إرادة الله نافذة ولو بعد حين
إرادة الله نافذة ولو بعد حين
الحمد لله رب العالمين، والصلاة و السلام على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين. |
رعاية الله لأوليائه وأصفيائه من خلقه :
اللقاء الثاني من لقاءات سورة القصص. أسلفنا في اللقاء الماضي أن سورة القصص موضوعها العام هو إبراز رعاية الله عز وجل لرسوله، ولمن يوكِّلهم بحمل الرسالة، ولمن بعدهم من أتباع الرسُل، كيف يرعى الله عز وجل من يقوم على الدعوة إلى الله عز وجل، وقدّمت القصة بما يسمى في القصص الفرش التاريخي، بالعرف الحديث اليوم يسمونه اللوكيشن، ليس اللوكيشن المكاني، اللوكيشن العام، المكان مسرح القصة، فالآيات الستة الأولى هي المقدمة، والقصة جميل أن يُقدّم لها لكن بما يناسب مضمونها، فمادام الحديث عن رعاية الله لأوليائه وأصفيائه من خلقه، فجاءت المقدمة متناسبة مع هذا، أعطتك العصر، أي هذه القصة سوف تجري في هذه الظروف، ما هي الظروف؟ |
إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ[ سورة القصص: 4]
فرعون أول شيءٍ علو في الأرض بغير الحق، وفتن طائفية، وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا، قتال بينهم أي فَرِّق تَسُد، هذه مبدأ الفرعونية، مبدأ الطغاة، يَسْتَضْعِفُ، استضعاف للناس، إذلال للناس، يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ، إجرام، منتهى الإجرام، ذبح، منتهى الإجرام، إفساد، إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ، حتى تسهل السيطرة على أي جهة يجب إفسادها، عندما يكون هناك إفساد في المجتمع ينصرف المجتمع للذَّاته الآنيّة الطارئة، أكله وشربه وللحاجات والمتع الأخرى، فيهبط عن مستوى إنسانيته فتسهل السيطرة عليه، فلذلك فرعون علو في الأرض، لم قال بغير الحق؟ لكن عند تكملة الآية استضعاف وإفساد إذاً بغير الحق، علو في الأرض بغير الحق، شيع، طوائف، فتن طائفية، إجرام، إفساد، استضعاف للناس واستعبادهم، هذا الفرش التاريخي، إنه مسرح القصة الذي ستجري عليها قصة موسى عليه السلام، في هذه الظروف سوف ينشأ موسى، وبما أن القصة تتحدث عن رعاية الله لأوليائه. |
تشابه واقع سيدنا موسى مع واقع سيدنا محمد عليهما السلام :
قصة سيدنا موسى تشبه واقعنا اليوم
|
وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ[ سورة القصص: 5]
﴿أَئِمَّةً﴾ أي يقتدى بهم، ويصبحون هم قادة العالم وليس فرعون، ﴿وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾ يرثون الأرض. |
حاجة الاستخلاف في الأرض إلى الطاعة :
الآن نصل إلى لقاء اليوم: |
وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ[ سورة القصص: 6]
الاستخلاف يحتاج إلى طاعة
|
الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ[ سورة الحج: 41]
نحن مكناهم بإرادة إلهية، ماذا فعلوا هم؟ ﴿أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ﴾ وتركوا الأمور لله، ﴿وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾ الله يحميهم ويتولاهم، أي التمكين في الأرض هو وعدٌ من الله عز وجل، مشروط ومتبوع، مشروط بالطاعة ومتبوع بإقامة أمر الله في الأرض عندما يحصل التمكين، لكن هو بحدّ ذاته غير مأمور به، لا أقصد غير مأمور به أي غير مطلوب شرعاً، لا، أقصد لا يوجد معنى ليأمرك أن تكون مستخلفاً، الاستخلاف هو إرادة إلهية ليست إرادة بشرية، طبعاً هو كله إرادة إلهية بالنتيجة، لكن السبب من العَبْد هو فقط الطاعة، أن يقيم شرع الله فيما يملك فيمكّنه الله فيما لا يملك فيقيم شرع الله عز وجل في الأرض. |
حاجة كل طاغية لمن يغطي له جرائمه :
كل طاغية يريد من يوفر له الغطاء لجرائمه
|
وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَىٰ إِلَٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَاب[ سورة القصص: 36-37]
هامان هو الوزير الملازم لفرعون الذي يمده بأسباب بقائه، ﴿وَجُنُودَهُمَا﴾ لأن الجنود تبدأ من أن تعينه بكلمة، وتنتهي بأن تكون مأموراً بأمره، فتقول: أنا عبد مأمور، فإذا أمر بالقتل قتلت، وإذا أمر بالاستضعاف استضعفت، فالمجرم هو وجنوده مجرمون عند الله عز وجل، سُئِلَ الإمام أحمد قال: أنا أخيط الثوب للسلطان الظالم فهل أنا شريكه في الإثم؟ قال : أنت معه في الإثم، شريكه في الإثم من يبيعك القماش، من يبيعك القماش هو شريكك، أنت تعمل هذا الثوب لِيلبسه سلطان ظالم جائر يستضعف ويقتل، فأنت كيف تصنع له الثوب؟ الذي باعك القماش والذي يعرف أنه ذاهب له هذا هو الشريك، هذا يعني الشكل الغير المباشر، أما الشكل المباشر فأن تكون أنت معه، أنت جند من جنوده. |
من نال حقه الكريم بالحياة تجرد لعبادة الله عز وجل :
عندما تعطي الإنسان حقه بالحياة سيتجرد لله
|
وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ[ سورة الأنفال: 39]
اتركوا الدين لله، لا تحجزوا الدين عن أحد، أما هو فحر في اختياره، يختار الحق أو يختار الباطل، لكن لا يحق له أن يستضعف الناس، ويمنعهم من اختيار الحق، وهذا هدف القتال الثاني في الإسلام، قتال الهجوم ليس الدفع، الدفع واضح. |
الجهاد في الإسلام :
وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ[ سورة البقرة: 190]
هل هناك شريعة بالأرض ترفض أن أُقاتل من يقاتلني؟ أتعرض للضرب وأدير وجهي للطرف الأخر وأتعرض للضرب من الجهة الأخرى، لا ، كل الشرائع الوضعية والشرائع السماوية والقوانين الأرضية كلها تقر بأن من حق الإنسان أن يدافع عن نفسه، هذا القسم الأول من الجهاد. |
الجهاد يفتح الطريق أمام الآخرين
|
لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَن يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ[ سورة البقرة: 256]
الأمور واضحة دعه يذهب أينما يريد، لكن لا أسمح لأحد أن يمنعه أن يسلك الطريق الذي يريد، هذا هو مفهوم جهاد الطلب، والأول جهاد الدفع، القتال لمن يقاتلني. |
أنواع الوحي :
الآن انتهى الفرش التاريخي، بدأت القصة، انظروا إلى المقدمة، انظروا الآن إلى القصة، القصة تبدأ من لحظة الولادة، لأنه يبين لك الرعاية، قصة موسى جاءت في ثلاثين موضعاً في كتاب الله، لكن كل موضع مختلف عن الآخر، حتى إذا جاءت القصة نفسها مثلاً: |
إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا بَقَرَةً[ سورة البقرة: 67]
أول السورة عن ذبح البقرة ما جاءت بأي موضع آخر، الآن الولادة جاءت هنا، وجاءت ببعض المواضع الأخرى، لكن بكل موضع تروى بالطريقة التي تخدم هدف القصة، سوف نلاحظ هذا الأمر. ﴿وَأَوْحَيْنَا﴾ الوحي لغةً هو الهمس، الكلام الخافت، أي أوحى له، ممكن أن نقول لغةً: أنا أريد أن أحضر ضيافة فرضاً، أي أريد أن أحضر ضيافة، فأوحي لشخص من الجالسين، فقط أوحي له أي أعطيه إشارة ليس كلاماً من أجل أن يحضر الضيافة، نوع من أنواع التواصل منخفض المستوى، وإِنّ اللّبيبَ مِنَ الإشارةِ يَفهمُ، الآن الوحي في القرآن الكريم جاء للنحل قال: |
وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ[ سورة النحل: 68]
الوحي في القرآن الكريم
|
نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ *عَلَىٰ قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ[ سورة الشعراء: 193-194]
هذا وحي واضح، ليس مناماً: |
{ يَأْتِينِي مِثْلَ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ }
[رواه البخاري]
الصحابة كانوا يشعرون بالنبي صلى الله عليه وسلم عندما كان يأتيه الوحي، فاشتد الثقل على فخذ النبي صلى الله عليه وسلم، قال: حتى خشيت على نفسي، مرةً رأوا جبريل، قالَ: |
{ هذا جِبْرِيلُ جَاءَ يُعَلِّمُ النَّاسَ دِينَهُمْ }
[رواه البخاري]
الوحي الديني الشرعي وحي السماء، لا يوجد عليه خلاف، واضح مثل الشمس، هو ليس مناماً، الآن الوحي الثالث: وحي الإلهام: |
وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ[ سورة القصص: 7]
أم موسى ليست نبيةً، لا يوحى إليها، ما جاءتها رسالة، لكن أوحي إليها، معنى هذا أنها أُلهمت، المؤمن بِهذا المعنى يُلهم، لكن نحن لا نقول: أوحي إلينا من أجل ألا يتخيل الشخص أننا ندّعي النبوة، ألهمني الله، ألا نقولها كثيراً؟! أقول: ألهمني الله عز وجل فذهبت إلى المكان الفلاني، ولو لم أذهب لحدثت مشكلة، ألهمني الله أني كنت في هذا المكان، ويسر لي مساعدة إنسان، هذا إلهام، هذا نوع من أنواع الوحي، وحي الإلهام. |
القصص في القرآن هدفها الهداية :
هنا قال تعالى: ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ﴾ لم يسمِّها، ما هو اسم أم موسى؟ ليس لنا عمل بالاسم، لا يعنينا الاسم بالقصة، ليس إغفالاً لذكرها لأنها امرأة، لا أبداً، مريم ذكرها الله، لأن عيسى إذا أردنا أن نقول عيسى ابن أمه، وهم يقولون إنه ابن الله، تختلط الأمور بدون اسم، لذلك قال ربنا عز وجل: عيسى بن مريم، لأنه ليس لديه أب، فنسبهُ إلى أمهِ باسمها الصريح لأنهُ عندما يكون هنالك ضرورة تُذكر، النبي صلى الله عليه وسلم يقول: |
{ على رسلكما هذه زوجتي صفية، قالوا: وهل نشكُ بك يا رسول الله؟ قال: إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، وإني خشيت أن يَقذف في قلوبكما سوءاً }
[متفق عليه، واللفظ للبخاري]
هدف قصص القرآن ليس المتعة بل الهداية
|
في الآية التالية أمران ونهيان وبِشارتان :
﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ﴾ وحي إلهام، هذه الآية كما قال العلماء فيها أمران ونهيان وبِشارتان. الأمران: أَرْضِعِيهِ - أَلْقِيهِ، النهيان: وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي، البشارتان: إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ، وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ. أمران، ونهيان، وبشرتان، نبدأ بالأوامر: ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ أَنْ أَرْضِعِيهِ﴾ الأمر الأول هو الإرضاع، وفي القرآن الكريم كثيراً ما تأتي قضية الرضاعة، وهي موجودة في القرآن الكريم: |
وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ۖ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ۚ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ ۚ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَٰلِكَ ۗ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا ۗ وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّا آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ[ سورة البقرة: 233]
اليم نهر كبير متلاطم الأمواج
|
النهي المتعلق بالمشاعر يعتمد على الآمر
|
وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَىٰ فَارِغًا إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ[ سورة القصص: 10]
﴿ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَىٰ قَلْبِهَا﴾ فربنا عز وجل ربط على قلبها، وإلا هي ﴿ كَادَتْ لَتُبْدِي﴾، أي كانت سوف تحكي القصة لم تعد تستطع، امرأة، الرجل في مثل هذه المواقف يخاف فكيف بطبيعة المرأة العاطفية المتعلقة بابنها؟ فقال: ﴿ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ﴾ البشارتان: ﴿إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ﴾، سيعود لكِ أنتِ ألقيه في اليم، بطريق العودة لعندك سيصل إليك، ﴿وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾، رَادُّوهُ أولاً، وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ثانياً، لكن هل البشارة غداً ستحدث؟ لا، رَادُّوهُ إِلَيْكِ: ممكن بعد عدة أيام، وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ، بعد ثلاثين سنة أو أربعين سنة كما في بعض الروايات: |
وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَىٰ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ[ سورة القصص: 14]
فبشارة الله محققة لا تستعجلها، بشارة الله آتية: |
أَتَىٰ أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ[ سورة النحل: 1]
لا تستعجل، ما دام الذي يبشرك هو الله فاصبر: |
فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ[ سورة الروم: 60]
الذين ليس لديهم يقين يستخفون بك، أي يجعلونك خفيفاً، يستَخفونك، الذي ليس لديه يقين بالوعد، وليس لديه يقين بالبشارة يستخفك. |
إرادة الله نافذة بكل أمر :
الآن قال: |
فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا كَانُوا خَاطِئِينَ[ سورة القصص: 8]
آل أي أهل فرعون، أو من يحيط بفرعون، التقطوه، لماذا أتى بتعبير التقطوه؟ لأنه من اليم، من النهر، يروى أن غصناً سخره الله فعلق عند قصر فرعون، فشاهدوا طفلاً في تابوت، فتحوا التابوت فوجدوا طفلاً غلاماً، فالتقطه آل فرعون. |
إذا أراد الله إنفاذ أمرٍ أخذ من كل ذي لُبٍّ لُبَّهُ
|