فانطلقا
فانطلقا
وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ۚ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۚ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ(59)(سورة الأنعام)
السلام عليكم: |
في رحلة سيدنا موسى مع العبد الصالح -عليهما السلام- كانت هناك أقدارٌ عجيبة، كان هناك إزهاقٌ للأرواح، وإتلافٌ للمتلكات، وأعمالٌ تبدو في نظرنا غير مُبرّرة، لا تفسير لها، هذه الأقدار الثلاثة فهمنا حكمتها فرضينا بها، وما علينا إلا أن نقيس كل قدرٍ يأتي إلينا على واحد من تلك الأقدار الثلاثة، كيف ذلك؟ |
أنواع القدر:
القدر الأول: قدر يقع ونفهم حكمته بعد وقت قصير
القدر الأول: قدر يقع ونفهم حكمته بعد وقت قصير، ربما ساعات، السفينة خُرقت عند الصباح، لم يتمكّن هؤلاء أصحاب السفينة من الخروج لتحصيل رزقهم في هذا اليوم، حزنوا كثيراً، وبدؤوا بإصلاح سفينتهم، وهم منزعجون جداً مما وقع معهم، فقد حُرِموا رزق يومهم، وعند المساء بعد ساعات قليلة، رجع أصحاب السفن ليخبروهم بأنهم نجوا من قدرٍ أكبر وأعظم وهو أخذُ سفينتهم من خلال خرقها هذا الخرق اليسير، فانقلب سخطهم إلى رضا، وانقلب حزنهم إلى سرور وفرح، هذا هو القدر الأول. |
القدر الثاني: تُكتَشف حكمته بعد سنوات
القدر الثاني: تُكتَشف حكمته بعد سنوات، قد تطول وقد تقصر، لكن يطول الوقت حتى تكتشف الحكمة منه، بناء الجدار، لم يكن هذا العمل مبرراً لموسى عليه السلام، أن يمنع أصحاب القرية موسى ومن معه من الطعام، ثم بعد ذلك نبني لهم جداراً ونحن متعبون جائعون، لكن بعد سنوات، كبر الغلامان اليتيمان في المدينة، وأزالا الجدار لسبب أو لآخر، فوجدا الكنز تحته، فاكتشفا الحكمة التي حصلت من بناء هذا الجدار قبل سنوات، فانقلبوا شاكرين حامدين لربهم على هذا القضاء الذي قدّره ويسّره لهم. |
القدر الثالث: نحيا ونموت ولا ندرك الحكمة وراءه
دَيدَن المؤمن هو الرضا على كل حال
|
وكذلك هي أقدار الله تعالى كلها، قدرٌ تكتشف حكمته بعد وقوعه بوقت يسير، وقدرٌ تكتشف حكمته بعد سنوات، وقدرٌ لا تكتشف حكمته في حياتك، لكنك موقنٌ بأن له حكمة علمتها، أو علمت بعضها، أو جهلتها، فيكون دَيدَنك هو الرضا على كل حال، حتى إذا جاء يوم القيامة، وكشف الله لعباده الحكمة مما جرى، قال الخلائق جميعاً: الحمد لله رب العالمين؛ لأن ما حصل حصل بقضاء الله تعالى وبقدره، وبحكمة، وبخير، فإن حكمة الله تعالى فيها الخير العميم، والفضل الكبير. |
إلى الملتقى، أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. |