مواجهة موسى عليه السلام لفرعون
مواجهة موسى عليه السلام لفرعون
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ الصادق الوعد الأمين، وعلى آله وأصحابه أجمعين، اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً وعملاً متقبلاً يا أرحم الراحمين.
انتقال موسى من حياة يعيشها مع فرعون إلى حياة فيها تأمل ومسؤولية :
مع اللقاء الثامن من لقاءات سورة القصص ومع قوله تعالى في الآية السادسة والثلاثين: |
فَلَمَّا جَاءَهُم مُّوسَىٰ بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَٰذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ(سورة القصص:الآية 36)
في اللقاء السابق وصلنا إلى أن موسى عليه السلام قضى الأجل عشر سنوات، عشر حجج، ثم سار بأهله، حصل لقاء تاريخي، أي لقاء يسجله التاريخ، هناك لقاءات تاريخية اليوم ليس لها معنى إلا أن لها تاريخاً! حصل بتاريخ كذا، لكن اللقاء التاريخي هذا؛ سميته لقاءً تاريخياً بإحدى خطب الجمعة لأن التاريخ سجله بأحرف من نور، هذا اللقاء بين موسى عليه السلام العبد المخلوق والخالق جل جلاله، في هذا اللقاء تحمَّل موسى الرسالة، وتحدثنا كيف خطا ربنا عز وجل بموسى عليه السلام خطوات حتى وصل إلى حمل الرسالة، موسى عليه السلام يعيش في قصر فرعون، رُبِّيَ في قصر فرعون، يعيش حياة الترف، واطلب تعطَ إن صح التعبير، أراد الله عز وجل أن ينتقل موسى عليه السلام إلى حالة رعي الغنم فأصبح أجيراً، وقلنا: كلمة أجير ليست ذمّاً وإنما وصف شرعي، فكل إنسان يعمل عند آخر يسمى أجيراً شرعاً، فأصبح أجيراً عند هذا الرجل الصالح، الذي هو في أغلب الروايات شعيب عليه السلام، تزوج ابنته، عاش حياة مختلفة، انتقل من حياة يعيشها مع فرعون إلى حياة فيها تأمل، لأن رعي الغنم يحتاج دائماً إلى تأمُّل، فيها تعامل مع مخلوقات ضعيفة تعطي النفس شيئاً مختلفاً، وفيها تحمّل مسؤولية، الآن هو عائد، انتهت مرحلة الإعداد وبدأت مرحلة التكليف، فكلفه الله تعالى بحمل الرسالة إلى فرعون، طلب من الله العون فأمده بأخيه هارون، قلنا: بقي هارون هاروناً وبقي موسى موسى، أي لا يمنع أبداً أن تستعين بمن هو دونك أو بمن هو فوقك في العلم، أو في المرتبة، فهذا دأب الصالحين، وقال في نهاية الآية: (وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا) أي حماية الله لأوليائه (فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا ۚ بِآيَاتِنَا أَنتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ). |
المؤمن مقيّد منضبط :
الفجوة تترك للخيال مساحة
|
الآن إذا أتيتُ بك وأنت شاب مؤمن، وأتيت بشاب لم يُدخل الإيمان بحساباته نهائياً، لا يفكر بالإيمان نهائياً، وكتبت قائمة بمئة شيء لك وله، وقلت لك: الذي تستطيع فعله ضع إشارة صح أمامه، هو من دون تفكير يضع إشارة صح على كل شيء، ويمكن أن يضع إشارة صح على الورقة كلها من الأعلى، ويقول: أفعل كل شيء، أي إذا قلت له: هناك عملية غش واحصد منها مئة دينار، يفعلها، كُلْ، يفعلها، انظر إلى الحرام، يفعلها، هو ليس عنده مشكلة، لا يوجد عنده قيود لممارساته، أنت تقول لي: هذه أفعلها لا يوجد بها شيء، ولكن هذه لا أستطيع فعلها، وهذه لا أستطيع أن أفعلها، لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: |
{ الإيمانُ قَيَّدَ الفَتْكَ ولا يَفْتِكُ مؤمِنٌ }
(أخرجه أبو داود في سننه بسند صحيح)
المؤمن عنده قيود
|
إنكار أصحاب فرعون ما جاء به موسى لأنه سيعارض ما يتوهمونه مصلحةً :
المصلحة في الشرع
|
قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ(سورة الأنعام: الآية 149)
لكن فوراً (سِحْرٌ مُّفْتَرًى) لأنه سيعارض ما يتوهمونه مصلحةً، (مُّفْتَرًى) أي مكذوب، الآن لماذا قالوا: سحر؟ لأنهم يعرفون السحر، أي هم وجدوا أنسب شيء أن يواجهوه بدجلهم وكذبهم، هم مقيمون على السحر، ويعرفون السحر، ويعرفون فنونه، فأرادوا أن يقنعوا الناس بأنه سحر من خلال ما هم يعلمونه، (قَالُوا مَا هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّفْتَرًى) هذه أول حجة، اتهام باطل، واجه الآية الواضحة البينة الظاهرة بتهمة جاهزة معلبة مباشرة، الحجة الثانية لهم قالوا: (وَمَا سَمِعْنَا بِهَٰذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ) انظر إلى ضعف التفكير، أقول لك مثلاً: هذا الأمر جيد، تقول لي: أبي لم يفعله، ولو لم يفعله والدك لكن هو جيد، بمعنى هل أبوك فعل كل الخير وانتهى عن كل الشر؟ كحجة هذه ليست حجة (وَمَا سَمِعْنَا بِهَٰذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ) وهل آباؤكم الأولون إقرارهم الشيء يعني أنه صواب وتركهم الشيء يعني أنه خطأ؟! إذاً حجة ضعيفة جداً أمام الآيات البينات، انظر إلى الآيات البينات ثم قابلها بهذه الحجج الواهية (قَالُوا مَا هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّفْتَرًى) ادعاء لا يوجد له أي دليل، أنا أعطيك علامات بينات واضحات، وأنت تواجهني بأننا لم نسمع بهذا في آبائنا الأولين! |
مداخل الشيطان على الإنسان :
ماذا قال الشيطان؟ |
ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ(سورة الأعراف:الآية 17)
مداخل الشيطان على الإنسان
|
وَقَالَ مُوسَىٰ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَن جَاءَ بِالْهُدَىٰ مِنْ عِندِهِ وَمَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ ۖ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ(سورة القصص: الآية 37)
إغلاق الحوار مع المتأول لأن حواره عقيم :
الحوار يكون ضمن المسألة المعالجة
|
إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ۗ(سورة البقرة:الآية 258)
هذا مُتأوِّل، انظر حجته أقوى من حجة هؤلاء، حجة تأول، بمعنى أنا ملك آمر في قتل شخص فيقتلونه، وآمر بالعفو عنه فيعفون عنه، إذاً أنا أحيي وأميت، إبراهيم كان يستطيع أن يقول له: إن الحياة والموت التي يفعلها الإله ليست مثل التي تفعلها أنت، فالله عز وجل يحيي من عدم، ويميت الموت الحقيقي، أما أنت بالنسبة لك فالعفو ليس احياءً حقيقياً، لأن هذا له حياة أصلية، والموت ليس بيدك، فأنت قد تأمر بقتله ويموت قبل أن تقتله، وقد، وقد، إذاً هناك حجج عند إبراهيم عليه السلام، لكن إبراهيم عليه السلام عندما وجد هذا المتأول أغلق الباب معه (قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ) سأسلم لك بما قلت، لا رضى به، وإنما لأنني إن واجهتك به فهذا حوارٌ عقيم، أو جدال عقيم، فسأغلق الباب، وسأفتح لك باباً آخر لا يمكن لك أن تتأوله، ألست ملكاً وتحيي وتميت، كما تريد، أنا أريد منك طلباً واحداً (اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ) أنت أخرجها من المغرب تصبح إلهاً، افـعل شيئاً مـن أفعال الإله وهو السيطرة على الـكون، بــأن الشمس تـشرق دائماً من المشرق، |
مجموعة النجاحات هي الفلاح
|
قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ(سورة المؤمنون: الآية 1)
فرعون خسر خسارة عظيمة لأنه لم يستطع اكتساب الوقت :
فرعون نجح لكن لم يفلح
|
آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ(سورة يونس:الآية 91)
أي ما استطاع أن يكسب الوقت الذي هو أثمن شيء في حياته، إذاً هو خاسر خسارة عظيمة: |
وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ(سورة القصص: الآية 38)
هناك أشياء ثابتة لا يمكن أن تتغير
|
قارون و هامان أركان الطغيان في عصر فرعون :
أركان طغيان فرعون
|
مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ(سورة القصص: الآية 76)
لغز الأهرامات
|
مستويات المعرفة نظر أثر خبر :
الخبر أعلى مستويات المعرفة
|
سيدنا أبو بكر الصديق قالوا له: إن صاحبك يَزْعُمُ أَنَّهُ أُسْرِيَ بِهِ من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ثم عُرِجَ به إلى السماء، قال: "إن كان قال فقد صدق"، هذا الخبر. |
قال أحد السلف: لقد رأيت الجنة والنار عياناً، قالوا: انظر فيما تقول، قال: والله قد رأيتهما عياناً، لقد رأيتهما بعيني رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورؤيتي لهما بعيني رسول الله صلى الله عليه وسلم أصدق عندي من رؤيتي لهما بعيني، لأن بصري قد يزيغ ويطغى، أما بصره فما زاغ وما طغى. |
فالخبر أعلى من النظر وأعلى من الأثر، فأنت عندما تقول: أنا مؤمن بالغيب، أي أنك أنت من أصحاب أعلى مستويات المعرفة وهي الخبر، أنت تُصدّق لأن المخبر صادق فقط. |
مواجهةُ الضعيفِ الحجةُ البينة الواضحة بالاستهزاء :
القرآن كله غيب
|
احْمِلْ فِيهَا مِن كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ(سورة هود: الآية 40)
كيف بنى السفينة ولم يكن هناك بحر في الأساس؟ |
مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ(سورة هود: الآية 38)
تقول لي: هذه القصة غير واقعية وليست صحيحة، قلت لها: سأقول لكِ شيئاً، قالت: تفضل، قلت لها: أنا برأيي الأهرامات أيضاً ليست واقعية، وليست صحيحة، لأنه إلى الآن لا أحد يعرف كيف بنوا الأهرامات، وكيف بعد آلاف السنين وجدوا فيها بذور قمح تنبت وجبن؟ وكيف حنطوا الناس؟ أنا برأيي كل الأهرامات أنكرها، فسكتت، قلت لها: أنتِ ما رأيك هل تنكرين الأهرامات؟ قالت: لا، قلت لها: لماذا؟ قالت: لأنها موجودة، قلت لها: إذاً أنتِ عندما ترين شيئاً بعينك وإن كان غريباً جداً، والعقل لا يصدق وقوعه في هذا الزمن صدّقت فيه، لماذا لا تصدقين قصة جاءت عن الله عز وجل ليست أغرب من قصة الأهرامات بأن سفينة بنيت؟ قلت لها: نعم كان عندهم تطور، وصنعوا سفينة كبيرة أكبر من سفننا اليوم، وأعظم منها، وأكثر تحضراً منها، ما المانع؟ لا يوجد شيء يمنع لا عقلاً ولا منطقاً، لكن هذه المشكلة عندما يضعف الخبر عندنا أو قيمة الخبر عندنا، فهنا قال: (فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ) حتى يصبح جاهزاً للصعود عليه، ويصبح حجراً، (فَاجْعَل لِّي صَرْحًا) أي بناء طويل، برج من الأبراج (لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَٰهِ مُوسَىٰ) الله عز وجل في السماء بغض النظر عن تفاصيل ذلك، أي سواء قلنا جهة العلو بغض النظر عنها أو وقفنا عند النص: |
أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ( سورة الملك: الآية 16)
القوي يواجه الحجة بالحجة
|
الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلَاقُو رَبِّهِمْ(سورة البقرة: الآية 46)
أي يعتقدون مئة بالمئة، الظن في اللغة يأتي بمعنى اليقين، وقد يأتي بمعنى الظن، هنا ربما يكون فرعون مازال متحفظاً بكلماته (وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ) فرعون ذكي، هو ليس شخصية عادية، لا نستطيع أن نقول: إنه شخصية عادية لكن والعياذ بالله ذكاؤه أورده النار: |
يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ(سورة هود: الآية 98)
فهو استخدم ذكاءه الذي وهبه الله إياه فيما أهلكه، فلعله تحفظ بالعبارة (وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ) وليس يقيناً: |
وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ(سورة القصص: الآية 39)
القيد الوصفي والقيد الاحترازي :
تحدثنا سابقاً عن القيد الوصفي والقيد الاحترازي، نحن عندنا قيد وصف، وعندنا قيد احتراز، قيد الوصف كأن تقول: |
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً(سورة آل عمران: الآية 130)
الاستكبار يكون بغير الحق
|
وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ(سورة آل عمران: الآية 21)
هل هناك قتل للنبيين بحق؟ مستحيل، هذا قيد الوصف، أما قيد الاحتراز فمثل قوله تعالى: |
وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا(سورة آل عمران: الآية 97)
فمن لم يستطع إليه سبيلاً ليس عليه حج، هذا احترازي، فيجب أن نميز بين القيد الوصفي والاحترازي. |
الإنسان الؤمن يقف عند حدود الله
|
فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ ۖ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ(سورة القصص: الآية 40)
أخذناه لفرعون وجنوده، طبعاً هنا ما فصلت السورة. |
سورة القصص سورة تبين رعاية الله لأوليائه وأن إرادة الله هي الغالبة :
سورة القصص كما قلنا في البداية هي سورة تبين رعاية الله عز وجل لأوليائه، وأن إرادة الله هي الغالبة، وهذا المعنى عبّر عنه القرآن الكريم بشكل واضح في بداية السورة : |
إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ ۚ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ * وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ(سورة القصص: الآية 4-5-6)
سورة القصص كلها مدارها على هاتين الآيتين، بأن إرادة الله هي الغالبة فجاءت القصة تناسب هذا الهدف، فأعطاك الحلقة التي كان فيها موسى رضيعاً وإرادة الله غلبت، كانت إرادة فرعون أن يذبحه وإرادة الله أن يجعله من المرسلين فجعله (إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ) ردّه وجعله من المرسلين فتحققت الغاية، فالآن اختصر المسافات الأخرى، ماذا حدث لفرعون بالإغراق لأن هنا ليس مكانها، بسورة أخرى فصل كيف وصلوا وقالوا: |
إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا ۖ إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ(سورة الشعراء: الآية 61-62)
فكل سورة بما يناسبها. |
سورة القصص قانونٌ يجري في كل زمانٍ ومكان :
هنا القصة اكتفت بهذا القدر وهو ملخص سريع، قال: (فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ) القصة موجودة في مكان آخر، لكن هنا لا نحتاج إلى هذا التفصيل بمسار القصة، بجو السورة لا نحتاج إلى التفصيل القصصي فيها، فقال: (فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ) النبذ فيه بمعنى الاحتقار: |
كَلَّا ۖ لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ(سورة الهمزة: الآية 4)
مَردّ الظالمين هو إلى هلاك
|
وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ(سورة القصص: الآية 41)
نؤجل هذا الكلام إلى لقاءٍ لاحق. |