• الحلقة السابعة
  • 2022-04-08

اليأس

السلام عليكم.

الابتعاد عن اليأس:
اليأس يتناقض مع الإيمان
هل تشعر باليأس؟ سألته قال: نعم، ولماذا؟ قال لي: لقد سُدَّت كل الأبواب في وجهي، ما من بابٍ إلا وطرقته، أريد الزواج فما تزوجت، ما من بابٍ طرقته أريد العمل فما وجدتُ عملاً، ما من بابٍ طرقته أريد تيسير أمري فما تيسَّر، فأنا يائس. قلت له: هل تعلم أن اليأس لا يجتمع مع الإيمان، مع الإيمان القوي والثقة المُطلَقة بالله تعالى، قال تعالى:

يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87)
[ سورة يوسف ]

باختصار، لأن هناك بَابَاً لم يُغلَق، ولن يُغلَق، إنه باب الله تعالى.
أنت تقول: كل الأبواب قد سُدَّت في وجهي، لا، هناك بابٌ لم يُغلَق ولن يُغلَق إنه باب الله تعالى، باختصارٍ أيضاً لأننا جميعاً ضيوفٌ على هذه الدنيا، نحن أبناء الآخرة جئنا إلى الدنيا مؤقَّتاً لنعمل عملاً صالحاً يُؤَهِّلُنا ويكون سبباً لدخول جنة ربنا.
أنت مخلوقٌ للآخرة
سنغادر الدنيا يوماً فكل ما فيها سيزول، فلماذا اليأس؟ أنت مخلوقٌ للآخرة، فما دُمتَ في طاعة الله ورضا الله فمهما تكالَبَت عليك الدنيا فإنها هُمومٌ زائلة، فإياك واليأس، مهما كَثُرَت الخُطُوب، وسُدَّت الأبواب، فإن المَركَب يسير، وسنصل إلى وجهتنا قريباً، ووجهتنا هي الآخرة، إننا أبناء الآخرة.
قال لي: لكن ألم يستيئس الرسل في القرآن الكريم؟ قلت له: الرُّسل لم ييئسوا من نصر الله ولا من رَوْح الله، وحاشاهم، المؤمن القوي لا يمكن أن ييئس من رَوْح الله، ولا من نصر الله، ولكن الرُّسل وصلوا إلى مرحلةٍ استيئسوا فيها من قومهم المُكَذِّبين المُعرِضين، الذين لم يتركوا سبيلاً معهم للهداية إلا سلكوه وهم لا يستجيبون، فاستيئسوا منهم لكن معاذ الله أن يستيئس الرُّسُل من رحمة الله أو من فضل الله، بل كانوا في أشدِّ حالات قُربِهم من الله وهم القدوة لنا، والأسوة لنا.
سأل مَلِكٌ وزيره فقال: قل لي كلاماً إن كنتُ فرحاً أحزن وإن كنتُ حزيناً أفرح؟ فجاءه الجواب: كل حالٍ يزول، كل حالٍ يزول، فمهما كان الحال سيئاً في نظرك فإنه زائلٌ لا محالة، ومهما ظننت أن الأبواب سُدَّت في وجهك فإن الله عز وجل من حيث لا تدري يفتح لك باباً من أبواب رحمته في أشَدِّ اللحظات ضيقاً وعُسْراً.
إن أشدَّ الساعات ظُلْمَةً هي تلك التي تسبق بزوغ الفجر، فلا تيأس من رحمة الله واستبشر خيراً وتفاءل خيراً، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُعجِبُه الفَأْل الحَسَن، والتفاؤل من سِمَات الصالحين ومن سِمَات الأولياء لأن تفاؤلهم بالله عز وجل لا يمكن أن ينقطع مهما وجدوا من الأسباب الأرضية خُذلاناً، لكنهم يعلمون أن باب السماء مفتوح، وأن الله عز وجل من لحظةٍ إلى أخرى يُبَدِّل الحال ويُغَيِّر الواقع، والتاريخ خير شاهد.
إلى الملتقى أستودعكم الله، والسلام عليكم و رحمة الله وبركاته.