رؤية الله يوم القيامة

  • الحلقة الثالثة والعشرون
  • 2020-05-16

رؤية الله يوم القيامة

السلام عليكم: الآية اليوم هي الآية التاسعة والثلاثون من سورة (ق) وهي قوله تعالى:

وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ
(سورة ق: الآية 39)

أما الحديث: فقد أخرج الإمام البخاري في صحيحه:

{ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا لَيْلَةً مع النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَنَظَرَ إلى القَمَرِ لَيْلَةَ أرْبَعَ عَشْرَةَ، فَقالَ: إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كما تَرَوْنَ هذا لا تُضَامُونَ في رُؤْيَتِهِ، فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أنْ لا تُغْلَبُوا علَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وقَبْلَ غُرُوبِهَا، فَافْعَلُوا، ثُمَّ قَرَأَ: {وَسَبِّحْ بحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وقَبْلَ الغُرُوبِ} }

(صحيح البخاري)

(إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كما تَرَوْنَ هذا) أي كما ترون القمر في حالة اكتماله، فلا يشك عاقلٌ في رؤية القمر، فرؤية الله تعالى محققةٌ يقينيةٌ يوم القيامة، (كما تَرَوْنَ هذا لا تُضَامُونَ في رُؤْيَتِهِ) أي لا ينالكم ضيمٌ، أي تعبٌ في رؤيته مهما كثر عددكم، سترونه جميعاً جل جلاله؛ أيها المؤمنون، (فَإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أنْ لا تُغْلَبُوا) أي ألا يمنعكم مانعٌ، كالنوم وهو أكثر الموانع في هذه الأوقات، ألا يمنعكم النوم أو الانشغال بأي شيءٍ عن أداء هاتين الفريضتين، (قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ) أي صلاة الفجر وصلاة العصر.
وهنا بعض التعقيبات:

الالتزام بصلاتي الفجر والعصر
أولاً: لماذا خصَّ النبي صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ هاتين الصلاتين بالذكر من بين الصلوات الخمس؟ لأن المنافقين غالباً ما ينامون عن هاتين الصلاتين، الفجر والعصر، لذلك يؤكد النبي صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ على الالتزام بهاتين الصلاتين وأدائهما على أحسن وجهٍ وأكمله.

رؤية الله تعالى يوم القيامة حق
ثانياً: رؤية الله تعالى يوم القيامة حق لا يماري فيه أحد، ثبت ذلك في كتاب الله قال تعالى:

وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ
(سورة القيامة: الآية 22-23)

وقال تعالى:

لِّلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَىٰ وَزِيَادَةٌ
(سورة يونس:الآية 26)

قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح:

{ {وَزِيَادَةٌ} : الزيادة هي النظر إلى وجه الله جل جلاله }

(صحيح مسلم)

رؤية الله حق
فرؤية الله حق، لكن ما السبب الذي تقدمه في الحياة لترى ربك يوم القيامة؟ إنَّ أعظم عقابٍ أن تحجب عن الله، قال تعالى:

كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ
(سورة المطففين: الآية 15)

السبب الذي تقدمه أن تعبد الله في الدنيا كأنك تراه، حتى تراه يوم القيامة رأيَ العين، أن تعبد الله في الدنيا كأنك تراه، بمعنى أن تراقب الله في أعمالك وألا يغيب عنك للحظةٍ واحدة أنَّ الله مطلعٌ عليك ناظرٌ إليك، قال تعالى:

أَلَمْ يَعْلَم بِأَنَّ اللَّهَ يَرَىٰ
(سورة العلق: الآية 14)

إنَّ أفضل إيمان المرء أن يعلم أن الله معه حيث كان ،أنَّ الله معه بعلمه وقدرته وسمعه وبصره فهو يراه.

إحسان الصلاة بالله
أعظم جهدٍ أن تحسن صلتك بالله
التعقيب الأخير أيها الكرام: ما علاقة رؤية الله تعالى في الجنة كما نرى القمر ليلة البدر بصلاتي الفجر والعصر؟ كأن النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال: "إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ" لكأني بالصحابة الكرام حوله قد برز سؤالٌ إلى أذهانهم: ماذا نفعل حتى نحظى بهذه الرؤية العظيمة؟ فالنبي صلى الله عليه وسلم من رحمته سبق إلى الجواب قبل أن يسألوا، فقال لهم: الزموا صلاتكم، أحسنوا صلتكم بربكم، رؤية الله ليست بلا سبب، لا بد لها من جهدٍ وتعبٍ، وأعظم جهدٍ وتعبٍ هو أن تحسن صلتك بالله تعالى.

إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ
(سورة العنكبوت: الآية 45)

وخصَّ كما قلنا الفجر والعصر لأنهما أثقل صلاتين على المنافقين، ولأن بعض الناس قد يغفلون عن هاتين الصلاتين.
إلى الملتقى أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.