قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا

  • الحلقة السادسة والعشرون
  • 2020-05-19

قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا

السلام عليكم: الآية اليوم هي الآية الأولى من سورة المجادلة وهي قوله تعالى:

قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا ۚ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ
(سورة المجادلة: الآية 1)

وأما الحديث فقد أخرج ابن ماجة في سننه بسندٍ صحيح:

{ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَت: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الأصْوَاتَ، لَقَدْ جَاءَتِ الْمُجَادِلَةُ إِلَى النَّبِيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ، وَأَنَا فِي نَاحِيَةِ الْبَيْتِ، تَشكُو زوجَها، ومَا أَسْمَعُ مَا تَقُولُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا) }

(صحيح ابن ماجة)

(ومَا أَسْمَعُ مَا تَقُولُ) عائشة قريبةٌ لكنها لا تسمع قولها.
استنبطت أمنا رضي الله عنها عِبرةً من هذا الموقف وهي: أن تحمد الله على نعمةٍ من نعمه وهو أنه جل جلاله يسمع ويرى، ويُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ ويسمع الشكوى جل جلاله، فقالت: "الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَسِعَ سَمْعُهُ الأصْوَاتَ".

قصة المجادِلة
الظِهار عادةٌ من عادات الجاهلية
الْمُجَادِلَةُ: هي خولة بنت ثعلبة، وقد جاءت تشكو زوجها أوس بن الصامت الذي ظاهر منها، والظِهار عادةٌ من عادات أهل الجاهلية يقول فيها الزوج لزوجته: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي أو كَظَهْرِ أختي فلا يقربها بعد ذلك، فجاءت تشكو إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما فعل زوجها وتقولُ: (يا رسولَ اللَّهِ، أَكَلَ شَبابي، ونثرتُ لَهُ بَطني، حتَّى إذا كبُرَتْ سِنِّي، وانقطعَ ولَدي، ظاهرَ منِّي، اللَّهمَّ إنِّي أشكو إليكَ).
وفي روايةٍ: تقول خَوْلَةَ: يا رسول الله لي منه أولاد - فهي تجادل من أجل أولادها، تشكو من أجل أولادها تخاف على مستقبل أولادها - إن ضممتهم إليَّ جاعوا - فهو الذي ينفق عليهم - وإن تركتهم إليه ضاعوا - فأنا التي أربيهم - كانت تجادل وتشكو، والنبي صلى الله عليه وسلم لا يجد لها مخرجاً في كتاب الله، إذ لم يتنزل حكمٌ في الظِهارِ بعد، فسمع الله قولها وأنزل في شأنها قرآناً يتلى إلى يوم القيامة.

موقف سيدنا عمر مع السيدة خولة (المجادِلة)
احترام سيدنا عمر للسيدة خولة
أيها الإخوة الأحباب: يروى أن عمر رضي الله عنه خرج من المسجد يوماً ومعه الجارود العبدي، فإذا بامرأةٍ برزت على ظهر الطريق، فسلّم عليها عمر فردّت عليه السّلام، وقالت: هيهات يا عمر، عهدتك وأنت تسمّى عميراً - تصغيرٌ لعمر- في سوق عكاظ، ترعى الضّأن بعصاك، فلم تذهب الأيّام حتّى سُمِّيتَ عمر، ثمّ لم تذهب الأيّام حتّى سُمّيت أمير المؤمنين، فاتّق الله في الرّعيّة، واعلم أنّه من خاف الوعيد قرب عليه البعيد، ومن خاف الموت خُشي عليه الفوت، فقال الجارود: قد أكثرتِ أيّتها المرأة على أمير المؤمنين، بالغتِ في الكلام، فَقَالَ عمر: دعها، أما تعرفها! فهذه خولة بنت حكيم امرأة أوس بْن الصامت التي سمع اللَّه قولها من فوق سبع سماوات، فعمر والله أحق أن يسمع لَهَا.
أراد الله عز وجل أن يُخلِّد ذكر هذه المرأة التي جادلت وشكت زوجها إلى الله في قرآنٍ يتلى إلى يوم القيامة ليعلمنا أهمية هذا الرباط الزوجي وأهمية المرأة في الإسلام عندما تشكو وتدافع عن حقوقها.
إلى الملتقى أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.