العلاقات الزوجية
العلاقات الزوجية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛ الحمدُ للهِ رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا الصادق الوعد الأمين وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن تَبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.
الآية الكريمة التالية تُلخص العلاقات الزوجية المُقدّسة بكلماتٍ معدودة:
أيها الإخوة الأحباب؛ في ثنايا كتاب الله تعالى آيةٌ تُشير إلى العلاقات الزوجية بوصفٍ رائعٍ جامعٍ مانع قال تعالى: |
أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ (187)[ سورة البقرة]
هذه الكلمات في هذه الآية الكريمة تُلخص العلاقات الزوجية المُقدّسة بكلماتٍ معدودة، فتصف العلاقة الزوجية وتشبهها باللباس. |
صفات اللباس:
1 ـ اللباس ستر:
اللباس أولاً ستر يَستُر الإنسان، كلنا يلبس لباساً أولاً ليستر نفسه، ليستر عورته، فاللباس أولاً سترٌ قال تعالى: |
يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26)[سورة الأعراف]
العلاقات الزوجية تُبنى على الستر
|
{ إنَّ مِن أَشَرِّ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ مَنْزِلَةً يَومَ القِيَامَةِ الرَّجُلَ يُفْضِي إلى امْرَأَتِهِ وَتُفْضِي إِلَيْهِ ثُمَّ يَنْشُرُ سِرَّهَا }
[صحيح مسلم]
أشر الناس منزلةً عند الله والعياذ بالله من يُفضي إلى زوجته ثم يُحدّث أصدقاءه بما كان بينه وبين زوجته من علاقاتٍ حميمة، هذا أشرُّ الناس منزلةً عند الله، العلاقات الزوجية مبينةٌ على الستر، أن يَستُر الرجل زوجته وأن تَستُر زوجها، لكن اللباس ليس ستراً فقط ولو كان اللباس مجرد ستر لكان أي شيءٍ يلبسه الإنسان أو يلف به نفسه يؤدي معنى الستر. |
2 ـ اللباس جمال:
ولكن اللباس بعد الستر جمال: |
يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26)[سورة الأعراف]
يواري سوآتكم هذا الستر، ﴿وَرِيشًا﴾ الريش جمال، فاللباس سترٌ وجمال، العلاقة الزوجية سترٌ ثم هي جمال، الرجل يتجّمل لزوجته كما تتجّمل الزوجة لزوجها، الطرفان يتجملان لبعضهما، المرأة لا تتجمل في الطريق بل تتجمل داخل بيتها لزوجها، والرجل يُحسن إلى زوجته بتجمله لها أيضاً، لكن الجمال ليس جمال الظاهر فقط، ليس جمال الثياب فقط، ليس جمال الشكل فقط، الجمال أعمق من ذلك، الكلمة جمال، الموقف جمال. |
مواقف جميلة في الزواج:
النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة رضي الله عنها يوماً: |
{ يا عائشةَ ! ذَرِينِي أتعبَّدُ الليلةَ لربِّي قلتُ: واللهِ إنِّي أُحِبُّ قُرْبَكَ، وأُحِبُّ ما يَسَرُّكَ }
[صحيح ابن حبان]
ما هذا الموقف الجميل؟! النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يقوم لقيام الليل النفل طبعاً وليس الفريضة، الفريضة ليس فيها استئذان، ولكن الليلة هي ليلة عائشة، وعائشة رضي الله عنها تريد زوجها أمامها فيستأذن منها، يستأذن منها لماذا؟ لا يستأذن منها للذهاب إلى السوق بل لعبادة ربه عبادة النفل، ما هذا الموقف الجميل؟! يا عائشة أتأذنين لي أتعبد لربي؟ الآن انظروا إلى الجواب الجميل، ما الجواب المُحتمل؟ هما جوابان قد يتوهم الإنسان أنه لا ثالث لهما، الجواب الأول: آذن لك، والثاني: لا آذن لك، لو قالت له: آذن لك كأنها جفته لا تريده، ولو قالت له: لا آذن لك فقد منعته من شيءٍ يُحبه، منعته من طاعة وهذا لا يجوز، فماذا قالت عائشة رضي الله عنها؟ ما هو الجواب الجميل؟ قالت له: يا رسول الله إنني أحب قربك ولكنني أؤثر ما يَسُرك، أي أفعل الشيء الذي يُدخل السرور إلى قلبك رغم محبتي لقربك، هذا جوابٌ جميل رائع ! فاللباس سترٌ وجمال والعلاقات الزوجية مبينةٌ على الستر أولاً وعلى الجمال ثانياً. |
من المواقف الجميلة أيضاً أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم يُمازح عائشة رضي الله عنها فيقول لها يا عائشة: |
{ إنِّي لَأَعْلَمُ إذا كُنْتِ عَنِّي راضِيَةً، وإذا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى، قالَتْ: فَقُلتُ: مِن أيْنَ تَعْرِفُ ذلكَ؟ فقالَ: أمَّا إذا كُنْتِ عَنِّي راضِيَةً، فإنَّكِ تَقُولِينَ: لا ورَبِّ مُحَمَّدٍ، وإذا كُنْتِ عَلَيَّ غَضْبَى، قُلْتِ: لا ورَبِّ إبْراهِيمَ، قالَتْ: قُلتُ: أجَلْ، واللَّهِ -يا رَسولَ اللَّهِ- ما أهْجُرُ إلَّا اسْمَكَ }
[صحيح البخاري]
القلب ممتلئ حباً لك، ولكن طبيعة المرأة تهجر الاسم فقط، إذاً هذه مواقف جميلة في الزواج. |
3 ـ اللباس مواءمة ومناسبة:
الزواج يجب أن يكون مواءمةً ومناسبة
|
4 ـ اللباس لصوق:
العلاقات الزوجية مبينةٌ على القرب والمُلاصقة
|
النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائد الأمة، وقائد الجيوش، ويحضر الغزوات، جلس يوماً مع عائشة رضي الله عنها يستمع إلى قصةٍ افتراضية لاثنتي عشرة امرأة مع أزواجهن، وكل زوجة لها قصة، والقصة طويلة موجودة في كتب الصحاح، إلى أن حدثته عن أبي زرعٍ وأم زرع، وعن علاقتهما الطيبة والمحبة الغامرة بينهما، فيقول لها صلى الله عليه وسلم: كنت لك كأبي زرع لأم زرع. |
{ قالَتْ عَائِشَةُ: قالَ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : كُنْتُ لَكِ كَأَبِي زَرْعٍ لِأُمِّ زَرْعٍ }
[صحيح البخاري]
استمع لها، واختار لها أجمل قصةٍ من القصص المُتعددة، وجعل علاقته بها تشبه هذه العلاقة الحميمية الطيبة الجميلة علاقة الحب والمودة التي كانت بين أبي زرعٍ وأم زرع، فكان قريباً من زوجاته رغم جميع مشاغله، والعلاقات الزوجية يجب أن تكون قُرباً ولُصوقاً. |
اللباس سترٌ والعلاقات الزوجية ستر، اللباس جمالٌ والعلاقات الزوجية تُبنى على الجمال، اللباس مُواءمةٌ ومناسبة والزواج مُواءمةٌ ومناسبة، واللباس لُصوقٌ والزواج قربٌ ولُصوق. |
إلى الملتقى أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه. |