خمس أعين يحبها الله

  • الحلقة السابعة
  • 2016-02-20

خمس أعين يحبها الله


خمس أعين يحبها الله ورسوله :
1 ـ عينٌ تنظر في ملكوت السماوات والأرض :
بسم الله، الرَّحْمَنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ، خَلَقَ الْإِنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ، والصلاة السلام على النبي العدنان، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان، وإلى لقاءٍ جديد ومع خمسة أمورٍ جديدة في قضايا الدين والدنيا والآخرة.
خمس أعين يحبها الله ورسوله، هذه العين التي خلقها الله لنا إنما هي جارحةٌ من الجوارح، ونحن مسؤولون عنها يوم القيامة، لأن الله تعالى يقول:

وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَٰئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا
(سورة الإسراء: الآية 36)

ويدنا على عيننا وجميع جوارحنا هي يد أمانة، وليست يَد مُلْك، لذلك لا يحق لنا أن نتصرف فيها بخلاف تعليمات المالك، خمس أعين يحبها الله ورسوله، العين الأولى: عينٌ تنظر في ملكوت السماوات والأرض، قال تعالى:

قُلِ انظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ
(سورة يونس: الآية 101)

عينٌ تنظر في الكون المعجز
هذه العين خلقها الله لنا من أجل أن نلتقط بها صورةً جميلةً من هذا الكون المعجز، ثم ننقلها إلى عقلنا تفكراً، ثم إلى قلبنا حباً، لكن الملفت للنظر أن كل الناس يملكون عيوناً، وينظرون بها إلى هذا الكون، ولكن ما كل الناس يستفيدون من هذا النظر، فإما أنهم ينظرون وهم لا يبصرون كما وصفهم القرآن الكريم: (لَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا):

وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ
(سورة الأعراف: الآية 179)

وإما أنهم نقلوها إلى عقلهم، وفكروا بها، ووصلوا إلى معلوماتٍ علميةٍ مذهلة، لكنهم لم ينقلوا تلك المعلومات إلى قلبهم حباً لله، ولرسوله، والتزاماً بأمره.

2 ـ عينٌ غضت عن محارم الله :
عينٌ غضت عن محارم الله
خمس أعينٍ يحبها الله ورسوله، أولاً: عين نظرت في ملكوت السماوات والأرض، ثانياً: عينٌ غضت عن محارم الله، فإذا نظر الإنسان النظرة الحلال، هذه طاعةٌ، تنقضي النظرة وتبقى ثمارها الطيبة، لكنه إن نظر نظرةً حراماً أخذ لذتها الآنيَّة، ثم انقضت، وبقيت حسراتها، قال صلى الله عليه وسلم :

{ حرمت النار على عَيْنٍ غَضَّتْ عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ }

(أخرجه النسائي والترمذي)

إياك أن تُحرقها بنار الشهوة في الدنيا فيحرقها الله بنار العذاب في الآخرة.

3 ـ عين بكت من خشية الله :
خمس أعين يحبها الله ورسوله، أولاً: عين نظرت في ملكوت السماوات والأرض، ثانياً: عينٌ غضت عن محارم الله، ثالثاً: عين بكت من خشية الله، قال صلى الله عليه وسلم:

{ عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ؛ عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ الله، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ الله }

(رواه الترمذي وحسنه، وصححه الألباني)

{ وهذا عبد الله بن عوف رضي الله عنه يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يبكي وفي صدرِه أَزِيزٌ كأَزِيزِ الرَّحَى من البكاء، وكان أبو بكرٍ رضي الله عنه يقول: ابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا }

(أخرجه أبو داود)

عين بكت من خشية الله
وكان عثمان بن عفان رضي الله عنه إذا وقف على قبرٍ فإنه يبكي حتى يَبُلَّ لحيته.

4 ـ عينٌ سهرت في سبيل الله :
خمس أعين يحبها الله ورسوله؛ عينٌ تنظر في ملكوت السماوات والأرض، عينٌ غضت عن محارم الله، عينٌ بكت من خشية الله، الرابعة: عينٌ سهرت في سبيل الله:

{ عنْ أَبِي رَيْحَانَةَ أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةٍ فَسَمِعَهُ ذَاتَ لَيْلَةٍ وَهُوَ يَقُولُ: حُرِّمَتْ النَّارُ عَلَى عَيْنٍ سَهِرَتْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ }

(رواه أحمد والنسائي والحاكم)

الأم تسهر على راحة أبنائها، تسهر عليهم في أيام الامتحان، والأب قد يمرض ابنه فيسهر على راحته وهذا سهرٌ في سبيل الله، والطبيب قد يسهر في عيادته وهذا سهرٌ في سبيل الله، والجندي قد يسهر للحراسة وهذا سهرٌ في سبيل الله.

5 ـ عينٌ بكت عند سماع القرآن الكريم :
خمسُ أعين يحبها الله ورسوله، أولاً: عينٌ نظرت في ملكوت السماوات والأرض، ثانياً: عينٌ غضت عن محارم الله، ثالثاً: عينٌ بكت من خشية الله، رابعاً: عينٌ سهرت أو حَرَسَت في سبيل الله، أخيراً: عينٌ بكت عند سماع القرآن الكريم، قال تعالى:

وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَىٰ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ
(سورة المائدة:الآية 83)

العين التي تتأثر بتلاوة القرآن
العين التي تتأثر بتلاوة القرآن الكريم يحبها الله ورسوله:

{ قرأ يوماً سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه سورة الطور حتى إذا بلغ قوله تعالى: (إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ) جعل يبكي حتى مرض وعادوه في مرضه }

(رواه مسلم)

{ سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قال مرةً لابن أم عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه: اقرأ علي القرآن فأني أحب أن أسمعه غضاً طرياً، فقرأه عليه حتى بلغ قوله تعالى:(فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ شَهِيدًا)يقول ابن مسعود: فالتفت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا عيناه تذرفان }

(أخرجه مسلم)

خمس أعين يحبها الله ورسوله، عينٌ تنظر في مخلوقات الله، عينٌ تغض عن محارم الله، عينٌ بكت من خشية الله، عينٌ سهرت في سبيل الله، عينٌ بكت عند سماع القرآن، أسأل الله عز وجل أن يجعل عيوننا في مرضاته، وأن يجعلها في طاعته، وأن يوفقنا لما يحبه ويرضاه.
إلى اللقاء والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته