نقوى أمام الشهوات، كتلة حديدية مئة كيلو غرام سقطت وأحدهم وضع في وجهها كرةً إسفنجية!! لن تقف في وجهها، أما لو كانت كرةً حديدية تُثبّتها قليلاً، وإذا كانت كرة أكبر منها بوزن مئتي كيلو غرام توقفها، فقوة الإيمان تقف في وجه الفجور والعصيان مهما كثُر، نحتاج يومياً حصَّة من كتاب الله، حصَّة من ذِكر الله، مجلس عِلم ولو على اليوتيوب إن لم يكن هناك مجلسٌ قريب، عملٌ صالح، صدقة ولو بشيءٍ يسير، نحتاج أن نقوي إيماننا.

السؤال الخامس عشر:
كيف يتوضأ ويُصلّي من به بروستات أو سَلَس بول؟
بعد دخول الوقت، يتوضأ مباشرةً ويُصلّي ما شاء من الفرائض والنوافل مهما حصل، دخل وقت الظهر، يقوم يدخل إلى الحمَّام ينضَح ثيابه، لا شيء عليها يتوضأ، يُصلّي الظهر ويُصلّي ما شاء بعدها من نوافل إلى أن يحين العصر، دخل وقت العصر، يدخل فيتوضأ ويُصلّي ما شاء من الفرائض والنوافل.

السؤال السادس عشر:
هل صيام عاشوراء بدون صيام تاسوعاء يجوز؟
نعم يجوز، لأنَّ النبي صامه وحده وقال:

{ لئِنْ عِشتُ - وفي لفظٍ: لئِنْ سلِمتُ- إلى قابلٍ، لأصومَنَّ اليومَ التاسعَ، يعني عاشوراءَ }

(أخرجه مسلم باختلاف يسير)

فقال أهل العِلم يجوز صيامه مُنفرداً، والأَولى الجمع مع التاسع، وإذا شاء جمع مع الحادي عشر.

السؤال السابع عشر:
أنا مهندس معلوماتية أعمل عن بُعد من البيت، كان بيني وبين الشركة عقدٌ شفوي بمهامٍ مُعيَّنة، وخلال السنة أضافوا الكثير من المهام الأُخرى غير المذكورة بالعقد، هل التماطُل أو عدم أداء هذه المهام بالشكل الأفضل حرام ويكون الراتب حراماً؟
هذا العقد شريعة المُتعاقدَين ما لم يُخالف نصَّاً شرعياً، فإذا كان العقد واضحاً بمهامٍ مُحدَّدة، فأنت عليك أن تؤدّي المَهام الموجودة في العقد، لكن أحياناً العامل أو الموظف، يتوهَّم توهُّماً أنَّ ما يكلَّف به الآن خارج مهامه، أنا أدعو الشباب إذا التزم بعملٍ، وأهل العمل يقوموا بواجبهم تجاهه، والراتب بوقته، والراتب مُجزئ، أن يتفانى في خدمة العمل، أن يعتبره عمله، سيلحظون ذلك وسيحفظونه له، لأنه أحياناً كثيرٌ من الموظفين يقول لك: هذه ليست مهمتي، لكن صاحب العمل يعتقد أنها مهمتك، فيكون الخلاف على ما هي المهام، أما أحياناً هناك شيءٌ خارج المهام تماماً، يعني موظف مطلوب منه إنجاز برنامجٍ مُعيَّن فأرسل له برنامج آخر، والعقد على هذا البرنامج، يقول له: أنا لا أستطيع هذا البرنامج المُتفَق عليه، أو موظف في مكتبٍ يُقال له: أنت في أوقات فراغك مطلوب منك أن تصنع القهوة والشاي، فيقول: أنا لم أتوظف لأصنع القهوة والشاي، فعندما يكون العمل واضحاً أنه بخلاف العقد يعتذر عنه.

السؤال الثامن عشر:
ملاحظة طفرة ارتفاع آجار البيوت مع العلم ارتفاع قيمة الليرة بدون رحمة؟
والله لا يوجد رحمة، وأنا مثلكم لا أجد بيتاً نسأل الله السلامة، نحن ندعوا كل تاجر وكل صاحب بيت أن يتلطَّف بالناس، نسأل الله السلامة.

السؤال التاسع عشر:
ما حُكم السائل الشفاف الذي يخرج بعد غُسل الجنابة؟
هذا يوجب الوضوء فقط، ما دام اغتسل ثم خرج شيء فهذا يوجب الوضوء فقط، والله تعالى أعلم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.