الأسرة في الدار

  • برنامج دار الأرقم - الحلقة العاشرة
  • 2025-03-10

الأسرة في الدار

للأسرة في دار الأرقم أهمية خاصة، فهي المحضن الأول للبناء، بصلاحها يصلح المجتمع كله.

عمار بن ياسر كان تلميذاً نجيباً من تلاميذ دار الأرقم:
عمار بن ياسر كان تلميذاً نجيباً من تلاميذ دار الأرقم، مع أمه سُميَّة، وأبيه ياسر، وأخيه عبد الله، وشكَّلت الأسرة حالة متكاملة شعارها: الثبات على دين الله وديدنها نصرة الحق، حتى مات من مات منها في سبيل الله، وعاش من عاش في سبيل الله، فالموت في سبيل الله شرف، والحياة في سبيل الله شرفٌ آخر.
سُميَّة أم عمار رضي الله عنهما، ردَّت على أبي جهل، وأغلظت له بالقول فقتلها، امرأة عجوز ضعيفة، تقف في وجه أبي جهل وتثبت، فإذا هي أقوى منه في ثباتها.
الأب ياسر رضي الله عنه، نموذجٌ آخر، يتحمَّل الأذى، ولا يعطيهم كلمة ترضيهم، حتى مات تحت التعذيب.
عمار نموذجٌ ثالث: ناله من الأذى الكثير، حتى قال برسول الله ما يريدون، ثم اهتمَّ همَّاً شديداً، وجاء النبي صلى الله عليه وسلم، ونزل بحقه قرآن يُتلى إلى يوم القيامة:

مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَٰكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ(106)
(سورة النحل)

جميعهم كانوا تحت مظلة الصبر، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول لهم:

{ صبرًا آل ياسرٍ، فإنَّ موعدَكم الجنةُ }

(أخرجه الطبراني والحاكم)

ما الذي كان يُصبِّرهم؟ إنه الوعد الحسن الحق، المؤمن يرى ما لا يراه الآخرون، لأنه يعيش في عالَم الشهادة، ولكن عينه على الغيب، دائماً تستشرف المستقبل.
إنَّ حياة لا يشكل الغيب الجزء الأهم فيها، لهي حياة ناقصة، وإنَّ امرأ لا ينظر بعينَي الشهادة والغيب، لهو رجُلٌ أعور.

الإيمان بالغيب جعل آل ياسر صابرين:
ما الذي جعل آل ياسر صابرين؟ وما الذي جعل منهم أبطالاً، يواجهون جبروت أبي جهل ومَن معه؟ إنه الإيمان بالغيب، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يُصبِّرهم من خلال تذكيرهم بالغيب (فإنَّ موعدَكم الجنةُ).
لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم يملِك رفع الأذى عنهم، ولكنه كان يملِك الكلمة الطيِّبة، التي تقلب الموازين، وتنقلهم من ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة.
ومن هنا فإنه لا وجه للمقارنة، بين مَن ينتظر وعد الله، ومَن يعيش متاع الحياة الدنيا، وهي مبلغه من العلم لا يعي غيرها.

أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَن مَّتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ(61)
(سورة القصص)