كلمة الجهاد لغة وشرعا - معانيها وفهمها الصحيح-1

  • الحلقة التاسعة عشر
  • 2018-08-07

كلمة الجهاد لغة وشرعا - معانيها وفهمها الصحيح-1


الجهاد كلمةُ مظلومة
ظلمت كلمة الجهاد من أهلها وأعدائها
السلام عليكم: نتحدث اليوم عن كلمةٍ مظلومةٍ، ظلمها أعدائها وظلمها أهلُها، فكان ظلمها مضاعفاً، ولا أعلم كلمةً في الإسلام ظلمت كظلمها، إنها كلمة الجهاد، ظلمها أهلُها يوماً حينما استحيوا بها فحذفوها من مناهجهم وحذفوها من فكرهم إرضاءً للأقوياء، فضعفنا وتخاذلنا، وأصبح بأسُنا بيننا، واحتُلت أراضينا وانتهبت ثرواتنا، ثم ظلمها أهلُها مرة ثانية حينما مارس بعضهم الجهاد بطريقة ما أنزل الله بها من سلطان، فبررنا لأعدائنا من جديد أن يستبيحوا ديارنا وأن ينهبوا ثرواتنا وأن يستبيحوا مقدساتنا لمحاربة الإرهاب الذي نتج في زعمهم عن هذا الاستخدام للجهاد، إذاً ظلمت كلمة الجهاد من أهلها وظلمت من أعدائها، مرةً حينما تركناها، مرةً حينما نفذناها بمكرٍ من أعدائنا ولكن بطريقةٍ ما أنزل الله بها من سلطان.

تعريف الجهاد وحدوده
الجهاد لغةً: هو بذل الجهد والوِسع والطاقة في أي أمرٍ من أمور الدين أو الدنيا، أما الجهاد شرعاً: فهو بذل الجهد والطاقة والوِسعِ في نشر دين وإعلاء كلمة الله ونصرة المستضعفين، ما حدود الجهاد؟ كل كلمةٍ في الدين لها حدود، ما حدود الجهاد هل هو قتال فحسب في ساحة المعركة؟ الجواب لا، الجهاد يشمل الدين كلهُ دون مبالغة، الجهاد يشمل الدين كلهُ، قال تعالى:

فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا
(سورة الفرقان:الآية 52)

قال ابن عباسٍ رضي الله عنهما: وجاهدهم به، أي بالقرآن، إذاً هناك جهادٌ في نشر القرآن وتعليمه وتدبره والعمل به، هذا جهاد، وجاهدهم به: أي بالقرآن الكريم جهاداً كبيراً، وقال تعالى:

وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ
(سورة العنكبوت:الآية 69)

جهاد النفس والهوى
وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا، وهذا جهاد النفس والهوى، وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا، قال ابن عباس: الذين جاهدوا في العمل بما يعلمون يهديهم الله تعالى إلى ما لا يعلمون، وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ،
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال :

{ جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستأذنه في الجهاد ، فقال : أحيٌ والداك ، قال : نعم ، قال : ففيهما فجاهد }

( رواه البخاري )

بر الوالدين جهاد
فسمى بر الوالدين والصبر عليهما وإنفاذ أمرهما والبعد عن عقوقهما سماه جهادًا في سبيل الله قال: ففيهما فجاهد، وفي حديثٍ آخر:
عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

{ السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالمِسْكِينِ، كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، أَوِ القَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ }

(أخرجه البخاري ومسلم)


أنواع الجهاد
الجهاد نصرةٌ للمستضعفين
الأرامل من فقدوا أزواجهن، إذاً هناك جهادٌ هو جهاد النفس والهوى لحملها على طاعة الله تعالى ولحملها على العمل بما يعلم الإنسان حتى يهديه الله تعالى إلى ما لا يعلم، وهناك جهادٌ دعويٌ يكون بنشر القرآن الكريم ونشر الحق ونشر الخير (وجاهدهم به جهادً كبيراً) وهناك جهاد الأعمال الصالحة من برٍ للوالدين ومن سعيٍ على الأرامل واليتامى والمساكين، فكل عملٍ صالحٍ يكون فيه نصرةٌ للمستضعفين واحقاقٌ للحق فهو جهادٌ في سبيل الله.
تمهلوا لا تظنوا أنني أريد أن أظلم كلمة الجهاد من جديد، فما تكلمت اليوم إلا مدافعاً عنها أبتغي وجه الله تعالى، هناك جهادٌ قتاليٌّ في ساحة المعركة، هناك قتالٌ في سبيل الله تعالى له أهدافه وله شروطه وله ضوابطه، يمكن أن نتابع الحديث عن ذلك في لقاءٍ لاحق، اللهم أصلح لنا ديننا.
إلى الملتقى أستودعكم الله ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته