التجديد في الدين

  • الحلقة الخامسة
  • 2020-04-28

التجديد في الدين

السلام عليكم: الآية اليوم هي الآية الثالثة من سورة المائدة وهي قوله تعالى:

الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا
(سورة المائدة: الآية 3)

معالجة الشرع وافيةٌ كاملة
(أَكْمَلْتُ) الإكمال نوعي، )وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) الإتمام عددي، بمعنى أن القضايا التي في ديننا تامَّةٌ عدداً، كاملةٌ نوعاً، فليس هناك قضيةٌ تقرِّبنا من الله، تقرِّبنا من الجنة وتبعدنا عن النار، إلا وشرعنا الحكيم قد عالجها بمعالجةٍ وافيةٍ كاملة، فالقضايا تامَّةٌ عدداً، كاملةٌ نوعاً.
أمَّا الحديث فهو ما جاء في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما:

{ عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أنَّ رَجُلًا، مِنَ اليَهُودِ قالَ له: يا أمِيرَ المُؤْمِنِينَ، آيَةٌ في كِتَابِكُمْ تَقْرَؤُونَهَا، لو عَلَيْنَا مَعْشَرَ اليَهُودِ نَزَلَتْ، لَاتَّخَذْنَا ذلكَ اليومَ عِيدًا. قالَ: أيُّ آيَةٍ؟ قالَ: {اليومَ أكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وأَتْمَمْتُ علَيْكُم نِعْمَتي ورَضِيتُ لَكُمُ الإسْلَامَ دِينًا}-[المائدة: 3]-قالَ عُمَرُ: قدْ عَرَفْنَا ذلكَ اليَومَ، والمَكانَ الذي نَزَلَتْ فيه علَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وهو قَائِمٌ بعَرَفَةَ يَومَ جُمُعَةٍ }

(أخرجه البخاري ومسلم)

(لَاتَّخَذْنَا ذلكَ اليومَ عِيدًا) لاحتفلنا بيوم نزولها.
هذه الآية أيها الإخوة؛ لماذا هذا الرجل اليهودي يقول: لو أُنزلت علينا لاتخذنا ذلك اليوم عيداً؟ لأنَّ هذه الآية أيها الإخوة الكرام؛ قد ختمت الدين، وختمت الشريعة، وتُبيِّن نعمة الله علينا في أن أتمَّ علينا ديننا ثم حفظه لنا إلى يوم القيامة.

المفهوم الصحيح للتجديد في الدين
التجديد المطلوب في الدين
أيها الكرام: الكلام الآن موجَّه لكل من ينادي اليوم بالتجديد في الدين، هذه دعوة حق وقد يراد بها باطل وقد يراد بها حق، فإن كان المقصود بالتجديد في الدين: أن ننزع عن الدين ما علق به مما ليس منه فننقيه ونعيد له ألقه كما كان أيام النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام والسلف الصالح، نعيد له ألقه، فإن كان هذا هو المقصود بالتجديد فما أحلى هذا التجديد، واللَّهُ تعالى يبعثُ على رأسِ كلِّ مئة سنةٍ لِهَذِهِ الأمَّةِ من يجدِّدُ لَها دينَها.

{ إنَّ اللَّهَ يبعثُ لِهَذِهِ الأمَّةِ على رأسِ كلِّ مائةِ سنةٍ من يجدِّدُ لَها دينَها }

(صحيح أبي داود)

تجديد الخطاب الديني
(إنَّ اللَّهَ يبعثُ لِهَذِهِ الأمَّةِ على رأسِ كلِّ مائةِ سنةٍ من يجدِّدُ لَها دينَها) فيبعثه ويُحيه من جديد ويُبين معانيه، وإن كان بما يناسب هذا العصر فنعم التجديد هو، وإن كان التجديد يعني أن نجتهد اليوم في القضايا التي يسوء فيها الاجتهاد، وأن نعالج واقع أمتنا من خلال العلماء الثقاة الذين يستطيعون أن يستنبطوا الأحكام الشرعية وأن يطبقوها على واقع الأمة اليوم وأن ننهض بالعمل لحماية ديننا ولحماية مصدري الوحي القرآن والسنة، وأن نقوم بنشاطاتٍ مختلفة من أجل نشر هذا الدين ومن أجل التوعية، فنعم التجديد هو.

الإسلام كاملٌ وتامٌّ
أمَّا عندما يراد بالتجديد أن نزيد على الدين أو أن نحذف منه فهنا نقول: قال تعالى:

الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا
(سورة المائدة: الآية 3)

فالإسلام لا يزاد عليه ولا يُنتقص منه فهو كاملٌ وتامٌّ، وهو وحيٌ إلهي وليس منتجاً بشريَّاً حتى نُعدِّله أو نضيف عليه.
وإن كان التجديد يعني أن نهدم الدين لنعيد بناءه بعقلية المنهزم وفق ما يرضي أعداء الدين فبئس التجديد هو ولسنا بحاجته.
إلى الملتقى أستودعكم الله والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.