ما أعده الله لعباده الصالحين

  • الحلقة الثامنة عشر
  • 2020-05-11

ما أعده الله لعباده الصالحين

السلام عليكم: آية اليوم هي السابعة عشرة من سورة السجدة وهي قوله تعالى:

فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ
(سورة السجدة: الآية 17)

قرة العين: هي ما تَقَرُّ به العين وتسكن لما ترى مما يعجبها ويدخل السرور إليها (فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ).
أمَّا الحديث: فقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه:

{ عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قالَ اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالَى: أعْدَدْتُ لِعِبادِي الصَّالِحِينَ، ما لا عَيْنٌ رَأَتْ، ولا أُذُنٌ سَمِعَتْ، ولا خَطَرَ علَى قَلْبِ بَشَرٍ، قالَ أبو هُرَيْرَةَ: اقْرَؤُوا إنْ شِئْتُمْ: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} }

(صحيح البخاري)


دوائر المعرفة عند الإنسان
دوائر معرفة الإنسان
ما أعدَّه الله عزَّ وجلَّ لعباده في الجنة لا يعلمه أحدٌ من خلق الله، (ما لا عَيْنٌ رَأَتْ) إنَّ أصغر دائرة هي دائرة المرئيات، فلو عاش إنسانٌ سبعين سنة فإنه رأى مرئياتٍ محدودة مهما كثرت فيقول لك: رأيت هذا البلد، ورأيت ذاك البلد، وزرت تلك المدينة، وسافرت إلى تلك العاصمة، وهكذا، فدائرة مرئياته محدودة، أما دائرة المسموعات فهي أوسع بكثير، فكم سمعنا عن بلدانٍ لم نزرها وكم سمعنا عن أشياء لا نعلم عنها إلا بمقدار ما وصل إلى آذاننا، هذه دائرة المسموعات، وأما دائرة الخواطر فهي واسعةٌ جداً جداً لا حدود لها، فيمكن أن يخطر ببال الإنسان كل يوم آلاف الخواطر وكلها قد تكون موجودةً أو قد يكون كثيرٌ منها غير موجودٍ أصلاً لكنها تخطر على البال، إذاً هي ثلاث دوائر متتالية: مرئيات العين، ومسموعات الأذن، ثم خواطر القلب وما أكثرها.

عظمة ما أعده الله تعالى لعباده يوم القيامة
دائرة الممنوعات محدودة
أما ما أعده الله عز وجل لعباده الصالحين يوم القيامة فلا يمكن لعينٍ أن تراه، لم تره عينٌ سابقاً ولا سمعته أذنٌ سابقاً ولم يخطر لمجرد خاطرٍ على قلب بشرٍ من الناس، فما أعظم ما أعده الله تعالى لعباده يوم القيامة، إن الجاهل أعظم جهل، وإن المغبون أعظم غبن، وإن السفيه أعظم سفه هو الذي يضيُّع هذا الذي أعده الله عز وجل لعباده الصالحين يوم القيامة، يطلب الله تعالى منك في الدنيا أوامر محدودة، سمح لك بآلاف بل ملايين المباحات، لكنه حدد لك دوائر الممنوعات، وهي بسيطةٌ جداً وهي مما يضرك في دنياك ويسوؤك في آخرتك، ثم أمرك أن تكون صالحاً، عبداً صالحاً تصلُح لأن تقف بين يدي الله عز وجل يوم القيامة دون ذنوبٍ وآثامٍ، فإذا كنت من عباد الله الصالحين فقد هيأت نفسك لجنةٍ فيها: (ما لا عَيْنٌ رَأَتْ ولا أُذُنٌ سَمِعَتْ ولا خَطَرَ علَى قَلْبِ بَشَرٍ، واقْرَؤُوا إنْ شِئْتُمْ: {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}).
إلى الملتقى أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.