أمثلة على توحيد الربوبية والألوهية
أمثلة على توحيد الربوبية والألوهية
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، وعلى صحابته الغر الميامين، أمناء دعوته، وقادة ألويته، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين .
مفهوم الربوبية واضح لا ينكره إلا ضعاف العقول :
وبعد، مع اللقاء الخامس عشر من لقاءات سورة القصص، ومع الآية الواحدة والسبعين من السورة وهي قوله تعالى: |
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِضِيَاءٍ ۖ أَفَلَا تَسْمَعُونَ(سورة القصص: الآية 71)
ما زلنا في التعقيبات على قصة موسى، سورة القصص فيها قصتان: قصة موسى مع فرعون، وقصة قارون مع قومه وهو من قوم موسى، وهذه هي الصلة بين القصتين، بين القصتين هناك تعقيبات على قصة موسى مع فرعون، تقريباً أخذت حجم القصة نفسها، أي عندنا أربع صفحات من التعقيبات، بعد خمس صفحات تقريباً تروي قصة موسى مع فرعون، هذه الصفحات تستنتج دروس القصة وعبرها بطريقة غير مباشرة، لكن توصل الفكرة المطلوبة بالشكل الأمثل، كيف لا وهو كلام الله تعالى! |
ففي اللقاء السابق انتهينا إلى الحديث عن مفهوم الألوهية والربوبية، وقلنا للتبسيط: إن كل ما يأتي من السماء إلى الأرض هو من الربوبية، فإنزال المطر ربوبية، الرزق ربوبية، الإمداد بالحاجات ربوبية، الإمداد بالحاجات النفسية وتربية النفس ربوبية، فهو الرب جلّ جلاله، وهذا ما لا يكاد يُختلف عليه، حتى عند المشركين: |
وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ(سورة الزمر : الآية 38)
مفهوم الربوبية واضح لا ينكره إلا ضعاف العقول أو المغرضون أو المغيبون عن الحقيقة، هؤلاء قلة، لكن الألوهية وهي حسن التوجه، ما دام الله هو الذي يرزق، هو الذي يعطي، هو الذي يمنع، هو الذي يخفض، هو الذي يرفع، فلماذا إذا أردت أن تتوجه تتوجه إلى غيره! |
مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ(سورة الصافات : الآية 154)
فمفهوم الألوهية هو الذي نحتاجه اليوم، أن نحسن التوجه، نحن جميعاً مُقِرُّون بأن الله خلقنا وهو الذي يرزقنا، لكن عندما تُلِمُّ بنا مُلِمَّة بدلاً من أن نتجه إليه بالطلب نطلب من أهل الأرض وهذا أمرٌ عجيب، هذا ما وصلنا إليه في اللقاء السابق . |
مثل من واقع الحياة يربط بين مفهوم الربوبية والألوهية :
الجديدان الليل والنهار
|
القرآن الكريم يخرجك من إلف العادة
|
فَأَلْقَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ(سورة الأعراف: الآية 107)
كان شيئاً مذهلاً مخيفاً، العصا لا تتحول إلى ثعبان في العادة، الثعبان نفسه من غير العصا أليس معجزةً تستحق الذهول والتأمل والرهب؟ الثعبان وحده بهذا الخلق العظيم من غير أن يكون عصا ويتحول أليس شيئاً يدعو للتأمل؟ المؤمن ينتقل من إلف العادة إلى إلف الشكر، من التعود على النعمة إلى الوصول إلى المنعم جل جلاله . |
ثلاث طرق ينقل الله بها الإنسان من إلف العادة إلى إلف الشكر الدائم له سبحاته :
1 ـ الشيء وعدمه :
القرآن الكريم الآن ينقلك من إلف العادة، كيف ينقلك؟ عندما يأتيك بالشيء وخلاف ما هو عليه، القرآن ينقلك من إلف العادة إلى إلف الشكر الدائم لله عز وجل بثلاث طرق: الطريقة الأولى: الشيء وعدمه، يقول تعالى في نهاية سورة الملك: |
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاءٍ مَّعِينٍ(سورة الملك : الآية 30)
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا) غار الماء لم يعد هناك ماء (فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاءٍ مَّعِينٍ) ؟ كيف نقلك من إلف العادة هنا ؟ خَيَّلَ لك أن الشيء غير موجود، أنت متعود أنّ لديك ماء في البيت، لكن الله تعالى يقول : لو لم يكن هناك ماء، غار الماء وذهب إلى غير رجعة، فأنت كيف ستعيش ؟ انتبهت قلت : يا رب لك الحمد على نعمة الماء، اللهم أدم هذه النعم . |
2 ـ الشيء و أصله :
أو ينقلك من إلف العادة إلى إلف الشكر بطريقة ثانية وهي : الشيء وأصله، أنت الآن إنسان قوي تمشي بالأرض، فينقلك الله تعالى إلى أصلك فيقول: |
اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ(سورة العلق : الآية 1-2)
الشكر عن طريق الشيء وأصله
|
3 ـ الشيء وخلاف ما هو عليه :
الطريقة الثالثة هي هذه التي في السورة هنا، وهي الشيء وخلاف ما هو عليه، قال : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ) . |
الشيء وخلاف ما هو عليه
|
الليل و النهار و السمع و البصر من آيات الله الدالة على عظمته :
حسن التوجه إلى الله عز وجل
|
حسن التوجه إلى الله عز وجل
|
الآن الجانب المقابل قال: (قُلْ أَرَأَيْتُمْ) أي قل يا محمد صلى الله عليه وسلم مخاطباً هؤلاء المشركين الذين يقرون بالخلق ثم يتوجهون إلى غير الخالق، ذكرهم بهذه الآية وانقلهم من إلف العادة إلى شكر المنعم جل جلاله، قال : |
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ ۖ أَفَلَا تُبْصِرُونَ(سورة القصص : الآية 72)
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِن جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا) دائماً، أبداً، (إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ) مستمر، ليس هناك ليل أبداً، قال: (مَنْ إِلَٰهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُم بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ) هناك قال : (بِضِيَاءٍ) واضحة مفهومة، النهار الأصل فيه هو الضياء للنبات وللحيوان وللإنسان ولكل شيء في الحياة، أصلاً لا تستمر الحياة بغير نهار، أي لا تستمر في الأصل، لا بد من توازن الليل والنهار، وهذا المعنى عبر عنه ربنا جل جلاله في سورةٍ أخرى قال : |
وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنثَىٰ * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّىٰ(سورة الليل : الآية 1-2-3-4)
تكامل الليل والنهار
|
فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَٰكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ(سورة الحج : الآية 46)
البصر في القلب
|
تعقيب القرآن على موضوع الليل والنهار :
الآن تعقيب القرآن على موضوع الليل والنهار قال : |
وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ(سورة القصص: الآية 73)
(وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ) في القرآن الكريم كلمة (لَكُمُ) (وَلَهُمُ) : |
وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا ۗ لَكُمْ(سورة النحل : الآية 5)
(لَكُمْ) تفيد التخصيص والإكرام
|
مِن بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَّبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِّلشَّارِبِينَ(سورة النحل : الآية 66)
أسلوب اللف والنشر في القرآن الكريم
|
أعظم ما نشكر به الله على نعمة الليل والنهار :
1 ـ أن نؤدي الفرائض والنوافل في أوقاتها :
أعظم شكر في الليل والنهار
|
{ عَنْ الْقَاسِمِ الشَّيْبَانِيِّ أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ رَأَى قَوْمًا يُصَلُّونَ مِنْ الضُّحَى فَقَالَ أَمَا لَقَدْ عَلِمُوا أَنَّ الصَّلاةَ فِي غَيْرِ هَذِهِ السَّاعَةِ أَفْضَلُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ صَلاةُ الأَوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ الْفِصَالُ }
(صحيح مسلم)
الآن إذا زالت الشمس صار وقت الظهر، ظِلُّ كل شيءٍ مثله أو مثليه صار العصر، المغرب بدأ الليل، العشاء الآخرة في الليل، فكل الصلوات الخمس وحتى النوافل وحتى قيام الليل كله مرتبط بالأوقات، فلما قال : (وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) فأعظم ما نشكر به نعمة الليل والنهار أن نؤدي الفرائض والنوافل في أوقاتها المرتبطة بالليل والنهار، قال تعالى : |
وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ * وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ(سورة ق : الآية 39-40)
2 ـ ربط التسبيح بطلوع الشمس وغروبها :
أثر عمل الليل والنهار
|
3 ـ أداء حقوق الناس وحقوق الله معاً كلٌّ في وقته :
الجديدان الليل والنهار
|
عناية الأم بأولادها عبادة
|
فقال : (وَمِن رَّحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) شكر الليل والنهار بأداء العبادات والطاعات وكلٌّ في وقته، وأداء حقوق الناس، وأداء حقوق الله معاً كلٌّ في وقته، والليل والنهار يعملان فيك فاعمل فيهما . |
ديننا يأمرنا أن يكون عمل الليل لليل وعمل النهار للنهار :
في القرآن الكريم في سورة ص ربنا جلّ جلاله ضرب مثلين مهمين جداً جداً لنا، لسليمان وداود، سيدنا داود : |
إِنَّ هَٰذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ * قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِ(سورة ص : الآية 23-24)
استعجل في الحكم سيدنا داود، لماذا استعجل في الحكم ؟ كان مستغرقاً في العبادة تسوّروا عليه المحراب، هو مستمتع بمناجاة الله عز وجل : |
وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ(سورة ص : الآية 21)
عاتبه ربه : |
يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ(سورة ص : الآية 26)
عتاب قاس، إذاً ماذا كان يفعل ؟ كان يعبد الله، والله يعاتبه، لأنه الآن موكل بالحكم بين الناس، وقوفك في المحراب في هذا الوقت ليس صحيحاً، وإن كان العمل في حقيقته أقدس عمل وهو الوقوف بين يدي الله، لكنه في هذا الوقت كان ينبغي أن تترك المحراب، وأن تتوجه إليهما، وأن تستمع القضية من أولها إلى آخرها، وأن تستمع إلى الطرف الآخر ثم تحكم بالحق، سليمان بالعكس تماماً: |
فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَن ذِكْرِ رَبِّي(سورة ص : الآية 32)
التوازن مطلوب
|
ابن عباس رضي الله عنهما كان معتكفاً في مسجد رسول الله، أعظم عمل، جاءه رجل قال : لو تكلم لي فلاناً في دينٍ عليّ، دين ركبني وأنت تذهب إليه وتكلمه عساه يؤخرني، فنهض من معتكفه فوراً وخرج معه، قال له أحدهم : يا بن عباس أنسيت أنك معتكف؟ في الاعتكاف لا يجوز الخروج من المسجد، فقال : لا والله ما نسيت، ولكنني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم والعهد به قريب وبكى - هو في مسجد رسول الله، والقبر قريبٌ منه، قال : والعهد به قريب وبكى - لأن أمشي مع أخٍ لي في حاجةٍ خيرٌ لي من صيام شهرٍ، واعتكافه في مسجدي هذا، فانظر إلى الأولويات كيف سيدنا ابن عباس رتب الأولويات بسرعة، هذا رجل عنده همّ ودين وضاقت عليه الدنيا، وأنا أملك أن أكلم له فلاناً، ما قال له : أجِّل الآن أنا في اعتكاف إن شاء الله أول يوم العيد أكلمه لك، الرجل في رمضان أيضاً يريد أن يتفرغ للعبادة والطاعة، يريد أن يرتاح نفسياً، فنهض معه فوراً وذهب ليكلمه وخرج من معتكفه. |
فقه الأولويات
|
وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ(سورة القصص: الآية 74)
الملك لله وحده و هذا يتجلى واضحاً يوم القيامة :
مازلنا في مفهوم الألوهية، نحن طبعاً بآخر آيتين قبل القصة الثانية، ستبدأ القصة الثانية، ما زلنا نتحدث عن هذا المفهوم الألوهية والربوبية (وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ) هؤلاء المشركون (فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ)؟ يوم القيامة: |
الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ(سورة الحج : الآية 56)
هل كان المُلْكُ في الدنيا لغير الله ؟ فلماذا قال (يَوْمَئِذٍ لِّلَّهِ) ؟ لأنه في الدنيا غاب عن كثيرٍ من الناس أن الملك لله، ظنوا أن الملك بيد فلان وفلان من الناس، لكن يوم القيامة يتجلى هذا الأمر واضحاً : |
مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ(سورة الفاتحة : الآية 4)
ضعف الفهم مشكلة في النقاش
|
فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنظِرُونِ * إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم ۚ مَّا مِن دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا ۚ إِنَّ رَبِّي عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ(سورة هود : الآية 55-56)
هذا فهمي وتوحيدي بناءً على إيمانيات، أنا وأنت وغيرنا، لكن هذا الرجل الذي أناقشه قد ينكر ذلك وأنا لا أملك إلا دليلاً توحيدياً، هو يمكن أن يقول لي: هم يفعلون ما يريدون، مثل الذي قابله إبراهيم عليه السلام : |
قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ(سورة البقرة : الآية 258)
الاختيار في الدنيا فقط
|
لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ۖ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ * الْيَوْمَ تُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ ۚ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ ۚ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ(سورة غافر : الآية 16-17)
فالملك الذي لا يغيب عن أحد بأنه لله هو يوم القيامة، فهنا قال : (وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَائِيَ) انظر إلى هذا النداء ثم إلى هذا العتاب المخزي (أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ) (تَزْعُمُونَ) أي تدعون، يزعم، والزعم مطية الكذب، زعموا، يزعمون ذلك، (أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ) في الدنيا، كنت ترى أن فلاناً شريك لله عز وجل سواءً ما يفعله عباد الأصنام لأنهم كانوا يدعون اللات والعزى شركاء لله عز وجل، أو ما يدعيه البعض أنهم يظنون أن هذه الجهة القوية أو أن هذه الدولة القوية هي تشارك الله تعالى في حكم الأرض : |
وَتَعَالَىٰ عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا(سورة الإسراء : الآية 43)
وجود شهيد على كل أمة يوم القيامة و النبي شهيد علينا :
(أَيْنَ شُرَكَائِيَ الَّذِينَ كُنتُمْ تَزْعُمُونَ)، قال : |
وَنَزَعْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا فَقُلْنَا هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ فَعَلِمُوا أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ(سورة القصص : الآية 75)
(وَنَزَعْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا) ما معنى الشهيد؟ الشهيد ربما يكون شخصاً يشهد عليهم، والنبي صلى الله عليه وسلم : |
فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ شَهِيدًا(سورة النساء : الآية 41)
فالنبي صلى الله عليه وسلم شهيد علينا : |
وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا(سورة البقرة : الآية 143)
فالرسول يشهد على أمته يوم القيامة، فهنا (وَنَزَعْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ) الأمة هي المجموعة : |
وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ(سورة الأعراف: الآية 34)
الشهيد من صلحاء القوم
|
حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ(سورة الأحقاف : الآية 18)
الباطل إلى زوال
|
وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ(سورة البقرة : الآية 169)
الافتراء على الله من أعظم الآثام :
اليوم الافتراءات كثيرة
|
الآن بعد نهاية التعقيبات على قصة موسى وفرعون ستبدأ إن شاء الله قصة قارون : |
إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَىٰ(سورة القصص : الآية 76)
وهذه القصة نرجئ الحديث عنها إن شاء الله إلى اللقاء القادم . |