النظر في هواتف الآخرين

  • الحلقة الخامسة
  • 2021-04-17

النظر في هواتف الآخرين

أخي الحبيب اسمح لي أن أهمس في أذنك همسة محب:
من المظاهر السلبية في تعاملنا مع وسائل التواصل الحديثة قيام البعض بالنظر في هواتف وأجهزة الآخرين دون إذنهم.
مثال ذلك أن تكون في قاعة عامة تتنظر دورك، فتُفاجأ برجل يجلس بجانبك ينظر في جوالك أثناء تصفحك له، أو تكون في واسطة نقل عامة وإذ بأحدهم يشاركك جوالك، أو تقوم الزوجة بالتجسس على هاتف زوجها أو العكس وكل ذلك لا يصحُّ شرعاً.
وفي الحديث وفي سنده ضعف:

{ مَنْ نَظَرَ فِي كِتَابِ أَخِيهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَإِنَّمَا يَنْظُرُ فِي النَّارِ }

(أخرجه ابن حبان)

وقد قال أهل العلم: أربعة أحاديث من حفظها وحققها جمع أصول الأخلاق والآداب:

الأول:
قال رسول ﷺ:

{ مَن كانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ والْيَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا، أوْ لِيصْمُتْ }

(رواه البخاري ومسلم)


والثاني:
قال رسول ﷺ:

{ مِن حُسْنِ إسلامِ المَرءِ تَرْكُه ما لا يَعْنيهِ }

(رواه الترمذي)


والثالث:

{ أنَّ رَجُلًا قالَ للنبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أوْصِنِي، قالَ: لا تَغْضَبْ فَرَدَّدَ مِرَارًا، قالَ: لا تَغْضَبْ }

(رواه البخاري)


والرابع:
قال رسول ﷺ:

{ لا يؤمِنُ أحدُكم حتى يُحِبَّ لأخيه ما يُحِبُّ لنفسِه }

(رواه الترمذي)

ففي الأول: ضبط اللسان، وفي الثاني: ترك الفضول، وفي الثالث: ضبط النفس، وفي الرابع: سلامة القلب.
ما يعنينا هنا الحديث الثاني (مِن حُسْنِ إسلامِ المَرءِ تَرْكُه ما لا يَعْنيهِ) وهذا الحديث أصل في ترك الفضول ولو عمل به الناس لحلت الكثير من مشكلاتنا والتي أساسها انشغال الإنسان بما لا يعنيه.
يقول أحد دهاة العرب: ما غلبتني إلا جارية، كانت تحمل طبقاً مُغطى سألتها: ماذا يوجد في الطبق؟؟ فقالت: ولمَ غطيناه إذاً؟ فأحرجتني.
أما الزوج والزوجة فهذه همسة محب خاصة
أيتها الزوجة: لا يجوز لك شرعاً التجسس على هاتف زوجك، والأصل في العلاقة بين الزوجين أن تبنى على المودة والثقة المتبادلة قال تعالى:

وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ (12)
(سورة الحجرات)

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

{ لا تَحاسَدُوا، ولا تَباغَضُوا، ولا تَجَسَّسُوا، ولا تَحَسَّسُوا، ولا تَناجَشُوا، وكُونُوا عِبادَ اللهِ إخْوانًا }

(رواه البخاري ومسلم)

فنهى عن التجسس بتتبع الأخبار السيئة والعورات ونهى عن التحسس بتتبع الأخبار ولو كانت حسنة.
وفي الصحيح أيضاً:

{ يا معشرَ من أسلمَ بلسانهِ ولم يُفضِ الإيمانُ إلى قلبهِ ، لا تُؤذُوا المسلمينَ ولا تُعيّروهُم ولا تَتّبعوا عوراتهِم ، فإنه من يتبِعْ عورةَ أخيهِ المسلمِ تتبعَ اللهُ عورتَهُ ، ومن يتبعِ اللهُ عورتهُ يفضحْه ولو في جوفِ رحلهِ }

(رواه الترمذي)

أيها الزوج لا يجوز لك أن تتجسس على هاتف زوجتك فالأصل حسن الظن ولا يعدل عنه الا بقرينة ظاهرة
وفي الحديث:

{ نَهَى رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ أَنْ يَطْرُقَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ لَيْلًا يَتَخَوَّنُهُمْ، أَوْ يَلْتَمِسُ عَثَرَاتِهِمْ }

(رواه مسلم)

فبيَّن علة النهي وهي لئلا يحمله قدومه ليلاً على تخوُّن أهله وطلب عثراتهم، وبناء على ذلك فطالما لم ترَ من أهلك ما يريب فاحملهم على السلامة، وعاملهم بالظاهر والله يتولى السرائر، وعليك بصيانة أهلك وأمرهم بالتزام الحدود الشرعية.
والحمد لله رب العالمين.