شبهات حول المرأة - الجزء الثاني

  • الحلقة الخامسة عشرة
  • 2021-07-03

شبهات حول المرأة - الجزء الثاني

يقولون: ظلم الإسلام المرأة فأعطاها نصف ميراث الرجل!

حق المرأة في الميراث:
أولاً: المرأة عند أهل الجاهلية الأولى كانت متاعاً يورث، فجاء الإسلام ليعطيها حقها في الميراث ويحرِّم أن تجعل هي ميراثاً قال تعالى:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا ۖ وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19)
(سورة النساء)

نعم ترث المرأة نصف ميراث الرجل، في حالة ميراث الأبناء مع البنات، وفي حالة ميراث الإخوة الأشقاء مع الأخوات الشقيقات، وكذلك في حالة ميراث الإخوة لأب مع الأخوات لأب، بينما هناك حالات أخرى لميراث المرأة ترث فيها كميراث نظيرها من الرجال وهذا يُرجع إليه في كتب الفرائض، علماً أن نظام المواريث الإسلامي يعد من الإعجاز التشريعي في القرآن الكريم لما تضمنه من عدالة في التوزيع حيث تولى الله في عليائه قسمة الميراث في آيات بينات افتتحها بقوله: (يوصيكم الله).
وأما الحكمة من جعل ميراث المرأة نصفَ ميراث الرجل، فبينة واضحة فإن الإسلام يحمِّل الرجل من أعباء الحياة ما لا يحمله للمرأة فهو المسؤول عن النفقة على الزوجة والأبناء والوالدين والسكن والمهر، بينما لم يوجب على المرأة نفقتها على نفسها فضلاً عن نفقتها على غيرها إلا في حالات الضرورة، فإن أنفقت فإنما تنفق إحساناً لا وجوباً.

بين العدل والمساواة:
يخلط الكثيرون بين العدل والمساواة، وعندما يقولون: هذا ظلم فهم يضعون الظلم في مقابل المساواة وهذا خطأ فالظلم في مقابل العدل والعدل ليس هو المساواة بالضرورة.
الأب الذي يعطي المبلغ نفسه من المال لابنه الذي يدرس في الجامعة ولابنه الذي يدرس في الروضة فإنه يظلم مع أنه يساوي بينهما، والأم التي تعطي الاهتمام نفسه لابنها المريض ولابنها المعافى فهي تظلم رغم أنها تساوي بينهما، وعندما تأخذ المرأة ميراث الرجل نفسَه في حالات محددة ثم يحمَّل الرجل أعباء الإنفاق فهذا ظلم رغم أنه مساواة!
نعم قد يلتقي العدل مع المساواة في حالات محددة كالهبة المطلقة دون سبب التي يمنحها الأب لأبنائه فيعطي الذكر ولا يعطي الأنثى أو يعطي أحد الأبناء شيئاً عظيماً ويعطي الآخرين شيئاً يسيراً، إلا أن القاعدة العامة هي أن العدل ليس هو المساواة دائماً
وإن أردتَ اختصاراً للموضوع برمته فقل: العدل ما جاءت به الشريعة والعدل هو حكم الله تعالى ولا يظلم ربك أحداً.

المرأة في القرن الواحد والعشرين:
في بداية الحلقة حدثتكم عن الجاهلية الأولى يوم كانت المرأة تعامل على أنها متاع وميراث وجاء الإسلام لينصفها، ولكن للأسف هناك اليوم جاهلية ثانية أشد من الأولى تعامل المرأة على أنها سلعة في عبودية القرن الواحد والعشرين.
انتشرت صورة على وسائل التواصل قبل فترة فيها فتيات في غاية التبرج والعري في حافلة عامة وإلى جانبهم شاب منشغل بقراءة كتاب في يده، ليعلق الناشر على الصورة بأن المشكلة في عقولنا نحن الشرقيون فها هو الشاب لا يلتفت إلى النساء العرايا ولا يلقي نظرة واحدة باتجاههن، فنحن مجتمع مكبوت.
حسناً.. يقول مكتب التحقيقات الفيدرالي في سياق تقرير شامل عن معدلات الجريمة الأمريكية إن 131 ألفاً و 560 جريمة اغتصاب شهدتها الولايات المتحدة الأمريكية خلال عام 2018 مقابل 128 ألف جريمة خلال عام 2017، انتبهوا هذه جرائم الاغتصاب، وهم لا يعدون أصلاً جرائم الزنا التي لا يمكن حصرها وهم لا يعدونها جريمة أصلاً!
وهذا تقرير أعده المجلس الأعلى للمساواة بين الرجال والنساء الحكومي، انتبهوا إلى الاسم المجلس الأعلى للمساواة يقول التقرير: إن كل النساء اللواتي يستخدمن وسائل النقل المشترك تعرضن في يوم من الأيام لتحرشات جسدية أو توجيه الشتائم إليهن، أو النظرات الموحية.
وحسب التقرير فإن 50 بالمئة من الحالات حصل التحرش قبل سن الثامنة عشرة، وتخشى ست نساء من كل عشر التعرض لاعتداء أو عملية نشل في وسائل النقل في باريس.
نحن نصور الآن في الشهر الثالث من عام 2021 وقبل أيام فقط نشرت صحيفة الغارديان أن 97 بالمئة من الشابات في بريطانيا تعرضن للتحرش الجنسي، ثمانون بالمئة من النساء حدث لهن ذلك في أماكن عامة بحسب مسح أجرته هيئة الأمم المتحدة للمرأة بالمملكة المتحدة.
الأرقام مخيفة حول بيع النساء في أوروبا وحول الإجهاض والتحرش والاعتداء على المرأة بالضرب وحول ظروف عمل المرأة وسأكتفي بهذا القدر الذي أردت أن أبين من خلاله للمنهزمين بدينهم أمام الغرب أن الإسلام هو من حفظ حقوق المرأة وجعلها ملكة في بيتها وحماها من كل شر.
بالمناسبة والشيء بالشيء يذكر: قبل عقود ذهب أحد المفكرين إلى أوربا ورأى نظافة الطرق والتزام الناس بالقوانين فعاد ليقول: رأيت إسلاماً في الغرب ولم أر مسلمين، وما زال كثيرون يرددون عبارته تلك بحسن نية، وما زلت أسأل: أين الإسلام الذي رآه، هل رآه في معدلات الجرائم المرتفعة أم في مستويات الإجهاض غير المسبوقة، أم في التحرش بالنساء، أم في عدد الأطفال الذين لا يعرف لهم أب، أم في تشريع الزنا بالتراضي...السلام عليكم