هداية الدلالة

  • الحلقة 03
  • 2023-04-04

هداية الدلالة


مقدم اللقاء:
دعنا نأتي على أنواع الهداية دكتور،

الدكتور بلال نور الدين:

أنواع الهداية: أولاً_ الهداية العامة:
كل شيء خلقه الله تعالى فقد هداه
الهداية كما قلنا هي الدلالة، البيان، التعريف، الإرشاد، لكن لها عند العلماء تقسيمات من خلال كتاب الله تعالى، وسنة رسوله، فهناك هداية عامة، وهي أول أنواع الهداية، وهذه لجميع المخلوقات من الذرة إلى المجرة، كل شيء خلقه الله تعالى فقد هداه، كل شيء، هذه الهداية العامة، وهذه يغطيها قوله تعالى:

قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَىٰ (49) قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ (50)
(سورة طه)

كل شيء أعطاه خلقه، ثم هداه. أعطاه خلقه: خلقه على الصورة التي هو عليها، الإنسان في أحسن تقويم، النبات، الحيوان، حتى الكائنات الذرة، كل شيء خلقه الله، أعطى كل شيء خلقه، يعني أعطاه الصورة التي خلقه عليها.
﴿ثُمَّ هَدَىٰ﴾: أي ثم هداه إلى تحقيق المهمة التي خُلِق من أجلها.

مقدم اللقاء:
الله الله، لكل شيء؟

الدكتور بلال نور الدين:
لكل شيء، النبات، أعطاه خلقه، هداه، كيف هداه الجذر ينزل إلى الأسفل، الساق إلى الأعلى، هذه هداية.
الطير: تهاجر الطيور في فصل الشتاء وتقطع آلاف الكيلو مترات، ثم تعود عند الربيع إلى مكان انطلاقها، ولو انحرفت قيد أُنمُلة عن الطريق لجاءت في بلد آخر.

مقدم اللقاء:
تبدأ من قيد أنملة ثم تنحرف البوصلة.

الدكتور بلال نور الدين:
تنحرف، لكن تعود إلى مكان ولادتها، سمك السلمون يعود إلى المكان الذي وُلد فيه عند موته ويموت فيه، من هداه إلى ذلك؟ الله تعالى.
النحل: اليوم أخي الحبيب الأخ منذر، لو جئت تريد أن تبلّط غرفة بالبلاط، وجئت بأمهر البلاطين، وقلت أريد العجلة في الأمر، فليبدأ أربعة من البلاطين، كل أحد من زاوية، هل يقبلون؟ مستحيل، لأنه لا يصلح ذلك، لابد من واحد، النحل عشرات النحلات تبدأ ببناء الخلية كلٌّ من زاوية، وتنتهي بالشكل الصحيح.

مقدم اللقاء:
لتكتمل تماماً.

الدكتور بلال نور الدين:

وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (68)
(سورة النحل


إبداع النحل:
النحلات تبدأ ببناء الخلية كلٌّ من زاوية
وتكتمل الخلية، وبأبدع تصوير، تأخذ الشكل السداسي، الشكل السداسي أولاً لا يترك فراغات بينية، لو أخذت الشكل الدائري هناك فراغات بينية ستبقى تؤدي إلى هدر في المساحة، ومكان لوجود الفضلات، لكنها تأخذ شكلاً لا يترك مسافات بينية، المثلث لا يترك مسافات بينية، لكن المثلث ستأتي زواياه حادة، واستخراج العسل منها صعب، المسدس أولى، هناك أشكل أخرى المربع زواياه قائمة أسهل بالاستخراج، لكن أضلاعه طويلة عرضة للتلف والكسر، المسدس وحده دون فراغات بينية، أضلاع قصيرة قادرة على المقاومة، زوايا منفرجة يمكن استخراج العسل منها بسهولة، من هداها؟ الله جل جلاله. ﴿ قَالَ فَمَن رَّبُّكُمَا يَا مُوسَىٰ * قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ﴾

مقدم اللقاء:
هكذا خلقه الله وهداه.

الدكتور بلال نور الدين:

معنى آخر لقوله تعالى ﴿ثُمَّ هَدَىٰ﴾
هكذا خلقه، أوحى إليه وحي الغريزة، ﴿وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ﴾ هناك معنى ثانٍ لـ ﴿ثُمَّ هَدَىٰ﴾ هناك معنى ثانٍ ذكره العلامة الألوسي في تفسيره، قال: ثم هدى الناس به، أعطاه خلقه ثم هدانا إليه بهذا الخلق الذي خلقه، فنحن عندما ننظر إلى هذه المعاني التي تكلمنا بها.

مقدم اللقاء:
نتفكر فيها، نتدبر فيها.

الدكتور بلال نور الدين:
نتفكر فيها فنهتدي إلى الله من خلالها، هذا معنى ثانٍ، مثلاً بالهداية العامة لو بقينا بمعيتكم، الأعضاء المهمة في جسم الإنسان أعطاها خلقها الخاص بها، العين مهمة جداً، وضعها في المِحجر، رحم المرأة مهم جداً، وضعه ضمن عظام الحوض، النخاع الشوكي مهم جداً لإنتاج الكريات، وضعه ضمن العمود الفقري.

مقدم اللقاء:
بحماية شديدة، سبحان الله!

الدكتور بلال نور الدين:
حماية كاملة، القلب مهم جداً وضعه ضمن القفص الصدري، بيوت يحمي بها، كل شيء خلقه الله تعالى خلقه على أفضل صورة ممكنة، ثم هداه ليحقق المهمة التي خُلق من أجلها، عظم الإنسان، العظم مثله مثل الخلايا الأخرى، يطول ويطول ويطول، لماذا يتوقف؟ لو لم يتوقف لأُصيب الإنسان بالعملقة، يتوقف عند مجال معين، يقول بعض علماء الطب كأن هناك خطاً وهمياً يمنعه من إتمام طوله، في سن معينة يتوقف، من هداه؟ الله تعالى.

مقدم اللقاء:
الذي خلقه فهدى، سبحان الله!

الدكتور بلال نور الدين:
﴿الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ﴾ أي خلقه على الصورة التي هي في أحسن تقويم، التي هي أنسب ما يكون له، ثم هداه لتحقيق المهمة التي خُلِق من أجلها، أو ثم هدى الناس من خلال خلقه.
والحمد لله رب العالمين.