إدراك الفرق
إدراك الفرق
في دار الأرقم يُدرك المتعلِّم الفرق بين الحياة الدنيا والحياة الآخرة:
في دار الأرقم يُدرك المتعلِّم، الفرق بين الحياة الدنيا والحياة الآخرة، وإدراك الفرق شأن عظيم من شؤون العقلاء العلماء. |
في هذه المدرسة يُعطي المتعلم الدنيا حجمها الحقيقي، ويدرك أنها وسيلة وليست غاية، فيُحسن استخدامها وتوظيفها لنجاته في الآخرة. |
في دار الأرقم، كان عثمان بن عفان رضي الله عنه وصحبه يستمعون قوله تعالى: |
إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازًا(31) حَدَائِقَ وَأَعْنَابًا(32)(سورة النبأ)
كذلك كانوا يقرؤون قوله تعالى: |
وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ(10) أُولَٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ(11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ(12)(سورة الواقعة)
كانوا يتدارسون سورة الرحمن: |
وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ(46)(سورة الرحمن)
ويتعلمون سورة الدخان: |
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ(51) فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ(52)(سورة الدخان)
ثم يكون من أعجب العجب، أن يقرأ المؤمن عن الجنَّة ثم لا يسعى لها، وأن يقرأ عن النار ثم لا يحذر منها. |
لا تستغرب بعدها، أن يسمع عثمان رضي الله عنه، رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: |
{ أنَّ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عنْه حِينَ حُوصِرَ، أَشْرَفَ عليهم وقالَ: أَنْشُدُكُمُ اللَّهَ، ولَا أَنْشُدُ إلَّا أَصْحَابَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: مَن حَفَرَ رُومَةَ فَلَهُ الجَنَّةُ، فَحَفَرْتُهَا؟ أَلَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أنَّهُ قالَ: مَن جَهَّزَ جَيْشَ العُسْرَةِ فَلَهُ الجَنَّةُ، فَجَهَّزْتُهُمْ؟ قالَ: فَصَدَّقُوهُ بما قالَ }
(صحيح البخاري)
فيقوم عثمان بحفرها. |
عثمان الخليفة الثالث الذي أعزَّ الله به الإسلام وجمع به القرآن:
ولا تعجب أن يسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (مَن جَهَّزَ جَيْشَ العُسْرَةِ فَلَهُ الجَنَّةُ) فيقوم عثمان رضي الله عنه بتجهيز جيشٍ بكامله من ماله، مما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: |
{ جاء عثمانُ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بألفِ دينارٍ في كُمِّه –حينَ جهز جيشَ العسرةِ– فنثَرها في حِجرِه، فرأيتُ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ يُقلِّبُها في حِجرِه، ويقولُ: ما ضَرَّ عثمانَ ما عمِل بعدَ اليَومِ، مرتينِ }
(أخرجه الترمذي وأحمد)
عثمان الخليفة الثالث الذي أعزَّ الله به الإسلام وجمع به القرآن. |
عثمان أحد العشرة المُبشرين بالجنَّة، وقد بشَّره النبي صلى الله عليه وسلم بالشهادة في سبيل الله. |
في دار الأرقم دروسٌ في الحياء، وعاها عثمان بن عفان رضي الله عنه، وهو يسمع رسول الله يقول: |
{ الْحَياءُ خَيْرٌ كُلُّهُ. قالَ: أوْ قالَ: الحَياءُ كُلُّهُ خَيْرٌ. فَقالَ بُشيرُ بنُ كَعْبٍ: إنَّا لَنَجِدُ في بَعْضِ الكُتُبِ، أوِ الحِكْمَةِ، أنَّ منه سَكِينَةً ووَقارًا لِلَّهِ، ومِنْهُ ضَعْفٌ، قالَ: فَغَضِبَ عِمْرانُ حتَّى احْمَرَّتا عَيْناهُ، وقالَ: ألا أرَى أُحَدِّثُكَ عن رَسولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ، وتُعارِضُ فِيهِ، قالَ: فأعادَ عِمْرانُ الحَدِيثَ، قالَ: فأعادَ بُشيرٌ، فَغَضِبَ عِمْرانُ، قالَ: فَما زِلْنا نَقُولُ فِيهِ: إنَّه مِنَّا يا أبا نُجَيْدٍ، إنَّه لا بَأْسَ بهِ }
(أخرجه البخاري ومسلم)
استحقَّ عثمان لقباً عظيماً، وهو أنه أصدق أمة نبينا محمد في حيائه، فقد قال صلى الله عليه وسلم: |
{ أرحَمُ أُمَّتي بأُمَّتي أبو بكْرٍ، وأشَدُّهم في أمْرِ اللهِ عُمرُ، وأصدَقُهم حَياءً عُثمانُ، وأقرَؤُهم لكتابِ اللهِ أُبَيُّ بنُ كَعْبٍ، وأفرَضُهم زَيْدُ بنُ ثابتٍ، وأعلَمُهم بالحَلالِ والحَرامِ مُعاذُ بنُ جَبَلٍ، ألَا وإنَّ لكلِّ أُمَّةٍ أمينًا، ألَا وإنَّ أمينَ هذه الأُمَّةِ أبو عُبَيدةَ بنُ الجَرَّاحِ. }
(شعيب الأرناؤوط إسناده صحيح على شرط الشيخين)
وبلغ من حيائه أن الملائكة كانت تستحي منه: |
{ عن عائشةَ قالتِ استأذَن أبو بَكْرٍ على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وهو جالسٌ كاشِفٌ عن فخِذَيْهِ فأذِن له واستأذَن عُمَرُ فأذِن له وهو كهيئتِه ثمَّ استأذَن عُثْمَانُ بنُ عفَّانَ فأهوى إلى ثوبِه فغطَّى فخِذَيْهِ فقُلْتُ يا رسولَ اللهِ كأنَّكَ كرِهْتَ أنْ يراكَ عُثْمَانُ فقال إنَّ عُثْمَانَ حَيِيٌّ سِتِّيرٌ تستحي منه الملائكةُ }
(أخرجه مسلم)
والحياء شُعبة من الإيمان، خصَّها رسول الله صلى الله عليه وسلم، بالذكر من بين شُعب الإيمان، لبيان أهميتها وعظم شأنها. |
دار الأرقم مدرسة أخلاقية، تربوية، إيمانية:
ولقد كانت دار الأرقم مدرسة أخلاقية، تربوية، إيمانية، تلقَّى فيها الصحابة رضوان الله عليهم، دروس الإيمان قبل أن يتلقَّوا الأحكام. |
حتى قال ابن عمر رضي الله عنهما: << لَقَدْ عِشْنَا بُرْهَةً مِنْ دَهْرِنَا وَإِنَّ أَحْدَثَنَا يُؤْتَى الْإِيمَانَ قَبْلَ الْقُرْآنِ، وَتَنْزِلُ السُّورَةُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَتَعَلَّمُ حَلَالَهَا وَحَرَامَهَا، وَمَا يَنْبَغِي أَنْ يُوقَفَ عِنْدَهُ فِيهَا كَمَا تَعْلَمُونَ أَنْتُمُ الْقُرْآنَ ، ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ رِجَالًا يُؤْتَى أَحَدُهُمُ الْقُرْآنَ فَيَقْرَأُ مَا بَيْنَ فَاتِحَتِهِ إِلَى خَاتِمَتِهِ مَا يَدْرِي مَا أَمْرُهُ وَلَا زَاجِرُهُ، وَلَا مَا يَنْبَغِي أَنْ يُوقَفَ عِنْدَهُ مِنْهُ يَنْثُرُهُ نَثْرَ الدَّقَلِ>>. |