مادة اليقين

  • برنامج دار الأرقم- الحلقة الثالثة
  • 2025-03-03

مادة اليقين


بقدر معرفتك بالله يكون يقينك بوجوده وبوحدانيته وبوعده ووعيده:
في دار الأرقم مادة مهمة هي مادة اليقين، اليقين بالله، برسوله، بوعده، بنصره.
وهذه المادة فرع مهم من فروع العلم بالله تعالى، فبقدر معرفتك به، يكون يقينك بوجوده وبوحدانيته وبوعده ووعيده.
بطبيعة الحال لسنا نتكلم هنا عن اليقين الحسّي، فهذا تشترك به المخلوقات جميعها، فما تراه بعينك لست بحاجةٍ إلى دليلٍ على وجوده، ولا نتحدث عن اليقين الاستدلالي، فهذا يملِك أدواته كل عاقل، فيستدل بما يراه، أو يحس به على ما غاب عنه.
نحن نتحدث هنا عن اليقين الإخباري، بمعنى أنه يفترض بخرِّيج هذه المدرسة، أن يؤمن بالخبَر الصادق كما لو أنه يشاهد الأمر بعينه.
أبو بكر الصدِّيق خرِّيج دار الأرقم، قال يوماً عندما أخبره زعماء قريش بإسراء النبي ومعراجه: إن كان قال فقد صدق، لم يطلب الصدِّيق مهلة ليستوضح الأمر، أو يسأل عنه، كلمة (إن) كانت شكّاً في نقلهم الخبَر، لكن خبَر المعصوم لا شكَّ فيه.

التصديق بخبَر الله ورسوله واليقين بما يأتيك عن الله ورسوله يجعلك الأول في كل شيء:
ثم إنَّ التصديق بخبَر الله ورسوله واليقين، بما يأتيك عن الله ورسوله، يجعلك الأول في كل شيء،
كان أبو بكر أول من أسلم، وكان أول الخلفاء، وكان الأول في كل مكرمة.
جلس النبي صلى الله عليه وسلم يوماً مع أصحابه، وسأل سؤالاً مفاجئاً:

{ مَن أصْبَحَ مِنْكُمُ اليومَ صائِمًا؟ قالَ أبو بَكْرٍ: أنا، قالَ: فمَن تَبِعَ مِنْكُمُ اليومَ جِنازَةً؟ قالَ أبو بَكْرٍ: أنا، قالَ: فمَن أطْعَمَ مِنكُمُ اليومَ مِسْكِينًا قالَ أبو بَكْرٍ: أنا، قالَ: فمَن عادَ مِنْكُمُ اليومَ مَرِيضًا قالَ أبو بَكْرٍ: أنا، فقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: ما اجْتَمَعْنَ في امْرِئٍ إلَّا دَخَلَ الجَنَّةَ }

(صحيح مسلم)

ربما كان من النادر، أن يجتمع في برنامجك اليومي، أربع عبادات زائدة على الفرائض، بهذا المستوى، صيام، اتباع جنازة، إطعام مسكين، عيادة مريض.
مدرسة دار الأرقم تعلِّمنا أنَّ اليقين بالخبَر، هو مصدر الأولية، فمبادرتك إلى الصالحات تكون بقدر يقينك بما أعدَّه الله لك.
كان سيدنا أبو بكر أول المنتسبين إلى دار الأرقم، وكان الخرِّيج الأول، فاستحق قول المصطفى صلى الله عليه وسلم:

{ إنه ليس من الناسِ أحدٌ، أمَنَّ عليَّ في نفسِه ومالِه من أبي بكرِ ابنِ أبي قحافةَ، ولو كنتُ مُتخذًا من الناسِ خليلًا، لاتخذتُ أبا بكرٍ خليلًا، ولكن خُلَّةُ الإسلامِ أفضلُ، سُدُّوا عني كلَّ خَوخَةٍ، في هذا المسجدِ، غيرَ خَوخَةِ أبي بكرٍ }

(الألباني صحيح الجامع)