كلمة الجهاد لغة وشرعا - معانيها وفهمها الصحيح-2

  • الحلقة العشرون
  • 2018-08-13

كلمة الجهاد لغة وشرعا - معانيها وفهمها الصحيح-2

السلام عليكم، نتابع الحديث اليوم عن الكلمة المظلومة، كلمة الجهاد التي ظلمها أهلها وظلمها أعداؤها كما أسلفنا سابقاً، بيًّنا أن الجهاد يشمل الدين كله بحيث يجاهد الإنسان بنشر الخير وتعليمه ويجاهد نفسه وهواه ويجاهد بكل عملٍ صالحٍ فيه نصرةٌ للمستضعفين.

الجهاد القتالي
نتابع اليوم الحديث عن الجهاد وننتقل إلى الجهاد القتالي الذي يكون في ساحة المعركة.
الجهاد القتالي يحتاج إلى رايةٍ واضحةٍ
أولاً الجهاد القتالي يحتاج إلى رايةٍ واضحةٍ لا لَبس فيها ولا غموض قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح:

{ مَنْ قَاتلَ تَحْتَ رَايَةٍ عِمِّيَّةٍ، يَغْضَبُ لِعَصَبَةٍ، أو يَدْعُو إِلى عَصبَةٍ، أو يَنْصُرُ عَصَبَة، فَقُتِلَ فَقِتْلَةٌ جَاهِليَّةٌ }

قاتل تحت رايةٍ غامضةٍ لا يعرف لماذا يُقاتل ومن أجل من يُقاتل ومن يدفع له من أجل أن يُقاتل ولمصلحة من يُقاتل. الجهاد في الأصل شُرعَ لردِّ العدوان، شُرعَ الجهاد في قوله تعالى:

أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ
(سورة الحج: الآية 39)

فأُذن للمسلمين بالجهاد من أجل رد العدوان ودفع الظلم عنهم، قال تعالى:

وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ
(سورة البقرة: الآية 190)


أنواع الجهاد القتالي
رد العدوان
شُرعَ الجهاد لرد العدوان
فالقتال لمن يقاتلنا لرد العدوان، هذا النوع الأول من أنواع الجهاد "ردُّ العدوان" قد يقول قائلٌ هذه الآية نسخت وأصبحنا اليوم نقاتل كل الناس حتى لو لم يقاتلونا، نقول لمن يقول هذا الأمر: الله تعالى يقول: (ولا تعتدوا) في الآية نفسها، فهذا نهيٌ، فهل نسخ هذا النهيُ فأصبح العدوان واجباً إعتدوا؟ حاشاه تعالى أن يأمر بالعدوان، ثم إن الله تعالى يقول في ختام الآية: (إن الله لا يحب المعتدين) وهذا خبر والخبر لا يقبل النسخ أصلاً، إذاً هذه آيةٌ محكمة تبين أن أصل القتال في سبيل الله إنما هو لدفعِ العدوان، شُرعَ الجهاد لردِّ العدوان، أفيُعقل أن ننقل الجهاد إلى أرضنا من أجل أن نُشرِّع العدوان على ديارنا ومن أجل أن نُشرِّع للأعداء استباحة دمائنا وثرواتنا! هذا لا يعقل بحال.

الجهاد لإعلاء كلمة الله تعالى
النوع الثاني من أنواع الجهاد هو ما يكون لإعلاء كلمة الله تعالى، لكن هل شُرع الجهاد من أجل إجبار الناس على الدخول في دين الله تعالى؟ يستحيل ذلك والله تعالى يقول:

وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ
(سورة يونس: الآية 99)

لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ۚ ….
(سورة البقرة: الآية 256)

وهذه آياتٌ محكمات.
شرع الجهاد ليترك للناس حرية الإختيار
إذاً الجهاد القتاليُّ لم يُشرع أبداً لإجبار الناس على الدخول بدين الله تعالى ولكنه شُرِعَ ليترك للناس حرية الإختيار لِيدين الإنسان بما يريده وبما يعتقده والحساب عند الله تعالى، هذا لا يعني أبداً ولا بحال أننا نقبل بعقائد الآخرين ولا يعني أننا نؤيدهم على باطلهم هذا ليس من الدين في شيء ولكن هذا لا يعني أيضاً أننا نحاربهم لأنهم يعتقدون بخلاف ما نعتقد، إذاً شُرِعَ الجهاد لصد العدوان ثم شُرعَ ليترك للناس حرية الإختيار قال تعالى:

الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ
(سورة الحج: الآية 40)


حقيقة اتهام الجهاد بالتطرف والإرهاب
ليس في الجهاد تطرفٌ وإرهاب
إذاً شُرِعَ الجهاد من أجل أن يدين الناسُ بما يعتقدون ومن أجل أن تكون كلمة الله هي العليا، لم يُشرع الجهاد كما يدعي أعداء الإسلام لإجبار الناس على الدخول في دين الله تعالى، وهؤلاء الذين يدعون من أعداء الإسلام بأن الجهاد في الإسلام تطرفٌ وإرهاب هم في الحقيقة بعيدون كل البعد عن الحقيقة، ففي جميع غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم عدد القتلى وعدد الشهداء لم يتجاوز المئات بينما في حروبهم التي يدعون فيها محاربة الإرهاب والتطرف يُقتل مئات الألوف وتُستباح الديار وتنتهك الأعراض وتستباح الثروات تحت حجة أنهم يحاربون التطرف والإرهاب وهم في الحقيقة يدمرون مجتمعات بأكملها، الجهاد شُرعَ لصد العدوان والجهاد شرع لإعلاء كلمة الله وليَدين الناس بما يعتقدون ولتكون لهم حرية الإختيار. اللهم أصلح لنا ديننا.
إلى الملتقى أستودعكم الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته