• الحلقة السابعة والعشرون
  • 2022-04-28

السكينة

السلام عليكم.

السكينة نِعمةٌ من نِعَم الله العظمى:
تنزل السَّكينة على القلب يعني السعادة
هل تشعر بالسَّكينة؟ السَّكينة نِعمةٌ من نِعَم الله العظمى، من تَنَزَّلَتْ على قلبه السَّكينة فقد سَعِدَ بها ولو فَقَدَ كل شيء، ومن فاتته السَّكينة شَقِي بفقدها ولو مَلَكَ كل شيء، إلا أنها عطاءٌ ربَّاني، لا نملكه ولكن نملك بعض أسبابه، ونستشعر كثيراً من نتائجه، لا نملك السكينة لكن نملك بعض أسبابها، ونستشعر كثيراً من نتائجها.
أولاً: السَّكينة تَتَنَزَّل من الله تعالى وحده، ولن يعطيك أحدٌ السكينة إلا الله، قال تعالى:

ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (26)
[ سورة التوبة ]

سببها استشعار مَعِيَّة الله.

إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (40)
[ سورة التوبة ]

السكينة استشعارٌ لمَعيَّة الله
متى أنزل الله سكينته على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ يوم قال لصاحبه: (لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنْزَلَ اللَّهُ) إذاً عندما تستشعر مَعِيَّة الله لك فإن الله يتَنَزَّل بالسَّكينة على قلبك.
هذا يونس عليه السلام وجد السَّكينة في بطن الحوت، فيونس لمَّا التَقَمَه الحوت فنادى في الظلمات، في ظلمات البحر والليل وظلمة فم الحوت:

وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87)
[ سورة الأنبياء ]

كان في سكينة ولو لم يكن في سكينةٍ لما ناجى الله تعالى بهذه الكلمات الرائعة التي ما يُناجي عبدٌ بها الله إلا فَرَّج الله هَمَّه.

وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَٰهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَٰلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)
[ سورة الأنبياء ]

ولكيلا تتوهم أنها خاصةٌ به قال تعالى:

وَكَذَٰلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (88)

فسببها استشعار مَعيَّة الله، تتَنَزَّل السَّكينة فتأتي نتيجتها وهي الزيادة في الإيمان والتقوى، قال تعالى:

هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ ۗ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (4)
[ سورة الفتح ]

إنه مَطلَب رسول الله صلى الله عليه وسلم لاسيما عند الشدائد، السَّكينة مَطلَب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي الصحيح يقول البراء رضي الله عنه:

{ لَمَّا كانَ يَوْمُ الأحْزَابِ، وخَنْدَقَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، رَأَيْتُهُ يَنْقُلُ مِن تُرَابِ الخَنْدَقِ، حتَّى وارَى عَنِّي الغُبَارُ جِلْدَةَ بَطْنِهِ، وكانَ كَثِيرَ الشَّعَرِ، فَسَمِعْتُهُ يَرْتَجِزُ بكَلِمَاتِ ابْنِ رَوَاحَةَ وهو يَنْقُلُ مِنَ التُّرَابِ يقولُ: اللَّهُمَّ لَوْلَا أنْتَ ما اهْتَدَيْنَا... ولَا تَصَدَّقْنَا ولَا صَلَّيْنَا فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا... وثَبِّتِ الأقْدَامَ إنْ لَاقَيْنَا إنَّ الأُلَى قدْ بَغَوْا عَلَيْنَا... وإنْ أرَادُوا فِتْنَةً أبيْنَا، قَالَ: ثُمَّ يَمُدُّ صَوْتَهُ بآخِرِهَا }

[ صحيح البخاري ]

فكان يدعو بأن يُنَزِّل الله السكينة عليه.

السكينة عطاءٌ إلهيٌّ لا يُقَدَّر بثمن:
ما أحرانا أن نطلب السَّكينة من الله تعالى، فهي عطاءٌ إلهيٌّ لا يُقَدَّر بثمن، ووالله من كانت في قلبه السكينة فما فاته شيءٌ من الدنيا، ومن نُزِعَت منه السكينة فإنه لن يسعد بشيءٍ من الدنيا مهما كثر من مالٍ أو جاهٍ أو منصب.
فالسَّكينة من الله تعالى عطاءٌ، يختصُّ الله به من عباده من يُقَدِّم أسباب هذه السكينة، وعلى رأسها أن تستشعر مَعيَّة الله تعالى وأن تذكر الله، قال تعالى:

فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ
[ سورة البقرة ]

فمن ذكر الله تعالى ذكره الله في ملأ خيرٍ من ملئه، وعندها تتَنَزَّل على قلبه السكينة فيسعد بها ولو فَقَدَ الدنيا وما فيها.
إلى الملتقى أستودعكم الله، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.