بين التصديق والتكذيب
بين التصديق والتكذيب
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمدٍ، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
التوحيد والعبادة فحوى دعوة الأنبياء جميعاً :
مع اللقاء الحادي عشر من لقاءات سورة القصص، ومع الآية الثانية والخمسين وهي قوله تعالى: |
الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ(سورة القصص: الآية 52)
الكتاب فحوى دعوة الأنبياء جميعاً
|
صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ(سورة الأعلى: الآية 19)
فالكتاب بالمعنى العام هو منهج الله تعالى إلى خلقه، فقال: (الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ) أي الذين عندهم أصل المنهج الآن جاءهم القرآن، ما جاءهم شيءٌ غريبٌ عن منهجهم، وهذا يدل على أن فحوى دعوة الأنبياء جميعاً فحوى واحدة، قال تعالى: |
وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ(سورة الأنبياء: الآية 25)
إذاً كل دعوات الأنبياء تدعو إلى التوحيد والعبادة، شيئان. |
حاجة كل إنسان إلى العلم و العمل ليصل إلى التوحيد و العبادة :
الآن الشريعة تختلف كيف أصل إلى التوحيد؟ هناك شرائع: |
ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا(سورة الجاثية: الآية 18)
الإسلام خاتمة الشرائع
|
اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ(سورة العلق: الآية 1)
قمة العلم التوحيد
|
الشرائع تتغير وتتبدل بحكم الزمن إلا الشريعة الإسلامية محفوظة على مرّ الزمان :
الشرائع تتغير بحكم الزمن
|
مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ(سورة المائدة: الآية 48)
عندهم الكتاب ثم جاء القرآن الكريم وهو كتاب الإسلام العظيم، وهو شريعة الإسلام، فوجدوا فيه مصداقاً لما في أصل كتبهم فقال: (هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ) فآمنوا بالقرآن، هذه الآية: |
وَإِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ(سورة القصص: الآية 53)
(وَإِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ) أي القرآن (قَالُوا آمَنَّا بِهِ). |
من لم يتأثر بالقرآن فالمشكلة في القلب وليست في المنهج :
المشكلة في القلب
|
(وَإِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ) أي فقط هو أصلاً سبب الورود كما جاء عن سعيد بن جبير قرأ النبي صلى الله عليه وسلم سورة يس حتى اختتمها فقالوا: أسلمنا وآمنا، فقط سورة يس، هو من حيث تأثيره، ومن حيث قوة بيانه، ومن حيث قوة مضمونه، ومن حيث الوضوح والإيجاز، بحيث أنه لمجرد أن تتلوه على إنسان قد تجرد للحق، وقد جاء يريد الحق لا يريد غيره، فإذا سمع الآيات تتلى فوراً (آمَنَّا بِهِ) هذه قوة المنهج، أحياناً ممكن أن أقرأ لك نظرية علمية تقول لي: والله لم أفهمها، أنا لا أؤمن بها، لم أفهمها، وضحها لي حتى أؤمن بها أو لا أؤمن بها، أما القرآن الكريم فقد يسره الله للذكر، فهنا يعرض القرآن الكريم لهؤلاء القوم الذين يتلى عليهم فلا يؤمنون لأن : |
قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ(سورة الأنعام: الآية 25)
كَلَّا ۖ بَلْ ۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِم(سورة المطففين: الآية 14)
الران الذي يمنع قبول الحق
|
الأنبياء جميعهم مسلمون و قد انقادوا لأوامر الله و نواهيه :
(وَإِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ) الإسلام يأتي بمعنيين؛ يأتي بمعنى ضيق وهو الشريعة الإسلامية، أي إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت، والتزام الأوامر، واجتناب النواهي، هذه شريعة الإسلام، الشريعة التي جاء بها النبي محمدٌ صلى الله عليه وسلم ونحن نؤمن بها، ونحن مسلمون ولله الحمد، ويأتي الإسلام بالمعنى الواسع فكل الأنبياء بهذا المعنى مسلمون: |
مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلَا نَصْرَانِيًّا وَلَٰكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا(سورة آل عمران: الآية 67)
إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ(سورة آل عمران: الآية 19)
وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ(سورة آل عمران: الآية 85)
إذاً الذين جاؤوا قبل الإسلام هل ابتغوا غير الإسلام ديناً؟ لا، سيدنا عيسى هل ابتغى غير الإسلام ديناً؟ لا، ما ابتغى غير الإسلام ديناً، فالإسلام بالمعنى الواسع هو الانقياد لأمر الله تعالى (فَلَمَّا أَسْلَمَا) إبراهيم وإسماعيل أسلما أمرهما لله (وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ): |
فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ(سورة الصافات: الآية 103)
قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ(سورة البقرة: الآية 131)
الإسلام هو الاستسلام للمنهج
|
أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا(سورة المؤمنون: الآية 115)
إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا(سورة الإسراء: الآية 81)
فالقرآن حق لأنه من عند الحق (إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ) من قبل القرآن (مُسْلِمِينَ) كنا في الأصل مسلمين، فالقرآن أعطانا جرعة لمزيد من الإسلام لله تعالى، أما نحن فمسلمون من قبله، مسلمون لله بالمعنى الواسع فأصبحنا مسلمين بشريعة الإسلام لأننا علمنا (إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّنَا) هذا هو المعنى. |
الدين نصفه صبر و نصفه شكر :
قال: |
أُولَٰئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ(سورة القصص: الآية 54)
الأجر على قدر المشقَّة
|
إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ(سورة الزمر: الآية 10)
ينبغي أن يكون الأجر مكافئاً للجهد
|
{ عن عبدُ اللهِ بنُ عمرَ رضِيَ اللهُ عنهما، أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: أَعْطُوا الأجيرَ أجْرَه قبْلَ أنْ يَجِفَّ عَرَقُه }
(صحيح ابن ماجه)
فهنا عندما قال تعالى: (أُولَٰئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم) أي الأجر الذي يكافئ عملهم، وتعبهم، وصبرهم، وهو أجر الله دائماً ليس مكافئاً فحسب، ولكنه أعظم بكثير من العمل، أعظم بكثير من العمل، الله تعالى لا يعطي الأجر المكافئ، نحن في دنيانا نعطي الأجر المكافئ لكن الله تعالى إذا أعطى أدهش، (أُولَٰئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا) أي بسبب صبرهم (وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ) الآن هم صبروا تحملوا الأذى، أي أنت تعرضت للإيذاء من شخص فصبرت على إيذائه، هذه مرتبة جيدة، المرتبة الثانية قال:(وَيَدْرَءُونَ) أي يدفعون (بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ) أي تأتيهم السيئة فيدفعونها لا بالصبر فقط، وإنما يواجهون السيئة بحسنة، وهذا ليس منطق ضعف أبداً، الصبر ومواجهة السيئات بالحسنات ليس منطق ضعف، انتبهوا، أنا عندما أكون في وضع مظلوم، والموقف مناسب لأخذ مظلمتي فينبغي أن أخذ مظلمتي: |
وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ(سورة الشورى: الآية 41)
لكن حينما يكون الهدف هو هداية الخلق، وحينما يكون الهدف هو إعزاز دين الله، ونشر الخير بين الناس، فقد أصبر على أذىً يُصيبني في سبيل الهدف الأكبر، وسيرة النبي صلى الله عليه وسلم أكبر شاهد، كم صبر على أذى قريش؟ هل كان صبره ضعفاً منه صلى الله عليه وسلم؟ لا، لكن كان صبره صلى الله عليه وسلم رغبةً منه في هدايتهم، لأنه ينظر إليهم على أنهم مرضى، كما حصل معه في الطائف، صلى الله عليه وسلم. |
المال جزء يسير من الرزق و ليس الرزق كله :
الصبر امتناع
|
وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ(سورة القصص: الآية 55)
صفات من يسمع اللغو و يعرض عنه :
اللغو بحد ذاته محرم
|
لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ(سورة الكافرون: الآية 6)
الولاء والبراء
|
{ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ، وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ، أَعْظَمُ أَجْرًا مِنَ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يُخَالِطُ النَّاسَ، وَلَا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ }
(صحيح الترمذي)
علاقتنا مع بعضنا سلام
|
حاجة الهداية إلى شيئين اثنين؛ إرادة من العبد وتوفيق من الله :
الآن الذي قلته قبل قليل أن القرآن الكريم يعرض وفد النصارى ماذا فعلوا، في المقابل جاء العرض لنموذج، هذا النموذج هو أبو طالب، أبو طالب هو عم النبي صلى الله عليه وسلم، وتعلمون أنه من أكثر الناس مناصرةً له، وأنه لما مات أبو طالب ما نالت قريش من النبي صلى الله عليه وسلم إلا عندما مات أبو طالب، فكان ينافح عنه، ويدافع عنه، لا إيماناً برسالته وإنما عصبيةً له، وحرصاً عليه كابن أخيه، فروي في الصحيحين أن هذه الآية السادسة والخمسين من سورة القصص : |
إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ(سورة القصص: الآية 56)
نزلت في أبي طالب، لأن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليه وهو في مرض موته، قال: يا عم قل: لا إله إلا الله أشفع لك بها عند الله، أو أحاج لك بها عند الله، أي يكون لك حجة فقط، انطق بكلمة التوحيد لعلها تكون حجةً لي بين يدي الله عندما أدافع عنك، فأنت عمي ونصرتني، انظروا إلى وفاء النبي صلى الله عليه وسلم ما نسي لعمه هذه الأمور، لكن هذا الرجل لما كان لا يبتغي الهداية، وعاقت بينه وبين الهداية عصبيته، هؤلاء (وَإِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ) فقط تلاوة، أبو طالب سنوات مع ابن أخيه يسمع القرآن كل يوم يتلى لماذا لم يؤمن به؟ كان موجوداً في المجلس الذي دخل إليه النبي الله صلى الله عليه وسلم الوليد بن أمية بن المغيرة، وكان موجوداً أبو جهل فقالوا له: أترغب عن ملة عبد المطلب؟ أتترك ملة الأجداد؟ والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: قل: لا إله إلا الله، فقال: أبو طالب على ملة عبد المطلب ومات على ذلك، فبكى النبي صلى الله عليه وسلم، النبي صلى الله عليه وسلم بكى، وقال: لأستغفرن لك ما لم أنهَ عن ذلك، انظروا إلى رحمة النبي صلى الله عليه وسلم، نزل قوله تعالى تخفيفاً عن النبي صلى الله عليه وسلم (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) أنت تحب هدايته لكنك لا تستطيعها: |
{ لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا طَالِبٍ الوَفَاةُ جَاءَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ، فَوَجَدَ عِنْدَهُ أَبَا جَهْلٍ، وَعَبْدَ اللهِ بنَ أَبِي أُمَيَّةَ بنِ المُغِيرَةِ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: يا عَمِّ، قُلْ: لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، كَلِمَةً أَشْهَدُ لكَ بهَا عِنْدَ اللهِ، فَقالَ أَبُو جَهْلٍ، وَعَبْدُ اللهِ بنُ أَبِي أُمَيَّةَ: يا أَبَا طَالِبٍ، أَتَرْغَبُ عن مِلَّةِ عبدِ المُطَّلِبِ؟ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ يَعْرِضُهَا عليه، وَيُعِيدُ له تِلكَ المَقالَةَ حتَّى قالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ ما كَلَّمَهُمْ: هو علَى مِلَّةِ عبدِ المُطَّلِبِ، وَأَبَى أَنْ يَقُولَ: لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: أَما وَاللَّهِ لأَسْتَغْفِرَنَّ لكَ ما لَمْ أُنْهَ عَنْكَ، فأنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (ما كانَ للنبيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ ولو كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِن بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لهمْ أنَّهُمْ أَصْحَابُ الجَحِيمِ)-(سورة التوبة: الآية 113)-وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى في أَبِي طَالِبٍ، فَقالَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ: (إنَّكَ لا تَهْدِي مَن أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهو أَعْلَمُ بالمُهْتَدِينَ)- (سورة القصص:الآية 56) }
(صحيح مسلم)
الهداية تحتاج إلى شيئين
|
فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ(سورة الصف: الآية 5)
فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ(سورة الأنعام: الآية 125)
الاختيار أصل علاقتنا مع الله :
الإنسان يطلب الهداية فيهديه الله، أو يطلب الضلالة فيضله الله، لأنه مخير : |
وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ(سورة يونس: الآية 99)
الاختيار أصل علاقتنا مع الله
|
لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ(سورة البقرة: الآية 256)
ولكن أراد أن تكون علاقتنا معه علاقة حب، فقال: |
يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ(سورة المائدة: الآية 54)
فهنا عندما قال تعالى: (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ). |
لله تعالى إرادتان؛ إرادة كونية قدرية و إرادة شرعية :
لكن هناك آية أخرى يقول تعالى مخاطباً نبيه: |
وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ(سورة الشورى: الآية 52)
النبي الكريم لا يملك الهداية لأحد
|
إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ ۖ وَلَا يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ(سورة الزمر: الآية 7)
لكن لا يقع شيءٍ في ملكه إلا بإرادته الكونية (وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا) جل جلاله: |
وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا(سورة الأنعام: الآية 59)
الإرادة الشرعية هي المنهج
|
حجج قريش الواهية التي برهن الله على بطلانها :
الآن نختم بهذه الآية الأخيرة: |
وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا ۚ أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِّزْقًا مِّن لَّدُنَّا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ(سورة القصص: الآية 57)
تقديم نعمة الأمن على نعمة الشبع
|
{ مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا }
(رواه البخاري)
في أماكن أخرى قدم الله الشبع قال: (فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ) فبدأ بالجوع ثم بالخوف، (الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ): |
فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ(سورة النحل: الآية 112)
الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ(سورة قريش: الآية 4)
لكن هنا قدم نعمة الأمن على نعمة الشبع، لأنهم هم يتحدثون عن نعمة الأمن فقال: (أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ) أمن، ورزق، (رِّزْقًا مِّن لَّدُنَّا) هذا الرزق من أين؟ من الله، والأمن من أين؟ من الله، (وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ) أي أمنتكم وأطعمتكم وأنتم عصاة ثم أخيفكم وأجيعكم وأنت تقاة؟ مستحيل، إذا كنت قد أمنتكم وأنتم تعبدون الصنم، وأطعمتكم وأنتم تعبدون الصنم، فإذا عبدتم الله وحده ووحدتموه تخافون وتجوعون؟ (مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) (وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ): |
مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ(سورة الصافات: الآية 154)
الأكثرية هي الإيمان
|