هل انتصرت غزة!
هل انتصرت غزة!
| أنا أقول لكل إخوتنا الكرام وأقول لنفسي أولاً، هل انتصرنا نحن لغزَّة؟ ليس السؤال هل انتصرت هي أم لم تنتصر، السؤال هل انتصرنا نحن لها أم لم ننتصر؟ لأنه عندما بدأت هذه الإبادة في غزَّة، هناك من وقف بقلمه وبلسانه مع أعداء الدين، بدلاً من أن يقف مع أهله وقف مع عدوهم، فهذا الذي خَسِر، ومَن وقف معهم رغم ضعفهم وقلة حيلتهم فقد انتصر. |
| النبي صلى الله عليه وسلم لمّا سأله رجلٌ متى الساعة: |
{ أنَّ رَجُلًا سَأَلَ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: مَتَى السَّاعَةُ يا رَسولَ اللَّهِ؟ قالَ: ما أعْدَدْتَ لَهَا قالَ: ما أعْدَدْتُ لَهَا مِن كَثِيرِ صَلَاةٍ ولَا صَوْمٍ ولَا صَدَقَةٍ، ولَكِنِّي أُحِبُّ اللَّهَ ورَسولَهُ، قالَ: أنْتَ مع مَن أحْبَبْتَ. }
(أخرجه البخاري ومسلم)
| وجَّههُ إلى السؤال الأهم. |
| فاليوم الذين يطرحون على المنابر هل انتصرت غزَّة؟ يجب أن يطرحوا أولاً هل انتصرنا نحن للمسلمين؟ هل كنّا عند حجم المسؤولية؟ أم كنّا من المُخذِّلين، المُثبّطين، المتخاذلين، لأنَّ هذا العدو المجرم لم تنتهِ معركته، بهذه المعاهدة، نسأل الله أن يُكتَب لها الاستمرار من أجل الناس، من أجل أن يعيش الناس ويتنفسوا الصُعداء، نفرح لأي وقفٍ لإطلاق النار، لكن هل هذا العدو المُجرم له عهدٌ وميثاق، كم مرةً أوقف النار ثم عاود النار؟ فلا بُدَّ أن نُعِد أنفسنا دائماً لأن ننتصر لقضايانا، لا أن نسأل هل انتصر هؤلاء المرابطون المجاهدون أم لم ينتصروا، هل انتصر أهل غزَّة أم لم ينتصروا، هذا الأمر الأول. |
| الأمر الثاني: هل انتصرت غزَّة؟ غزَّة مثلها مثل أي مكانٍ في الأرض، حارب وجاهد وناضل، منهم من انتصر، ومن من لم ينتصر، المجرمون الخونة الذين وقفوا مع العدو وهُم داخل غزَّة معروفون، فهل انتصروا؟ لا والله خابوا وخسروا، الصابرون المرابطون انتصروا، الأب الذي فقَدَ ابنه ثم قال: رضيت عن الله، انتصر، الأُم التي بلغها نبأ استشهاد أولادها وزوجها وبقيَت وحيدةً وهي تقول الحمد لله، لقد انتصرت، نعم، ما هو النصر إن لم يكن أن أثبُت على مبدأي حتى ألقى الله؟ ما هو النصر إن لم يكن هذا هو النصر؟ |
| الآن الذين ينظرون من منظار حجم الدمار، ومن منظار أنَّ العدو لا ندري ماذا يمكُر بهم الآن، يقولون أين النصر؟ انظُر نصف غزَّة مُدمَّرة وتقول أنهم انتصروا! فزاوية الرؤية تختلف، أنا عندما أكتب على الأرض رقم سبعة، ويقف واحد في هذا الجانب وواحد في الجانب الآخر، الذي في هذا الجانب يقول سبعة، والذي في الجانب الآخر يقول ثمانية، فأنا المؤمن بتفاؤلي أنظُر دائماً إلى الجانب المُشرق، أنظُر إلى الثبات الذي سطَّره أهلنا في غزَّة، أنا لا أتكلم عن فئةٍ مُعيَّنة، أتكلم عن أهل غزَّة عن المليونين، عن مُجملهم، الذين سطَّروا ثباتاً وصموداً أذهَل الأعداء قبل الأصدقاء، أتكلم عن الأُم الثكلى التي رضيت بقضاء الله، أتكلم عن الذي عاد إلى داره بعد أن دمَّرهُ الأعداء، وقال لن أبرح أرضي لأُغيظ هؤلاء، أتكلم عن أنَّ الخطة كانت أن يُهجَّر الجميع من ديارهم ولم تحصُل، أتكلم عن أنَّ الخطة كانت أن يستعيد العدو أسراه بالحرب ولم يستطع، إلا أن يجلس على الطاولة ليستعيدهم، أتكلم عن أنَّ هذه القضية كانت قد أصبحت في النسيان، وأن هذه القضية بدأ المطبِّعون يتحدَّثون وينتفشون، فعادت إلى الواجهة من جديد، وأظهرت حجم الإجرام الذي عند هؤلاء الصهاينة المُتطرفين. |
| من هذا المنطِق أقول نعم إن شاء الله انتصرت غزَّة، وإن شاء الله ستنتصر في المعارك القادمة، وسينتصر المسلمون في المعارك القادمة، حجم الدمار كبير ورهيب ويزعجنا كلنا، لكن نسأل الله تعالى الفرج القريب. |

