• الحلقة 12
  • 2021-05-11
  • مركز العيص القرآني

ماذا بعد رمضان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا الآمين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

مقاصد رمضان:
أيها الكرام؛ رمضان الحبيب، بساعات صيامه، ولحظات قيامه، وبأنواره العظيمة، وبسكينته الرائعة، يودعنا ويرحل عنا، وهذه حال الدنيا، ونسأل الله تعالى أن يبلغنا رمضان آخر وآخر في رضوان الله تعالى وطاعته.
لكن ماذا بعد رمضان؟ بعد رمضان ينبغي أن نتابع الصعود، ونتابع الترقي، حتى إذا جاء رمضان آخر كنا في حالٍ جديدةٍ مع الله قرباً، وفي حالٍ جديدةٍ مع الخلق إحساناً ومحبةً، هذه مقاصد رمضان، أن نزداد قرباً من الله، أن نزداد إحساناً إلى الخلق، فإذا ما انقضى رمضان أفطر الفم فقط عن تناول الطعام والشراب، لكن بقيت الجوارح صائمةً، نبتغي رضوان الله، حافظنا على صلاة الجماعة في رمضان، فلنثابر على ذلك بعد رمضان، حافظنا على قيام الليل في رمضان، فليكن بعد رمضان شيءٌ من هذا القيام ولو ركعتان في جوف الليل أو قبل الخلود إلى النوم، لا بد أن نحافظ على مكتسبات رمضان.
رمضان أيها الكرام ؛ درجةٌ صعدناها في سلم القرب، لا ينبغي أن نعود بعد رمضان إلى ما كنا عليه، بل ينبغي أن نتابع الرقي، فإذا جاء رمضان آخر تابعنا وتابعنا حتى نلقى الله تعالى وهو راضٍ عنا.

رمضان فرصة نوعية لقفزةٍ استثنائيةٍ:
أيها الكرام ؛ الله تعالى في آيات الصيام، وبعد أن نكمل العدة، ونكبر الله تعالى على ما هدانا صبيحة العيد، يقول:

وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185)
[ سورة البقرة ]

ثم يقول:

وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ (186)
[ سورة البقرة ]

وكأن من مقاصد الصيام أن تسأل عن الله، ألا تكفَّ عن السؤال عن الله، فإذا انقضى رمضان تبقى دائماً تسأل عن الله، كيف أقترب من الله؟ كيف أكون أكثر قرباً من خالقي؟ كيف يحبني الله تعالى؟ كيف يرضى عني بارئي؟ هذه الأسئلة ينبغي ألا تغادر مخيلتنا طوال العام، ونحن دائماً نسأل عن الله: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ) فإن رب رمضان هو رب كل الشهور، وكل الأيام، وكل الليالي، وكل الأعوام، ربنا موجود في كل أشهر السنة، وليس في رمضان فحسب، فينبغي أن يكون رمضان فرصةً نوعيةً لقفزةٍ استثنائيةٍ ولا ينبغي بحالٍ أن نعود بعد رمضان إلى ما كنا عليه قبل رمضان، وبذلك نكون قد حققنا مقصداً عظيماً من مقاصد الصيام، وهو الرقي في مدارج الفلاح، والرقي في مدراج القرب من الخالق جلّ جلاله.
أسأل الله تعالى أن يثبتنا بعد رمضان على ما كنا عليه قبل رمضان. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وكل عام وأنتم بخير.