فضل التوبة وقبولها وفضل الأيام العشر

  • 2019-08-02
  • عمان
  • مسجد أمين الراوي الشميساني

فضل التوبة وقبولها وفضل الأيام العشر

يا ربَّنا لك الحمدُ مِلْءَ السَّمواتِ والأرضِ، ومِلْءَ ما بينهما، ومِلْءَ ما شِئتَ مِن شيءٍ بعدُ، أهلَ الثناءِ والمجدِ، أحقُّ ما قال العبد،ُ وكلُّنا لك عبدٌ، لا مانعَ لِما أعطَيتَ، ولا مُعطيَ لِمَا منَعتَ، ولا ينفَعُ ذا الجَدِّ منك الجَدُّ. أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، غِنَى كُلِّ فَقِيرٍ، وَعِزُّ كُلِّ ذَلِيلٍ، وَقُوَّةُ كُلِّ ضَعِيفٍ، وَ مَفْزَعُ كُلِّ مَلْهُوفٍ، فكيف نفتقر في غناك؟ وكيف نضل في هداك؟ وكيف نذلُ في عزك؟ وكيف نُضامُ في سلطانك؟ وكيف نخشى غيرك والأمرُ كله إليك؟ وأشهدُ أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، أرسلتهُ رحمةً للعالمين بشيراً ونذيراً، ليخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنّات القرُبات، فجزاه الله عنا خير ما جزى نبياً عن أمته، اللَّهُمَّ صَلِّ وسَلِّمْ وَبَارِكْ على سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ وعلى آلِ سيدنا محمد، وعلى أصحاب سيدنا محمد، وعلى أزواج سيدنا محمد، وعلى ذرية سيدنا محمد وسلم تسليماً كثيراً، وبعد عباد الله، فإن الله تعالى يقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ.


اصطفاء الله أمكنة و أزمنة لتكون أيام طاعة وقرب :
أيها الأحباب الكرام؛ إن الله تعالى جلّ جلاله يخلق ما يشاء ويختار أزمنة وأمكنة وأشخاصاً، فقد خلق الله تعالى الخلق كلهم، إنسهم وجنَّهم، ثم اصطفى منهم خيرته من خلقه أنبياءه ورسله الكرام، ثم اصطفى من الأنبياء والرسل الكرام سيدنا محمداً عليه أفضل الصلاة وأتم السلام، فجعله خير خلق الله كلهم، هذا اصطفاؤه في الأشخاص، وأما اصطفاؤه في الأمكنة فقد خلق الله السماوات والأرض، ثم اصطفى منها بيوته، وجعلها خير الأماكن، ثم اصطفى من تلك البيوت ثلاثة؛ فجعلها لا تشد الرحال إلا إليها: المسجد الحرام، ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم، والمسجد الأقصى، ثم إنه جلّ جلاله خلق الأزمان، خلق الساعات، فاصطفى منها ثلث الليل الآخر، حيث ينزل ربنا إلى السماء الدنيا فيقول: هل من مستغفرٍ فأغفر له؟ هل من طالب حاجةٍ فأقضيها له؟ هل من داعٍ فأجيبه؟ حتى ينبلج الفجر، وخلق جلّ جلاله الأيام فاصطفى منها يوم الجمعة هذا فجعله يوم عيدٍ للمسلمين يجتمعون فيه في بيوت الله على ذكر الله، وخلق الأشهر واصطفى منها شهر رمضان فجعله شهر البركة والخير والإحسان، واصطفى جلّ جلاله واختار عشراً من ذي الحجة فجعل هذه العشر الأول من ذي الحجة أفضل الأيام عند الله، ونحن اليوم نستقبل هذه العشر ونحن في اليوم الأول منها.

أيام العشر من أفضل الأيام عند الله لاجتماع أمهات العبادات فيها :
العشر الأُوَل من ذي الحجة أفضل الأيام
أيها الأخوة الكرام؛ يقول تعالى:

وَالْفَجْرِ * ولَيَالٍ عَشْرٍ
[ سورة الفجر: 1-2]

قال ابن عباس رضي الله عنهما وغيره: هذه عشر ذي الحجة، فإذا أقسم الله عز وجل بشيءٍ من خلقه فما ذاك إلا لعظيم مكانة هذا عنده، أما العبد المخلوق فلا يجوز له أن يقسم بغير الخالق جلّ جلاله، أما الخالق فعندما يقسم بشيءٍ من مخلوقاته فإنما ليلفت نظرنا إلى عظيم فضل هذه الأيام، أيام العشر.
أيها الأخوة الكرام؛ إنها أفضل أيام الدنيا على الإطلاق، قال صلى الله عليه وسلم: " أفضل أيام الدنيا أيام العشر فيها يوم عرفة، الذي يغفر الله لكثيرٍ من خلقه فيه وما رئي في يومٍ أكثر عتقاً من النار لخلقه من هذا اليوم"، وصيام هذا اليوم كما في الصحيح:" صيام يوم عرفة يكفر سنتين ماضيةً ومستقبلة " أي يكفر الذنوب الصغائر ويمحوها عند الله، ولكنه لا يكفر الكبائر إلا بالتوبة، ولا يكفر حقوق العباد إلا بالأداء أو المسامحة حتى نكون على بينةٍ من أمرنا، وفي هذه العشر يوم النحر وهو أفضل هذه العشر كلها، قال صلى الله عليه وسلم:

{ أعظم الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القًرِّ }

[رواه أحمد وأبو داود والحاكم وصححه الألباني]

يوم القَرِّ وهو يوم الحادي عشر من ذي الحجة حين يستقرُّ الحجاج في مِنى، وفي الصحيح أيها الكرام:

{ ما من أيامٍ، - وهذه مِن لاستغراق الأفراد، أفراد النوع، أي على الإطلاق- العمل الصالح فيها أحب إلى الله تعالى من هذه الأيام- أي أيام العشر- قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجلٌ خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء }

[رواه البخاري]

تجتمع أمهات العبادات في عشر ذي الحجة
والظاهر أن مكانة هذه الأيام كما قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: إنما جاءت لاجتماع أمهات العبادات فيها، وهذا لا يتحصل في غيرها، ففيها الصلاة، وفيها الصيام، وفيها الصدقة من الأعمال الصالحات، وفيها الحج، وفيها أنواع الذكر من التهليل والتكبير والتسبيح والتحميد، فلما اجتمعت فيها أمهات العبادات كانت أفضل الأيام عند الله تعالى.
في هذه الأيام يجب أن نعقد صلحاً مع الله
أيها الأخوة الكرام: أول ما ينبغي أن نفعله في هذه الأيام العشر أن نبادر إلى باب الله، وأن نعقد توبةً وصلحاً معه، أن نعقد صلحاً في هذه الأيام، فمن كان عاصياً فليتب، ومن كان تائباً طائعاً فليجدد التوبة، فما أحوجنا في كل حال ووقت إلى عقد هذا الصلح مع الله تعالى، وهذه النفحات التي يتكرم الله بها علينا في أيامه إنما لنجدد العهد معه، ولنجدد الصلح معه، ولنؤوب ولنرجع إليه.

التوبة عطاء و رحمة و سكينة يتجلى بها ربنا على خير عباده :
أيها الأخوة الكرام؛ التوبة أول ما ينبغي فعله في هذه الأيام. ذكر ابن قدامة في كتابه التوابين: أنه لحق قحطٌ بقوم موسى، في عهد موسى عليه السلام، فقالوا: يا نبي الله اخرج بنا نستسقي- أي نطلب السقيا من الله ونطلب الرحمة من الله- فخرج بهم إلى الصحراء وكانوا سبعين ألفاً أو يزيدون، فجعل يناجي ربه ويقول: إلهنا اسقنا غيثك، وانشر علينا رحمتك، وارحمنا بالأطفال الرضع، وبالبهائم الرتع، وبالشيوخ الركع، يقول: فما ازدادت السماء إلا تقشعاً، وما ازدادت الشمس إلا حرارةً، لا إجابة، فناجى موسى ربه قال: يا ربي استسقيناك ولم تسقنا، فأوحى الله إليه أن يا موسى إن بينكم عبداً يبارزني بالمعصية منذ أربعين سنة وبذنبه حرمتم القطر من السماء، مره فليخرج من بين ظهرانيكم، قال يا رب إني عبدٌ ضعيف، وصوتي ضعيف، أين يبلغ وهم سبعون ألفاً أو يزيدون؟ قال يا موسى: منك النداء وعلينا البلاغ، فجعل يقول: أيها العبد العاصي الذي بارز الله بالمعصية أربعين سنة اخرج من بين ظهرانينا فذنبك حرمنا القطر من السماء، فأوحى الله إلى موسى أن هذا العبد تلفت يمنةً ويسرة لعل يخرج غيره، فلما لم يخرج أحداً علم أنه المقصود فجعل رأسه في ثوبه وقال: يا رب عصيتك أربعين سنة وأمهلتني، وجئتك اليوم تائباً طائعاً نادماً فاقبلني واسترني بين هؤلاء الخلق يا أرحم الراحمين، قال: فما استتمَّ كلامه حتى علا في السماء سحابة فأمطرت كأفواه القُرَب، فناجى موسى ربه قال: يا رب سقيتنا ولم يخرج أحد من بين ظهرانينا؟ قال: يا موسى سقيتكم بالذي منعتكم به، الرجل الذي كان سبب المنع أصبح بتوبته سبب العطاء، - سقيتكم بالذي منعتكم به- فهم موسى عليه السلام كليم الله الرسالة، فقال: يا رب أرني هذا العبد التائب الطائع النادم قال: يا موسى عجبت لك أستره وهو يعصيني ثم أفضحه وهو يطيعني؟!
يا مَن ألوذ به فيما أؤملـــــــــــــــــــه ومَن أعوذ به مما أحــــــــاذره لا يجبرُ الناسُ عظماً أنت كاسرُه ولا يهيضون عظماً أنت جابره ***
{ المتنبي - شاعر عباسي }
أيها الأخوة الكرام؛ نحن بحاجةٍ إلى توبة، فالتوبة عطاء من الله، والتوبة رحمة من الله، والتوبة سكينة يتجلى بها ربنا على خير عباده.

قصة تبين حاجة كل إنسان إلى التوبة و الصلح مع الله :

أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ۖ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ
[سورة الحديد: 16]

التوبة عطاء من الله
دينار العيَّار، كان رجلاً مسرفاً على نفسه، وكان له أم تعظه فلا يتعظ، فمر في يوم من الأيام بمقبرة كثيرة العظام قد خرجت العظام من المقبرة، فتذكر مصيره، وتذكر نهايته، وتذكر أنه على الله قادم، أخذ عظْمًا نخراً في يده ففتته، ثم فكر في نفسه وقال: "ويحك يا نفسي، كأني بك غدًا قد صار عظمك رفاتًا، وجسمك ترابًا، وما زلت مكبَّة على المعاصي واللذائذ والشهوات، ثم ندم وعزم على التوبة. فكان إذا جن الليل أخذ في البكاء والعويل، ويقول لنفسه: ويحك يا دينار، ألك قوة على النار؟ كيف تعرضت لغضب الجبار؟ وكذلك إلى الصباح، فقالت له أمه في بعض الليالي: ارفق بنفسك، فقال : دعيني أتعب قليلاً لعلي أستريح طويلاً. يا أمي إن لي موقفاً طويلاً بين يدي رب جليل، ولا أدري أيؤمر بي إلى الظل الظليل، أم إلى شر مقيل، إني أخاف عناء لا راحة بعده، وتوبيخاً لا عفو معه، قالت: فاسترح قليلاً، فقال : الراحة أطلب ، أتضمنين لي الخلاص؟ قالت : فمن يضمنه لي؟ قال: فدعيني وما أنا عليه، كأنك يا أماه غداً بالخلائق يساقون إلى الجنة، وأنا أساق إلى النار فمرت به في بعض الليالي في قراءته:

فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِيْنَ * عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ
[ سورة الحجر: 92-93]

وفي الحديث القدسي الصحيح:

{ عن أنس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (قال الله تعالى: يا بن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا بن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك، يا بن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئًا لأتيتك بقرابها مغفرة }

[رواه الترمذي]

أيها الأخوة الكرام: نحن بحاجة أولاً في هذه الأيام وفي كل يوم إلى صلح مع الله، إلى توبة مع الله، إلى أن نعود إلى بارئنا وأن نجدد العهد معه على ترك المعاصي و الآثام، ما منا إلا مذنب.
قال ابن القيم رحمه الله: أتحسبون أن الصالحين بلا ذنوب؟ إنهم بذنوب ولكنهم ستروا أنفسهم فسترهم خالقهم، و تابوا إلى ربهم فتاب عليهم. كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون.

الإكثار من التسبيح والتهليل والتكبير والتحميد في هذه الأيام المباركة :
أيها الأخوة الكرام: ثم يسن في هذه الأيام التسبيح والتهليل والتكبير والتحميد. يقول صلى الله عليه وسلم:

{ ما من أيام أعظم ولا أحب إلى الله العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد }

التكبير في عشر ذي الحجة نوعان
التهليل: لا إله إلا الله، والتكبير: الله أكبر، فالتكبير في هذه الأيام نوعان، مطلق و مقيد، المطلق: بدأ من ليلة أمس من غروب شمس آخر يوم من أيام ذي القعدة بدأ التكبير المطلق، كبر الله وأنت في الطريق، وأنت في عملك، وأنت في بيتك، وأنت مع أولادك وأسرتك، في كل وقت الله أكبر الله أكبر الله أكبر، هذا تكبيرٌ مطلق، أما المقيد فهو الذي يكون بعد الصلوات، وفي المساجد، فيكون من صباح يوم عرفة إلى عصر آخر يوم من أيام التشريق.
إذاً أيها الكرام؛ تكبيرٌ مطلق في هذه الأيام وتهليلٌ وتحميد، نحمد ونكبر ونهلل على نعم الله عز وجل، ومما يسن في الأيام أعمال الخير التي أطلقها الحديث الشريف: (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام) أي عمل صالح يصلح للعرض على الله، يصلح أن تقف بين يدي الله فتقدمه، أي عمل وفق المنهج وخالص لوجه الله تعالى هو عملٌ صالح، صدقةٌ، صيامٌ، معاونةٌ، أمرٌ بمعروف، نهيٌ عن منكر، مساعدة الأهل والمحتاجين، أي عملٍ يصلح للعرض على الله هو ضمن أعمال الخير والبر التي أمرنا بها في هذه الأيام، ثم الصيام؛ فيستحب صيام هذه الأيام، ويدخل في جملة الأعمال الصالحة، أما تاسعها فهو سنة مؤكدة صوم يوم عرفة، وأما عاشرها فيحرم صومه، فهو أول أيام العيد، هذه هي العبادة، يومٌ يسن صومه ويكفِّر، ويومٌ يجب صومه كأيام رمضان، وهناك أيامٌ للأكل والشرب والفرح يحرم صومها فنعبد الله عز وجل كما أمر الله، وكما أراد الله، ووفق منهج الله.

ديننا كامل تام لأنه منهج الخالق سبحانه :
ثم أيها الكرام؛ آخر ما أريد أن أقوله في هذه الأيام أن هذه الأيام أكمل الله لنا فيها الدين، وأظهر علينا عظيم نعمته بأن جعلنا من أهل القبلة، نتوجه إليه ونعبده وحده، كم من أناسٍ في الأرض يعبدون غير الله من خلق الله، لكن أظهر الله نعمته علينا في هذه الأيام العشر، في قوله تعالى:

الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً
[ سورة المائدة: 3 ]

تجديد الدين أن ننزع ما علق به مما ليس منه
فلا ترضوا غير الإسلام ديناً، وقد رضيه لنا الخالق جل جلاله، ولا تلتفتوا إلى دعواتٍ على فضائياتٍ، أو وسائل التواصل الاجتماعي تدعو إلى تجديد الدين، تجديد الدين دعوة باطلة تريد أن تجدد الدين بأن تغيره، وهذا ليس تجديداً في الدين، هذا هدمٌ للدين، تجديد الدين أن ننزع عنه ما علق به مما ليس منه، أن نعيد له ألقه الذي كان عليه أيام رسول الله وصحابته الكرام، أما ديننا فكامل عالج كل القضايا، تامٌّ عالج كل قضيةٍ بتمامها، فلا يحتاج إلى تغييرٍ، ولا إلى تطوير، لأنه منهج الخالق جل جلاله.
قال حبر من أحبار اليهود: آيةٌ في كتابكم لو نزلت علينا معشر اليهود لاتخذنا اليوم الذي نزلت فيه لنا عيداً:

الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِيناً
[ سورة المائدة: 3 ]

قال عمر رضي الله عنه: إني أعلم متى نزلت وأين نزلت، نزلت يوم عرفة في يوم جمعة.
حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، و وزِّنُوا أعمالكم قبل أن توزنَ عليكم، واعلموا أن ملكَ الموت قد تخطانا إلى غيرنا، وسيَتخطى غيرنا إلينا فلنتخذُ حذرنا، الكيس من دانَ نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني، واستغفروا الله.
الحمد لله رب العالمين، وأشهدُ أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، فِي الْعَالَمِينَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

الدعاء :
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، إنك يا مولانا سميع قريب مجيب للدعوات، اللهم برحمتك أعمنا، وأكفنا اللهم شر ما أهمنا وأغمنا، وعلى الإيمان الكامل والكتاب والسنة توفنا، نلقاك وأنت راضٍ عنا، اللهم اجعلنا في هذه الأيام من التائبين، من الطائعين، من المهللين الحامدين المكبرين، اللهم أعد علينا بركات هذه الأيام، واحفظها لنا، واحفظنا لها يا أرحم الراحمين، اللهم بفضلك ورحمتك أعل كلمة الحق والدين، وانصر الإسلام وأعز المسلمين، اللهم انصرنا على أنفسنا وعلى شهواتنا حتى ننتصر لك فنستحق أن تنصرنا على عدونا، اللهم انصر أخواننا المرابطين في المسجد الأقصى وفي القدس الشريف على أعدائك وأعدائهم يا رب العالمين، اللهم فرج عن أخواننا المستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها، أطعم جائعهم، واكس عُريانهم، وارحم مصابهم، وآوِ غريبهم، واجعل لنا في ذلك سهماً وعملاً متقبلاً يا أرحم الراحمين، أنزل اللهم عليهم من الصبر أضعاف ما نزل بهم من البلاء، اجعل اللهم هذا البلد آمنا سخياً رخياً وسائر بلاد المسلمين، واكتب اللهم الصحة والسلامة للحجاج، والمسافرين، والمقيمين، والمرابطين في برِّك وبحرك وجوك من أمة سيدنا محمد أجمعين. وفق اللهم ملك البلاد لما فيه خيرٌ للبلاد والعباد، أقم الصلاة، وقوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله.