خروج موسى عليه السلام من مصر
خروج موسى عليه السلام من مصر
قصة موسى عليه السلام مع رجل من الأقباط من حاشية فرعون :
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد؛ مع اللقاء الخامس من لقاءات سورة القصص، وقد وصلنا في اللقاء الماضي إلى قوله تعالى: |
فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَن يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَّهُمَا قَالَ يَا مُوسَىٰ أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ إِن تُرِيدُ إِلَّا أَن تَكُونَ جَبَّارًا فِي الْأَرْضِ وَمَا تُرِيدُ أَن تَكُونَ مِنَ الْمُصْلِحِينَ(سورة القصص:الآية 19)
إذاً موسى عليه السلام قتل رجلاً، هذا الرجل من حاشية فرعون، يبدو أن المشكلة كبيرة، ويبدو أن الخبر قد انتشر بدليل أن هذا الرجل قال: (أَتُرِيدُ أَن تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ) الخبر أُذيع، ومشكلة موسى مع فرعون تكبر شيئاً فشيئاً، لكن يد العناية الإلهية التي رعت موسى وليداً وهو في التابوت هي يد العناية الإلهية التي سترعاه وقد أحاطت به تلك المشكلة من جوانبها: |
وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ(سورة القصص:الآية 20)
إذاً الخبر أُشيع، فرعون وحاشيته غاضبون جداً من موسى، طبعاً الجريمة في عرفهم، موسى عليه السلام وكزه فقضى عليه، ما أراد قتله، قلنا: هو قتل خطأ، وهو انتصار للمظلوم، لم يكن انتصاراً للظالم، فموسى عليه السلام باعثه ونيته كانت صحيحةً، وإرادة القتل لم تكن موجودةً عنده، لكن الأمر حصل بإرادة سليمة، لكن لعل التصرف كان انفعالياً ليس في وقته كما تحدثنا سابقاً، الآن يد العناية الإلهية ساقت لموسى رجلاً من أقصى المدينة، من هو هذا الرجل؟ القرآن يُغفِلهُ ويُنَكِّرُهُ، ما قال: وجاء الرجل، قال: (وَجَاءَ رَجُلٌ) وهذا التنكير مقصود، من هو الرجل؟ لعله مؤمن آل فرعون، هذا الأغلب، لأن العبارة القرآنية في مكان آخر: |
وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَىٰ قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20) اتَّبِعُوا مَن لَّا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُم مُّهْتَدُونَ(سورة يس:الآية 20-21)
الهدف من حركة الإنسان في الحياة تحقيق مراد الله عز وجل :
ثم قال تعالى: |
وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مِّنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُم بِالْبَيِّنَاتِ مِن رَّبِّكُمْ وَإِن يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ(سورة غافر:الآية 28)
إذاً هذا الرجل لعله هو نفسه هو مؤمن آل فرعون، وهذا الراجح في كلام المفسرين، على كل يد العناية الإلهية ساقت رجلاً يؤمن، يكتم إيمانه، يريد خيراً بهذه الأمة، جاء يسعى، الآن (مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ) للدلالة على البعد المكاني (مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ) للدلالة على أن هذا الرجل يحمل في داخله خيراً كبيراً، حتى إنه قد قطع المسافات ليصل إلى موسى قبل أن يصل إليه الملأ الذين يأتمرون به ليقتلوه، وجاء يسعى، وهذا يدل على المسارعة، لم يأت ماشياً، بل جاء يسعى، والسعي يدل على المسارعة في الأمر، لعله لم يستروح طول فترة سعيه، جاء من أقصى المدينة، ثم جاء يسعى (قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ) يَأْتَمِرُونَ: أي يقومون بالمؤامرة، أي يبيتون لك أمراً، وهذا الأمر هو أنهم يريدون القضاء عليك، الآن موسى يوم أن كان وليداً، وكان القضاء عليه محتَّماً في عرف فرعون، نجاه الله تعالى، وجعل فرعون يُربِّيه، وينفق على إرضاعه، أيستغني الله عنه بعد أن (اسْتَوَىٰ وآتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا)؟ |
حاشاه ربنا، لكن ما أراد ربنا أن تنفذ معجزة هنا بمعنى أن يمنعهم من الوصول إليه، أو يَصِلونَ إليه ويحدون سكاكينهم لقتله فلا تَفْعَل فَعَلَهَا، لا، أراد الله أن تأخذ الأمور سننها في الكون بشكل طبيعي، يتحرك إنسان بإرادة الله عز وجل، يُظهرُ أحسن ما عنده وهو أن يساهم في نجاة موسى من قبضة فرعون وملئه، فيأتي هذا الرجل من أقصى المدينة يسعى ليحقق مراد الله تعالى، نحن |
أنت تحقق مراد الله
|
قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قَالَ يَا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ * بِمَا غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ(سورة يس:الآية 26-27)
هذا الرجل قُتل فيما بعد، لكن أعلى الله مكانه، ولعله أراد أن يُقتل لتحقيق حكمةٍ أُخرى لا نعلمها. |
أيضاً القاتل يحقق مراد الله، لكن لا يحقق مراد الله الشرعي، وإنما يحقق مراد الله القدري والكوني، وعندما يحقق مراد الله يبوء بالإثم، لأن في داخله إثماً، لأنه يريد الإثم فسمح الله له أن يقع في الإثم فيعاقب على إثمه، ويتحقق مراد الله الكوني، ونحن عندما نطيع الله نحقق مراد الله الشرعي، ونكافأ على تحقيق هذا المراد. |
المسارعة إلى العمل الصالح :
سارع إلى العمل الصالح
|
الدين النصيحة :
الدين النصيحة
|
التوجه إلى الله تعالى خاصة في أشدّ ساعات العُسرة :
قال له: (فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ) قال: فخرج، أي لم يقل له: لنتمهل قليلاً لنرى المواجهة، لنرى إن كان هناك أحد يريد أن يحميني، لا أبداً الوضع لا يحتمل، قال: - الفاء للترتيب على التعقيب- فخرج منها خائفاً يترقب، هو بالأمس دخل إليها خائفاً يترقب، فأصبح في المدينة خائفاً يترقب، أي الخوف بدأ من لحظة أن مات هذا الرجل الذي هو من ملأ فرعون: |
فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ(سورة القصص:الآية 21)
الأمن ألا تتوقع وقوع المصيبة
|
الاعتصام بالله و استخارته بالأمور كلها :
الآن السياق القرآني يتَّجه إلى أن موسى اختار أن يذهب إلى منطقة مدين، مبتعداً عن فرعون، وعن العاصمة المدينة التي فيها فرعون واتجه إلى مدين: |
وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَىٰ رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ(سورة القصص:الآية 22)
انظر الاعتصام بالله، هو الآن في حالة عسرة، اختار أن يذهب إلى مكان لكن قلبه مع الله (عَسَىٰ رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ)، هذه استخارة، هذه استخارة موسى عليه السلام، ونحن النبي صلى الله عليه وسلم علمنا الاستخارة، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا، كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنَ القُرْآنِ يَقُولُ: |
{ إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الفَرِيضَةِ، ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ، وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ، وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ العَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلاَ أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلاَ أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي، أَوْ قَالَ: عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ، فَاقْدُرْهُ لِي، وَيَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي، أَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ، فَاصْرِفْهُ عَنِّي، وَاصْرِفْنِي عَنْهُ، وَاقْدُرْ لِي الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ أَرْضِنِي به ))، قَالَ: ((وَيُسَمِّي حَاجَتَهُ }
(أخرجه البخاري)
عندما تختار تحمل نتيجة اختيارك
|
وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا(سورة الأحزاب: الآية 36)
دع الاختيار لله، (قَالَ عَسَىٰ رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ) السواء هو الوسط والمنتصف، والسواء هو الصحيح، أي يهديني إلى السبيل السواء الذي يوصلني إلى نجاتي، وإلى خيري الدنيا والآخرة. |
شأن المرأة الحياء لأنه لا جمال للمرأة إلا بحيائها :
شهامة ومروءة موسى عليه السلام
|
وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ(سورة القصص: 23)
شأن المرأة الحياء
|
وَنَشْرَبُ إِنْ وَرَدْنَا المَاءَ صَفْـواً وَيَشْـرَبُ غَيْرُنَا كَدِراً وَطِيْنَـا ***{ عمرو بن كلثوم - الفخر الجاهلي }
فورود الماء ثم الصدور عنه (قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ الرِّعَاءُ) أي حتى الرعاة أو الرعاء ينتهون من السقيا لغنمهم ولأنفسهم، حين ينتهوا نتقدم لأننا لا نختلط بالرجال، نحن من أسرةٍ عفيفة، لا نزاحم الرجال ونصبح بينهم، لا، هذا شأن المرأة وشأن حيائها (قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ الرِّعَاءُ)، لو سكتتا لقال موسى وأين من يسقي لكما؟ وما المشكلة عندكما؟ لكن إجابتهما كانت حاسمة وسريعة بحيث تنفي أي احتمال آخر (قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّىٰ يُصْدِرَ الرِّعَاءُ ۖ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ) إذاً يوجد عذر قاهر وهو أنه ليس لهما زوج إذاً، وليس لهما أخ، لا يوجد سوى الأب، |
ينبغي أن تساعد المرأة
|
فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ(سورة القصص :الآية 24)
من عمل خيراً و عتم عليه رفعه الله عز وجل :
كن في الظل دائماً يرفعك الله
|
{ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الله تبارك وتعالى « أنا أغْنَى الشُّرَكَاءِ عَن الشِّركِ، مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ مَعِي فِيهِ غَيْرِي تَرَكتُهُ وشركه }
( رواه مسلم)
(فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ) هل قال تعني أنه أخذ قيلولة؟ ممكن، ولكن ليست واضحة، هي لغةً (تَوَلَّىٰ إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ)، قال يَقيلُ، وليس يقول: |
وَكَم مِّن قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا فَجَاءَهَا بَأْسُنَا بَيَاتًا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ(سورة الأعراف: الآية 4)
آخذين قيلولة، فالقائل تأتي بمعنيين، يقول: لا، يقيلُ، قال يقيلُ. |
من افتقر إلى الله فهو في أعلى درجات العز :
أنت قويٌ بقدر افتقارك لله
|
يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ(سورة فاطر:الآية 15)
(فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ)، (فَ) عدنا للترتيب على التعقيب، ما أسرع أن يجيبك الله، لكن كن صادقاً وقدم عملاً، كن صادقاً في دعائك وقدم عملاً بين يدي دعائك، موسى فعل الاثنين معاً، ما انتظر رغم كل تعبه في هذا السفر الطويل نهض راكضاً يزاحم الناس، ويسقي لهما أغنامهما، ويعبئ لهما الماء، ويعود ويعطيهما الماء، هو متعب، أي له عذر، لكن لم يترك العمل الصالح ثم توجه إلى الله، حسن التوجه إلى الله بصدق، فلما كان صادقاً في توجهه مقدماً بين يديه عملاً صالحاً: |
فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا ۚ فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ ۖ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ(سورة القصص:الآية 25)
الحياء مطلوب عند المرأة و الرجل :
الحياء حسن لكنه في النساء أحسن
|
الفِطْرَة السليمة حياء وعفة وطهارة :
جزاء الإحسان بالإحسان
|
الفِطْرَة السليمة حياء وعفة
|
قصة سيدنا موسى مع شعيب عليه السلام :
ما هي القصص؟ أنا موسى من قومٍ يحكمهم فرعون المستبد الطاغية العالي في الأرض، يذبح الأبناء، ويستحيي النساء، رعاني الله تعالى، وأنشأني، وصنعني على عينه، ونجاني من القوم الظالمين، ثم إنني تمردت على هذا الطاغية، ووكزت رجلاً فقضيت عليه، وأخطأت بذلك، لكنني انتصرت للمظلوم ضد الظالم، فائتمر القوم بي ليقتلوني لأنّي بذرة تمرد في مملكة فرعون الطاغية، وجئت إلى هذه البلاد هارباً، ووصلت، وكان ما كان، وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ، هذه التي نعرفها، وربما أشياء أُخرى قصّها موسى لا نعرفها، قال: (فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ) أي وصلت، قَال: (لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) هو عندما خرج ماذا قال؟ (فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ ۖ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) قَال: (لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) بينهم أيام وليال، (نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) قصة موسى مع الدعاء، وقصة والدته مع الدعاء، وقصة رعايته قصة عجيبة، لذلك سورة القصص كلها تبين رعاية الله لأوليائه، كلها، كل دعوات موسى، قال: قد أُجيبت دعوتكما، موسى من أول حياته إلى آخرها دعاء وإجابة، إجابة مباشرة، (إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ) (وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) وجُعل من المرسلين، وهنا لَا تَخَفْ (نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) يأتي الرد الإلهي فوراً، قال: (رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ،فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ) الفرج الإلهي، موسى صادق في دعائه، وهو كليم الله، والله يجيبه فوراً، قَال: (لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) أمّنه، حقق الأمن، الخوف ضد الأمن: |
الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ(سورة قريش:الآية 4)
فقال: لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ: |
قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ ۖ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ(سورة القصص:الآية 26)
الأجير هو الذي يقوم لغيره بعمل
|
{ تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ : لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَلِجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ }
(رواه البخاري)
الدين أولاً ثم الجمال
|
تقديم الأمانة على القوة :
سيدنا عمر لما بعث والياً بعث معه كتاب تعيين قال: خذ عهدك وانصرف إلى عملك، ماذا كان مكتوباً في كتاب التعيين؟ قال: إن وجدناك قوياً خائناً استهنا بقوتك، وأوجعنا ظهرك ضرباً، وأحسنا أدبك، لا تقل لي: أنا قويٌ جداً ملكت ولايتي ولم يصبح بها أي مشكلة، ولكن خائن تسرق من أموال الدولة، ماذا استفدنا من قوتك مع الخيانة؟! قال: أوجعنا ظهرك، وأحسنا أدبك، الآن وإن وجدناك أميناً ضعيفاً عزلناك من منصبك، وسلمتنا من معرتك أمانتك، قال: إنك يا أبا ذر ضعيف، فإذا أنت عندك أمانة لكن ليس عندك قوة نعزلك فقط، ولا يوجد هنالك عقوبة، لأن الضعف لا يعاقب عليه الإنسان، لأنه جِبِلّة، قال: وإن جمعت الإثمين جمعنا عليك المضرتين، أي خائن وضعيف في نفس الوقت، فيجب أن تضرب وتعزل، قال: وإن وجدناك أميناً قوياً زدناك في عملك، وأوطئنا لك عقِبك، نُثَبِّتُك، هذا كتاب تعيين عظيم جداً، مأخوذ من قوله تعالى: (إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ). |
لماذا قدمت القوة على الأمانة؟
|