إنزال التوراة على موسى
إنزال التوراة على موسى
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمةً للعالمين، وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، أمناء دعوته، وقادة ألويته، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين.
إرادة الله تتحقق إن طال الزمان أم قصر :
مع اللقاء التاسع من لقاءات سورة القصص، في اللقاء الماضي وصلنا إلى قوله تعالى: |
فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ ۖ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ(سورة القصص: الآية 40)
(فَأَخَذْنَاهُ) أي فرعون (وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ ۖ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ) الآية الأربعون من سورة القصص. |
الآن نبدأ بالآية الواحدة والأربعين (وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً) لكن قبل ذلك أريد أن ألخص ما الذي حصل. |
حقيقةً نحن تكلمنا أنّ سورة القصص محورها أو فكرتها الرئيسة هي بيان كيف تتدخل يد القدرة الإلهية في حسم الموقف دائماً، وكيف أنّ فرعون كانت له إرادة في الأرض، طبعاً إرادة بشرية قاصرة، لكن بالنتيجة كانت له إرادة أن يفعل شيئاً، وأنّ الله عز وجل صاحب القدرة المطلقة والإرادة المطلقة كانت له إرادة: |
وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ(سورة القصص: الآية 5)
فالسورة تبين كيف أنّ إرادة الله هي التي تتحقق، طال الزمن أم قصر. |
ملة الكفر واحدة لكن أهل الإيمان يتسلحون بطاعة الله والقرب منه :
السورة تخاطب المسلمين في مكة المكرمة وهم يسامون صنوف العذاب من أشباه فرعون، أبو جهل كان فرعون الأمة كما وصف، فهناك فراعنة كانوا في مكة يتصرفون بتصرفات فرعون وإن لم يبلغوا شأوه لكن كانوا يسيرون على خطاه، فالأمة في مكة كانت تعاني فعندما تتنزل هذه الآيات وتعطي للأمة درساً كيف أن الله عز وجل يحقق إرادته هذا يدخل الطمأنينة إلى نفوس أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وإلى نفس النبي صلى الله عليه وسلم، لذلك عندما نقرأ في سورة القصص نجد أن هناك حلقة أُغفلت كما ذكرنا في اللقاء الماضي، هناك حلقة أُغفلت، قال: |
فَلَمَّا جَاءَهُمْ مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَٰذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ(سورة القصص: الآية 36)
المؤمن يتسلح بطاعة الله
|
وَقَالَ مُوسَىٰ رَبِّي أَعْلَمُ بِمَن جَاءَ بِالْهُدَىٰ مِنْ عِندِهِ وَمَن تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ(سورة القصص: الآية 37)
بدأ فرعون بمرحلة الاستهزاء: |
وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ * فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ ۖ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ(سورة القصص: الآية 38-39-40)
(وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ) هنا اختصرت حلقة السحرة، دعا السحرة ودعا موسى فجمعهم لميقات يوم معلوم: |
فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ(سورة الشعراء: الآية 38)
فَأَلْقَىٰ مُوسَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ(سورة الشعراء: الآية 45)
هدف السورة هنا هو بيان العاقبة
|
إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا * وَنَرَاهُ قَرِيبًا(سورة المعارج: الآية 6-7)
أي إذا قال لك إنسان: أنا محكوم بالإعدام ولكن باقي لي ثلاثة أشهر، ويظن أنه سيفعل كثيراً من الأعمال، ولكن الأيام تمضي كلمح البصر، والعاقبة قادمة، فأنت ما الذي يجعلك تفرح بالإمهال إذا كانت العقوبة قادمة لا محالة؟! |
التواضع لله لأن موعود الله لابد من أن يتحقق :
إذاً هنا (وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ) وقلنا: لا يوجد استكبار إلا بغير الحق، فهذا قيد وصفي وليس قيداً احترازياً، (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ) لماذا استكبروا في الأرض بغير الحق؟ لأنهم (ظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ) فالذي يظن بمعنى يعتقد أنه راجعٌ إلى الله تعالى لا يستكبر في الأرض، لأنه سيقف بين يدي الكريم المتعالي يوم القيامة، إذاً ما الذي يجعلك تتواضع لله؟ عندما تعلم أنك ستقف بين يديه يوم القيامة: |
كَلَّا إِنَّ الْإِنسَانَ لَيَطْغَىٰ * أَن رَّآهُ اسْتَغْنَىٰ(سورة العلق: الآية 6 -7)
متى يطغى الإنسان؟
|
(فَانظُرْ) الآن ربنا عز وجل يوجهك إلى أن تنظر، لا أروي لك القصة من أجل أن أمتعك، لا أروي لك القصة من أجل أن تسمع وتنتهي مهمتك (فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ) اليوم هناك ظالمون يحيطون بك تيقن من هلاكهم كما تيقنت من هلاك فرعون، ويوم كان هذا القرآن ينزل على محمدٍ صلى الله عليه وسلم كان أصحابه يعيشون صعوبات ما بعدها صعوبات، هذا القرآن يتنزّل وبلال يوضع في الصحراء، وتوضع فوقه الصخور الصم، فيقول: أحدٌ أحد: |
{ مرّ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم بياسرٍ وعمّارٍ وأمّ عمارَ وهم يُؤذونَ في اللهِ تعالى فقال لهم : صبرا يا آل ياسرَ ، صبرا يا آل ياسرَ فإن موعدكُم الجنةُ }
موعود الله تعالى آت
|
الإمامة تستخدم في الخير أو في الشر فعلى الإنسان أن يكون خيّراً :
الآن نبدأ بالآيات الجديدة: |
وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ(سورة القصص: الآية 41)
(وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً) الإمامة ليست دائماً شيء حسن، فرعون يقدم قومه يوم القيامة إماماً، لكنه إمام يأخذهم إلى النار، فما كل من يتقدم الناس ويصبح إماماً لهم هو إمامٌ في الخير، وإن كان سبق إلى أذهان الناس أن الإمامة غالباً ما تستخدم في الخير، فيقال: فلان إمام الناس أي قائدهم في الخير، لكن هؤلاء فرعون وجنوده جعلهم الله أئمةً، أي هم كانوا أئمةً، أئمةً للناس، بالمقابل في سورة السجدة: |
أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا(سورة السجدة: الآية 24)
فهناك أئمةٌ يهدون إلى الخير، وهناك أئمةٌ يهدون إلى الشر، فأنت إن كنت في مكانٍ، في منصبٍ، في مكان قيادي، في مكان لك فيه مكانة فكن إماماً في الخير: |
إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ(سورة النحل: الآية 120)
الأمة يدعو الناس إلى الخير
|
وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا(سورة مريم: الآية 95)
وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَىٰ كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ(سورة الأنعام: الآية 94)
{ عن عائشةَ رضي اللَّه عنها قَالَتْ: سمعتُ رَسُول اللَّه يقول: يُحْشَرُ النَّاسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حُفَاةً عُراةً غُرْلًا }
(متفقٌ عَلَيهِ)
أي يأتي كيوم خلقته أمه، لا يوجد شيء، (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ). |
أصل القبح في الأعمال وليس في الأشكال و في القلوب وليس في الأجسام :
وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَٰذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ(سورة القصص: الآية 42)
اللعنة هي الطرد من رحمة الله
|
أصل القبح في القلوب
|
الكتب السماوية بصيرة و هدى و رحمة :
الآن تقريباً قصة موسى وفرعون انتهت، الآن تبدأ التعقيبات. |
من طبيعة القصص القرآني أنّ بعد القصة هناك تعقيبات، والحقيقة أن التعقيبات أهم من القصة نفسها، أي هناك موقف وهناك عبرة، هناك قصة وهناك عبرة من القصة: |
لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ(سورة يوسف: الآية 111)
فعندما تنتهي القصة الآن أصغ بأذنك وبقلبك وبعقلك إلى تعقيبات الله عز وجل، إذا كلمك والدك عن قصة ثم بعد ذلك قال لك: سأستنبط لك منها العبر فتنصت له، الآن رب العزة جل جلاله أعطاك قصةً، وقال لك: إليك التعقيبات، التعقيبات أهم من القصة نفسها، طبعاً يمكن أن تستنبط بالتعقيبات بنفسك عندما تقرأ القصة، أي مرّ معنا كثير من العبر أثناء الرواية، لكن ربنا عز وجل الآن سيعطيك الخلاصة، خلاصة القصة، قال: |
وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِن بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَىٰ بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ(سورة القصص: الآية 43)
الكتاب هدى ورحمة
|
وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ(سورة الذاريات: الآية 56)
تسأل القرآن: ما مصير الطغاة؟ ما مصير العصاة؟ يقول لك: |
وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ(سورة الصافات: الآية 24)
سيُسألون عن كل أعمالهم، تسأل القرآن: ماذا بعد الموت؟ يقول لك: إلى الجنة أو إلى النار، تسأل القرآن: كيف يحيا الإنسان إن التزم منهج الله تعالى؟ يأتيك الجواب: |
فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً(سورة النحل: الآية 97)
تسأل القرآن كيف تكون معيشة من أعرض عن ذكر الله؟ يأتيك الجواب: |
وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا(سورة طه: الآية 124)
المؤمن يرى بنور الله
|
انظر ثلاث كلمات رائعات جداً، بصائر وهدى ورحمة، أحياناً أنت تبصر شيئاً، وتعلم الطريق إليه، لكن الطريق شاق جداً، وصعب جداً، تحتاج إلى الرحمة، فربنا عز وجل لم يقل لك: ستذهب في الطريق وتصل وتركك، القرآن فيه رحمة، تقرؤه فتشعر بالأنس، تقرؤه فتشعر بالراحة النفسية، تقرؤه فتدمع عينك، تقرؤه فتشعر بالقرب من الله عز وجل، هذه رحمة الله، إذاً الهدف واضح، والطريق إليه واضحة، ومعك من الله عز وجل مُعينٌ لك في أثناء رحلتك للوصول إلى هدفك، فقال: ( بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً) هذا هو الكتاب، القرآن والتوراة والإنجيل وكل الكتب السماوية جاءت لتبصر الهدف، ولتنير لك الطريق، ولتسلك إليه الهدف، وأنت في رحمة الله عز وجل. |
قصة موسى دلالة على نبوة محمد لأنه لم يكن موجوداً يوم قضى الله الأمر :
(لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ) أي لعله يكون هناك اتعاظ بهذا القرآن الكريم، أو بهذا الكتاب الذي هو التوراة هنا، أي هذه الآية مثل ختام القصة مع بداية العبرة، ختام القصة مع بداية العبرة التعقيبات، التعقيب الأول: قال: |
وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيِّ إِذْ قَضَيْنَا إِلَىٰ مُوسَى الْأَمْرَ وَمَا كُنتَ مِنَ الشَّاهِدِينَ(سورة القصص: الآية 44)
الإيمان الحقيقي هو الإيمان بالغيب
|
فَسَقَىٰ لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّىٰ إِلَى الظِّلِّ(سورة القصص: الآية 24)
التفاصيل المهمة التي ذكرها، ولكن هي تفاصيل تصور لك، هذا التصوير الفني في القرآن، وكأنك ترى بعينيك، قال: |
وَلَٰكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ وَمَا كُنتَ ثَاوِيًا فِي أَهْلِ مَدْيَنَ تَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا وَلَٰكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ(سورة القصص: الآية 45)
(وَلَٰكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُونًا) أي جاء من بعد موسى أقوامٌ وأقوام، (فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ) دائماً الرسالة بأولها تكون أشد قبولاً في نفوس الناس، بعد حين طول الأمد يجعل القلب قاسياً، حتى إذا تاب الإنسان إلى الله وأناب إليه، يقول لك: في رمضان شعرت بسعادة غير طبيعية، أصلي التراويح وأنا مقبل على الله بكليتي، ثم بعد ذلك يدخل ويعافس الأهل والولد فيشعر بأن المعنويات ضعفت، وبأن الهمة فترت، هذه طبيعة بشرية في النفس، قال: (وَلَٰكِنَّا أَنشَأْنَا قُرُونًا فَتَطَاوَلَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ) فما الذي حصل؟ قست القلوب، (فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ) كما ورد في آيات أخرى. |
فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ(سورة المائدة: الآية 14)
طبيعة الرسالة
|
لذلك قال في نهاية الآية: (وَلَٰكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ) هذا فحوى الرسالة، فحوى الرسالة أن الله عز وجل يُعلِمك بأشياء لا يمكن أن تصل إليها لا بحواسك ولا بعقلك، فمن سيخبرك بما كان في الأزمنة السابقة؟ ومن سيخبرك بما سيحصل بعد موتك؟ ومن سيخبرك بما سيكون في المستقبل؟ |
غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ(سورة الروم: الآية 2-3)
فالرسالة تأخذ قيمتها عندما يكون فيها شيءٌ جديد، وإلا إن كانت وصفاً لحال فهذا أدب، يمكن أن ترجع من الرحلة وتكتب وتصف الجمال، هذا من الأدب لكنه ليس رسالةً، لا يحمل جديداً ينفعك، وإنما أُمتِّع الناس بما رأيت فأكتب لهم، أما الرسالة فتحمل شيئاً جديداً، تقرأ فتقول: جاءتني رسالة ينبغي أن أتحرك، هذه هي فحوى الرسالة، قال: (وَلَٰكِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ). |
رسالة النبي صلى الله عليه وسلم تبشير و إنذار :
ثم قال تعالى : |
وَمَا كُنتَ بِجَانِبِ الطُّورِ إِذْ نَادَيْنَا وَلَٰكِن رَّحْمَةً مِّن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّا أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ(سورة القصص: الآية 46)
البشارة تسبق الإنذار
|
وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا(سورة الفرقان: الآية 56)
التبشير يقرب النفوس
|
وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ(سورة فاطر: الآية 24)
فهؤلاء لم يأتهم نذير، فأوجب الله على نفسه، وألزم نفسه وذاته العلية إن صح التعبير أن ينذر كلَّ القرى ومن حولها، فأرسل نذيره محمداً صلى الله عليه وسلم قال: (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ). |
مهمة الدعاة دفع الناس إلى التذكّر :
الإيمان موجود في القلوب
|
وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ(سورة الذاريات: الآية 55)
أن تتذكّر شيئاً قد أنستك إياه الظروف، أو أنستك إياه متاعب الحياة، فأنا أذكّرك بفطرتك، وأذكّرك بعقلك، وأذكّرك بالوحي، فأنا أذكّر فقط، هذا معنى (لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ). |
نكتفي بهذا القدر في هذا اليوم، هذه تعقيبات القصة، مهمة جداً، وبعدها يبدأ كلام متعلق بالقصة، ويفتح لنا أفقاً جديداً في سورة القصص، نتابع ذلك في لقاء لاحق. |