الزكاة
وصف المنافقين - العبادة طاعة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |
أيتها الأخوات الفُضليات، أيُّها الإخوة الأكارم، أسعد الله أوقاتكم بكل خيرٍ، ومع اللقاء الرابع من لقاءات سورة البقرة، ومع الآية السابعة عشرة من السورة وهي قوله تعالى: |
مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَّا يُبْصِرُونَ(17)(سورة البقرة)
تذكيرٌ بما سبق:
أسلفنا سابقاً أنَّ سورة البقرة قد افتُتِحت بآياتٍ تصف المؤمنين، خمسُ آياتٍ، ثم بآتين تصفان الكافرين، ثم أربعة عشر آية تصف المنافقين، وبيِّنا أنَّ الإسهاب في وصف المنافقين، والمسلمون قد جاءوا إلى المدينة حديثاً وسيكون هناك منافقون، إذ أنَّ المنافقين لا يظهرون في حالة ضعف الإسلام والمسلمين، وإنما يظهرون في حالة القوة، ففي القوة تجد المنافق، لأنَّ المنافق يريد أن يكسب مكاسب المؤمنين، وفي الوقت نفسه أن لا يتخلى عن ما له من مكاسبٍ عند الكفار، فيظهَر في حالة قوة المسلمين، لذلك كل الآيات التي تذكر المنافقين آياتٌ مدنية، فالنفاق لم يظهر في مكة وإنما ظهر في المدينة، فالإسلام عندما قويت شوكته ظهر المنافقون، من هنا فالقرآن الكريم يُسهب في وصف المنافقين، لأنَّ المنافق خطره عظيم، المؤمن واضح، والكافر واضح رغم كفره، لكنه أعلن عداءهُ فهو عدوٌّ واضح، المنافق يتسلل داخل الصفوف ويعيث في صفوف المسلمين فساداً، فوجب التنبيه منه، لذلك تحدَّث الله عن المنافقين بدءاً من الآية الثامنة: |
وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُم بِمُؤْمِنِينَ(8)(سورة البقرة)
المنافق كافر:
فالمنافق كافر، هو ليس مؤمناً لكنه يُظهِر الإيمان، وبيَّن الله حالهم وفضح تصرفاتهم، إلى أن أراد أن يُبيِّن مثَل هؤلاء فقال: (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا) القرآن يضرب الأمثال، والأمثال توضِّح الحقائق، والمثَل يعني فيما يعني، أن ينتقل المتكلم من الحقيقة المجردة إلى مَثلٍ يوضِّح تلك الحقيقة، يعني من المجرد إلى المحسوس، المجرد كثيراً ما يصعب فهمه، المعنى المجرد يصعب فهمه، فإذا انتقلت إلى المحسوس استطعت أن توضِّح المعنى، يعني مثلاً: لو قلت لطفلٍ صغيرٍ الله تعالى موجود رغم أننا لا نراه، هذه حقيقةٌ مجردة، الطفل قد لا يستوعب ذلك، فلو قلت له سأضرب لك مثلاً: هل ترى الكهرباء؟ يقول: لا، كيف استدللت على أنَّ الكهرباء موجودة؟ يقول لك: من تألق المصباح، فتقول له: إذاً هناك أشياءً لا نراها ولكنها موجودة، فيفهم عندها كيف لا نرى ربنا في الدنيا لكنه موجود، لأن آثاره تدل على وجوده، كما أنَّ آثار الكهرباء تدل على وجود الكهرباء. |
إذاً ننتقل من المعنى المجرد إلى المعنى المحسوس، الشاعر ماذا قال؟ |
لولا اشتعال النار فيما جاورت ما كان يُعرف طيبُ عرف العود{ أبو تمام الطائي }
القرآن الكريم يضرب الأمثال:
فعندما أراد أن يتحدث، عن أنَّ المصائب أحياناً عندما تأتي، فإنها تكشف أشياءً جيدة في داخلها، فضرب هذا المثَل، لولا أنَّ النار تشتعل، وهذا في ظاهره شرّ، لما كنّا شممنا رائحة البخور، رائحة العود الجميلة العطرة، إذاً بعض المصائب والحسد الذي يكون، يؤدي إلى أن تظهر الأشياء الجميلة، فضرب مثلاً لتوضيح ذلك، القرآن الكريم يضرب الأمثال، وهذا مثَل المنافقين، قال: (مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا) أي كمثَل رجُلٌ استوقد ناراً، أي أوقد النار، إمّا ليستضيء بنورها، أو ليطبخ عليها طعامه، أو ليتدفأ بها، الإنسان لماذا يشعل النار؟ لحاجةٍ، سيدنا موسى لمّا ذهب |
إِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِأَهْلِهِ إِنِّي آنَسْتُ نَارًا سَآتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ آتِيكُم بِشِهَابٍ قَبَسٍ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ(7)(سورة النمل)
المنافق استضاء بنور الوحي ثم عاد إلى الظلمات:
أي تتدفؤون، فالنار إمّا لتُضيء طريق الإنسان، أو ليتدفأ بها، أو ليُنضج عليها طعامه، المنافق مثله كمثل رجُلٍ أوقد ناراً وأجَّجها، الآن أضاءت ما حوله، حققت الهدف منها، فلمّا أضاءت ما حوله انطفأت فجأةً وعاد إلى الظُلمة، هذا حاله، فالمنافق وصلته الحقيقة التي هي نور الوحي، النار هنا كنايةً عن نور الوحي، أضاءت ما حوله، ما الذي يضيء الكون كله؟ وحي الله تعالى القرآن الكريم، السُنَّة المُطهَّرة، فالوحي نور، والله تعالى سمّى القرآن نوراً، فالقرآن نورٌ يُنير لنا الطريق، نهتدي به في الظلمات، فهؤلاء المنافقون سمعوا الوحي، وجلسوا مع المؤمنين، وسمعوا ما عندهم من خيرٍ، وبدلاً من أن ينتفعوا بهذا الوحي، عادوا إلى الظلمات، ظلمات الكفر التي كانوا فيها، إذاً هم يشبهون هذا الرجُل الذي أوقد ناراً من أجل أن تُضيء له، أو من أجل أن يطبخ عليها، أو من أجل أن يتدفأ بها، ثم بعد أن أخذ ووجد الخير في هذه النار، ذهب نورها وعاد إلى الظلمات، هذا هو معنى المثَل. |
فالمنافق استضاء بنور الوحي ثم عاد إلى الظلمات، بعد أن وجد نور الوحي وسمع به، فما أسوأ حاله، قال: |
صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ(18)(سورة البقرة)
الأصم لا يسمع، الأبكم لا يتكلم، الأعمى لا يرى بعينيه (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ) أي منافذ الإدخال مُعطَّلة ومنافذ الإخراج مُعطَّلة، يعني باللغة الإنكليزية Input و Output ما عنده بصرٌ يرى به الحق، ولا يلقي السمع فيسمع الحق، ولا ينطق بحق، فالحُكم عليه أنه لن يرجع إلى الحق، لأنه عطَّل منافذ الحق، هذا الحكم من الله عزَّ وجل عليه بسببه، بسبب الإنسان، المنافق لمّا عطَّل عينه عن أن ترى آيات الله عزَّ وجل، وعطَّل سمعه عن أن يسمع القرآن الكريم مثلاً، أو الحق، أو الدعوة، أو الكلام الطيِّب، فتعطَّل النطق، لأنَّ الإنسان ما يُدخله يُخرجه، إذا إنسان دائماً يسمع الحق، إذا جلس بمجلسٍ يتكلم بالحق، وإذا إنسان دائماً يسمع الأغاني الماجنة، عندما يجلس في مجلسٍ يتحدث عن الأغاني، وإذا إنسان دائماً يسمع الكلام الفاحش البذيء، إذا جلس يتكلم بالكلام الفاحش البذيء، هُم صمٌّ وعُميٌ وبين صمَمهم وعماهُم لا ينطقون بحق. |
الآن قد يقول قائلٌ: لكن هُم يسمعون ويبصرون ويتكلمون، المقصود بالصمَم، الصمَم عن سماع الحق، وبالبُكم البُكم عن قول الحق، وبالعمى العمى عن إبصار الحق، فهذا في حُكم الأصمّ الأعمى، فإذا إنسان جاء إلى الدنيا، يتكلم ويُبصِر ويسمع، ثم عطَّل هذه المنافذ واستخدمها كلها في المعاصي، فسمع الباطل والسُباب والفُحش والغناء الماجن، إلى آخره.. ثم نظر إلى الحرام، طوال النهار خلف الشاشة إلى أشياءٍ مُحرَّمة لا يجوز النظر إليها، في الطرقات ينظر إلى المُحرَّمات، ثم إذا نطق نطق بالباطل، فهذا الإنسان في حكم الأصمّ الأبكم الأعمى، فالحُكم عليه أنه لم يرجع على الحق، لأنه عطَّل منافذ الحق. |
أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم مِّنَ الصَّوَاعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ ۚ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكَافِرِينَ(19)(سورة البقرة)
سأضرب لكم مثلاً آخر، المثَل الأول للمنافق: رجُل (اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ) رأى الحق، استضاء بنوره ثم رجع إلى الظلمات. |
المثَل الثاني: (أَوْ كَصَيِّبٍ) الصيِّب هو المطر النازل من السماء، أو السحاب كلاهما صحيح، النتيجة هو المطر النازل من السماء، يصيب الأرض |
وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ۖ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ ۚ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۚ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ(107)(سورة يونس)
فتُزهر الأرض وتخّضَر |
وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَ أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ(7)(سورة ق)
الصيِّب من السماء فيه الخير المطر وفيه ظلماتٌ ورعدٌ وبرق:
فهذا الصيِّب نزل من السماء (أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ) هذا الصيِّب فيه خير، ما هو خيره؟ المطر، الماء، النبات، الزرع، الاخضرار، السُقيا، هذا كله من الخير، لكن هذه الأمطار النازلة فيها أيضاً جانباً قد لا يروق للإنسان، ما هذا الجانب؟ ظلماتٌ ورعدٌ وبرق، الإنسان إذا نزل المطر، يسرُّه من المطر الماء، يسرُّه الاخضرار، يسرُّه النبات، لكن يزعجه أصوات الرعد والبرق، ويزعجه الظلمة، إذا المطر في الليل، والصيِّب نازل مع الظلمات، يكون فيها إزعاج، فهؤلاء لم ينتبهوا إلى خيرات هذا الوحي، لكنهم انزعجوا من التكاليف التي أزعجتهم (فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ). |
(يَجْعَلُونَ أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِم) أصابعهم يعني رؤوس الأصابع، هذا مجاز، لأنَّ الأصبع كلها لا تدخل في الأُذُن، رؤوس الأصابع، من أجل أن لا يسمعوا الرعد والبرق (حَذَرَ الْمَوْتِ) يخافون من الصواعق أن تُصيبهم فتقتلهم، لأنَّ الصاعقة أحياناً تقتل الإنسان إذا نزلت على رأسه، فهو انزعج من التكاليف الشرعية، انزعج من افعل ولا تفعل، فترك الدين، فيُشبه حاله حال مَن ترك كل ما في المطر من خيراتٍ وبركات، وماءٍ عذبٍ، وأنهارٍ تجري، وأرضٍ تهتز وتربو وتنبِت، ترك كل هذه الخيرات التي يمكن أن يجنيها من الدين، وانتبه إلى ما يزعجه فقط! لأنه منافق لا يريد اتباع الحق. |
فاليوم تجد الإنسان يقول لك الدين صعب، خيراً ما مشكلتك؟! فيه غض بصر، خمس صلوات فيه في اليوم والليلة، وضوء، زكاة يجب أن أدفع اثنان ونصف بالمئة، لا يجوز أن أشرب الخمر، هناك مًحرَّمات، أكيد، لكن هل نظرت إلى أنَّ هناك جنَّةً عرضها السماوات والأرض لمن أطاع الله؟ هل نظرت إلى السكينة التي يلقيها الله في قلب من أطاعه؟ هل نظرت إلى توفيق الله وحفظه وتأييده وأمنه؟ ما نظر إلى كل الخيرات، نظر فقط إلى أشياءٍ فأزعجته، الدين فيه جهاد، طبعاً التكليف فيه كلفة، لن تنال الجنَّة وأنت جالسٌ في بيتك، لكن ما قيمة هذه الأشياء المزعجة أمام الأبد؟ التي أزعجتك! إذا إنسان قضى ستّين سنة في الطاعة، ثم قضى إلى الله وأخذ الأبد، فكل ما عاناه في الدنيا لا يساوي شيئاً أمام الأبد، لذلك: |
{ يُؤْتَى بأَنْعَمِ أهْلِ الدُّنْيا مِن أهْلِ النَّارِ يَومَ القِيامَةِ، فيُصْبَغُ في النَّارِ صَبْغَةً، ثُمَّ يُقالُ: يا ابْنَ آدَمَ، هلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ؟ هلْ مَرَّ بكَ نَعِيمٌ قَطُّ؟ فيَقولُ: لا واللَّهِ يا رَبِّ، ويُؤْتَى بأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا في الدُّنْيا مِن أهْلِ الجَنَّةِ، فيُصْبَغُ صَبْغَةً في الجَنَّةِ، فيُقالُ له: يا ابْنَ آدَمَ، هلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ؟ هلْ مَرَّ بكَ شِدَّةٌ قَطُّ؟ فيَقولُ: لا واللَّهِ يا رَبِّ، ما مَرَّ بي بُؤْسٌ قَطُّ، ولا رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ. }
(صحيح مسلم)
المنافقين ينظرون إلى التكاليف فقط وينسون ما أعدَّ الله لمن قام بهذه التكاليف :
الكافر قد يكون عاش في الدنيا في أحسن حال، وملَك أعظم الأبنية، وأكبر السيارات، وأفضل الأجهزة، لكن عندما يُغمس في نار جهنم غمسةً واحدة ينسى الدنيا وما فيها، وكذلك المؤمن، عندما يُغمس غمسةً في الجنَّة يقول: (ولا رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ) وقد يكون قضى حياته في السجن ربما، أو يعذبه الطغاة المجرمون، لكنه لمّا وصل إلى مُبتغاه لم تعُد الدنيا تعدل شيئاً أبداً. |
فإذاً: |
{ ما أخذتِ الدنيا من الآخرةِ إلا كما أخذَ مِخْيَطٌ غُمِسَ في البحرِ من مائِه }
(الألباني السلسة الضعيفة)
{ واللهِ ما الدنيا في الآخرةِ إلا مثلُ ما يجعلُ أحدُكم إصبعَه في اليمِّ ، فلينظر بم يرجعُ }
(أخرجه مسلم)
أحدُنا يأخذ إبرة خياطة ويذهب إلى البحر، يغمسها بالماء ويسحبها، كم سحبت الإبرة من الماء؟ هذه الدنيا في مقابل الأخرة، الآخرة هي البحر، والدنيا هي القطرة العالقة، إن علقت في هذا المِخيَط. |
فإذاً لا ينبغي أن نلتفت إلى أنَّ هناك بعض الأمور التي فيها كلفة، هناك استيقاظ على صلاة الفجر، هناك إنفاق مال، هناك التزام وابتعاد عن المُحرَّمات، أكيد الدين فيه التزام، لكن هل نظرت إلى ما أعدَّه الله تعالى؟ هذا مثَل المنافقين عندما ينظرون إلى التكاليف، وينسون ما أعدَّ الله لمن قام بهذه التكاليف. |
يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَارَهُمْ ۖ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُم مَّشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(20)(سورة البقرة)
البرق هذا الذي يصدر إذا وجدوا فيه الضوء مشَوا فيه، فإذا أظلم عليهم، يعني ذهب البرق وعادت الدنيا ظلمة، قاموا ومشَوا في الضوء، فإذا أظلم عليهم أزعجهم ذلك وقالوا لماذا حصل ذلك؟! |
قال: (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) لو أراد الله تعالى لذهب بسمعهم وأبصارهم، الرعد نسمعه، والبرق نراه، تعلمون أنَّ سرعة الضوء أعلى من سرعة الصوت، لذلك نحن نرى البرق ثم بعد ثوانٍ نسمع صوت الرعد، لأنَّ البرق يصلنا قبل الرعد، سرعة الضوء ثلاثمئة ألف كيلو متر في الثانية، بينما سرعة الصوت أقل من ذلك بكثير، قال: (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ ۚ) فلا سمعوا الرعد ولا أبصروا البرق (إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ). |
المنافقون في قلوبهم مرض دفعهم إلى أن يتهموا الناس بالإفساد والسفاهة :
هذه الآيات كلها التي سبقت، تتحدث عن المنافقين، وتصف حالهم، وتُمثِّل لهم، مُلخَّص ما فيها، أنَّ هؤلاء في قلوبهم مرض، وهذا المرض دفعهم إلى أن يتهموا الناس بالإفساد وهم المفسدون، وأن يتهموا الناس بالسفاهة وهم السفهاء، ودفعهم إلى أن يكون حالهم كحال من استوقد ناراً، أو كحال المطر النازل من السماء الذي فيه الخير والبركة، لكنهم لم ينتبهوا إلا لما فيه من الرعد والبرق. |
بعد هذه الآيات العشرين الأولى من سورة البقرة، التي فيها وصف المؤمنين، الكافرين، المنافقين، جاء الخطاب عامَّاً لكل الناس |
يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ(21)(سورة البقرة)
الله تعالى يخاطب عموم الناس بأصول الدين ويخاطب المؤمنين بفروع الدين:
خطابٌ عام، والله تعالى عندما يخاطب الناس عموماً، يخاطبهم بأصول الدين، لكنه عندما يخاطبهم بفروع الدين، يخاطب المؤمنين، فيقول: يا أيُّها الذين آمنوا، فهنا الخطاب للناس جميعاً، لأنه سيخاطب الناس كلهم بأصلٍ من أصول الدين وهو العبادة، قال: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)، (اعْبُدُوا رَبَّكُمُ) العبادة هي منتهى الخضوع لمنهج الله تعالى، ومنها الطريق المُعبَّد، نقول طريقٌ مُعبَّدٌةٌ أو طريقٌ مُعبَّدٌ، يصلُح الوجهان، الطريق تُذكَّر وتؤنَّث، والأفصح تأنيثها، فنقول طريقٌ مُعبَّدةٌ، أي وطئتها الأقدام حتى أصبحت مُذلَّلة، أمّا إذا كانت الطريق فيها حُفرٌ وصخورٌ، فهي ليست مُعبَّدة، فالطريق المُعبَّدة وطئتها الأقدام حتى ذُلِّلت ومنها العبادة، فالعبادة هي الطاعة المُطلقة لله تعالى مع الحُب، الطاعة مع الحُب يساوي عبادة، إذا أردت مفهوم سريع للعبادة: طاعة + حب = عبادة، فمن أطاع الله ولم يُحبَّه ما عبده، ومن أحبَّه ولم يُطعه ما عبده، العبادة أن تُحبّه بمنتهى الحُب، وأن تُطيعه بمُنتهى الطاعة. |
الإنسان في الدنيا أحياناً يطيع بعض الناس لكنه لا يُحبّهم، يقول لك هذا مُديري في العمل لا بُدَّ من طاعته، فيُطيعه وهو لا يُحبّه، وأحياناً إنسان يُحب كثيراً شخص ما، لكن يقول لك لست مستعد أن أُنفِّذ ما يقوله لأنني غير مقتنع به، لكنني أُحبّه شخصٌ جيد، لكن أوامره أنا لا أستطيع أن أُنفّذها، لا أراها صحيحةً، مع الله عزَّ وجل يجب أن تُطيعه وتُحبّه فهذه هي العبادة، فخاطب الناس فقال: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ) والعبادة هنا بمفهومها الواسع وليس بمفهومها الضيِّق. |
فكثيرٌ من الناس إذا قلت له اعبُد الله، اتجه ذهنه إلى الصلاة والصيام والزكاة والحج، وهذه عباداتٌ لا شك في ذلك، بل هي أُمهات العبادات، لكن العبادة بمفهومها الواسع هي تعبيد الحياة لله تعالى، أي جعل حياة الإنسان كلها في مرضات الله تعالى، فهو الآن يُعبِّد حياته لله، فإذا أكل فهو في عبادة، وإذا ذهب في نُزهةٍ فهو في عبادة، وإذا لعب لعبةً مباحةً فهو في عبادة، وإذا ربَّى أولاده فهو في عبادة، وإذا أعفَّ نفسه فتزوج فهو في عبادة، وإذا أعفَّت نفسها عن الحرام فتزوجت فهي في عبادة، العبادة مفهومها واسعٌ جداً، ليست عبارةً عن مجموعةٍ من العبادات الشعائرية، التعامل في العبادة هو الأساس، وهو الأكثر، الناس اليوم يظنون أنَّ العبادة مُجرد الصلاة والصيام، نعم هذه عبادات كما قلنا، بل هي بُنيَ الإسلام عليها، لكن العبادة عندما نقول لإنسانٍ اعبُد ربك، أي اجعل حياتك خاضعةً لمنهج الله تعالى. |
العبادة وقاية:
(اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ) فهُنا يُذكِّر ربنا جلَّ جلاله، أنه عندما يأمرك أن تعبُد، فإنما يأمرك أن تعبُد الخالق، هل يستحق العبادة أحدٌ غير مَن خلقك؟ الإنسان قد يطيع إنساناً إذا كان في طاعة الله طبعاً، المؤمن يُطيعه الناس في طاعة الله، لكن لا يعبُد أحداً إلا الله، أي الخضوع الكامل هو لمنهج الله تعالى، فكأن الله تعالى يقول: (اعْبُدُوا رَبَّكُمُ) تذكَّروا أنه هو الذي خلقكم جلَّ جلاله، (الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ) هو الخالق جلَّ جلاله لك ولمن قبلك، (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) أي لعلكم تتقون ناره بعبادته، ما الذي يجعل بينك وبين نار الله وقاية؟ العبادة، العبادة هي الوقاية. |
اليوم أنت إذا كنت في مكانٍ وأمامك نارٌ مشتعلة، ما الذي يجعل بينك وبينها وقاية؟ لوحٌ زجاجي، تجلس خلفها، تتمتع بمنظرها، وربما ببعض دفئها، ولا تُحرقك، اليوم هناك مواقد زجاج، وداخل الزجاج النار، فيقيك الزجاج أن تُحرقك النار، فجعلت بينك وبين النار وقاية. |
الآن نار الله تعالى ما الذي يقينا منها؟ عبادة الله، فإذا أطعته اتقيت النار، ومَن عصاه فما جعل بينه وبين النار وقاية. |
الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ ۖ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ(22)(سورة البقرة)
الآن يُعدِّد جلَّ جلاله بعض نِعمه على عباده، حتى يذوقوا طعم عبادته، حتى يُحبّوا تلك العبادة، لأن: |
{ جُبِلتِ القلوبُ علَى حبِّ مَن أحسنَ إليها، وبُغضِ من أساءَ إليها }
(الألباني السلسلة الضعيفة)
الله عزَّ وجل جعل الأرض فراشاً:
اليوم إذا إنسان قدَّم لك معروفاً، إحساناً، يأمُر فتُطيعه، تقول له حاضر، أمرَك، أنت لك الفضل، هذا في دنيا الناس، أما نظرت إلى نِعم الله تعالى، قال: (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا) ننام على الفِراش، الأرض كلها فِراش، لماذا سُمّيَ الفِراش فِراشاً؟ لأن وسائل الراحة موجودةٌ فيه، الإنسان يرتاح بفِراشه، الأرض كلها فِراش، ربنا جلَّ جلاله هيأ وسائل الراحة في الأرض، هناك كواكبٌ أُخرى الحياة مُستحيلةٌ عليها، لا يوجد فيها ماء، إن لم يكن هناك ماء لا يوجد حياة، لو لم يكن هناك جاذبية أرضية لا يوجد حياة، على القمر الإنسان سدس وزنه يطير بالهواء، يضع الكأس فيطير الكأس، أيُّ فِراشٍ هذا؟ فالأرض الله جعلها فِراشاً لمّا جعل فيها مقومات الحياة. |
الأرض لها شمسٌ تُدفِّئها، لو لم يكن هناك شمس يمكن أن تصل الحرارة إلى مئتان وسبعين درجة تحت الصفر، الصفر المطلق، هناك كواكب تجمُّدٌ كامل ما يستطيع الإنسان أن يعيش عليها، لو كانت الشمس قريبة قليلاً من الأرض، الشمس تبعُد عن الأرض مئةً وستة وخمسون مليون كيلو متر تقريباً، لو كانت أبعد من ذلك، الأرض أصبحت تجمُّد كامل، مثل القُطبين، لو اقتربت قليلاً، لا يمكن العيش عليها، أصبحت الحرارة خمسين ستّين درجة بكل الأرض، لا يمكن أن يعيش الإنسان يحترق. |
فالأرض جعلها الله فِراشاً حينما هيأ لك الأسباب فيها، فيها تربةٌ صالحة للزراعة، تزرع فتأكل، فيها أمطار تنزل فتُنبِت، جعلنا لك فيها القوت، الله مُقيت جلَّ جلاله، جعل لك القمح، الرز، البرغل، العدس، إلى آخره... أقوات، وجعل لك فيها الفواكه، هذه من الودّ جلَّ جلاله، الإنسان يعيش دون فواكه، لو لم يكن هناك حمضيات يعيش الإنسان، إن لم يوجد المشمش والكرز يعيش الإنسان، لكن الله تعالى الودود جعل لك القوت، وجعل لك الأشياء الكمالية، فجعل لك الأرض فِراشاً، مُهيأةً للراحة فيها. |
السماء فوق الأرض مبنيةً بناء وهذا من الإعجاز العلمي في القرآن الكريم:
(وَالسَّمَاءَ بِنَاءً) السماء فوق الأرض مبنيةً بناءً، وهذا من الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، فكان يُظَن سابقاً أنَّ السماء فراغ، يعني لا يوجد شيء فراغ، لا، السماء بناء، والدليل في ثقب الأوزون الذي عمل مئة مشكلة في الأرض، وخائفين منه، والتغيُّر المناخي بسبب ثقب في بناء السماء، بسبب أنَّ الإنسان بالغ في استخدام ثروات الأرض، والسيارات، والمخلَّفات، والعوادم، والصناعات، فأصبح عندنا تلوُّثٌ بيئي، أمّا الأصل السماء بناءٌ مُحكم |
وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ(47) وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ(48)(سورة الذاريات)
قال: (وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً) الأرض فِراش، السماء بناء، هناك صلةٌ بين السماء والأرض، أنه ينزل الماء، لو لم ينزل الماء لا يوجد حياة (وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ) هذا الرزق، يرزقنا الله تعالى من الثمرات، سواءً الأقوات أو الفواكه إلى آخره.. حتى هناك تسالي، فستق وكاجو وكل شيء. |
(مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَّكُمْ ۖ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) أنتم تعلمون أنه لا شريك لله تعالى، فكيف تجعلون له ندّاً؟! الندّ هو الشريك، يعني كيف تعبدوا الصنم مع الله عزَّ وجل؟ كيف تعبدوا الحجر مع الله؟ واليوم نقول لبعض الناس: كيف تعبُد شهوتك مع الله؟ كيف تعبُد منصبك مع الله؟ كيف تعبُد مالك مع الله؟ (فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَندَادًا وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) ليس من الإنصاف أنَّ الله الذي خلقك، و (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً) أن تجعل له ندَّاً وهو خلقك جلَّ جلاله. |
قال: |
وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ(23)(سورة البقرة)
الله هو الأعلى جلَّ جلاله الذي لا شيء فوقه:
(فِي رَيْبٍ) يعني في شكٍّ، أي لستم متأكدين أنَّ هذا القرآن كلام الله أم لا، قال: (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ) تحدّي، أنتم أرباب الفصاحة والبيان والبلاغة، شعراء، والمعلقات، وأشعار العرب، والعرب يأخذون سوق عكاظ، وإلى آخره.. حسناً إذا أنتم تقولون أنَّ هذا الكلام هو كلام محمد صلى الله عليه وسلم، وأنتم بشَر، أرباب الفصاحة، ومنكم الفصحاء والبلغاء، إيتوا بسورةٍ واحدة، يعني لو جئتم بمثل سورة الكوثر، لانتهى التحدّي، من الكوثر للبقرة (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ) من يشهد لكم على فعلكم هذا، وهؤلاء الشهداء من دون الله، لأنَّ كل من اتخذوا شهيداً غير الله تعالى، فهو (مِّن دُونِ اللَّهِ) فالله هو الأعلى جلَّ جلاله الذي لا شيء فوقه (إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ). |
قال: |
فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا وَلَن تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ۖ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ(24)(سورة البقرة)
تحدي الله تعالى للعرب بأن يأتوا بسورة مثل القرآن الكريم:
لم تأتوا بالسورة (وَلَن تَفْعَلُوا) هذا على التأبيد، يعني تحدّي (وَلَن تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ۖ) إذاً آمنوا أنَّ هذا القرآن كلام الله، وأنَّ هناك حساباً وعقاباً يوم القيامة (فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ۖ) وهذا تهويل بشأن النار، نحن اليوم نقول ماذا تستخدم وقود؟ يقول لك: كاز أو غاز وكذا، فكيف إذا كانت هذه النار تشتعل بالناس، الذين سيُحرقون فيها، سيُصبحون وقوداً لها، يُشعلونها فكم هو حجم العذاب؟ والحجارة التي هي يستدل بها الناس على منتهى القسوة، الحجر القاسي أصبح وقوداً لهذه النار، يشعلها، إذاً ما عسى هذه النار تكون؟ قال: (فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ ۖ أُعِدَّتْ) أي هُيئت وجُعلت وأُوقِدت للكافرين، الكفر هو الغطاء، الذي كان أعمى عن الآيات، الذي كان لا يرى آيات الله عزَّ وجل، يكفر بوجود الله، لا يؤمن بالله تعالى، ولا بكتبه، ولا برسله، ولا بأنبيائه، ولا باليوم الآخِر، فهذا قد أعدَّ الله له هذه النار العظيمة (الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ). |
اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا ونور أبصارنا، وذهاب همومنا وأحزاننا، اللهم ذكِّرنا منه ما نُسيِّنا وعلِّمنا منه ما جهلنا، وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار على النحو الذي يُرضيك عنّا، اجعل جمعنا هذا جمعاً مباركاً مرحوماً، واجعل التفرُّق من بعده معصوماً، ولا تجعل فينا ولا منّا ولا معنا شقيِّاً ولا محروماً، وصلِّ اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، والحمد لله رب العالمين. |