تأملات في سورة الحشر

  • تدبر القرآن الكريم
  • 2024-11-18

تأملات في سورة الحشر

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وأُصلّي وأُسلِّم على نبينا الأمين وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أيُّها الإخوة الكرام: عنوان لقائنا اليوم تأملات في سورة الحشر، لسورة الحشر مناسبة ولا بُدَّ من تمهيد.

تمهيد:
في السنة الرابعة للهجرة، أي بعد غزوة أُحُد وقبل غزوة الأحزاب بينهما، حصل أنَّ قتيلين قُتلا في المدينة، ووفق المعاهدة مع يهود في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنَّ الجميع يشتركون في دفع الدية، فوفق المعاهدة لا بُدَّ أن يدفع يهود جزءاً من الدية، فذهب النبي صلى الله عليه وسلم مع عشرةٍ من صحابته، كان فيهم سيدنا أبو بكر، وسيدنا عمر، وسيدنا علي، رضي الله عن صحابة رسول الله أجمعين، ليتَّفِقا على دية القتيلين، بحكم العهد والميثاق الذي تمَّ في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم عند دخوله المدينة، كان يهود جزءاً من سكان المدينة مع الأوس والخزرج، وكان على رأسهم ثلاثة قبائل إن صحَّ التعبير، وهم بنو قينُقاع، وبنو النضير، وبنو قريظة.
وبنو النضير كانوا في ظاهر المدينة في حصونهم يعملون بزراعة النخيل، بينما كان بنو قينُقاع في الداخل يعملون بالحدادة وبالصياغة، وبنو قريظة أيضاً، فهم ثلاثة قبائل من يهود، فالنبي صلى الله عليه وسلم وفق الاتفاق الذي أبرمه لإنشاء مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، التي كان على رأسها أهل يثرب أمةٌ واحدة، فكان من دوافع أننا أمةٌ واحدة أننا نشترك في أمور، سلمنا واحدة، حربنا واحدة إلى آخره، وأسَّس النبي صلى الله عليه وسلم أول وثيقة دستورية في التاريخ، ووضعها ليتوافق جميع الأطراف عليها، فكان من ضمن وثائقها الاشتراك في الدية.

المكيدة التي دبَّرها يهود لقتل النبي صلى الله عليه وسلم:
فذهب النبي صلى الله عليه وسلم مع عشرةٍ من أصحابه إلى بني النضير في السنة الرابعة للهجرة، للاتفاق على هذا الأمر، فدبَّر يهود للاعتداء عليه، وهذا عهدهم، وهذا تاريخهم في خيانة العهود ونقض المواثيق، فدبَّروا لاغتيال النبي صلى الله عليه وسلم، إذ جلس تحت جدارٍ من جُدرهم، فقالوا هو ليس في مكانٍ تصلون إليه أفضل من هذا المكان، أي أنتم الآن في أفضل حال، اغتنموا الفرصة، فطلبوا من أحدٍ أن يعلو الجدار فيلقي عليه صخرةً أو حجراً كبيراً فيقتله، وتولى كبر ذلك رجلٌ يُسمّى عَمر بن جحاش بن كعب، وقال أنا لذلك، وجاء الوحي وأعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمكيدة، لأنَّ الله تعالى ذكر في قرآنه:

يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ(67)
(سورة المائدة)

بمعنى أنهم لا يمكن أن يصلوا إليك قبل أن تؤدِّي رسالتك، وتُبلِّغ ما أُنزل إليك من ربك، وإلا لو كان النبي صلى الله عليه وسلم يمكن أن يُقتَل قبل أداء المُهمة، إذاً لم تؤدَ الرسالة، والنبي صلى الله عليه وسلم أُرسل لأداء الرسالة

يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا(45)
(سورة الأحزاب)

فأعلم الله تعالى نبيه بمكيدتهم، فقام النبي صلى الله عليه وسلم مباشرةً، على أنه قد خرج لقضاء بعض شأنه، فتفقَّده من معه من الأصحاب، فوجدوا أنه قد خرج من حصون بني النضير وغادرها، فخرجوا وراءه، والنبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك كانت هذه هي الشعرة التي قصمت ظهر البعير، كان لهم سابق نقض قبل ذلك للعهود، مثل أنَّ أحدهم وهو كعب بن الأشرف أقذع في هجاء النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا أيضاً بخلاف المواثيق، لكن هذه كانت لحظة التحوُّل أو النقطة الأخيرة التي بسببها أمر النبي صلى الله عليه وسلم بمحاصرتهم في حصونهم، وأمهلهم ثلاثة أيام ليخرجوا مع أموالهم دون أسلحتهم، لا بُدَّ من الخروج، وهذا الشيء الطبيعي لمن ينقض العهد الذي عاهده، وهو مُكوِّن من المكونات الموجودة في المجتمع، أو هذا أقل ما يمكن أن يقال، أي إن لم يُقتَّلوا فالأقل أن يُخرَجوا من المدينة لأنهم لم يلتزموا بعقودهم ومواثيقهم، فبعد أن أمهلهم هذه الأيام، الذي حصل أنَّ المنافقين الذين يتحركون دائماً داخل الصف، وكما قال المتنبي لسيف الدولة:
وسوى الروم خلف ظهرك رومٌ فعلى أي جانبيك تميل
{ أبو الطيب المتنبي }
أي عندما يكون هناك في الصف الداخلي مشكلة فلا تدرِ من تحارب، أن تلتفت إلى الداخل فتحارب المنافقين والخونة، أم تواجه عدوك الخارجي، فالمنافقون بدأوا وعلى رأسهم عبد الله بن أُبَي بن سلول، بالتراسل مع بني النضير، يقولون لهم نحن ننصركم، نحن نكون معكم فلا تستجيبوا لهذه المهلة، ولا تخرجوا من دياركم، وهذا ما ذكره المولى جلَّ جلاله في سورة الحشر فقال:

أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ(11)
(سورة الحشر)

يهود بني قينُقاع (لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ) ويُثِّقون ذلك بنون التوكيد الثقيلة، وبالقسم باللام الموطئة للقسم، أي نُقسم لنخرجنَّ معكم (وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ) وإن حصل قتال فنحن ننصركم ونقف معكم، قال تعالى: (وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ).
قال:

لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُوا لَا يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ(12)
(سورة الحشر)

أي لو أنهم بدأوا القتال معهم في أول مرحلة (لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ) ليهربُنّ من المعركة (ثُمَّ لَا يُنصَرُونَ) لا المنافقون ولا الكفار من أهل الكتاب.
فلمّا أعطوهم هذه الوعود، بني النضير اطمأنوا فلم يستجيبوا لمهلة الأيام الثلاثة، وتحصَّنوا في حصونهم، فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر بقطع نخيلهم، من أجل أن ينكشف أمرهم، فهم من جعلوا النخيل في وجه المسلمين، فجعل البعض يتحرَّج من قطع النخيل، وهذا يدل على ما عند المسلمين من رحمة، أي كيف نقطع النخيل؟ هذا فيه شيءٌ من الفساد! والبعض يقول بل بالعكس هنا يوجد مصلحة عُليا ينبغي أن نقدِّمها وهي حرب هؤلاء، فاختلفوا في ذلك فأنزل الله تعالى:

مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَىٰ أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ(5)
(سورة الحشر)


أحكام الحرب تختلف عن أحكام السلم:
اللينة هي النخلة، وقيل هي نوع من أجود أنواع النخيل، يعني أحكام الحرب مختلفة عن أحكام السلم، فقد تضطر في الحرب إلى قطع بعض النخيل، أحياناً إلى مُجازاة قتل الأسرى بقتل الأسرى، أو الاحتفاظ بهم من أجل مفاداتهم، أو حسب ما يجد المجاهدون والمرابطون، فقال: (مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَىٰ أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ) فلا يجعلكم ذلك في حرَجٍ من فعل شيء من هذا الأمر أو تركه، فبحسب الحاجة والمقتضى (فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ) فحرَّق عليهم نخيلهم، فقالوا: أرسلوا إليه يا محمد كنت تنهى عن الفساد، فما هذا التحريق؟ فأنزل الله (مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَىٰ أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ) وحاصرهم صلى الله عليه وسلم ستاً وعشرين ليلةً، وقذف الله في قلوبهم الرعب، فطلبوا الجلاء، فأذِن لهم صلى الله عليه وسلم بالخروج مع ما حملت إبلهم من الأموال والسلاح، يعني فقط ما يحمل إبلك تخرج به من أموالك، وتتركوا البيوت، فذكر المولى جلَّ جلاله ذلك في سورة الحشر.

بعض السور في القرآن لا يمكن أن تفهمها دون أن تفهم السيرة:
هذا ملخَّص بني النضير والحادثة التي جرت، لنفهم في ضوئها سورة الحشر، فسورة الحشر نزلت في هذه المعاني، وضمن هذا السياق، وضمن هذا الجو، وهذا مهم جداً في تفسير القرآن، أن نفهم، بعض السور لا يمكن أن تفهمها دون أن تفهم السيرة، السياق التاريخي، هناك آياتٍ واضحة، آيات الأخلاق:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ(12)
(سورة الحجرات)

هذه واضحة جداً لا تحتاج إلى سياق تاريخي، تُفسَّر باللغة بالأصول العامة للتفسير، لكن بعض الآيات لا بُدّ من أسباب النزول، بعض الآيات لا بُدّ من السياق التاريخي كاملاً، نُسمّيه الفرش التاريخي، فسورة الحشر هي وثيقةٌ تاريخية، مع أنَّ القرآن ليس كتاب تاريخ، هو لا يعتني بروايات التاريخ بتفاصيله، لأن التاريخ:

تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ(134)
(سورة البقرة)

لكن هو يُعنى برواية الأجزاء من التاريخ التي يكون فيها العِبرة، لذلك قال تعالى في نهاية الآية في سورة الحشر:

هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ ۚ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا ۖ وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا ۖ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ۚ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ(2)
(سورة الحشر)


القرآن الكريم ليس كتاب آني أو وقتي:
فالقضية في القرآن الكريم في رواية القصة ليست الأشخاص والأمكنة، حتى أنَّ القرآن لم يذكر في سورة الحشر لا بني قينُقاع، ولا كلمة يهود بالحرف، وإنما (كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ) لم يذكُر مَن خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم، لم يذكُر زمن الحادثة، مكانها المُحدَّد، لأن كل ذلك تفاصيل تُلهي عن الهدف الرئيسي من القصة، فحتى تبقى القصة قانوناً عاماً إلى يوم القيامة، القرآن الكريم ليس كتاب آني أو وقتي، لذلك لمّا ذكر المولى على سبيل المثال فقال تعالى:

وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ(87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ(88)
(سورة الأنبياء)

قد يتوهَّم متوهِّم هنا أن القضية متعلقة بذي النون، فقال تعالى: (وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ) ليست القضية بذي النون، القضية أنك إذا وقعت في مأزقٍ، فالتجئ إلى الله تعالى دائماً وأبداً، فسورة الحشر في هذا السياق، سورة الحشر بدأت بقوله تعالى :

سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ(1)
(سورة الحشر)

وخُتِمت بقوله تعالى:

هُوَ ٱللَّهُ ٱلۡخَٰلِقُ ٱلۡبَارِئُ ٱلۡمُصَوِّرُۖ لَهُ ٱلۡأَسۡمَآءُ ٱلۡحُسۡنَىٰۚ يُسَبِّحُ لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ(24)
(سورة الحشر)


التسبيح هو تنزيه الله تعالى:
فابتدأت بالتسبيح واختُتِمت بالتسبيح، وابتدأت باسمين من أسماء الله تعالى الحسنى، وهما العزيز والحكيم، واختُتِمت بالاسمين نفسهما، ما دلالة ذلك؟ إلا أنَّ المقدِّمة قالت: (سَبَّحَ) والخاتمة قالت: (يُسَبِّحُ) التسبيح هو تنزيه الله تعالى، ويظهر عند وجود شيءٍ عجيب، وفي السورة ما يثير العجَب، من إخراج هؤلاء من ديارهم (مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا ۖ ) فعندها يُسبِّح الإنسان، وهذا يشبه قوله تعالى:

إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ(1) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا(2) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ ۚ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا(3)
(سورة النصر)

فالتسبيح يكون عند وجود شيء عجيب، أنت اليوم إذا رأيت بطولة من بطولات أهلنا في فلسطين، تقول سبحان الله، فيُسبِّح الإنسان عندما يجد بطولة، يجد شيء مستغرَب، أنَّ فلان صمد، أنَّ فلان رضي عن الله عزَّ وجل يُسبِّح الله، فلذلك افتُتِحت بالتسبيح واختُتِمت بالتسبيح، لكن افتُتِحت (سَبَّحَ لِلَّهِ) لأنَّ الفعل الماضي يدل على الشيء الثابت اليقيني، وكأن هذا الأمر أمرٌ حاصل، مستقرٌ مستمر، لا مجال للمجاملة فيه، واختُتِمت بـ (يُسَبِّحُ) لأن الفعل المضارع يدل على الاستمرار، وكأن هذا التسبيح سيستمر إلى يوم القيامة

يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ(1)
(سورة الجمعة)


ترابط اسم الحكيم في القرآن الكريم مع العليم ومع العزيز:
كل شيءٍ يُسبِّح بحمده، أمّا الاسمان في البداية والختام (الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) واختُتِمت (الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) وهذا من تناسق المبدأ مع الختام، وهو عِلم يُسمّيه علماء القرآن عِلم المناسبات، المناسبة بين مبدأ السورة وخاتمتها، أو المناسبة بين نهاية سورةٍ وبداية سورةٍ أُخرى، وهكذا، فمن المناسبات أنها افتُتِحت بـ (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) واختُتِمت بـ (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) أيضاً لأن هذين الاسمين مترابطان ترابط شديد جداً، ترابط اسم الحكيم في القرآن الكريم مع العليم ومع العزيز، مع العليم لأن الحكمة ناتجة عن العِلم، أو هي ملاصقة للعِلم، فالإنسان بقدر علمه تكون حكمته، وبقدر جهله يُجافي الحكمة، والله تعالى:

وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ ۚ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ(18)
(سورة النور)

فحكمته ناتجة عن عِلمه، ولن تفهم حكمته حتى يكون لك عِلمٌ كعلمه، وهذا مستحيل، إذاً سلِّم له، أنت اليوم قد تجد أفعال لا تفهمها، لكنك تعلم أنَّ الله عليم، كيف أفهم حكمة الله في أنَّ فلاناً قُتِل؟ في أنَّ غزَّة قُصفت؟ في أنَّ البيوت دُمِّرت؟ فهمت شيء أحياناً، قلت ربما من الحِكم أنَّ الله يُمحِّص المؤمنين، جميل:

وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ(141)
(سورة آل عمران)

من الحِكم أنَّ الله يُظهِر هذه النفوس وما فيها من رضا عن الله، جميل، لكن وصلت إلى مكانٍ لم أفهم لماذا يحدث ذلك؟!

قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ ۚ وَاللَّهُ مَوْلَاكُمْ ۖ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ(2)
(سورة التحريم)

علمه لا أستطيع أن أصل إليه، فلن أفهم حكمته، عندما أصل إلى علمه أفهم حكمته، هل يمكن أن أصل إلى عِلم الله؟ أبداً، مستحيل.

كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ(216)
(سورة البقرة)

إذاً سلِّم له الأمر.

العزيز الحكيم:
(الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) لأن العزيز هو الذي يُرهب جانبه، عزيز مصر، ويهابه كل الناس، فلمّا يكون العزيز مُهاباً، ولا يُسأل عمّا يفعل، من البشر أتحدث ولله المثل الأعلى، غالباً ما يتجافى عن الحكمة، مثلاً مديرك في العمل، كل واحدٍ ربما يكون له تجربة مع مديره في العمل، وقد لا يقتنع أحياناً ببعض تصرفات مدير العمل، مدير العمل عزيزٌ في دائرته، فأحياناً يتصرف تصرفات غير حكيمة، أمّا الموظف لا يستطيع أن يتصرف تصرفات غير حكيمة، ليس لحكمته، لكن لأنه مُحاسَب، ليس عزيزاً، فيُراجَع فيُصحِّح، أمّا لمّا يبلغ الإنسان مكانٍ عالٍ جداً، كلما علت مرتبته خفَّت مساءلته، فلمّا تخف مساءلته إن لم يكن ذا علمٍ، فأنه يتصرف بخلاف الحكمة، فربنا جلَّ جلاله (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) رغم أنه لا يُسأل عمّا يفعل، وهو جلَّ جلاله الأعز في هذا الكون، وهو جلَّ جلاله العزيز، وهو الذي يُهاب جانبه، ويهابه كل شيء، ويحتاجه كل شيءٍ في كل شيء، لكنه لا يفعل إلا الحكمة جلَّ جلاله، فجاءت (الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) في المقدِّمة وجاءت في الخاتمة.
ثم يقول المولى جلَّ جلاله: (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ) القصة أصبحت واضحة عندكم، هو جلَّ جلاله الذي أخرجهم، ليس أنتم، ولا جهدكم، ولا قوتكم، ولا علاقاتكم، الذي أخرجهم هو الله (هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا) هذا هو التوحيد (مِن دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ) ما هو أول الحشر؟ قال بعض المفسرين: لأنه كان أول ما حشروا به، ثم جاء بعدهم بنو قريظة، بنو قينُقاع أُجلوا قبل ذلك لكن ربما لم يكن بهذا الحشر الشديد، وحشروا به، وقال بعض المفسرين وهذا رأيٌ وجيه، أول الحشر هو خروج يهود من مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحشر الثاني سيكون إن شاء الله فيما نراه قريباً إن شاء الله من خروجهم من ديار المسلمين صاغرين، لم ينالوا خيراً، نسأل الله أن يُرينا ذلك عاجلاً غير آجل (لِأَوَّلِ الْحَشْرِ).
ثم يقول المولى: (مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا ۖ ) هنا أُريد أن أتوقف قليلاً، الآن انظر إلى ما تُسمّى إسرائيل، انظر إلى ما تُسمّى تل أبيب، جامعات، أبراج، تقدُّم، الإنسان ضعيف الإيمان يقول لك لن يخرجوا، أنتم تحلمون، اليوم قل لإنسان أمريكا ستنهار، يقول لك العرب جميعهم سينهاروا وأمريكا لن تنهار، أنت لأنك لم تذهب إلى هناك لا تعلم ما معنى أمريكا، فقال: (مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا ۖ ) حتى بعض المؤمنين مع رسول الله ما وقع في خيالهم أن يخرج هؤلاء، حصون وديار ونخيل ويظنون أنفسهم ثابتين في هذه الأرض، وأخرجهم الله فقال: (مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُوا ۖ ) لكن الله أخرجهم.

احذر الباب الذي تظن أنه مغلق بأن تؤتى منه:
(وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا) دائماً الباب الذي تظن أنه مغلق لا يمكن أن تؤتى منه، احذر منه أكثر من الأبواب الأُخرى، من مأمنه يؤتى الحذِر، عند ربنا عزَّ وجل لا يوجد حبكتها، لا يوجد الثغرات كلها مغلقة، الحصون عالية

{ إذا أرادَ اللهُ إنفاذَ قضائِهِ وقدَرِهِ، سلَبَ ذَوِي العُقولِ عُقولَهمْ، حتى يَنفُذَ فيهمْ قضاؤُهُ وقدرُهُ، فإذا مَضَى أمرُهُ ردَّ إليهِمْ عقولَهمْ، ووقعتِ النَّدامةُ }

(الألباني ضعيف الجامع)

كيف يقول العلماء: "كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو"، يعني أحياناً يكون عندك ولدان، كل ما ترجوه أنَّ هذا الولد ما شاء الله ذكي متفوُّق، الذي يدرُس وسيكون لي عوناً عند كبري، فأنت ترجو منه كل الخير، وعندما يكبُر ويتخرَّج من الجامعة، يقول لك: أبي أنا هذه البلد لا أستطيع أن أعيش بها، أُريد أن أُسافر، يسافر وفي السنتين يزورك مرةً، والثاني خارج اعتباراتك وحساباتك، هذا الشاب ما درس ولا أرجو منه خيراً، وإن شاء الله يستطيع أن يقوم بنفسه، فإذا بهذا الذي لا ترجو منه خيراً، يفتح مشروع صغير، ويخدمك ويخدم أسرتك وعائلتك الكبيرة، ويقوم بك وبأمه، وكم تكرر هذا الأمر، يعني ليس كلاماً من الهواء، متكرر فقالوا: كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو، فقد ترجو أشياء بمكانٍ لا تعتقده، سيدنا موسى لمّا ذهب ليأتي أهله بجذوةٍ

فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِّنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ(29)
(سورة القصص)

أنار الدنيا بنور الوحي، هل كان يرجو أن يكلمه الوحي في هذا المكان؟ هو ذاهب (لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ) فإذا بالله تعالى يكلمه يقول:

فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِن شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَن يَا مُوسَىٰ إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ(30)
(سورة القصص)

كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو.

احذر الباب الذي تظن أنه مغلق بأن تؤتى منه:
بالمقابل كن للثغرة التي لم تغلقها أخوف من كل الثغرات التي أغلقتها، لا تقل هذه الثغرة مغلقة، أنا من هنا إن شاء الله مؤمَّن، لا تقل ذلك، أعرف شخصاً كان في دمشق، مرة كان في سهرةٍ، هو حدثني بعد أن حدثت معه الحادثة، كان في سهرةٍ، فقالوا له مشكلات كثيرة وكذا، وهو ما شاء الله آتاه الله من المال ووسَّع عليه في رزقه، فقال كلمةً يقولها العوام، وهو والله الرجلٌ صالح، لكن ذلَّت لسانه، والله في الأصل يعالج الصالحين لا يعالج الميؤوس منهم، فقال كلمةً يقولها أهل الشام، قال: الدراهم مراهم، والذي لا يحلّه قليلٌ من المال يحلّه كثيرٌ من المال، أي بالمقابل لا يوجد مشكلة، كل شيءٍ يُحل بالمال وأنا عندي مال، في اليوم الثاني تحديداً، إذا به يُستدعى إلى بعض الجهات الأمنية، وهو ليس له علاقة بالموضوع نهائياً، لكن يحققون مع رجُل فذُكر اسمه في التحقيق فجاؤوا به، فلبث في السجن سبعين يوماً، قال لي يومياً كنت أقول في نفسي الدراهم مراهم؟! والذي لا يحلّه قليلٌ من المال يحلّه كثيرٌ من المال؟! سبعين يوم بلا حل، إلى أن خرج براءةً، لكن تعلَّم درساً لا ينساه في حياته، لأن الدراهم ليست مراهم، فالإنسان الذي يظن أنَّ المال موجود إذاً هنا لا يوجد مشكلة، لا، قد تأتيك المشكلة من المال نفسه، فالإنسان دائماً يبقى على اتصالٍ بالله، وتواضع مع الله عزَّ وجل.
فقال: (وَظَنُّوا أَنَّهُم مَّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مِّنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا ۖ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ۚ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ) أصبحوا يدمِّرون بيوتهم بأيديهم، وهم يدمِّرونها أيضاً حتى لا ينتفع المسلمون بها بعد دخولهم، لشدّة حقدهم وسوء طويتهم.

(فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ) ما معنى الاعتبار؟
قال تعالى: (فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ) هنا موطن الشاهد، ما معنى الاعتبار؟ الاعتبار هو عملية عقلية يديرها الإنسان، بمعنى أنه هذه الآية يضعونها شاهداً على القياس، القياس هو أن تقيس شيء على شيءٍ آخر فتعتبر، هذا هو الاعتبار، مصادر الفقه الإسلامي الكتاب والسُنَّة، طبعاً هي المصادر الرئيسية، ومن المصادر الإجماع كمصدرٍ إضافي، والقياس، القياس بمعنى أننا اليوم أمام أحداثٍ جديدة متجددة، قضايا طبيِّة، قضايا اقتصادية لم تكن موجودة، فلا بُدَّ من الاعتبار، يعني أن نقيس المسألة التي ليس لها حُكم، على مسألةٍ لها حُكم مشابهة لها في العلة، باختصار في أصول الفقه، فنقيسهما، أحياناً من باب اعتبار الأشدّ أو الأخف، مثلاً لمّا قال ربنا:

وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا(23)
(سورة الإسراء)

فجاء جاهل لا يعتبر فقال لك: أنا بحياتي ما قلت أُفّ لوالدي، جاءت والدته وقالت لك: ابني إذا غضب يضربني والعياذ بالله، أنت كيف تضرب أمك؟! قال: أنا التزمت فقط (فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ) هذا بقياس الأشدّ، أنه إذا نهى عن النَفَس، ما هو الأُفّ؟ هو خروج النَفَس، فإذا نهى عن ذلك، فهو ينهى عن كل ما هو أشدّ منه، هذا المعنى (فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ).
على كلٍّ أنت عندما تنظر في ما جرى مع يهود بني النضير، وكيف أُخرِجوا من ديارهم بعد عز، وكيف أُذلِّوا بعد قوة، وكيف أخرجهم الله تعالى من ديارهم، إذاً سيُخرِج كل أمةٍ على نمطهم من ديار المسلمين، عاجلاً أو آجلاً (فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ) وكما أنَّ هؤلاء نقضوا العهود، فسيأتي بعدهم من خَلَفِهم من ينقض العهود (فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ) لا تقل هؤلاء ملتزمين أنا ألتزم معهم، لا انتبه، لأنهم سينقضون العهود (فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ) إياك أن تغتر بكلامهم، وإياك أن تظن أن الله تعالى حاشاه لن ينصر عباده (فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ).

خيارات ربنا مع المشركين الكافرين غير محدودة:
قال:

وَلَوْلَا أَن كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا ۖ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ(3)
(سورة الحشر)

أي خيارات ربنا مع المشركين الكافرين غير محدودة، فلولا أنه الجلاء لكان العذاب، فالنتيجة أنَّ الله لن يتركهم، حاشاه جلَّ جلاله

ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۖ وَمَن يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ(4)
(سورة الحشر)

الشِق أن تأخذ شِقاً آخر غير الشِق الأول، ما معنى أني أُشاقق فلان، يعني هو ذهب في طرف وأنا أذهب في طرفٍ آخر، فهم شاقوا الله ورسوله (وَمَن يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ).

مَا قَطَعْتُم مِّن لِّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَائِمَةً عَلَىٰ أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ(5) وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(6)
(سورة الحشر)


الفيء أو الغنيمة أو النفَل هي مترادفة:
هذه الآية معناها: الفيء أو الغنيمة أو النفَل هي مترادفة، سمّاها في الأنفال

يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنفَالِ ۖ قُلِ الْأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ۖ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ(1)
(سورة الأنفال)

وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ وَمَا أَنزَلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ ۗ وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(41)
(سورة الأنفال)

الغنائم، وهنا سمّاها الفيء، الفيء هو الذي يرجع إليكم من أعدائكم، النفَل هو الزيادة التي تزيد على النصر (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنفَالِ ۖ قُلِ الْأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ) سمّاها الأنفال لأنهم اختلفوا في توزيعها، فالله تعالى قال لهم هذه نفَل هذه زيادة، يعني الفرض أخذتموه، هو النصر والتمكين في الأرض، فهذه الزيادة أنا أوزِّعُها، فسمّاها أنفال، سمّاها غنائم، سمّاها هنا فيء، الغنائم في الأصل توزيعها الخمس لله ورسوله، والأربعة أخماس للمقاتلين والمحاربين كما بيَّن الله ذلك في الأنفال، لكن هنا هناك مستجد، هذا المستجد هو أنه لم يكن هناك قتال، فلم يكن هناك بذل جهد من المقاتلين، فهنا حكمٌ خاص، غير الحُكم العام فيُبيِّنه الله، أي لطيفة من اللطائف.
بالحساب والأموال بيِّن دائماً، لا تقل لفلان أعطاك ألف دينار لتقضي له حاجةً، ثاني يوم اتصل بك إن شاء لله انتهت؟ تقول له: الحمد لله، فيسألك بقي لك شيء؟ فتقول: لا الحساب خالص، يعني كلمة الحساب خالص ليست مناسبة لك ولا له، أرسل له بالواتس آب صورة، الحساب كذا وكذا، في النهاية الحساب تسعمائة وسبعون باقي لك ثلاثون، أو الحساب ألف وعشرة، بقي لي عشرة سامحتك بها، لا تقل له الحساب خالص، لأن هذا يُدخِل إلى النفس شيء لا ترضاه لا لنفسك ولا له، الحساب بالورقة والقلم، هذا هو الأصول، بعد أن ينتهي الحساب، سامح أو لا تسامح، طالب أو لا تُطالب شيء آخر، فربنا جلَّ جلاله، وهو الغني عن عباده، وهو

لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ(23)
(سورة الأنبياء)

يُبيِّن للمقاتلين أنَّ هنا الحساب مختلف، بالمناسبة هو ما الذي حصل؟ هنا أراد الله أن يكون العطاء كاملاً للمهاجرين، لأنه عندهم ضنك في العيش وفقر، فأراد أن يعطي المال للمهاجرين، والنبي فعلاً أعطى كل المال للمهاجرين مع أنصارييَن اثنين فقط لفقر حالهما، ولم يعطِ الأنصار الذين في المدينة، فأراد الله أن يُبيِّن لهم ذلك، حتى لا يقع شيءٌ في النفوس، هنا الحساب مختلف قال: (وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ) من بني النضير، الإيجاف هو الإسراع، أي لم تركبوا خيلاً، ولم تركبوا ركاباً (فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ) لم تبذلوا فيه جهداً (وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَىٰ مَن يَشَاءُ) هذا تسليطٌ من الله، دون بذل جهدٍ منكم، فقط حصار (وَاللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) قدرته مطلقة جلَّ جلاله.
فقال:

مَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَىٰ فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ ۚ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ(7)
(سورة الحشر)


المال لا ينبغي أن يكون مع الأغنياء فقط هذه قاعدة:
هذه قاعدة، المال لا ينبغي أن يكون مع الأغنياء فقط، لأنه إذا كان مع الأغنياء فقط، أصبح عندنا طبقية في المجتمع، تجمَّع المال في أيدٍ قليلة، وحُرمت منه الكثرة الكثيرة، أصبح هناك ما نجده في المجتمع، شمال الكرة الأرضية، فيها تسعون بالمئة من أموال العالم، لعشرة بالمئة من سكان الأرض، وجنوبها فيه عشرة بالمئة من أموال العالم، لتسعين بالمئة من سكان الأرض، إذاً نحن أمام إرهاب، تُسمّونه إرهاباً سمّوه إرهاباً، تُسمّونه ضنك عيش، سمّه ما شئت لكن (كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ) وهذا ما يفعله الرِبا، يجعل المال دولةً، أي متداول في دائرةٍ ضيِّقة، وهذا دمارٌ للمجتمعات، فالله تعالى أراد أن يغني هنا المهاجرين بهذا المال، ومن جميل ما يروى من الروايات في كتب السيرة، أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال للأنصار: إمّا أن تقاسموهم دوركم وأموالكم، وإمّا أن تتركوا لهم هذه الغنائم، أي عندكم خيار، تحبون أن تأخذوا لكم حق، لكن يجب أن تقاسموا دوركم وأموالكم، نريد أن نوزِّع الثروة، فقال له الأنصار: بل نقاسمهم دورنا وأموالنا ونترك لهم الغنائم، يعني لا تُخيّرني بين شيئين كلاهما أحبه، فانظر إلى الرقي عند الصحابة الكرام، وانظر إلى القرآن الكريم كيف يضع الأمور في مواضعها، وكيف النبي صلى الله عليه وسلم يتعامل بالمال، ليس بمنطلق أبداً أنَّ لفلان أو لفلان ولا أحد يسأل، هناك مُساءلة، أُعطيكم الحسبة وأنتم لكم الخيار، قال: (كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنكُمْ ۚ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا) هذه قاعدة عظيمة (إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ).

لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ(8)
(سورة الحشر)

الأموال، تركوا ديارهم وتركوا أموالهم

وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ(8) وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ(9)
(سورة الحشر)


المفلح هو الذي يستطيع أن يقي نفسه شُحَّها:
الدار هي المدينة يثرب، الذين هم الأنصار يحبون من هاجر إليها (وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا) يعني ما يجد في صدره أي حاجةٍ في مال أخيه، يعني لماذا أخذ ولماذا لم آخذ أنا؟ (وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ) أي شدة فقر (وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) المفلح هو الذي يستطيع أن يقي نفسه شُحَّها، جاء رجلٌ إلى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال له: " يا عبد الله قد هلكت، قال وما أهلكك؟ قال: نزل قوله تعالى: (وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) وأنا رجلٌ بخيل"، أنا رجلٌ لا أستطيع الاستغناء عن القرش، طُبعت على ذلك، فانظروا إلى فقه عبد الله بن مسعود، قال: هل حملك بخلك على أن تظلم الناس أو أن تمنعهم حقهم قال: لا والله، قال له: أمّا الشحيح فمن حمله شُحّهُ على ظلم الناس أو منعهم حقهم، وأمّا أنت فبخيل، وبئس الخُلق"، أي لا أُقرك، لكن أنت لست من هذه الآية، أنت رجلٌ بخيل وهذا خُلقٌ سيء أسأل الله يعينك على تغييره، لكن أنت لن يحملك الشحُّ، فمتى يكون الإنسان شحيحاً؟ إنما أهلك من كان قبلكم الشُحّ حملهم على أن يأكلوا أموالهم فأكلوها

{ وعن جابر رضى اللَّه عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشُّحَّ فإنه أهلك من كان قبلكم }

(أخرجه مسلم)

يعني عندما يدفعه شُحّه للوصول إلى المال بأي طريقةٍ ممكنة، ولو على ظلم الناس أو منعهم حقوقهم، فهذا هو الشحيح، البُخل طبع نسأل الله أن يعافينا منه

وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ(10)
(سورة الحشر)

نحن إن شاء الله، من التابعين إلى يوم القيامة، بعد ذلك ذكر المولى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا) تكلمنا عنها، ثم يقول المولى:

لَأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِّنَ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ(13)
(سورة الحشر)

يخافونكم أكثر ما يخافون ربهم.

ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ(13) لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ ۚ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ(14)
(سورة الحشر)

هذه سُنَّتهم من يوم خلقهم الله إلى يوم القيامة (إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاءِ جُدُرٍ ۚ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ ۚ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ) حزب فلان وحزب فلان، ومشكلات، ويحاكمون بعضهم

تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ(14) كَمَثَلِ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَرِيبًا ۖ ذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(15) كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ(16)
(سورة الحشر)

المنافقون قالوا لهم اصمدوا نحن معكم، إذا قاتلكم نصرناكم، وإذا خرجتم نخرج معكم، يعني دماؤنا واحدة، حربنا واحدة، سلمنا واحدة، نحن معكم (فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ) أي مثلهم كمثل الشيطان.
قال:

فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ(17)
(سورة الحشر)


الصفحة الأخيرة تتحدث عن أسماء الله الحسنى:
اللذين هما شيطان الإنس وشيطان الجن، طبعاً الصفحة الأخيرة ليس لها علاقة بموضوع بني النضير والأحداث، لكن تحث على التقوى، على المحاسبة

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ(18)
(سورة الحشر)

تتحدث عن أسماء الله الحسنى في الختام، وجبروته و قوته، وكيف جلَّ جلاله يُغيِّر الموازين، وكيف يقلب الموازين في ثانيةٍ قد لا تتخيلها، ويُخرِج من شاء ويبقي من شاء، وينصر من يشاء

قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(26)
(سورة آل عمران)

(يُسَبِّحُ لَهُۥ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ) اللهم اجعل النصر والغلبة لأهلنا في غزَّة نصراً عاجلاً غير آجل يا أرحم الراحمين، أهلِك عدوهم يا كريم، اللهم انصر المستضعفين في بلاد المسلمين، في فلسطين ولبنان والسودان، وفي كل مكانٍ يذكر فيه اسمك يا الله، اللهم عليك باليهود الغاصبين والصهاينة المعتدين، ومَن ناصرهم ومَن أيَّدهم فإنهم لا يعجزونك، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته