فتاوى رمضان الشرعية والطبية

  • لقاء مع رابطة حملات الحج السورية
  • 2021-04-13

فتاوى رمضان الشرعية والطبية


مقدمة:
الدكتور حسن:
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
في لقاءٍ جديد، في أمسيةٍ جديدة على صفحة رابطة حملات الحج السورية، على الفيس واليوتيوب مع ضيوفٍ أجلاء كرام، ونحن نرحب بالسادة المتابعين من الصائمين والصائمات، والذاكرين والذاكرات، نرحب بكم يا من تتابعون هذه الحلقات العلمية الكريمة ونحن نستقبل ضيفين جليلين كريمين في برنامج فتوى سؤال وجواب، فتوى شرعية، وفتوى طبية، نستقبل ونرحب بفضيلة شيخنا الدكتور بلال نور الدين، مدير مكتب الداعية الكبير الدكتور محمد راتب النابلسي، والمتخصص بعلوم الفقه والإعجاز القرآني، أهلاً وسهلاً ومرحباً بكم فضيلة الدكتور.

الدكتور بلال:
حياكم الله، بارك الله بكم.

الدكتور حسن:
ونرحب بأخي العزيز الدكتور مهند صلاحي الأصبحي، أخصائي القلب والأوعية أهلاً وسهلاً ومرحباً بكم فضيلة الدكتور في برنامجكم، وبين إخوانكم في رابطة حملات الحج السورية.

الدكتور مهند:
أهلاً وسهلاً فيك.

الدكتور حسن:
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلَاً، إنك إن شئت تجعل الحزن سهلاً، بفضلك وكرمك يا رب العالمين الحمد لله الذي:

عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الْإِنْسَانَ (3)عَلَّمَهُ الْبَيَانَ (4)
[ سورة الرحمن]

والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين، الذي أرسله ربه معلماً ومتمماً لمكارم الأخلاق، سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم.
أيها السادة الصائمون؛ أيها السادة المؤمنون: تكثر أسئلة أحكام الصيام، والزكاة، والعبادة، والمعاملات في شهر رمضان، حرصاً من المسلمين على صحة العقيدة، والدين، والعبادة، لكن عندما نسأل عن أمور ديننا، فإذا بنا نجد الجواب في كتاب الله الحكيم:

َمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (43)
[ سورة النحل]

حذرنا القرآن الكريم من الجرأة على الفتوى
نعم أيها الأخوة؛ إن أهل الذكر في علوم الشريعة والأحكام هم العلماء العاملون الراسخون في العلم، من وصلوا إلى مرحلة الفتاوى، والعلم بالأحكام، فنجد العالم بالفتوى إذا عرف المسألة وضّح، وبين، وأجاب، وأفتى، وإذا أشكل عليه الجواب يعتذر، ولا يستحي من ذلك، ويقول: لا أعلم، كما قالها عدةٌ من الأئمة الكرام، ومنهم الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه، وغيره كثير عندما قالوا: إن كنا لا نعلم خيراً من أن نضيع ديننا ودين غيرنا، أما مصابنا اليوم أنه أصبح من يجيب على السؤال الجاهل وغير المتخصص، يتصدر للفتاوى، ويجيب عن كل شيء، خطأً أم صواباً، فيضيع دينه ويضيع دين غيره.
لذلك أيها السادة؛ حذرنا القرآن الكريم من الجرأة على الفتوى بقوله تعالى:

وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ (116)
[ سورة النحل]

لذلك يُحرم الإفتاء بغير علم، والمتهاون في الفتوى يدخل في التهديد والوعيد بقوله عليه الصلاة والسلام:

{ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أفتى الناس بغير علم كان إثمه على من أفتاه }

[أخرجه ابن ماجه والحاكم ]

لعنته ملائكة السماء وملائكة الأرض، وقال عليه الصلاة والسلام:

{ عن عبيد الله بن أبي جعفر رحمه الله قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَجْرَؤُكُمْ عَلَى الْفُتْيَا أَجْرَؤُكُمْ عَلَى النَّارِ }

[أخرجه الدرامي]

قال الإمام عبد الرحمن بن أبي ليلى: أدركت عشرين ومئةً من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسأل أحدهم المسألة فيردها هذا إلى هذا، وهذا إلى هذا حتى ترجع إلى الأول.
أيها السادة الكرام؛ كنا في مجلسٍ من مجالس رمضان، منذ أكثر من خمسة عشر عاماً، وكان في المجلس عالم فقيه، فيأتي السؤال من أحد الجالسين، فيتصدر للجواب أحد الجالسين، ويتجاهل ذلك العالم الفقيه، ويجيب خطأً، فإذا بالعالم يغضب لما كان من تجاوز حدود الله في الفُتيا، وعلمه كيف يلتزم الأدب في الفُتيا.
لذلك أيها الأخوة؛ ما كان هذا البرنامج برنامج سؤال وجواب إلا لنأتي بأهل العلم.

هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7)
[ سورة آل عمران]

ومن أتى على أحكام الشريعة والحقيقة لنأخذ منه علماً نافعاً صيباً بإذن الله عز وجل .
لذلك أيها الأخوة، نبقى معكم مع أحكام الصيام، الفتوى الشرعية، والفتوى الطبية لنبدأ أولاً بدايةً طيبةً مع فضيلة شيخنا الدكتور بلال نور الدين، حفظه الله سبحانه وتعالى في السؤال الأول في هذه الحلقة المباركة، إذا أذنتم لنا فضيلة الدكتور.
السؤال: دخل رمضان ولم أقضِ ما عليّ من رمضان الفائت فماذا يلزمني؟

حكم من أفطر في رمضان ولم يقضِ ما عليه قبل أن يأتي رمضان الثاني:
الدكتور بلال:
جزاكم الله خيراً الدكتور حسن، وبارك الله بكم، ونفع بكم، وشكراً لتقديمكم الطيب، وأسأل الله تعالى أن يجعلنا وإياكم من طلاب العلم العاملين الذين يخشون الله تعالى.
أخي الحبيب، أخوتي المتابعين؛ السؤال الذي تفضل به الدكتور حسن، إنسان عليه قضاء من رمضان، كأن كان مسافراً فأفطر، أو كان مريضاً فأفطر، أو كانت امرأة في عذرها الشرعي، أو حاملاً تخشى على نفسها أو على جنينها، إلى نحو ذلك، فأفطرت أياماً من رمضان، ولزمها القضاء لأنها قادرة، أو لأنه قادر على القضاء، إلى أنه جاء رمضان التالي ولم يصم الإنسان ما عليه فماذا يلزمه؟
أولاً أيها الكرام: اتفق الأئمة على أن من أفطر أياماً في رمضان لزمه القضاء إن كان قادراً على القضاء، واتفقوا أن هذا القضاء يجب أن يكون قبل قدوم رمضان الثاني، واستدلوا على ذلك - وهذا من فقه الفقهاء - بحديث عائشة رضي الله عنها في الصحيح أنها قالت:

{ عن عائشة رضي الله عنها قالت: كانَ يكونُ عليَّ الصومُ مِنْ رمضانَ، فما أستطيعُ أن أقضيَ إِلا في شعبانَ }

[أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ومالك]

من أفطر أياماً في رمضان لزمه القضاء
فدل ذلك على أن عائشة رضي الله عنها كانت تقضي في شعبان لأنه لا ينبغي أن يدخل رمضان ولما تقضي صومها الذي وجب في ذمتها، فاتفق الفقهاء على أن من أفطر أياماً في رمضان وكان قادراً على القضاء، فعليه القضاء قبل أن يأتي رمضان الثاني.
لكن؛ لو أن إنساناً أتى رمضان ولم يقضِ ما عليه من رمضان الفائت فماذا يلزمه؟ الذي ترك القضاء أحد رجلين إما أنه تركه بعذر أو بغير عذر، فإذا كان تركه بعذرٍ كأن يكون المرض استمر به، فلم يستطع القضاء، أو تكون المرأة مرضعاً مثلاً فلم تستطع القضاء خوفاً على نفسها، أو على رضيعها، فلم يستطع القضاء لسببٍ شرعي أو لعذر، فهذا يلزمه القضاء فقط، يقضي بعد رمضان ما فاته ولا شيء عليه ولا يأثم لأنه أخر القضاء بعذر، لا شيء عليه إلا القضاء، وأما من أخر القضاء بغير عذر، لم يصم ما عليه من رمضان ودخل رمضان الثاني ولم يصم ما مضى من رمضان الفائت ولغير عذر، ترك الأمر تكاسلاً من شهر إلى شهر حتى جاء رمضان ولم يقض ما عليه من أيام الصيام التي أفطرها، فهنا ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه يلزمه الفدية مع القضاء، فيبقى القضاء في ذمته، ويضيف إليه عن كل يوم فديةً فيطعم مسكيناً، وهذا مرويٌ عن ابن عباس رضي الله عنهما، وعن أبي هريرة رضي الله عنه، فأخذ به الفقهاء الثلاث؛ الشافعي، والإمام مالك، والإمام أحمد بن حنبل، أخذوا بأنه يلزمه مع القضاء الفدية، وذهب الإمام أبو حنيفة رحمه الله إلى أنه يبقى على القضاء فقط، لأن الله تعالى قال:

أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ (184)
[ سورة البقرة]

لكن يأثم لتأخيره القضاء لغير عذر فيستغفر الله، فنقول: وبالله المستعان، الأبرأ للذمة والأحوط لمن أخر القضاء بغير عذر أن يضيف إلى القضاء فديةً إطعام مسكين، خروجاً من الخلاف، ومن كان فقيراً لا يستطيع فليأخذ برأي الحنفية في أنه يكفيه إن شاء الله تعالى القضاء ولا فدية عليه، أما الأحوط والأبرأ للذمة لمن كان قادراً أن يخرج فديةً ويبقى القضاء في ذمته، هذا والله تعالى أعلم.

الدكتور حسن:
جزاكم الله عنا كل خير فضيلة الدكتور؛ السائل يسأل في هذا المجال: إذا كان أخر القضاء بدون عذر حتى دخل شعبان، وعندما أراد أن يصوم في شعبان القضاء ولكن جاءته أعمال الدراسة، والضغط في الدراسة، ولم يعد يستطيع أن يقضي، أي أولاً لم يكن عنده عذر، لكن عندما دخل شعبان وصار عنده عذر الدراسة، بالنسبة للامتحانات، هل يعتبر هذا عذراً لتأخير الصيام؟

على الإنسان ألا يتهاون في قضاء ما عليه من صيام رمضان:
الدكتور بلال:
والله يا سيدي هذا قصر لأنه تهاون في القضاء وكان معه سعة من الوقت، لا شك أنه قصر، لكن لعلنا نقول: إنه لا يأثم في ذلك، لكن الأفضل أن يدفع فدية أي عرض له عارض كما تفضلتم، أخر، سوف، سوف، وقالوا:
وَاطَّرِحْ (سَوْفَ وَحَتَّى) فَهُمَا دَاءٌ وبيـــــــــلْ
{ منقول }
لكن له في السيدة عائشة أسوة حسنة، لكن هي لها عذر قالت: فما أصوم إلا في شعبان لمكانة رسول الله مني، أي لحقوق رسول الله عليها، فهي كان لها عذر في التأخير إلى شعبان، أما الأصل في المسلم أن يبادر إلى القضاء فوراً، أي بعد رمضان إذا كنت قادراً فبادر إلى القضاء، فلو قال: أصوم في شعبان، ثم عرض له في شعبان مرض، أو دراسة، أو شيء فامتنع، فلا نستطيع أن نقول إنه معذور بهذا التأخير، ويفضل أن يضيف فديةً مع القضاء، والله أعلم.

الدكتور حسن:
بارك الله بكم دكتور، سيدي؛ السائل يسأل عن القطرات، قطرة العين، الأنف، الأذن، هل تُفطر الصائم؟ وما القطرات التي لا تُفطر الصائم؟

حكم قطرات العين والأنف والأذن عند الصيام:
الدكتور بلال:
جزاكم الله خيراً، يا سيدي؛ هذا الموضوع فيه اختلاف فقهي قديم جديد، ولو ذهبت إلى أقوال الفقهاء، أئمتنا وسادتنا الفقهاء الذين بذلوا كل جهد في سبيل استخراج الأحكام الشرعية وإيصالها إلينا لوجدنا خلافاً في ذلك، فنظروا وفق المعطيات العلمية والطبية في عصرهم إلى أن ما يصل إلى الجوف وله منفذ إلى الجوف فإنه يُفطر فقالوا: قطرة العين لا تُفطر، والأذن والأنف تفطران، وهذا مفتى به في كثير من الكتب الفقهية القديمة.
الفرق بين الاجتهاد الجماعي والإجماع
شخصياً وأنا أحب أن أقول ذلك كتوثقة لأنه ربما يرد معنا بعض الأسئلة الأخرى المتعلقة بالجوانب الطبية، وربما نسمع رأي الدكتور مهند في الناحية الطبية، شخصياً أحبّ أن آخذ بهذه الأمور بقرارات مجمع الفقه الإسلامي، لا لشيء، إلا أنه قرار جمعي، أي اجتهاد جماعي، لا أقول: إجماع، بل اجتهاد جماعي، فرق بين الاجتهاد الجماعي والإجماع، هي لم تصبح إجماعاً، أي يبقى الخلاف فيها سائغاً، لكن أولاً هو اجتهاد جماعي، ثانياً: لأن مجمع الفقه الإسلامي في القرارات الطبية لا يصدر أحكامه إلا بعد استشارة الأطباء المتخصصين، أي عنده كادر طبي، فلربما تكون الفتوى من عندهم أقرب إلى الصواب، والله تعالى أعلم، لذلك أقول: أصدر مجمع الفقه الإسلامي قراره بأن القطرات الثلاثة العين والأنف والأذن لا تُفطر، بشرط أن يتجنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق، أي إذا كانت القطرة كثيرة، أما لو نقطة واحدة أو نقطتان، ربما يجد طعمها في حلقه لكن وجود الطعم لا يُفطر، بدليل أن السواك للصائم جائز، معجون الأسنان يجد طعمه لكن لا يبتلعه، الطعم لا يُفطر بحد ذاته، لكن لو وجد شيئاً نفذ إلى الحلق فليبصقه ولا يبتلعه، وأوصى المجمع إذا كان الإنسان يستطيع أن تكون القطرة على السحور والفطور مثلاً في الليل أن يفعل، لكن لو أن الأطباء قالوا له: يجب كل ساعتين، أو كل ثلاث ساعات، أو يجب ثلاث مرات في اليوم أي ظهراً، ينبغي أن يكون هناك قطرة، وبيّن له الأطباء أن ذلك ضروري له، فنأخذ بقرار مجمع الفقه الإسلامي، والله تعالى أعلم، بأن قطرة العين والأذن والأنف لا تُفطر إن شاء الله، بشرط أن يتجنب ابتلاع ما نفذ إلى الحلق، إن نفذ إلى الحلق شيءٌ من القطرات، هذا والله تعالى أعلم.

الدكتور حسن:
زادكم الله علماً، ونفعنا ونفع المسلمين بعلمكم فضيلة الدكتور.
سيدي؛ هناك أمرٌ مهم جداً: هل الجنابة تُفسد الصيام؟ وما هي أحوالها؟ هناك طبعاً ما يسمى بالمداعبة، وهناك ما يسمى بالقبلة، وهناك ما يسمى بغير ذلك، فعملياً قبل أن نصل إلى الجنابة، المداعبة والقبلة ما حكمها في الصيام؟ شباباً، كباراً، مسنين، وقضية الجنابة ما حكمها في الصيام؟

حكم الجنابة في رمضان:
الدكتور بلال:
جزاكم الله خيراً، صح في الأحاديث الشريفة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُقبل نساءه وهو صائم، والسيدة عائشة وهي فقيهة النساء، أمنا الطاهرة رضي الله عنها وأرضاها، ذكرت ملمحاً لطيفاً جداً وهذا من فقهها، قالت:

{ عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لَيُقبِّل بعض أزواجه وهو صائم، ثم ضحكت، وفي أخرى قالت: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُقبِّل ويُباشِر وهو صائم، وكان أَمْلَكَكم لإِرْبه وأَيُّكم يملك إِرْبَه، كما كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم يملك إِرْبَهُ؟ }

[أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي ومالك]

وكأنها تشير بذلك، وهذا الملمح التقطه الفقهاء الأجلاء، إلى أن من الناس، إلى أن معظم الناس، أو أكثر الناس، وخاصةً الشباب، وأنت تفضلت في السؤال عن الصغار والكبار ربما لا يستطيع أن يملك إربه، فيبدأ بالتقبيل، فينتقل إلى المداعبة، وينتقل ربما إلى أكثر من ذلك إلى الجماع، فيحصل أن يفسد صيامه، ويلزم بالقضاء مع الكفارة لمن جامع في نهار رمضان وهو صائم، فهناك مبدأ في الشريعة اسمه: سد الذرائع، فنحن نقول: يا معشر الشباب، ويا معشر المسلمين عموماً، وخصوصاً الشباب لنبتعد عن القبلات، والمداعبة لأنها ربما تفضي إلى أكثر منها، والوقت وقت صيام، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:

{ عن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: الصيامُ جُنَّة، فإذا كانَ أحدُكُم صائما فلا يَرْفُثْ ولا يَجْهلَ، فَإِنِ امْرُؤ قَاتَلَهُ أو شَاتَمَهُ، فليقل: إِنِّي صائم }

[أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي ومالك]

والله تعالى في القرآن يقول:

أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ (187)
[ سورة البقرة ]

والرفث؛ كناية عن الجماع، إلا أنه قد يشمل معها أحياناً مقدمات الجماع فنقول: ينبغي للمسلم أن يتجنب ذلك في نهار رمضان، لكن لو أنه قبّل وما أفضى ذلك إلى إنزال، ولا إلى جماع، فصيامه صحيح، لكن الأولى والأفضل ألا يفعل لئلا يتبع ذلك ما يتبعه.
الطهارة ليست شرطاً لصحة الصيام
الآن لو أن إنساناً كان جنباً في الليل سواءً من احتلام أو من جنابة، وطلع الفجر عليه ولم يغتسل فصيامه صحيح، ولو نام مثلاً بعد السحور، تسحر ونام فاستيقظ جنباً، أو استيقظت المرأة جنباً فالصيام صحيح، لأن الطهارة ليست شرطاً لصحة الصيام، هي شرطٌ لصحة الصلاة، فالجنابة لا تفسد الصيام، أقصد لا تفسد بمعنى لو أن إنساناً أجنب في الوقت سواءً ليلاً باحتلام، أو أجنب ليلاً بجماع، فهذه الجنابة لا تفسد الصيام، وقال العلماء: هذا يقترب من مسائل الإجماع، واستدلوا على ذلك بأحاديث كثيرة منها حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم:

{ عن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما قالتا: كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ليصبحُ جُنُبا من جِمَاع غيرِ احتلام في رمضان ثم يصومُ }

[أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي ومالك]

فلو أن إنساناً أجنب ليلاً، أو أجنب بالجماع في ليل رمضان ثم طلع الفجر عليه ولم يغتسل، فيغتسل للصلاة، إلا أنه صيامه صحيحٌ إن شاء الله تعالى.

الدكتور حسن:
بارك الله بكم فضيلة الدكتور، وجزاكم الله عنا كل خير.
السؤال الآن: ما مقدار فدية الصوم؟ ومتى وقت دفعها؟ ومتابعة السؤال: ومن ليس بقادرٍ على دفعها ماذا عليه أن يفعل؟

مقدار فدية الصوم ووقتها:
الدكتور بلال:
جزاكم الله خيراً، الفدية قال تعالى:

أَيَّاماً مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (184)
[ سورة البقرة]

وجاء في صحيح البخاري أن هذه الآية بقيت، وإن كان نسخت في عموم الناس إلا أنها بقيت في الأصناف التي يلزمها الفدية، والأصناف الذين يلزمهم دفع فدية الصيام هي المريض كما بينا في اللقاء السابق، المريض الذي لا يرجى برؤه، المرض المزمن هذا عليه فدية، المرأة العجوز الكبيرة الطاعنة في السن التي لا تطيق الصيام، ولا تقدر عليه، أو الرجل الكبير الشيخ الذي لا يقدر على الصيام أيضاً يلزمه، وقلنا قبل قليل أيضاً عند جمهور الفقهاء: لمن أخر القضاء ودخل رمضان بغير عذر ولم يصم ما عليه، فعند جمهور الفقهاء يلزمه أيضاً مع القضاء الفدية، إذاً هذه أحوال من تجب عليه الفدية.
الفدية هي إطعام مسكين
ما الفدية؟ الفدية هي إطعام مسكين كما قال تعالى، وقال أهل العلم: هي نصف صاع من الطعام، أي كيلو ونصف، والبعض قال: سبعمئة غرام، والبعض قال: لا، كيلو ونصف، نأخذ بالحد الأعلى لمصلحة الفقير لمن كان قادراً، أي لو أطعم عن كل يوم كيلو ونصف مثلاً من الرز، أو إن أحبّ طبخ طعاماً عبارة عن أرز ودجاج، فريكة ولحم، أي طبخ وأطعم المساكين، هذا جيد، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه يجوز أن يعطي قيمتها للفقراء، وكل شخص في بلده يراجع هذه القيمة، ولا شك أن الإطعام أفضل للالتزام بالنص، لكن أجاز بعض الفقهاء منهم أبو حنيفة رحمه الله دفع القيمة، إذا كان في ذلك مصلحة للفقير، أو مثلاً أرسلها إلى أهله فوكلهم، اليوم مثلاً الفدية بالشام كل يوم 3500 ليرة الحد الأدنى فبعث المبلغ، وقال: أنتم كلوا بها، أو أطعموا المساكين بها، أيضاً لا مانع.
وقتها: من أول رمضان لآخر رمضان في أي يوم، إن شاء أخرج عن جميع الأيام، وإن شاء أخرج عن كل يوم بيومه كما قال السادة الشافعية، أي كل يوم يطعم مسكيناً بيومه، لكن الأيسر على الناس، ربما إنسان من أول يوم في رمضان يبرئ ذمته، هو قادر أن يصرف لأنه لا يستطيع أن يصوم رمضان، عنده مشكلة، ثلاثون يوماً ضرب قيمة الفدية، ويوزعها من أول يوم، أو يؤخرها لآخر يوم، أو بنصف رمضان، لا يوجد مانع عن الشهر كله، وهذا أيسر المذاهب وفيه سعة إن شاء الله على الناس، فيخرج الفدية في أول رمضان، أو في وسطه، أو في آخره، وله أن يخرج عن جميع الأيام دفعة واحدة، فيرسلها لمجموعة من المساكين أو لمسكين واحد يأكل بها، أو إلى غير ذلك لا مانع إن شاء الله في الأمر سعة والله تعالى أعلم.

الدكتور حسن:
ذكرتم فضيلة الدكتور أن نخرج الفدية طعاماً، ألا يجوز أن نخرج نقداً؟

جواز إخراج الفدية نقداً:
الدكتور بلال:
هذا أيضاً جائز، كما قلت السادة الحنفية أجازوا إخراجها نقداً، إذا كان في ذلك مصلحة للفقير، أي أن تعطيه المبلغ المالي المكافئ لوجبة الطعام، وهذا فيه يُسر، وهو مرويّ عن جمع من التابعين والسلف، ومنهم عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، ورحمه الله، وفي الأمر سعة إن شاء الله، الإنسان الذي عنده إمكانية أن يُطعم، ويحب ذلك فإن شاء الله هذا جيد، وفيه التزام بالنص، إطعام مسكين، ومن دفع القيمة فقد حقق المقصود إن شاء الله، ولا مانع بإذن الله، والله أعلم.

الدكتور حسن:
عوداً على السؤال المتقدم فضيلة الدكتور، حتى نعطيكم استراحة، وننتقل بعد ذلك إلى دكتورنا، الدكتور مهند، أرجو منكم ومن باب إدخال السرور على قلوب المستمعين أن تذكرنا بتلك الحادثة للصحابي الذي واقع زوجته في نهار رمضان، ثم قال: وهل بين لابتيها أفقر مني يا رسول الله؟ تفضل سيدي.

حادثة الصحابي الذي واقع زوجته في نهار رمضان:
الدكتور بلال:

{ عن أبي هريرة: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هلكت، فقال: وما أهلكك؟ قال: وقعت على امرأتي في شهر رمضان. فقال: هل تستطيع أن تعتق رقبة؟ قال: لا، قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا. قال: فهل تستطيع أن تطعم ستين مسكيناً؟ قال: لا. قال: اجلس، فجلس فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر، قال: والعرق هو المكتل الضخم. قال: خذ هذا فتصدق به. فقال: يا رسول الله ! أعلى أهل بيت أفقر منا، فما بين لابتيها أهل بيت أفقر منا. فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه، وقال: اذهب فأطعم أهلك }

[ أخرجه مسلم وابن خزيمة ]

إعتاق الرقبة هو أول مراتب الكفارة
لكن كما تفضلت، هذا الرجل جامع أهله في نهار رمضان، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: أعتق رقبةً، لأن إعتاق الرقبة هو أول مراتب الكفارة من أفطر في نهار رمضان بالجماع - كما هو مذهب جمهور الفقهاء - أما من أفطر بالطعام والشراب فقد أثم إثماً عظيماً، أي بغير عذر، لكن لا يلزمه إلا القضاء والتوبة إلى الله، لكن من أفطر في نهار رمضان بالجماع فيلزمه إعتاق رقبة، فقال: أعتق رقبة؟ قال: لا أجد يا رسول الله، لا يوجد عندي لأني فقير، فقال له: أطعم ستين مسكيناً؟ فقال: والله ما أجد، فالنبي صلى الله عليه وسلم أعطاه الطعام، جمع له وأعطاه، قال: خذ هذا وأطعمهم، قال: والله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر منا، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم قال: خذه وأطعمه أهلك.
وهذا الحديث الشريف الجميل مثلما تفضلت الذي يضحك، أو يدخل السرور إلى القلوب، يوضح هذه الرحمة العظيمة التي كانت عند النبي صلى الله عليه وسلم للناس، هنا لا نتعلم أحكاماً فقط، نتعلم مع الأحكام كيف نراعي حال الناس، لا أقول بالتجاوز عن الأحكام معاذ الله، لكن بأن نفهم طبيعة السؤال، وطبيعة الشخص، وطبيعة الظرف، ثم نفتي للإنسان بحاجته، وبسعة الشرع، دون أن نضيق عليه فيما وسع الله تعالى علينا به.
ابن القيم الجوزية رحمه الله تعالى له كلام لطيف جداً في مسألة الفُتيا يقول: فمن أفتى الناس بمجرد المنقول في الكتب على اختلاف أعراقهم، وأوطانهم، ومذاهبهم، وعوائدهم، وأمكنتهم كانت جنايته على دينهم أعظم من جناية طبيبٍ طبب الناس كلهم على اختلاف أمراضهم، بما في كتاب في الطب عنده.
الدكتور مهند يعرف ليس من المعقول كلما جاءك مريض تفتح الكتاب وتقول: والله يجب أن تأخذ هذا الدواء، هذا المريض غير هذا المريض، فابن القيم قال: جناية العالم عندما لا يراعي أحوال الناس بالفتيا أعظم من جناية الطبيب عندما يفتح الكتاب ويعطي الكل دواء واحداً.

الدكتور حسن:
لذلك سيدي كما قالوا: الفتيا تحتاج إلى معرفة العادات والأعراف فيفتي بالحقيقة العلمية، جزاكم الله كل خير، وقد أدخلتم البسمة والكلمة الطيبة على قلوب المستمعين جميعاً.
قبل أن نتوجه إلى دكتورنا البسام، صاحب البسمة الرائعة، الذي دخل إلى قلوبنا ببسمته، ونظراته، ولطفه في كلامه، لكن ما نسأله عنه الآن هو قد يزعج السامعين، عن وباء كورونا، فنسأله ما هي النصائح التي توجهونها لمن أراد أن يأخذ لقاح كورونا في رمضان؟ طبعاً وكورونا هي قدرٌ من الله عز وجل، وجنديٌ من جنود الله، أراد به الله عز وجل حكمةً وخيراً بين عباده، لا نعترض على قضاء الله، بل نرضى بقضاء الله وقدره.
سيدي فضيلة الدكتور مهند؛ حفظكم الله تعالى، حدثنا عن كورونا، عن هذا الوباء الذي انتشر هنا وهناك، وحدثنا عن موضوع اللقاح، وما علاقة اللقاح في صيام رمضان هل يُفطر أم لا طبياً؟ تفضلوا سيدي.

كورونا وموضوع اللقاح في رمضان:
الدكتور مهند:
جزاكم الله خيراً، وجزاك الله كل خير دكتور بلال على كلماتك التي استفدنا منها جزاك الله خيراً.
والله بالنسبة لكورونا، صار لنا الآن حوالي سنة ونحن نعمل بالعالم، تعبنا والله من كثرة المشاهد بالمشافي، والله خلال السنة الماضية صار عندنا خبرة كبيرة بمرض كورونا، أعراضه، ومضاعفاته، وخطورته ونسبة الشفاء، ونسبة عدم الشفاء، وصار عندنا خبرة بموضوع اللقاح، وآثاره، وأنواعه، وهذه القصص كلها، والآن دخل رمضان علينا، والناس تريد أن تأخذ اللقاحات، من أجل أن تتقي الإصابة بكورونا، الآن المناسبة جيدة أن نتكلم على اللقاح، والناس معظمهم إن شاء الله يريدون أن يأخذوا هذا اللقاح، الذي أخذ اللقاح والذي لم يأخذه، نحن الآن برمضان ويجب أن نتكلم بعض الكلمات أنا حضرتها عندي كي لا أنسى شيئاً، كي نعرف ماذا نعمل برمضان بشأن موضوع اللقاح، وأخذ اللقاح.
لقاحات كورونا وآلية عملها
بدايةً لقاح كورونا هو تقريباً خمسة أنواع أو ستة، معظمهم يعملون مناعة يفترض أن تكون تسعين بالمئة أو ستين بالمئة تقريباً، يؤخذ على جرعات؛ جرعة أولى، وجرعة ثانية، وفي بعض اللقاحات يمكن أن يأخذ جرعة ثالثة أيضاً، بدايةً أنا أريد أن أتكلم عن المرضى الذين يجب ألا يأخذوا اللقاح، وهؤلاء المرضى الذين عندهم فرط حساسية شديدة بالأدوية، بمعنى أي مريض عنده فرط حساسية أدوية، أي دواء يأخذه يتحسس منه، ما معنى يتحسس؟ يظهر طفح على جلده، يضيق نفسه، يزرق، طفح كبير، هكذا شخص نحن لا نعطيه اللقاح أبداً، وهذا متفق عليه عالمياً، أي البروتوكولات العالمية، ومنظمة الصحة العالمية، كلهم تكلموا عن هذا الموضوع، أن فرط الحساسية للأدوية الذي عنده فرط حساسية لا يعطى، لا يعطى أي نوع من أنواع اللقاحات سواء كان صينياً، روسياً، أمريكياً، كله لا يعطى، لأنه من الممكن أن يصير عنده صدمة صعقية، وممكن أن يصير معه مشاكل خطيرة على حياته، هذه أول نقطة يجب أن نعرفها بموضوع اللقاح.
الناس الذين استعدوا أن يأخذوا اللقاح بعد يوم أو يومين أو ثلاثة أيام، لكنهم أصيبوا برشح، أصيبوا بسعال، صار عندهم ضيق نفس، صار عندهم حرارة، صار عندهم وجع بطن، إسهال، آلام عضلية، وهن عام، هؤلاء هناك اشتباه أن يكونوا قد أصيبوا بكورونا، أيضاً هؤلاء نؤجل لهم اللقاح حتى يتعافوا، نؤجلهم تقريباً ثلاثة أسابيع، حتى نتأكد أن صحتهم على ما يرام، انتهى منهم الرشح بشكل كامل، وهذه هي الفئة الثانية، أو الشريحة الثانية من الناس الذين لا نعطيهم اللقاح.
أيضاً الشخص الذي تناول جرعة لقاح سابقة، وأراد أن يأخذ لقاحاً بعد أسبوع نقول له: لا، هذا بلا يصح، أقل شيء ثلاثة أسابيع، وبعض اللقاحات تحتاج إلى شهر، شهر ونصف، الموضوع مثلما نقول نحن بالشام: الزائد أخو الناقص، فالحد الأقل أن يكون الفارق بين الجرعة الأولى والثانية ثلاثة أسابيع.
بالنسبة للأدوية شخص أخذ لقاحاً، وصار معه مشاكل حرارة، وجع رأس، أعراض تشبه أعراض الرشح، هؤلاء يأخذون فقط أدوية خفيفة، مثلا باراسيتامول، فيتامين c، ويفضل هذا الشيء أن يكون طبعاً بعد الإفطار.
تأجيل أخذ اللقاح لبعد العيد أفضل
الآن بالنسبة لرمضان نحن نفضل إذا شخص استطاع أن يؤجل أخذ اللقاح لبعد العيد يكون أفضل، لأن كثيراً من الناس عندما يأخذون اللقاح يصير معهم مدة يوم أو يومين أعراض رشح، وممكن أن يجلس الواحد منهم بالفراش، وممكن أن يضطر للإفطار، أنا أنصح أنه إذا استطاع أن يؤجل اللقاح إلى بعد العيد يؤجل، إذا لم يستطع أن يؤجل لأن هناك مواعيد خاصة تفرضها بروتوكولات الحكومة أو وزارة الصحة ببلده، يأخذ اللقاح لكن يضع عنده بارا سيتامول، وفيتامين c، كي يأخذ الدواء إذا صار معه مشاكل.
بالنسبة للمريض الذي أخذ اللقاح وصار عنده أعراض رشح متى يُفطر؟ الأصل ألا يفطر، لأن أعراضه ستكون خفيفة، صار عنده حرارة، صداع خفيف، آلام عضلية، عليه أن يتحمل ولا يُفطر، أي نسبته خفيفة، يصبر على وضعه ولن يصير معه مشاكل، ويتم الصيام، أما إذا كانت الأعراض شديدة، مثلاً حرارته ترتفع باستمرار، عنده إسهالات شديدة، صار عنده آلام عضلية شديدة، ولم يستطع إلا أن يأخذ مسكنات وسوائل بنهار رمضان، هذا نقول له: توكل على الله وأفطر، وعليك قضاء إن شاء الله، لكن إن شاء الله بعد رمضان، هذه بالنسبة للمريض الذي لم يستطع أن يتحمل أعراض اللقاح، ممكن أنه يفطر برمضان، المريض طبعاً هو من يقدر أنه هل يستطيع إتمام الصوم أو لا يستطيع.
أتوقع أنني قد تكلمت كل شيء عن موضوع اللقاح، ويمكن كبار السن آخر نقطة، كبار السن يطبق عليهم نفس تطبيق صغار السن، إذا صار معه أعراض خفيفة يتم صيامه، إذا صار معه أعراض شديدة ولم يستطع إلا ما قدر إلا يشرب ماء يأخذ دواء مسكن، كمان يُفطر ويقضي إن شاء الله سبحانه تعالى، هذا ما يحضرني في رمضان.

الدكتور حسن:
جزاكم الله عنا كل خير، على هذا البيان والتوضيح فضيلة الدكتور مهند، ورحم الله والدكم، وكأنكم أعلمتموني أن والدكم قد توفي رحمه الله بهذا المرض منذ عشرين يوماً أو أكثر قليلاً، رحمه الله تعالى، وأعظم الله أجركم، ورحم الله من سبقنا إلى دار البقاء من أهلنا وأهل الإيمان أجمعين، إن شاء الله عند الله.

وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (17)
[ سورة الأعلى ]

بإذن الله عز وجل.

الدكتور مهند:
نسأل الله سبحانه وتعالى له الرحمة.

الدكتور حسن:
بارك الله فيكم، عوداً لفضيلة الدكتور بلال؛ حفظه الله سبحانه وتعالى، وقد اعتدنا على كلماته الطيبة، وأسلوبه اللطيف السلس، الناعم، الذي يدخل من القلب إلى القلب.
سيدي؛ السائل يسأل: ما هو حكم الأكل أثناء أذان الفجر؟ وإضافةً لهذا السؤال هناك في نفس المنطقة، أو الحي، أو الحارة عدة مساجد، وعدة مؤذنين، قد يؤذن أحدهم قبل الآخر بخمس دقائق، وأحياناً بعشر دقائق، وأحياناً بدقيقتين، فما هو الحكم إذا أذن الفجر ولم يكن قد تسحر، أي قام إلى السحور وأذن الفجر، وأكل، وشرب بأثناء أذان الفجر فقط.

حكم الأكل أثناء أذان الفجر:
الدكتور بلال:
حياكم الله وبارك الله بكم.
لا يجوز الأكل إذا أذن المؤذن
يا سيدي؛ الصيام من طلوع الفجر إلى غروب الشمس لا خلاف في ذلك، فإذا كان الأذان موافقاً لطلوع الفجر فلا يجوز الأكل إذا أذن المؤذن، لكن لو افترضنا كما تفضلت أن بعض المؤذنين اجتهدوا، وهنا عندنا في عمان شيء جميل الأذان موحد في كل المآذن، طبعاً حي ومباشر، أي ليس تسجيلاً، لكن يؤذن مؤذن واحد لكل عمان، فليس هناك مؤذن يؤذن لوحده، فالمشكلة محلولة، أي الدولة تحدد التوقيت ويخرج المؤذن ويؤذن، لكن لو افترضنا في بلدان أخرى، المؤذن اجتهد فأذن قبل دقيقتين، الوقت لم يدخل بعد، فلو أن إنساناً استيقظ فأخذ ماء فصيامه صحيح، لكن عندنا التقويم، التقويم المعروف الموجود اليوم على النت، على الجوال، على التطبيقات، الدولة تقدمه بالتلفزيونات، فالعبرة في دخول وقت الفجر، فمتى دخل وقت الفجر حرم الطعام، فإذا وافق أذان المؤذن طلوع الفجر فليس هناك طعامٌ ولا شراب، والدليل على ذلك الحديث الشريف المتفق عليه، قال صلى الله عليه وسلم:

{ عن عائشة وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: إِن بلالاً يُؤذِّنُ بِلَيْل، فكلوا واشربوا حتى يُنادي ابنُ أُمِّ مَكْتُوم }

[أخرجه البخاري ومسلم والنسائي ومالك]

هذا الأذان الأول الذي يكون في كثير من البلدان، عندنا في الأردن قبل ربع ساعة يؤذن الأذان الأول، في المملكة السعودية أعتقد قبل ساعة يؤذنون الأذان الأول، في الشام أيضاً قبل عشر دقائق يسمونه أذان الإمساك، وإن كان الإمساك هو الحقيقة عند الفجر، لكن للتنبيه، فقال: (إِن بلالاً يُؤذِّنُ بِلَيْل) للتنبيه، قال: (فكلوا واشربوا حتى يُنادي ابنُ أُمِّ مَكْتُوم) فثبت أنه إذا أنزل ابن أم مكتوم للفجر فلا يجوز للإنسان أن يأكل ويشرب، أما الحديث الشريف الذي رواه الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال صلى الله عليه وسلم:

{ عن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: إِذا سمع أحدُكم النداءَ، والإِناءُ على يده، فلا يَدَعْهُ حتى يقضيَ حَاجَتَه }

[أخرجه أبو داود]

فقال الإمام البيهقي هذا محمول عند عوام أهل العلم، على أنه صلى الله عليه وسلم علم أن النداء قبل طلوع الفجر، بحيث يقع شرب الإنسان قبل دخول وقت الفجر، بعض الناس يتساهلون في هذه المسألة كثيراً، يؤذن الفجر يقول لك: الوقت لم يدخل بعد، أثناء الأذان الأذان لنا، لا أخي الأذان ليس لك وقت، ما دام المؤذن قال: الله أكبر، ووافق أذانه طلوع الفجر وفق التقويم المعتمد فينبغي أن تكف عن الطعام والشراب.
وعلى كل حال لو أخذنا بهذا الحديث الشريف الذي رواه الإمام أحمد، تجد أن فيه رحمة بالإنسان، لو أن الإنسان يمسك بيده الماء ويشرب وسمع الأذان لا يلفظ الذي في فمه، لكن لا يتابع، إلا أن جمهور الفقهاء قالوا: يلفظ ما في فمه إذا علم أن الوقت قد دخل لأنه ينافي الصيام، فقد دخل وقت الفجر، لذلك نقول: الأصل أن يمسك الإنسان عن الطعام عند أذان الفجر أو قبله بدقيقة، أو عند قول المؤذن: الله أكبر، يكون قد توقف عن الطعام والشراب، إلا إذا علم أن هذا المؤذن يؤذن قبل الوقت بدقائق، وتيقن من ذلك، وأن الوقت بقي له دقائق، فهذا الوقت له إن شاء الله، لاسيما عند وجود ضرورة كأن يتأخر في الاستيقاظ والله تعالى أعلم.

الدكتور حسن:
جزاكم الله عنا كل خير، وبارك الله بكم فضيلة الدكتور، هل تُفسد الحجامة أو التبرع بالدم الصيام؟ بارك الله بكم.

حكم الحجامة والتبرع بالدم في رمضان:
الدكتور بلال:
حياكم الله سيدي؛ جمهور الفقهاء قالوا إن الحجامة لا تفطر، والتبرع بالدم كالحجامة لأن الصيام مما دخل لا مما خرج، واستدلوا على ذلك بالحديث الصحيح في البخاري، احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم، واحتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صائم، أما قوله صلى الله عليه وسلم وهو مذهب الحنابلة:

{ عن رافع بن خديج رضي الله عنه أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: أَفطر الحاجم والمحجوم }

[أخرجه الترمذي ]

فقال أهل العلم: هذا منسوخ، لأن النبي احتجم وهو صائم، كان في حجة الوداع فهو متأخر عن هذا الحديث، فنسخ فعله صلى الله عليه وسلم القول، وقال بعضهم: (أَفطر الحاجم) هذا لأنه يمص الدم بفمه (والمحجوم) لأنه أدى ذلك إلى فطره لأنه ضعف عن متابعة الصيام، لذلك استحب أهل العلم لمن يحتجم أو يتبرع بالدم، إن كان يعلم أن الاحتجام أو التبرع بالدم يضعف جسمه عن متابعة الصيام أن يؤخر الحجامة إلى الليل، أو بعد شهر رمضان استحباباً، الصحيح من أقوال أهل العلم، وجمهور الفقهاء أن الحجامة لا تفطر، وأن التبرع بالدم لا يفطر، والله تعالى أعلم.

الدكتور حسن:
بارك الله بكم، ونفعنا الله بعلمكم، سيدي؛ ما حكم الإبر في رمضان للمريض، الإبر طبعاً هناك إبر عضلية، إبر في الفخذ، فما حكم الإبر بشكل عام سيدي؟

حكم الإبر في رمضان للمريض:
الدكتور بلال:
الحقن في الأصل لا تفطر
الحقن كما تفضلتم سواء كانت تحت الجلد، أو عضليةً، أو وريديةً لا تفطر، وهذا ما عليه مجمع الفقه الإسلامي، وقد أصدر فيه فتوى واضحة، وأيضاً ما عليه معظم دور الإفتاء، الحقن في الأصل لا تفطر لأنها لا تدخل أصلاً من منفذٍ معتادٍ، ولا منفذ مفتوح، ولا علاقة لها بالجوف، إلا أنهم استثنوا الحقن المغذية، لأن في معنى الطعام والشراب، أي السيرومات التي فيها أملاح، وفيتامينات، وتوضع للتغذية، طبعاً أي حقنة لو أن الإنسان أحياناً يقول لك: أنا آخذ إبر فيتامين B، ويجب أن آخذهم فهذه لا نسميها حقناً مغذية لكن السيرومات التي خصصت للتغذية، أي وضعت من أجل تغذية الإنسان فهذه في معنى الطعام والشراب، وإن كانت تدخل إلى الجوف وليست من منفذٍ معتادٍ، أو مفتوح، إلا أنها في النهاية تؤدي معنى الطعام والشراب، وهو تحقيق الغذاء ومد الجسم بالطاقة، فالإبر المغذية التي يؤخذ منها الغذاء هي التي تُفطر، وأما الإبر العضلية، أو الوريدية، أو الحقن تحت الجلد، واللقاحات ومنها لقاح كورونا فكلها لا تفطر إن شاء الله تعالى، والله أعلم.

الدكتور حسن:
بارك الله بكم دكتور، قبل أن ننتقل سيدي إلى الدكتور مهند حفظه الله، نسألكم ما حكم التنظير للمعدة عن طريق المنافذ المفتوحة؟

حكم التنظير للمعدة عن طريق المنافذ المفتوحة:
الدكتور بلال:
موضوع تنظير المعدة فيه خلاف فقهي
أيضاً هذا موضوع فيه خلاف فقهي، وأنا بينت منهجي في البداية، وأسأل الله أن أكون مصيباً، لأني في هذه القضية تحديداً وليس في كل القضايا، لكن في هذه القضية تحديداً لأنها قضايا محدثة، أي موجودة الآن بالطب الحديث، لم تكن على هذا الوضع، وعلى هذه المعلومات عند فقهائنا عليهم رحمات ربي، الذين نعتز بهم، ونستنير بخطاهم، لكن بهذه القضايا الحديثة، القضايا الفقهية المعاصرة، دائماً أحاول أن أقرأ في قرارات المجامع الفقهية التنظير بالأصل نعم يدخل إلى الجوف شيء، سواء عن طريق الأنف، أو الفم كما تفضلتم أو من الشرج، يدخل إلى الجوف شيء، ففي الأصل جمهور الفقهاء قالوا: إن دخل شيءٌ إلى الجوف ولو لم يكن طعاماً وشراباً فإنه يُفطر، فبناءً عليه هذا يدخل إلى الجوف، المنظار، الحنفية عندهم ملمح جميل، حتى يصير عند الإخوة شيء من الملكة الفقهية، وحب لهؤلاء الفقهاء، الحنفية قالوا: إن دخل واستقر أي نظروا إلى هذا الملمح قبل وجود المنظار، فقالوا: إن دخل واستقر، أما إذا دخل وخرج فلا يُفطر، هذا شيء جميل عند الحنفية، على كل حال التنظير إذا اضطر له الإنسان، الأصل أن يؤخر ذلك ما استطاع، إما إلى بعد رمضان، أو إلى بعد الفطر، لكن أحياناً لابد منه في هذا الوقت، فإذا كان لابد منه إن شاء الله التنظير لا يفطر بشرط ألا يوضع على المنظار مواد دهنية، أو أملاح من أجل دخولها، فهذه تدخل إلى الجوف وتُفطر بلا خلاف، فإذا كان مجرد منظار ليس عليه مواد، أو معه أشياء مغذية، أو معه دهون وأملاح، إلى ما هنالك، فمجرد دخول المنظار وخروجه فإن شاء الله لا يُفطر الصائم، ولكن يتجنب ذلك إن استطاع فهو أبرأ ويخرج فيه من الخلاف، والله تعالى أعلم.

الدكتور حسن:
جزاكم الله خيراً، على هذا الإسهاب، وعلى هذا البيان، الذي يريح القلوب حقيقةً لكل مريض يتعرض لهذا الأمر وهو صائم.
ننتقل إلى فضيلة الدكتور مهند حفظه الله، لنستمع إلى نصائحه الكريمة، والسائل يسأل: ما هي النصائح التي ترسلونها لمرضى التقرحات المعدية خلال الصيام؟

نصائح لمرضى التقرحات المعدية خلال الصيام:
الدكتور مهند:
سيدي جزاكم الله خيراً؛ والله بدايةً أريد أن أعقب على موضوع التنظير، سوف أشرح لكم ما هو التنظير أيضاً.
التنظير ليس موضوع كاميرا تدخل، غالباً المنظار يحقن سيروماً ملحياً بالمعدة ويرجع يشفطه، وتبقى أحياناً السوائل بالمعدة، فالموضوع ليس دائماً أن يكون التنظير فقط كاميرا تدخل وتخرج، كثيراً من الأحيان يكون داخل النربيش كاميرا، وقناة ثانية تدخل فيها السيرومات، المياه المالحة، لأنه ماذا يحصل؟ يدخل الماء كي يغسل المواد الطعامية، فممكن أن يكون التنظير فقط كاميرا، كثير من الأحيان يصير هناك حقن للسوائل أثناء التنظير من أجل التنظيف.

الدكتور بلال:
وهنا سيتضح للصائم، وسيتضح للأخوة، جزاك الله خيراً دكتور مهند أي تأكيداً لما قلته هنا يُفطر الصائم، جزاك الله خيراً، حتى ينتبه الأخوة، مثلما تفضلت لو كان المنظار فقط عبارة عن كاميرا دخول وخروج فهذا لا يُفطر، لكن لو كان هناك دهون أو مواد ملحية أو سوائل تدخل فهنا حصل المطلوب، ودخل شيء إلى الجوف، وانتهى الأمر، جزاك الله خيراً.

الدكتور مهند:
أنا أردت أن أدعمك في هذا الموضوع، وأقول لك: ما معنى تنظير، التنظير هو إدخال سوائل، وحتى التنظير السفلي تنظير الكولونات هذا حتماً مئة بالمئة إدخال مواد، أي لا يصير التنظير من دون إدخال السوائل الملحية أثناء التنظير، أي لا يستطيع أي طبيب كولون أن ينظر إلا مع حقن سوائل ملحية أثناء الدخول، من أجل التنظيف، ينظف ويدخل، أي يدخل الماء ويسحبه، لا يوجد تنظير كولون من دون حقن مواد سائلة، هذا أكيد، بالنسبة لتنظير المعدة مستحيل أن يدخلوا من دون حقن ماء.
الآن بالنسبة للتقرحات المعدية، وتقرحات الاثني عشر، يراجعنا كثير من الناس في العيادات برمضان عندهم تناذر قرحي أو قرحة بالمعدة، أو قرحة بالاثني عشر، يسألوننا ماذا نفعل؟
ثلاثة أصناف من المصابين بالتقرحات المعدية
الحقيقة عندنا ثلاثة أصناف من الناس المصابين بالتقرحات المعدية، الصنف الأول يكون عنده قرحة حافرة، نازفة، شديدة، وجع شديد لا يطاق، أحياناً يكون نازفاً، هؤلاء يجب ألا يصوموا أبداً، لأنهم يجب أن يأخذوا أدوية، يجب أن يأخذ ماء، يشرب شيئاً يخفف الحموضة في المعدة، فهذا حتماً عليه واجب أن يُفطر، الموضوع ليس أن يصوم، لأنه يهلك نفسه، يزيد النزف، يصير هناك خطر على حياته، هذا الشخص يفطر ما دام عنده نزف بالمعدة، أو تقرح حافر، حتى نستطيع أن نوقف النزف، أو نعطي أدوية وريدية، وأدوية فموية، بحيث نستطيع أن ننقذ حياته، هذه الشريحة من الناس واجب عليهم الإفطار، حتى يصحوا، ثم عليهم القضاء إن شاء الله.
الشريحة الثانية عن المصابين بالتقرحات المعدية الاثني عشرية، هناك كثير من الناس عندهم إصابات لكنهم عندما يأخذون الدواء تخف الأعراض ويتحسن، هؤلاء ما من داع ليفطروا، نعطيهم طبعاً نصائح، النصائح هي أنه يجب أن يتسحر، يؤخر سحوره، أي لا يصح أن يتسحر الساعة الثانية عشرة، يأكل وينام، وبعد اثنتي عشرة ساعة تبدأ المعدة عنده بالألم، لا، يجب أن يتسحر الساعة الرابعة، ويأكل طعاماً خاصاً، وأقصد بالطعام الخاص كل شيء عدا الحوامض والطعام الحار، يأكل طعاماً مسلوقاً مثلاً، دجاج مسلوق، مرق لحمة، مرق دجاج، زهورات، مليسة عند السحور، ويشرب كميات سوائل جيدة ثم يصوم، ويأخذ طبعاً دواءه دواء المعدة، أو الاثني عشر يأخذه على الريق قبل أن يتسحر، الآن عند الإفطار فوراً يأخذ حبة، حبة لعلاج القرحة المعدية أو الاثني عشرية، ويفطر على طعام غير حامض مثل البندورة المطبوخة، أو اللبن المطبوخ، أو المخللات، والله يريد أن يشرب فنجان قهوة، هذا لا يصح أن ينزل على معدته وهو عنده تقرح بالاثني عشر، يجب ألا يأكل فليفلة حارة، فلفل حار، فوراً عندما يؤذن المغرب يجب أن يفطر على تمر، يفطر على ماء، يفطر على طبعاً ممكن دجاج مسلوق، مرق لحمة، رز مسلوق، بطاطا مسلوقة، هذه تريح المعدة، ولا يصير معه مضاعفات من تقرحات المعدية، إذا اتبعوا الإرشادات هؤلاء ممكن أن يُكملوا رمضان من دون أن يصير معهم أي مشاكل.
الآن الشريحة الثالثة من الناس الذين عندهم تقرحات، ولم يستفيدوا من العلاج، أي أخذ كل نصائحنا، ونهض وتسحر، وعمل مثلما قلنا، لكن بقي عنده ألم، وخاصة بعد ست ساعات من الصيام، وجع غير محتمل هذا أيضاً يفطر ويقضي بعد ذلك عند الشفاء إن شاء الله سبحانه وتعالى.
هذا ما تيسر عندي، ولا يوجد شيء ثان ممكن أن أتكلم عنه بالنسبة لهذا السؤال بالذات إن شاء الله، جزاكم الله خيراً.

الدكتور حسن:
حياكم الله دكتور مهند على هذه النصائح القيمة، بارك الله في حياتكم، وجزاكم كل خير، بارك الله فيكم.
نعود إلى فضيلة الدكتور بلال؛ حفظه الله سبحانه وتعالى، اليوم الدكتور بلال عنده ضغط بأحكام الصيام فسامحونا، وسامحنا دكتور بلال على وقتك، حفظك الله وبارك فيك.

الدكتور بلال:
بارك الله فيكم، واجبنا أخي.

الدكتور حسن:
سيدي؛ الآن ما حكم العلاج بالتحاميل في رمضان؟ هذا شق من السؤال، أما الشق الثاني: هناك بعض الناس يكون لديهم جفاف بالخروج من الشرج، فقد يستخدمون نوعاً من أنواع الحقن إما عن طريق نربيش، أو حقنة الشرجية من أجل المساعدة في خروج الفضلات، إذاً عندنا شقان من السؤال، أنواع التحاميل ما حكمها؟ وما حكم استخدام الحقنة الشرجية بأنواعها من أجل تسهيل خروج الفضلات؟ تفضلوا سيدي.

حكم العلاج بالتحاميل و الحقن الشرجية في رمضان:
الدكتور بلال:
من الجميل إضافة الطب إلى الفتوى
جزاكم الله خيراً وأحسن إليكم؛ دائماً في هذه القضايا نريد أن نضيف دائماً الطبيب للمفتي، وقد أحسنتم أن تستضيفوا طبيباً مع المفتي، أنا لست مفتياً أنا ناقل فتوى حتى أكون دقيقاً في العبارة، لكن جميل أن تضيفوا الطب إلى الفتوى، فأريد أن أثني على ما تفضل به الدكتور مهند، دائماً طبيبك تحتاجه في الفتيا مع الفتيا النظرية التي نقدمها لك، عندما قلت أنا عن التنظير استثنيت مباشرةً وصول المغذي للمعدة، أو الدهون، أو الأملاح، بيّن الدكتور مهند جزاه الله خيراً أن هذا الأمر شائع، قد لا يكون لكن شائع كثيراً التنظير بالمنظار، فيجب أن تسأل طبيبك في التنظير أنت سوف تدخل كاميرا وتخرجها، إذاً لها حل إن شاء الله، ولها فتوى، أم أنك سوف تدخل سوائل للمعدة وتخرجها، وأملاح أو دهون، أو شيء مغذي، فهذا في معنى الطعام والشراب ودخل إلى الجوف فهو مفطر بلا شك.
الآن أريد أن أسأل الدكتور مهند، قبل أن أجيبب عن التحاميل، أنا عندي فتوى بمجمع الفقه أريد أن أسأله هل التحاميل تصل إلى الجوف والحقن الشرجية - دكتور مهند - حسب معلومات الطب؟

الدكتور مهند:
بالنسبة للتحاميل يتم امتصاصها على بعد تقريباً كحد أقصى سبعة سنتمترات من فوهة الشرج، يمتصها المستقيم أو الفوهات الشرجية مع المستقيم، هي تمتص من خلال أول سبعة سنتمترات من الحلقة الشرجية.

الدكتور بلال:
تمام، جزاك الله كل خير.
لذلك قال مجمع الفقه الإسلامي: التحاميل لا تُفطر، لا الشرجية ولا المهبلية، أنا تأكدت من المعلومة الآن من الدكتور جزاه الله خيراً لأنها لا تصل إلى الجوف أصلاً، هي مثل علاج خارجي، مثل دهون، إن شاء الله التحاميل لا تُفطر، فيها حلّ لكثير من الناس، مثلاً يأتيني أحياناً مرضى الشقيقة يصير معهم صداع ليس طبيعياً، يقول لك: أنا قادر على الصيام، لا يوجد عندي مشكلة، لكن يوجد مسكن ألم، الحب لا أستطيع أن آخذه لأن هذا يدخل للمعدة من الفم ومن المنفذ المعتاد، هذا لا يوجد فيه خلاف، فهنا تأتي التحاميل كحل، الحقن الشرجية دكتور تصل للجوف؟

الدكتور مهند:
طبعاً، ليس للجوف تصل للكولون، لا أعرف ما تعريف الجوف من الناحية الشرعية؟ أنا أعرف الجوف هو المعدة، هي لا تصل إلى المعدة إطلاقاً نهائياً، الحقنة الشرجية تصل كحد أقصى لنصف الكولون أو الكولون فقط، حتى الأمعاء الدقيقة لا تصل إليها الحقن الشرجية تغسل الكولون فقط، مئة بالمئة هذا الكلام أقوله لك.

الدكتور بلال:
الدين واضح
معنى هذا سيدي – جزاك الله خيراً- دكتور حسن نقول للأخوة أن يتجنبوا ما استطاعوا، لكن المضطر إن شاء الله سواء للتحاميل أو الحقن الشرجية فإنها إن شاء الله لا تُفطر لعدم وصولها إلى المعدة، لكن يتجنبها الإنسان ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، لكن إن اضطر إليها إن شاء الله لا يوجد مشكلة بإذن الله، لأن بعضهم يتشددون بهذا الموضوع، أنا أعرف يصير هناك وسواس، آخر شيء دكتور حسن والله تأتينا أسئلة بالوسواس، صار الوسواس أصعب، يقول لك: العفو منكم، أعزكم الله جميعاً أنتم والمتابعون، يقول لك: عندما كنت أنظف نفسي بعد قضاء الحاجة بخاخ الماء الذي أتنظف فيه فتحته على آخره فقالوا لي: لقد أفطرت، صلوا على النبي يا جماعة، أرجوكم، الدين واضح.

وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ (187)
[ سورة البقرة]

الأكل والشرب، أما عندما يدهن الإنسان جلده يقول لك: أنا دهنت هنا فأخاف أن تكون المسام قد امتصته، أو ابتلعت الغبار وأنا أمشي بالطريق، أنا أعمل بمكان فيه غبار كثير.

{ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ هذا الدِّين يُسْرٌ، ولنْ يُشادَّ الدِّينَ أحدٌ إلا غَلَبَه، فَسَدِّدُوا وقاربوا، أبْشِرُوا، واسْتَعِينُوا بالغُدوةِ والرَّوْحَة، وشيءٍ من الدُّلْجةِ }

[أخرجه البخاري ومسلم والنسائي]

نعم هناك أحكام شرعية ونلتزم بها لكن لا تقعوا في الوسواس، المفطرات واضحة والأمور المختلف فيها، فيها سعة إن شاء الله، والأمور الباقية إن شاء الله فيها سعة، لا تُفطر إن شاء الله، بارك الله بكم.

الدكتور مهند:
والله أريد أن أقول بمداخلة بسيطة، نحن الأطباء نضطر للقيام بعمليات جراحية برمضان، فالسؤال هل هناك إجماع على أن المغذيات الوريدية تُفطر أم هو أمر خلافي أيضاً؟

ضرورة الالتزام بقرارات مجمع الفقه الإسلامي:
الدكتور بلال:
والله إذا قلت لك: إجماع، أكون أخطأت للأمانة، لكن هو قرار مجمع الفقه أن المغذيات تُفطر، الفقهاء المذهبيون يفتون على الشافعية والحنفية يقولون: تُفطر، بعض أخواننا الذين يقولون: نريد أن نبتعد عن المذاهب، نحن لا نوافقهم على هذه الفكرة بالمطلق، لكن حتى نكون واقعيين، يقول لك: هذا ليس طعاماً ولا شراباً، ولم يدخل من المنفذ المعتاد، أي هناك من يقول ذلك، لكن نحن إن شاء الله نبقى مع الجمهور، وأنا أسأل، وأنت طبيب، أي الإنسان الذي يعمل عملية ووصل للمغذيات والله صعب الصيام عليه.

الدكتور مهند:
بعض العمليات بسيطة، مثلاً مريض عنده عملية مثلاً كيس شعر، تحتاج إلى ربع ساعة، أو خراج مثلاً برجله، نريد أن نخدره تخديراً نصفياً، التخدير النصفي عبارة عن إبرة تحقن بالظهر، نعطيه فقط مغذياً وريدياً وأدوية لإتمام عملية التخدير، هذه العملية عبارة عن نصف ساعة، ننظف الخراج، ويرجع إلى بيته بشكل عادي، أي لا يشعر أصلاً أنه صائم، فهل يجب أن نفطره هذا هو السؤال؟

الدكتور بلال:
الأولى أن نأخذ بقول جماهير الفقهاء، ومجمع الفقه الإسلامي، سنقول له: تُفطر وعليك القضاء، إن شاء الله هذا الأولى، والله أعلم.

الدكتور مهند:
مثلاً شخص عنده فتق يريد أن يجري العملية برمضان، نعمل له تخديراً قطنياً، هل يجوز أن نعمل له العملية، هذه ليست عملية إسعافية؟

الدكتور بلال:
والله يجوز، فهمت عليك، أن هذا الشخص ممكن أن يؤجل العملية، نقول له: إن استطعت أجلها، لكن أن كان يريد أن يجريها، قال لك: أنا لا أريد أن أؤجلها، مادام في الأمر سعة وهو أصبح يطلق عليه لفظ المريض، وأراد أن ينتهي منها، لا يريد أن يبقى بهذا الموضوع لأنه منزعج هذا الفتق وجاء في رمضان، لا نستطيع أن نقول له: لا تمتنع، لا يجوز لك الآن حتى لا تُفطر، لا، أنت مريض تجري عملية وتُفطر، إن شاء الله لا يوجد أي إشكال بإذن الله.

الدكتور مهند:
تمام، جزاكم الله خيراً.

الدكتور حسن:
بارك الله فيكم على هذه المناظرة الرائعة الجميلة بين الصحة والشرع، ما شاء الله ! على كل سيدي؛ لأخذ العلم دكتور مهند حفظه الله من أهل العلم الشرعي، وممن حفظوا كتاب الله، وممن تربوا في مجالس العلم والإيمان، وعنده من العلوم الشرعية ما تجعله خطيباً مصقعاً، لكن من تواضعه.

الدكتور مهند:
نحن من بعدكم والله.

الدكتور حسن:
بارك الله فيكم، السؤال سيدي؛ عندنا أسئلة بسيطة بعد إذنكم، هل يوجد عندكم وقت دكتور بلال؟

الدكتور بلال:
تفضلوا.

الدكتور حسن:
بارك الله فيك.

الدكتور مهند:
والله أنا عندي موعد لم أعد أستطيع أن أُكمل، عندي موعد ضروري.

الدكتور حسن:
إذا أحببت سيدي ودّع الأخوة، جزاكم الله خيراً.

الدكتور مهند:
أنا أستأذن من فضيلة الدكتور بلال، ومن فضيلتكم دكتور حسن، جزاك الله خيراً والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الدكتور حسن:
جزاكم الله عنا كل خير، والله معكم فضيلة الدكتور، والله يحفظكم، شكراً لكم سيدي.
فضيلة الدكتور بلال؛ حفظكم الله، أنتم مكسب الآن، وغنيمة حقيقية لهذه الأمة، وللمسلمين، وللصائمين، لذلك نتمسك بأهل العلم أمثالكم.

الدكتور بلال:
نسأل الله أن يجعلنا أهلاً لذلك إن شاء الله.

الدكتور حسن:
بارك الله فيكم، سيدي؛ السؤال ما حكم استخدام بخاخ الربو أو الحبة تحت اللسان؟

حكم استخدام بخاخ الربو أو الحبة تحت اللسان:
الدكتور بلال:
بخاخ الربو عند كثير من الفقهاء مفطر
والله يا سيدي هذا بخاخ الربو بالمجمع الإسلامي - الفقه الإسلامي - في كل جلسة هو والحبة تحت اللسان يؤجل إلى الجلسة التي بعدها، لعدم استكمال المعلومات، كانوا متهيبين الفتوى فيه، السبب هو دخول شيء من المنفذ المعتاد وهو الفم، فبخاخ الربو عند كثير من الفقهاء مفطر، نظروا إلى أنك تبخ البخاخ في الفم فيدخل الرذاذ وربما يدخل إلى الجوف، فقالوا: يُفطر، والإنسان المضطر له يستخدمه وإن كان يصوم عندما يُشفى، وإن كان يُشفى فعليه الفدية، مجمع الفقه في آخر جلساته نظر للموضوع بمنظار ثان، وأنا شخصياً مقتنع بقولهم، والآن الأخوة يسمعون، المنظار الذي نظر له مجمع الفقه أن بخاخ الربو في الأصل موجه للجهاز التنفسي، وليس للجهاز الهضمي، ثانياً قالوا: هذا البخاخ بخاخ الفم يدخل بعض الرذاذ، لكنه يسيرٌ جداً جداً حتى إنه مغتفر، الفقهاء يقولون: اليسير معفوٌ عنه، قالوا: هو أقل مما يدخل حالة المضمضة أو السواك، فالمضمضة في الوضوء عليك ألا تبالغ فيها إن كنت صائماً، لكن في النهاية تضع ماء في الفم، ويخالط اللعاب وهو معفوٌ عنه، ما قال: لا تتمضمض بالوضوء، قالوا: هذا ما يدخل إلى الجوف، إن دخل إلى الجوف، إن وصل شيء منه إلى الجوف فهو مغتفرٌ لأنه أقل، ولا يصل إلى الجوف أصلاً، هو موجه للجهاز التنفسي، حتى يريح مريض الربو، فأقول: والله تعالى أعلم، وأنا ناقل فتوى ولست مفتياً: إن بخاخ الربو عند مجمع الفقه الإسلامي لا يُفطر، لأنه موجه للجهاز التنفسي ولا يصل منه إلى الجوف، وإن وصل فهو يسيرٌ معفوٌ عنه، فالمريض الذي لا يستطيع إلا أن يستخدم الجهاز فليصم وليتوكل على الله، وإن أراد الفطر والقضاء، أو الفطر والفدية إذا كان مزمناً فله ذلك، ولا نقول له شيئاً لكن نُيسر على الناس بما يسر عليهم به شرع الله، فنقول: إن شاء الله بخاخ الربو لا يُفطر وفق قرار مجمع الفقه الإسلامي.
أما الحبة تحت اللسان والله أنا المعلومات عندي غير مكتملة عنها، وأنت قدمت بالبداية وقلت: من قال لا أعلم، فأنا هذا الموضوع لا أحب أن أدخل به الآن، بارك الله بك.

الدكتور حسن:
جزاك الله خيراً دكتور، سيدي؛ أمراض الربو عادة تكون عند مرضى الربو مزمنة، جزاكم الله خيراً على هذا التيسير أنه لا يُفطر.

الدكتور بلال:
لا يفطر إن شاء الله.

الدكتور حسن:
حسب مجمع الفقه الإسلامي، جزاكم الله خيراً.
سيدي؛ ما حكم من ذهب إلى عراف أو منجم أو ساحر في رمضان بشكل خاص وبغيره بشكل عام؟

حكم من ذهب إلى عراف أو منجم أو ساحر:
الدكتور بلال:
الآن الذهاب إلى عراف.

{ عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من تطير أو تطير له، أو تكهن أو تكهن له، أو سحر أو سحر له، ومن عَقد عقدة - أو قال: عُقد عقدة - ومن أتى كاهناً فصدقه بما قال فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم }

[أخرجه البزار]

الذهاب إلى العراف محرمٌ دون شك
نسأل الله السلامة، والذهاب إلى العراف، وهو الذي يدّعي معرفة الغيب، أو المنجم الذي يدّعي المعرفة عن طريق النجوم، أو الكاهن الذي يتكهن بما سيكون في علم الغيب، فهذا محرمٌ بلا شك في كل مكانٍ وزمان، إلا أنه لا شك لو فعل ذلك في رمضان، فكما أن الطاعات تضاعف في رمضان قال أهل العلم إن المعاصي أيضاً تضاعف في رمضان فيتضاعف الإثم لمن ارتكب معصيةً في رمضان، وكذلك الأماكن أي بيت الله الحرام، أو المساجد عموماً فلا شك أنه في رمضان ينبغي التحرز من ذلك بشكل أكبر، إلا أنه محرمٌ في كل وقت، وشكراً لهذا السؤال، لأنه اليوم مع الأسف الشديد أصبحت الكِهانة، والعرافة، والتنجيم مصلحة، وقنوات، وإعلاماً، وصفحات، يتابعها الملايين، حتى يعلم ماذا سيكون معه ويقبل أو لا يقبل، ويفعل أو لا يفعل، والإسلام كفانا ذلك كله بصلاة الاستخارة، فنترك ما قدمه لنا النبي صلى الله عليه وسلم، ونلجأ إلى هذه الخزعبلات التي ما أنزل الله بها من سلطان؟! لا يجوز الذهاب إلى الكهنة والعرافين والمنجمين، سواء كنت تصدقهم فيما يقولون، أو لا تصدقهم فيما يقولون، وهذا ثابت بنصوص صحيحة، ولا يعلم الغيب إلا الله، والله تعالى أعلم.

الدكتور حسن:
جزاكم الله خيراً، سيدي؛ حكم من ذهب هل يُفطر أم لا يُفطر؟

الدكتور بلال:
لا يُفطر، يستغفر الله ويتوب، لكنه لا يُفطر.

الدكتور حسن:
تمام، سيدي؛ السؤال الأخير وسامحني أتعبتكم والله في هذا اليوم، لكن والله للفائدة، أنتم تعلمون أن أكثر البلاد شتماً وتلفظاً بمسبة الذات الإلهية، والذات النبوية، وشتم الدين، أكثر البلاد تكون حسبنا الله ونعم الوكيل في البلاد العربية هنا أو هناك، ولا نريد أن نخصص أي بلد، فما حكم من سب الدين؟ أو شتم الذات الإلهية أو النبوية؟ ما حكم صيامه من ناحية؟ وما حكم عقد زواجه إن كان متزوجاً؟

حكم من سبّ الدين أو شتم الذات الإلهية أو النبوية:
الدكتور بلال:
من سبّ الذات الإلهية يقع في الكفر
والله يا سيدي؛ ذهب كثيرٌ من أهل العلم إلى أن من سبّ الذات الإلهية- نسأل الله السلامة لا حول ولا قوة إلا بالله - أو سبّ القرآن الكريم، أو النبي صلى الله عليه وسلم، سواء كان ذلك في حالة الغضب أو في حالة الراحة دون الغضب، أي في حالة الهدوء، فإنه يقع في الكفر والعياذ بالله، ويرتد، ويفسد صومه، وتفسد طاعاته كلها، ويحتاج إلى أن يعقد العزم على الشهادتين، ويغتسل، ثم يعود إلى الإسلام، واختلفوا بعد ذلك في أعماله التي كانت قبل ردته، هل تقبل أم لا تقبل؟ وفي المسألة قولان لأهل العلم، وهذا والله رأي وكلام، وقالوا أيضاً: يفسخ العقد بينه وبين زوجته فوراً، فيحتاج إلى تجديد عقد زواجه، والله هذا الكلام فيه تغليظ على هذا الإنسان، وهو جرمه عظيم، ومهما أغلظنا عليه فهذا قليل، لأن هذا الإنسان لا يجرؤ إذا كان في أي بلد لا يجرؤ أن يشتم رئيس البلد، أو علم البلد، أو دستور البلد، لأنها مقدسات، وهذا عرف سائد، ومهما غضب لا يفعلها لأنه يعلم أنه لو فعلها فأمامه ما أمامه، أما في الدين فيفعلها، لكن الحقيقة للأمانة الذي نفتي به للناس، المفتى به عند أهل العلم والذي نتبعهم فيه أننا نقول: هذا الإنسان إذا لفظ الكفر، وغضب فخرج عن طوره، وتلفظ بهذا القول فإنه لم يكفر، وإنما وقع في الكفر دون أن يقع الكفر عليه، كما قال أهل العلم، فنقول: هو آثمٌ إثماً عظيماً ولو كان غاضباً، ولا يعفيه غضبه من المسؤولية، وعليه أن يسارع إلى التوبة، لكن تبقى زوجته على عصمته، ويبقى صيامه صحيحاً، لكنه أثم إثماً عظيماً، أما إن كان عامداً فيما يقول، متقصداً الكفر، فلا خلاف بأنه فسد صومه، وانفسخ عقد زواجه، وارتد عن الدين، ويحتاج إلى عودة إلى دين الله، وتجديد لعقد زواجه.

الدكتور حسن:
جزاكم الله عنا كل خير، سيدي؛ هذا الموضوع يجب أن نشدد عليه لأنها أصبحت لهجة سائدة في بعض البلاد العربية والإسلامية خاصةً للأسف، لا يسب الزوجة، لا يسب الأب، لا يسب الأم، وإنما يشتم الذات الإلهية المنعمة عليه في إيجاده، وفي خلقه، وفي رزقه، وفي زوجه وأولاده، وهو يتنكر للخالق سبحانه وتعالى في هذا الكلام، فلو أنه يحترم دينه وعقيدته لما تكلم بهذا الكلام، لذلك سيدي؛ كما ترون الفتيا الأولى أنه قد يقع في الكفر لا سمح الله، وقد يفسد صيامه، وقد تطلق الزوجة، وهكذا كنا نسمع، لكن جزاكم الله عنا كل خير فرقتم مئة بالمئة بين من أراد الكفر وبين من لم يرد بنطق الكفر، حفظكم الله سبحانه وتعالى، بارك الله فيكم.
سيدي؛ السؤال الأخير سؤال لطيف، ما حكم اللعن؟ فلان يلعن فلاناً، فلا يلعن أحكام الدين، فلان يلعن والد فلان، حكم اللعن وما تأثيره على الصيام؟ ونختم بهذا السؤال، جزاكم الله عنا كل خير.

حكم اللعن و تأثيره على الصيام:
الدكتور بلال:
أكرمكم الله سيدي.

{ عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا البذيء ولا الفاحش }

[أخرجه الترمذي وأبو يعلى والإمام أحمد وابن حبان]

ليس من شأن المؤمن أن يلعن
كما قال صلى الله عليه وسلم، لذلك المؤمن لا يدخل على لسانه كلمة اللعن، اللعن هو الطرد من رحمة الله، وليس من شأن المؤمن أن يلعن، كلمة اللعن دائماً على لسانه، يلعن كذا، والعياذ بالله، فالمؤمن لا يلعن، ولا يطعن، ولا يفحش، ولا يكذب، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:

{ إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجل والديه، قيل: وكيف يلعن الرجل والديه؟ قال: يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه }

فهؤلاء الذين ورد في بعض الآثار تحيتهم التلاعن، والعياذ بالله، أي استساغ بعض الشباب وتساهلوا في هذا الأمر، في الأعراض أحياناً يقول: يلعن، معاذ الله ما هذا الذي تقوله، هذا يعني الطرد من رحمة الله، والله تعالى لعن الشيطان وقال:

إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ (159)
[ سورة البقرة]

إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (161)
[ سورة البقرة]

فهذا اللعن منصرف إلى أصناف ممن الناس ممن سلكوا مسلك الباطل والعياذ بالله أما أن تجعله على لسانك بشكل مستمر فهذا لا يجوز بحال.
فقهياً هو ما أكل، ولا شرب، ولا جامع، لكنه لعن، ففقهياً هو ما أفطر، لكن هو ناقض حكمة الصيام، ومقصد الصيام لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:

{ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: رب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش، ورب قائم حظه من قيامه السهر }

[أخرجه الحاكم ]

لأن هذا الرجل الذي يصوم ويأتي هذه المنكرات قال:

{ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَن لم يَدَعْ قولَ الزُّورِ والعمَلَ بِهِ فَليسَ للهِ حاجة فِي أَن يَدَعَ طَعَامَهُ وشَرَابَهُ }

[أخرجه البخاري وأبو داود والترمذي]

فنحن فقهياً يا أخي أنت صائم، لكنك نظرت نظرة محرمة، تكلمت بكلام حرام، تابعت شيئاً محرماً على الشاشة، فقهياً أنت ما أفطرت لأنك ما أكلت، ولا شربت، ولا جامعت، هذه فتوى، لكن التقوى أنك ناقضت حكمة الصيام، ناقضت أصل الصيام، والله تعالى يقول:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)
[ سورة البقرة]

وأنت بدل أن تحقق التقوى بدأت تحقق عكس التقوى، وهو اللعن، والسب، والشتم دون خوف ولا حسيب، فنقول له: أنت آثم إثماً عظيماً، ربما ليس عليك قضاء لأنك ما خالفت شيئاً من مفسدات الصيام، لكن أنت فعلت أكثر منه وهو هذا الاجتراء على حرمات الله فيجب أن تسارع إلى التوبة، والاستغفار، والإنابة، والله أعلم.

خاتمة وتوديع:
الدكتور حسن:
جزاكم الله عنا كل خير فضيلة الدكتور على وقتكم، وعلى ما أجدتم علينا من علمكم نفع الله بكم، وزادكم رفعةً في الدنيا والآخرة، وأكرم الله من رباكم، ومن علمكم، ومن أفادكم، وأكرمكم الله بما أجدتم علينا، وبما قدمتم لنا من علمٍ نافعٍ، وفي هذا اللقاء المبارك الذي كان مليئاً بالعطاء حقيقةً، وتمتعنا بما سمعنا من فضيلتكم، ومن دكتورنا الغالي الدكتور مهند حفظه الله سبحانه وتعالى ورعاه.
نذكر السادة الأخوة المتابعين، الأخوة الصائمين، الذي يسارعون لطلب العلم، والذين قال فيهم عليه الصلاة والسلام:

{ عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف الزهري رحمه الله قال: سمعتُ معاويةَ يَخطُب قال: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: مَن يُرِدِ الله بهِ خيراً يُفَقِّههُ في الدِّين، وإِنما أَنا قَاسِم، ويُعطي الله، وَلَن يَزَالَ أَمْرُ هذه الأمة مُستقيما حتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ وَحتَّى يَأْتِيَ أمرُ الله }

[أخرجه البخاري، ومسلم]

فما أجمل أن نتابع هذه المجالس المباركة، وما أجمل أن نأتي بأهلنا وأخواننا لسماع أحكام ديننا للترقي في الإحسان، للترقي في التقوى، للترقي في العبادة والقرب من الله عز وجل، سيكون معنا فضيلة الدكتور بلال إن شاء الله في اللقاءات القادمة لنبحث موضوع الزكاة، وأحكام الزكاة، وموضوع صدقة الفطر، وأحكام صدقة الفطر، والصدقات إن شاء الله في اللقاءات القادمة المقبلة بإذن الله سبحانه وتعالى.
باسمي وباسم رابطة حملات الحج السورية، وباسم كل من تابع، وسمع، وشاهد، أتوجه بالشكر الجزيل لفضيلتكم دكتور بلال نور الدين الحبيب الغالي، والأخ والمعلم الكريم حفظكم الله سبحانه وتعالى، وجزى الله عنا الدكتور مهند الصلاحي الذي كان معنا متابعاً وسيكون معنا في لقاءات قادمة بإذن الله عز وجل، شكراً لحضوركم، واستمتعنا بما سمعنا منكم جزاكم الله عنا كل خير، إذا أردتم أن توجهوا كلمةً أخيرة نستمع إليكم فضيلة الدكتور.

الدكتور بلال:
جزاكم الله خيراً، أحسن الله إليكم، وشكر الله لكم، ونفع الله بكم، وأسأل الله تعالى أن يجعل هذا الجمع جمعاً مباركاً مرحوماً، وأن يجعل تفرقنا من بعده معصوماً، وألا يجعل فينا ولا منا ولا معنا شقياً ولا محروماً، والحمد لله رب العالمين.

الدكتور حسن:
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
نشكر من وراء الكواليس يتابعنا بالبث المباشر الأستاذ محمد الجمل أبو راغب، والأستاذ أحمد المحني فضيلة الشيخ أحمد المحني، منسق الإعلانات، والمنسق الإعلاني ونشكر أخواننا في الأمانة العامة المتابعين دائماً لهذا العمل الرائد، ونشكر جميع المتابعين ونحيل عطاءكم، ونحيل إكرامكم إلى الله سبحانه وتعالى، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته