ونعلم أن قد صدقتنا
ونعلم أن قد صدقتنا
وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ۚ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۚ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ(59)(سورة الأنعام)
السلام عليكم: في سورة المائدة يحدّثنا الله تعالى عن قومٍ من أصحاب عالم الشهادة الذين ضعف إيمانهم بالغيب: |
إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ ۖ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (112)(سورة المائدة)
هكذا وبكل جرأة هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ وما قالوا ربنا هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ ۖ قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ إن كنتم مؤمنين حقاً، فالإيمان غيب، فاتقوا الله أن تطلبوا طلباً ينقلكم إلى عالم الشهادة، فهذا ليس من الإيمان في شيء، اتَّقُوا اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ فماذا كان جوابهم؟ |
قَالُوا نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ (113)(سورة المائدة)
أربعة أمور:
1. نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا وهذا ليس المطلوب حقيقة، وغالباً الجواب الأول الذي يعلّل به الناس رغباتهم لا يكون هو المطلوب الحقيقي، نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا. |
2. وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وهذا أيضاً ليس المقصود الحقيقي 100% وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وكأننا نريد شيئاً يدعّم إيماننا، نحن عندنا إيمان بالغيب، لكننا نريد ما تطمئن به القلوب أكثر فأكثر من عالم الشهادة، لكنهم أظهروا المطلوب الحقيقي حينما قالوا: |
3. وَنَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا نحن نريد أن نعلم أنك صادق فيما تقول من خلال رؤية شيء من عالم الشهادة. |
4. وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ هنا أوضحوا ما يريدون تماماً، نريد أن نشهد بأعيننا حتى تؤمن قلوبنا، لذلك قال لهم: اتَّقُوا اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ. |
ما الذي حصل بعد ذلك؟ |
قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ ۖ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (114) قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ ۖ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَّا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ (115)(سورة المائدة)
حينما ننتقل من عالم الغيب إلى عالم الشهادة لم يعد هناك فُسْحة، فالكفر هنا نتيجته القَصم المباشر، لا يمكن أن تأخذوا مساحة بعد إنزال المائدة. |
حينما ننتقل من عالم الغيب إلى عالم الشهادة لم يعد هناك فُسْحة:
هذا المرض وقع به بعض أمة الإسلام، إذ قالوا لنبينا صلى الله عليه وسلم: |
وَقَالُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ -عالم الشهادة- ۖ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكًا لَّقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنظَرُونَ (8)(سورة الأنعام)
معركتنا في الحياة بين شهادة وغيب
|
{ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ له، إلَّا الصِّيَامَ؛ فإنَّه لي، وأَنَا أجْزِي به. }
(صحيح البخاري)
فمعركتي بين شهادة وغيب، لما أتخلى عن الشهادة في مقابل الغيب هذا هو الإيمان الحقيقي، فلا تطلبوا للإيمان شيئاً من عالم الشهادة، وإنما ثِقوا بموعود الله تعالى، وثِقوا بالغيب، فإن الله تعالى لا أصدقَ منه حديثاً، ولا قِيلاً. |
إلى الملتقى، أستودعكم الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |