التدين الانتقائي-1

  • الحلقة الرابعة
  • 2018-05-31
  • عمان

التدين الانتقائي-1


التدين الانتقائي :
السلام عليكم؛ عندما يصبح تديننا انتقائياً بمعنى أن نأخذ من دين الله تعالى ما يناسبنا، ويعجبنا، و يوافق هوانا، ونترك منه ما لا يعجبنا، عندها نقول: اللهم أصلح لنا ديننا، قال تعالى: مخاطباً اليهود.

ثُمَّ أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأْتُوكُمْ أُسَارَىٰ تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ
[سورة البقرة: 85 ]

الدين كلّ لا يقبل التجزئة
تؤمنون ببعض الكتاب، وهو فداء الأسرى، فتقبلون ذلك، وتكفرون ببعض، وهو القتال والمظاهرة، ما هذا الدين؟ كيف يستقيم عندكم أن تؤمنوا ببعض كتاب الله تعالى ثم تكفروا ببعضه الآخر؟ والعبرة كما يقول الأصوليون بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فلو أخذنا هذه الآية: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ﴾ انطبقت على كثير من المسلمين.
فالدين أيها الأخوة كلّ لا يقبل التجزئة من جهتين، الجهة الأولى جهة القبول، والإذعان، والخضوع لمنهج الله تعالى، فلا يقبل من مسلم أن يؤمن ببعض القرآن الكريم، وأن يفكر ببعضه الآخر كفراً صريحاً، لا يقبل من مسلم أن يؤمن ببعض أحكام الدين، ويكفر ببعضها الآخر، فيقول: أنا أؤمن بالصلاة مثلاً ولا أؤمن بالصيام، هذا كفرٌ صريحٌ بلا خلاف، أما الجهة الثانية فهي أننا جميعاً نسعى إلى تطبيق الدين كاملاً بشكلٍ كاملٍ، لكننا قد نقع في بعض المعاصي وقد نُخالف بعض الشرائع فنتوب إلى الله تعالى، ونرجع إليه.
المصلحة الحقيقية لا تكون إلا في شرع الله
لكن لا يقبل أبداً أن يصبح ديننا انتقائياً، فنأخذ منه ما يناسب مصلحتنا المتوهمة، لأن المصلحة الحقيقية لا تكون إلا في شرع الله، فنأخذ منه ما نظن أنه مصلحة لنا، و ندع ما نظن أنه صعبٌ علينا، شاقٌ علينا، ولا يحقق مصالحنا.
امرأةٌ تصلي و تصوم، ولها أجرٌ على ذلك بلا شك، لكنها لا تلتزم بالحجاب الشرعي لأنه لا يناسب هواها، هذا دينٌ انتقائي.
رجلٌ يصلي في المسجد، ويحج إلى بيت الله الحرام، وربما اعتمر في كل عامٍ مرةً، وحج مرةً أُخرى، لكنه في محله التجاري لا يلتزم بتعليمات الإسلام، فيتعامل بالربا، والغش، والتدليس، هذا تدينٌ انتقائي، يؤمن ببعض الكتاب ويكفر بالبعض الآخر، لا كفراً صريحاً وخروجاً من الملة، لا، لكنه تركٌ وإعراضٌ عن منهج الله تعالى في تفصيلاتٍ معينة، يأخذ من الدين ما يناسب مصلحته المتوهمة و هواه، ويدع ما يجده شاقاً على النفس وثقيلاً، عندما يصبح تديننا انتقائياً لابد أن ندعو ونقول: اللهم أصلح لنا ديننا، وللحديث عن التدين الانتقائي تتمة.
إلى الملتقى أستودعكم الله.