التكاثر باللايكات

  • الحلقة العاشرة
  • 2021-04-22

التكاثر باللايكات

أخي الحبيب اسمح لي أن أهمس في أذنك همسة محب:
يقول تعالى:

أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1)
(سورة الكوثر)

التكاثر بماذا وألهاكم عن ماذا؟
التكاثر جاء في الآية مطلقاً فقد يكون بالمال وقد يكون بالولد وقد يكون بالعدد أو بالقبيلة، واليوم هناك تكاثر من نوع جديد إنه التكاثر باللايكات (الإعجابات) والمشاركات والتعليقات إن صح التعبير.
ينشر أحدهم منشوراً ثم يبدأ بعدِّ الاعجابات والمشاهدات والمشاركات والتعليقات، ثم يقارن منشوره بمنشور آخر حقق متابعة أكثر وهكذا فيلتهي بذاك عن مهمته في الحياة وعن طاعته لمولاه وعن إخلاصه لبارئه.
لا يوجد ما يمنع من أن يحرص الإنسان على إيصال صوته إلى أكبر شريحة ما دام يقدم مادة مفيدة ومشروعة، لكن..
العبد يعظم أجره بقدر صدقه وإخلاصه، فكم من عمل قليل سبق به صاحبه كما في الحديث، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: سَبَقَ دِرْهَمٌ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ.
أخي الحبيب: ليست العبرة في عدد الإعجابات التي حققتها ولا في عدد المشاهدات التي وصلت إليها إنما العبرة في المضمون الصحيح الموافق للكتاب والسنة ثم في مدى إخلاصك فيه.
أغنية ماجنة أو صورة ساقطة تحقق من المشاهدات في ساعة واحدة ما لا يحققه منشور في تنمية الوعي ومحاربة الانحراف في شهر، فهل هذا مجال موازنة أو مقاربة أصلاً.
منشور أو مقطع مصور حول الأبراج قد يحصد من المشاهدات ما لا يحصده من منشور في تقرير التوحيد ونبذ الخرافات والبدع!
المنحرفون يستخدمون سلاح الشهوة التي ينقاد الناس لها بغير وعي، إلا أننا نملك سلاح الحق، والحق فيه قوة ذاتية لا تنقضي، يقول ابن مسعود رضي الله عنه: (الجماعة ما وافق الحق ولو كنت وحدك).
ويقول الفضيل بن عياض: (عليك بطريق الهدى وإن قلَّ السالكون واجتنب طريق الردى وإن كثر الهالكون).
ويقول ابن القيم: (عليك بطريق الحق ولا تستوحش لقلة السالكين وإياك وطريق الباطل ولا تغترَّ بكثرة الهالكين).
يا من تنشر الخير والمعروف إياك أن تقارن نفسك مع المنحرفين الذين ينشرون السوء والأبراج والحظوظ والأغاني الماجنة والمقاطع السيئة فليس هذا ميدانك فطرق الضلال ما أكثرها وهي ظلمات بعضها فوق بعض.