لماذا الرِبا مُحرَّمة؟
لماذا الرِبا مُحرَّمة؟
أنا أعلم أنَّ الرِبا حرام لكن عندما يسألني أصدقائي من أمريكا وكندا لماذا هي مُحرَّمة فلا أعرف بماذا أُجيب فماذا أقول لهم؟
| والله يا كرام أنا تلفِّت نظري آيةٌ في كتاب الله: |
الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ۗ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ۚ فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَمَنْ عَادَ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ(275)(سورة البقرة)
| يعني هذه مثل هذه، كيف ذلك؟ قالوا: نحن نُحضِر سلعةً بعشرة ونبيعها باثني عشر فنربح اثنين، وهُنا نُعطيه عشرة ويُرجِعُها لنا اثنا عشر، فالبيع مثل الرِبا، وعكسوا الآية قالوا: البيع مثل الرِبا يعني جعلوا الرِبا هو الأصل (قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا) القرآن الآن سيُجيبهم، هناك الكثير من الأجوبة سأقولها الآن، لكن القرآن أجابهم إجابةً واضحة قاطعة قال: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) نقطة انتهى، هذا ليس كهذا، هذا حلال وهذا حرام وانتهى، لا تناقش. |
| انظُر للقرآن كيف يُقدِّر النفوس (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) كيف تُسوّي الحلال بالحرام؟ ألا يكفي أنَّ الله حرَّم، ربُّنا يقول لك: هذا حرام، تقول: لا مثل بعضهم!! أيُّ جُرأةٍ هذه؟! ومع ذلك لغير المؤمنين يمكن أن نُبيِّن لهم الحكمة. |
| الحكمة أنَّ الإسلام يريد أن تلد الأعمال المال، حتى يكون المال متداولاً بين أكبر شريحة من الناس، فأنا اليوم إذا أردت أن أعمل عملاً، فبدايةً أُريد أربعة عمال وكل عامل عائلته خمسة أفراد، فالآن شغّلت عشرون شخصاً، بعد ذلك أُريد أن أعمل مطبوعات وإيصالات وكذا فشغّلت المطبعة، بعد ذلك أُريد سيارة فاشتريت سيارةً، أُريد سائق فعيَّنت سائقاً، أُريد بضاعة فاشتريت، نشأ عندي مشكلة فأحضرت عامل التمديدات ليُصلِح، انقطعت الكهرباء فأحضرت عامل الكهرباء ليُصلِحها، وسَّعت العمل قليلاً فأحضرت عامل البناء لبناء غرفةٍ إضافية، ماذا يحصَل؟ الأعمال تلد المال، توزعت الثروة، أمّا عندما يلد المال المال، تُحرَم منه الكثرة الكثيرة ويصبح في أيدٍ قليلة. |
| لذلك يقول الاقتصاديون اليوم: عشرة بالمئة من أهل الأرض يملكون تسعون بالمئة من ثرواتها، وتسعون بالمئة من أهل الأرض يملكون عشرة بالمئة من ثرواتها، لأنَّ الرِبا يُكدِّس الأموال في أيدٍ قليلة ويحرِم الناس منها، البنك يودِع الأموال عنده ويحرِم منها الكثرة الكثيرة، فالإسلام يقول له: معك مليون اعمل بها ولا تضعهم في البنك، لا تُقرضهم وتجلس في البيت، أُريد أن أُشغِّل الناس بعملٍ حقيقي، لا أن يُصبحوا أُجراء يأخذوا مبلغ لا يكفيهم لعشرة أيام، أُريد أن أُشغِّله شُغلاً حقيقياً بأن أتداول معه المال، المال لي ولك، هذا مال الله، فهذا هو أهم ما يُقال في حكمة تحريم الرِبا والله أعلم. |

