استفسارات حول الحكمة من عذاب الله للمذنبين

  • الإيمان بالله
  • 2024-11-17

استفسارات حول الحكمة من عذاب الله للمذنبين

السلام عليكم ورحمة الله، حيّاكم الله، الأصل في هذه المسألة أمران.
الأمر الأول: أن يفهم الإنسان موقعه في الوجود، العبدُ عبد، والربُّ ربّ، هذا الربّ الكريم الذي أمدَّ الإنسان بالإيجاد والإمداد، الذي أعطاه الكليتين اللتين تعملان بانتظام، الذي أعطاه العين التي يُبصر بها، الذي أمدَّه بالأبوين، الذي وهبه نعمة الحياة.

على الإنسان أن يعرف موقعه وحجمه ويدرك أن عبوديته لله تعالى:

لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ(23)
(سورة الأنبياء)

لا يُسأل عمّا يفعل من زاويتين، من زاوية أنه إلهٌ جلَّ جلاله، ومن زاويةٍ أنه رحيم وحكيم جلَّ جلاله، فأفعاله لا تُجانب الحكمة ولا الرحمة، فمن أجل ذلك (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ) جلَّ جلاله، فيجب أن يعرف الإنسان موقعه في الوجود، الإنسان ليس في مكانٍ وهو العبد الذي كل ما لديه من فضلٍ هو من الله تعالى، أن يسأل الله عن أفعاله، وأن يقول لماذا فعل الله كذا؟ ولماذا لم يفعل كذا؟ ولماذا يفعل كذا؟ ولماذا لا يفعل كذا؟ هذا ليس من شأن العبد في الأصل، فيجب أن يعرف الإنسان موقعه في الحياة، وأن يُدرك حجمه، وأن يُدرك عبوديته لله تعالى.

الله تعالى لن يظلم أحداً:
الأمر الثاني: هو أنَّ الله تعالى لا يظلم أحداً، أخبرنا في قرآنه:

وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا ۚ وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا(49)
(سورة الكهف)

هذا كفيلٌ بأن يُنهي كل هذه الأسئلة، لن يظلم الله أحداً، كيف سيُحاسِب؟ ما الطريقة؟ كيف يتحقق عدم الظلم؟ هذا شأنه جلَّ جلاله، لكن هو أخبرنا بيقين قال: (وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا)

إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا(40)
(سورة النساء)

والذرَّة هي النملة الصغيرة، بحجم نملةٍ صغيرة لن يُظلم الإنسان عند الله، فيُقال لماذا يُعذِّب فلان، أو لماذا لا يُعذِّب فلان، هو أخبرنا أنه لا يظلم أحداً، ونحن يقينُنا أنَّ هذا هو كلام الله، وخلق الله يدل على وجوده، وكل شيءٍ في الكون يدل على وجوده، وبعد استدلالنا على وجوده، عرفنا من خلال إعجاز القرآن الكريم، ومن خلال أسانيده أنه حقٌّ من الله، الآن قرأنا في كتاب الله خبراً أنَّ الله تعالى لا يظلم أحداً، يكفي هذا نقطة انتهى، هو أخبرنا أنه لن يظلم أحداً

اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ ۗ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا(87)
(سورة النساء)

إذاً لن يُظلم أحدٌ عند الله، بل ستقول الخلائق كلها يوم القيامة:

وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ۖ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ(75)
(سورة الزمر)

يكفي هذا القدَر ليوقف كل هذه الأسئلة، لأني إذا أجبت الآن عن هذه الأسئلة وسأجيب، سينشأ ثلاثةً غيرها وهكذا، ولن ينتهي الأمر، فيكفي بالإنسان أن يعرف موقعه بأنه عبد، ويكفي به أن يعلم يقيناً أنَّ الله لن يظلم أحداً، لأنه أخبره أنه لن يظلم أحداً، وبعد ذلك كل هذه الأسئلة، يقول الله تعالى لن يظلم الناس، مستحيل! الله تعالى هو العدل جلَّ جلاله ويستحيل أن يظلم الناس نقطة انتهى.

الله تعالى غنيٌّ عن العالمين وإنما خلقنا ليرحمنا:
على كل حال
1- الله تعالى غنيٌّ عن العالمين؟
نعم، خلق الكل لعبادته إذا فهمناها خطأً فهذا يتعارض مع غناه عن العالمين، يعني إذا فهمنا أنه خلق الناس لعبادته لأنه بحاجتهم فهذا خطأٌ كبير، لا يعني أنه خلقهم للعبادة بمعنى أنه يحتاج عبادتهم، ما الرابط بينهما؟ لا يوجد أي رابط، خلقنا لعبادته لكن ليس لأنه بحاجةٍ للعبادة، قال تعالى في الحديث القدسي:

{ أنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، أَنَّهُ قَالَ: "يَا عِبَادِي: إنِّي حَرَّمْت الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْته بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا؛ فَلَا تَظَالَمُوا. يَا عِبَادِي! كُلُّكُمْ ضَالٌّ إلَّا مَنْ هَدَيْته، فَاسْتَهْدُونِي أَهْدِكُمْ. يَا عِبَادِي! كُلُّكُمْ جَائِعٌ إلَّا مَنْ أَطْعَمْته، فَاسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ. يَا عِبَادِي! كُلُّكُمْ عَارٍ إلَّا مَنْ كَسَوْته، فَاسْتَكْسُونِي أَكْسُكُمْ. يَا عِبَادِي! إنَّكُمْ تُخْطِئُونَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا؛ فَاسْتَغْفِرُونِي أَغْفِرْ لَكُمْ. يَا عِبَادِي! إنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوا ضُرِّي فَتَضُرُّونِي، وَلَنْ تَبْلُغُوا نَفْعِي فَتَنْفَعُونِي. يَا عِبَادِي! لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ، مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا. يَا عِبَادِي! لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا. يَا عِبَادِي! لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ، فَسَأَلُونِي، فَأَعْطَيْت كُلَّ وَاحِدٍ مَسْأَلَته، مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ. يَا عِبَادِي! إنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ، ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إيَّاهَا؛ فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَن إلَّا نَفْسَهُ" }

(أبو نعيم حلية الأولياء)

يعني الله لا يُنقِص مُلكه عدم عبادته، ولا يزيد مُلكه عبادته، فلا علاقة بين الأمرين، يعني الوجهة مُنفكّة كل واحدةٍ في طرف، هو ما قال اعبدوني لأنني بحاجة عبادتكم، لأنَّ ذلك يزيدني قوةً وعظمةً ومُلكاً، إذاً لماذا نعبُده؟ نعبُده لأنه خلقنا ليرحمنا، فالعبادة هي وسيلة لرحمة الله، ووسيلة لإعمار الأرض، والعبادة ليست مجرد العبادات الشعائرية المهمة جداً، لكن العبادة هي حركة الإنسان في الحياة لأنه عندما يعبُد الله يعمُر الأرض بالخير، لأنه عندما يعبُد الله لا يظلم الناس، لأنه عندما يعبُد الله يُسخِّر حياته وفق منهج الله، هذه هي العبادة، فبهذا المعنى تصلح حياته، فالأب عندما يقول لابنه اشرب الحليب ولا تشرب المياه الغازية هو لا يقول له ذلك من أجله، يقول له ذلك من أجل الولد لصحته وليس من أجل الوالد، هذا ملمحٌ مهمٌ ينبغي أن ننتبه إليه، ما كل شيء أُمرنا أن نفعله وضُغط علينا لنفعله، إنما هو لمصلحة من يأمر، كثيرٌ من الأوامر نُنفذها لمصلحتنا، فنحن نعبُد الله لمصلحتنا، لسعادتنا، لصلاح حياتنا، بالمعنى العام للعبادة، الأب يقول لابنه أنا ما أرسلتك إلى باريس إلا لتدرُس.

وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ(56)
(سورة الذاريات)

للتشبيه ما أرسلتك إلا لتدرُس، ليس الهدف هو الدراسة بحدّ ذاتها، الهدف ما بعد الدراسة، ما يُسعدك، ما يجعلك عنصراً فاعلاً في المجتمع، فالله تعالى غنيٌّ عنّا، لكنه يريد منّا أن نعبُده أي أن نجعل حياتنا كلها وفق منهجه، أن نُعبِّد حياتنا، كما يُعبَّد الطريق ويُذلَّل، عندها نستطيع إن شاء الله أن نصل إلى رحمة الله، إلى السعادة في الدنيا والآخرة، فهذا لسعادتنا وليس لحاجته إليه.

العقوبة من الله عزَّ وجل ليست قاسية وإنما هي جزاءٌ للعمل:
2- كيف يكون هناك عقوبة قاسية مثل النار؟
يعني مثلاً اليوم نتنياهو، ماذا نقترح لعقوبته؟ وقد قتل الملايين، ما هي عقوبته؟! الإنسان يظلم في الأرض فلا نرى ظلمه، ثم الله عزَّ وجل يريد أن يُحاسبه على ظلمه وعدوانه وطُغيانه، فنقول لماذا ربنا يُعاقبه عقوبةً قاسية، وهو قسوته في الحياة ما هي؟! وهو شُركه بالله وسجوده للصنم ما هو؟! كل عقيدةٍ فاسدة تنقلب إلى إضرارٍ بالناس، انظري من التاريخ كله، المشركون لمّا عبدوا الأصنام هل اكتفوا بذلك أم أذاقوا المسلمين الويلات بناءً على شِركهم بالله؟ فالقضية أنَّ العقوبة القاسية هذه يُقدِّرها وليّ الأمر، يعني بمعنى أنا اليوم إذا رأيت أباً يُعاقِب ابنه، يضربه ضرباً قد يكون مُبرِّحاً نوعاً ما، وأنا نظرت فقلت والله هذه عقوبةٌ قاسيةٌ جداً، لكني لا أعلم ماذا فعل هذا الابن حتى عوقب تلك العقوبة، ولماذا يُعاقبه الأب؟ فلا أفهم حكمة الأب، ولا أعلم علمه، وأعترض على عقوبته، هناك إشكال، فالعقوبة من الله عزَّ وجل ليست قاسية وإنما هي جزاءٌ للعمل

وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا مَا قَصَصْنَا عَلَيْكَ مِن قَبْلُ ۖ وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَٰكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ(118)
(سورة النحل)

3- الاستفادة تعود على ربنا مثلاً من عذاب أحد عذاب أبدي؟
على ربنا لن تعود استفادة أبداً، على الشخص نفسه في الدنيا واضح العذاب الدنيوي
فَقَسا لِتَزدَجِروا وَمَن يَكُ حازِماً فَليَقسُ أَحياناً وَحيناً يَرحَمُ
{ أبو تمام }
يعني منع

وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَىٰ دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ(21)
(سورة السجدة)

أمّا في الآخرة فالعذاب لإحقاق العدل، وإلا لم يكن الله تعالى عادلاً، لو عامل المُحسِن كالمُسيء، والمؤمن كالكافر فهو ليس بعادل، في المدرسة ما الذي يعود على المُدرِّس من فائدةٍ في نهاية العام، عندما يُرسِّب طالباً ويُنجِّح طالباً؟ لِمَ لا تُنجِّح الكل يا أستاذ؟ ماذا استفدت؟ وماذا استفاد الطالب من ترسيبه؟ رسب وبقي في صفه ولم يُكمِل دراسته، مثلاً عند استنفاذ سنوات الرسوب، ماذا استفاد؟ الطالب لم يعُد بإمكانه أن يُقدِّم مرةً ثانية للامتحان، وأنت رسَّبته فماذا استفدت؟ والله لم استفد شيئاً، وهو ماذا استفاد؟ لم يستفد شيئاً، لكن الذي حصل هو إحقاق الحق، والله تعالى خلق السماوات والأرض بالحق

أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ(35) مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ(36)
(سورة القلم)

ما هذا الحُكم؟! الكل يفعل ما يشاء، هذا استقام على أمر الله، وصلّى وعبد الله وامتنع عن محارمه، وغضَّ بصره ولم يأكل قرشاً من حرام، ثم بعد ذلك نعامله كالشخص الذي أساء! هل يقبل ذلك طالبٌ في مدرسة؟ ومن ذا الذي سيدرس إن لم يكن هناك عقوبة أصلاً؟ ومن ذا الذي سيسعى إذا لم يكن هناك ثواب؟ هذه طبيعة الناس، فالقضية ليست مَن استفاد، القضية أنَّ الحق ينبغي أن يُحقّ، وأنَّ العدل ينبغي أن يُقام، وإلا لم يكن الله تعالى عدلاً، لو لم يُعاقِب المُسيء ويُكافئ المُحسِن، هذه من ربوبيته ومن أُلوهيته جلَّ جلاله.

ربنا عزَّ وجل لن يُحاسِب إنساناً لم تبلغه الدعوة:
4- إذا واحد يعبد ربنا بطريقة غلط وفي اعتقاده بسببٍ زُرع فيه أنه صحيح منذ صغره ونشأ عليه؟
هذه القضية جوابها في آيةٍ قرآنية:

مَّنِ اهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ۚ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ۗ وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا(15)
(سورة الإسراء)

نقطة انتهى، ربنا عزَّ وجل لن يُحاسِب إنساناً لم تبلغه الدعوة، هذا من عقيدة أهل السُنَّة، الذي لم تبلغه الدعوة لن يُحاسَب، فلا تقلقِ بشأنه، الحساب لمن بلغته الدعوة، وعَلِم بالحق، وبُلِّغ بالطريقة الصحيحة ثم لم يستجيب، أمّا إذا شخصٌ ما بلغته الدعوة بشكلٍ صحيح، ما بُلِّغ بها بشكلٍ صحيح، فهذا لن يُحاسَب، ثم انظري في الحياة تجدي كثيراً من غير المسلمين قد أسلموا، وحسُن إسلامهم، وأصبحوا أفضل من المسلمين، فالإنسان مُخيَّر، وعنده قدرة على البحث والاطلاع، فالذي يملِك هذه القُدرة يجب أن يبحث، والذي لم يملكها لسببٍ أو لآخر، كأن يعيش في مكانٍ ويُمنَع من شيءٍ، ربنا قال:

لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ ۖ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ ۚ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا(7)
(سورة الطلاق)

فالله تعالى لن يُحاسِب إلا على ما وهبك، فالذي وُهِبّ من العقل والفطرة والمعلومات، ما يؤهله ليصل إلى الحقيقة ثم لم يصل إليها، أو عاند، أو تركها عناداً رغم كونها صارخةً هذا سيُحاسَب، والذي لم يُبلَّغ بها، يعني مثلاً شخص حتى يكون المثال واضح وصارخ، شخصٌ يعيش في الغابات، ما بُلِّغ بالدعوة ولا يعلم أصلاً عن دين الإسلام شيئاً، وعن وجوده، فهل يُحاسبه الله لماذا لم تُسلِم؟ بالتأكيد لا، الله عدلٌ جلَّ جلاله، لكنه سيُحاسبه إذا ظلم، إذا خالف فطرته، يعني ربما يُحاسبه جلَّ جلاله على أشياءٍ لكن ليس على عدم إسلامه، فأيضاً هذه نُريح أنفسنا منها، الله تعالى لن يُحاسِب عبداً، إلا إذا وصلته الرسالة بالشكل الصحيح ثم أعرض عنها، وأبى استكباراً وعناداً، فهذا من يُحاسبه الله.
مرةً ثانية وأخيرة: أمران لا ينبغي أن يُفارقانا، أولاً مكاننا نحن عبيد والله ربنا، وهو جلَّ جلاله من يتصرَّف (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ) جلَّ جلاله (وَهُمْ يُسْأَلُونَ) وكما قلت لا يُسأل من زاويتين: لأنه رحيم، وحكيم، وعليم، ولا يُسأل لأنه إله.
والأمر الثاني: الله تعالى أخبرنا أنه لن يظلم أحداً نقطة انتهى، والسلام عليكم.