ممكن توضيح مخالفة سيدنا آدم تعاليم الله؟

  • 2025-12-12
  • سورية - دمشق
  • مسجد عبد الغني النابلسي

ممكن توضيح مخالفة سيدنا آدم تعاليم الله؟

نحن يا كرام عندما نُخطئ نحن من نُخطئ، لا نتحمَّل خطأ أحد، ولا نُحمِّل خطأنا على أحد، نحن ما تحمَّلنا نتيجة خطأ أحد، عندما نُخطئ نحن من نُخطئ، نحن مَن نعصي، لا نجعل معصية آدم شمَّاعة، هذه شمَّاعةٌ جديدة.
أنا أعلم أنَّ السائل يريد أن يستفسر عن شيءٍ آخر، وأعلم أنه لا يُريد أن يُحمِّل الخطأ الآن لا ألومه، لكن هذه شمَّاعةٌ جديدة، لو أنَّ سيدنا آدم لم يَخرُج من الجنَّة كنّا الآن في الجنَّة كلنا! لا، سيدنا آدم في الأصل خُلق للأرض:

وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ(30)
(سورة البقرة)

في الجنَّة يوجد ملائكة لا داعي لآدم عليه السلام، هو خُلِق للأرض لم يُخلَق للجنَّة، فنحن لا نتحمَّل هذه الدنيا وأعباءها بسبب خروجه، هذا الكلام غلط، نحن نتحمَّل أخطاءنا التي نفعلها، الله عزَّ وجل أراد أن يخلقه في الجنَّة جلَّ جلاله، وأن يُخطئ آدم والملائكة قالوا من البداية: (قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ) لأنه مُكلَّف، والمُكلَّف يصدر منه الخطأ، قالوا من أين علمت الملائكة؟ لمُجرَّد أن قال: (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ) قال البعض: إنهم علموا بإعلام الله لهم، وقال البعض: إنهم علموا لأنهم رأوا الجن قبل الإنس.

وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ(27)
(سورة الحجر)

فلمّا رأوا أفعال الجن علموا أنَّ الإنس سيفعلوا مثلهم، ومُحصّلة الأمر أنَّ هذا المخلوق مُكلَّف، الملائكة:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ(6)
(سورة التحريم)

الإنس مُكلَّف، فلمّا كان مُكلَّفاً يستطيع أن يفعل أو أن لا يفعل، إذاً سيُفسِد، لأنَّ الإفساد هو وضع الشيء في غير موضعه، فأنت إذا أحضرت روبوت ويريد أن يأخذ هذه الكأس من هُنا ويضعها هُنا، واحتمال الخطأ صار صفراً في الروبوت، فهذا الروبوت غير مُكلَّف، يأخذها ويضعها، أمّا إذا أتيت بإنسانٍ مُكلَّف ولديه الخيار، وقلت له: انقل الكأس من هُنا أو هُنا، أمامه خياران أن ينقلها أو لا ينقلها، فلمّا يقول الله للإنسان اصدُق، أمامه خياران أن يصدُق أو ألّا يصدُق، ولمّا يقول له لا تغشّ أمامه خياران أن يغشّ أو ألّا يغشّ، فلمّا كان أمام المُكلَّف خياران أن يفعل أو ألّا يفعل، إذاً احتمال الخطأ وارد، فأراد الله تعالى أن يخلق آدم في الجنَّة، والتي هي غير الجنَّة التي:

لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَ(48)
(سورة الحجر)

التي هو موطننا الأصلي، وسنعود إليها بإذن الله بأعمالنا الطيبة والصالحة ولن نخرُج منها، وإنما جنَّة تقريبية، يعني بستان ورياحين وأنهار، جنَّة تقريبية، فأراده أن يسكن فيها حيناً ثم أن يخرُج بمعصيته ليُعلِّمنا درساً، أنكم مخلوقون للجنَّة، وأنَّ الأرض هي رحلة، إمّا أن تعودوا للجنَّة بأعمالكم، أو أن لا تعودوا، فهي عبارة عن جولةٍ في الجنَّة ثم خروجٌ منها لنعود إليها عندما نبذل الجهد المطلوب، فمن أجل ذلك كان ثم خرج، لكن نحن لا نُحاسَب لأنه خرج، لا نُعلِّق، نحن نُحاسَب لأننا نُذنب، لأننا نتحمَّل المسؤولية، قال الله: افعلوا فلم نفعل، وقال: لا تفعلوا ففعلنا، فلا نريد أن نُحمِّل المسؤولية لآدم، آدم لا دخل له، من يُخطئ له دخل، آدم تحمَّل مسؤولية عمله هو، لكن لا دخل له بمن جاء بعده، هو خرج من الجنَّة لأنَّ الله في الأصل أراد أن يخرُج من الجنَّة.